أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - النزول إلى الجحيم














المزيد.....

النزول إلى الجحيم


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 5762 - 2018 / 1 / 19 - 12:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اكتمل المذهب الأيوني مع أناكسيمينيس، رغم وجود بعض الشخصيات الأخرى والتي لا نعرف عنها سوى القليل مثل هبّون الذي ذكره أرسطو والذي أعتبر الماء كمبدأ أولي لتكوين العالم والأشياء مثل طاليس، والذي دعاه إلى هذا القول هو مراقبته للحيوانات المنوية، او بالأحرى السائل المنوي والذي كانوا يعرفون علاقته بالحمل وتكوين الأجنة. أما الفيلسوف الآخر الأكثر أهمية والذي يمكن إعتباره تابعا لهذه المدرسة الأيونية فهو ديوجينيس البولوني Diogène d Apollonie ‪‬ Διογένης ὁ Ἀπολλωνιάτης والذي قال بأن المبدأ الأول يجب أن يكون أزليا أبديا ومتواجدا في كل مكان وفي حركة دائمة ومستمرة حتى يمكن للأشياء أن تنبثق منه باعتباره مبدأ الحياة والحركة. وهكذا أعتبر الهواء كما قال معلمه أناكسيمينيس من قبله هو هذا المبدأ الأصلي للعالم لأنه أقرب الأشياء المادية إلى ألروح اللامحسوسة. وبالإضافة إلى الخصائص الأساسية لهذا المبدأ من الأزلية والأبدية ، يضيف خصائص أخرى مثل الحياة والعلم والقدرة والعظمة. لا شك أن هذه البداية ما تزال قريبة من الفكر القديم ولم تتخلص بعد نهائيا من اللجوء إلى الخيال كما سبق القول، كما أن الإهتمام ما يزال يتجه نحو السماء والنجوم، وما زال التفسير حتى ولو كان عقليا إلا أنه ما يزال مجردا ويرتبط بالدين والأخلاق أكثر من إرتباطه بالظواهر الطبيعية ذاتها. فكل هذه الحركة الأزلية وهذه العوالم التي تولد وتندثر ثم تولد من جديد، ينظمها هذا المبدأ الوحيد الذي هو ‪"‬العدالة‪"‬، أي التوازن بين العناصر المتناقضة والتي يجب أن تخضع لقانون واحد ينتج عنه الكوسموس Κόσμος، هذه الكلمة تعني "النظام" وتعني أيضا "العالم" او الكون في نفس الوقت.. غير الذي يعطي أهمية عظمى لهذه البداية هو أنه في نفس هذه الفترة التاريخية الغنية بالمحاولات الفكرية لعقلنة العالم، كانت أثينا والمدن اليونانية الأخرى ما زالت غارقة في الخرافات والأوهام الأسطورية والديانات المتعددة. في نفس هذا الوقت الذي كان فيه المثقف الأيوني يعمل جاهدا للوصول لبعض النتائج العقلية الأولية لتفسير العالم، في نفس هذا الوقت كانت حركة ثقافية تعمل جهدها في الإتجاه المعاكس، أي نشر وتعميم الخرافات ومحاولة إحياءالديانات القديمة والأساطير. ولا سيما الطقوس والعادات المتعلقة بديانة أورفيوس، وهي ديانة قديمة نابعة من أسطورة أورفيوس Ὀρφεύς الذي أهداه أبوللون قيثارة يعزف عليها ويغني أغان تخلب لب البشر والحيوان والشجر، حيث يقال أن الأشجار ترقص عندما يغني وتتبعه أينما ذهب. والأسطورة تحكي قصة نزوله إلى الجحيم لإرجاع زوجته من عالم الموتى. كان أورفيوس ابن ربة الشعر الملحمي كاليوبي la Muse Calliope، وأوباجروس Œagre ملك تراسيا Thrace، وهبتة الآلهة مواهب موسيقية، وكان صاحب صوت عذب وخلاب للقلوب، وتقول الأسطورة أنه بينما يوريديس Eurydice كانت تقطف بعض الزهور في يوم زفافهما، تعثرت ووقعت فى حفرة مليئة بالأفاعي، حيث لدغتها أفعى في قدمها وماتت.. وقرر أورفيوس النزول لعالم الموتى، ومحاولة استعادة حبيبته، وهناك سحر شعره وموسيقاه حراس مملكة الموتى، وتمكن من تنويم الكلب الكاسر ذو الثلاثة رؤوس Cerbère والذي يحرس مدخل العالم السفلي. ثم تمكن من إقناع Hadès حتى استجاب لتضرعاته، وسمح له باسترجاع زوجته والعودة بها الى مملكة الحياة، على شرط ألا يلتفت إليها، أو ينظر الى وجهها، حتى يبلغا نور الشمس. وكان أورفيوس قلقاً على يوريديس، لا يحتمل الانتظار حين رأى أول خيوط نور الشمس، والتفت وراءه ليتأكد من وجودها، فتلاشت يوريديس فجأة عائدة لعالم الظلمات، وبقى أورفيوس ينشد ويتفجع ويندب فشله في مهمته، حتى تعرض لنقمة ديونسيوس، فقتل وقطع جسده، ووجدوا رأسه المقطوعة على شواطيء جزيرة لزبوس Lesbos، وارتفعت قيثارته للسماء، لتصبح كوكباً مضيئاً. وتحولت قصته الى ديانة يونانية، لاتخلو من اسرار المتصوفة، تعتمد تعاليم وأناشيد وطقوس، ومع الديانة نشأ تيار شعري باسمه، له جذر الايمان بقوة الشعر السحرية. وقد كان ذلك قرابة القرن الخامس قبل الميلاد.. ويتخذ الأورفيون إتجاها نقديا متطرفا من الثقافة السائدة وعادة ما يعتبرون من الخارجين عن العادات والتقاليد العامة. لعل أقدم النصوص في أخبار أورفيوس، ماكتبه عنه الشاعر فرجيل وهو أول من أضفى على أسطورة أورفيوس طابعها المأساوي بأن جعل يوريديس زوجة أورفيوس تختفي ويفشل في استرجاعها من عالم الموت الى عالم الحياة. أما الشاعر أوفيد، فقد أفاض في سرد أخبار أورفيوس وزوجته يوريديس، في كتابه - التحولات -
أهم اعتقادات الديانة الأورفية هو ايمانهم بأن الروح سجينة الجسد وكأنها في قبر، وعليها بعد الموت أن تحضر وليمة عظيمة واحتفال صاخب حيث تنتشي إلى الأبد. وقد أشار برتراند راسل في كتابه عن تاريخ الفلسفة بأن ألأورفيون طائفة من الزهاد والنساك. وأن النبيذ مثلا كان بالنسبة لهم مجرد رمز، كما كان في وقت لاحق، في سر القداس في المسيحية. كان السّكْر الذي يسعون إليه هو "النشوة" من الاتحاد مع الإله. كانوا يعتقدون انهم بهذه الطريقة، يمكنهم اكتساب المعرفة الصوفية التي لا يمكن الحصول عليها بالوسائل العادية. دخل هذا العنصر الصوفي في الفلسفة اليونانية مع فيثاغوراس Pythagoras، الذي كان مصلحا للأورفية، كما كان أورفيوس مصلحا لدين ديونيسوس. من فيثاغوراس انتقلت عدة عناصر أورفية إلى فلسفة أفلاطون، ومن أفلاطون إلى معظم الفلسفة اللاحقة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى السابعة للكابوس العربي
- العودة إلى البحر أو العقول الثلاثة
- بوادر الفلسفة
- نهاية الأسطورة
- البحث عن الشجرة
- الخنزير والسمكة الذهبية
- دكتاتورية التشريع
- جنة الديموقراطية
- أسطورة الحرية
- 12 المسؤول الأوّل عن الإرهاب
- 11 الكمين الأفغاني والإرهاب
- الدليل على وجود الله
- 10- وكر الحية : بيشاوار
- 9 - مصادر الإرهاب
- 8 التفجيرات العشوائية
- 7 الإرهاب حليف الديموقراطيات الرأسمالية
- عودة على أسس الكارثة الليبية
- 6 الإرهاب ليس العدمية
- صورة السيد نون
- 5 العدمية كحركة ثورية


المزيد.....




- مشهد مؤلم.. طفل في السابعة محاصر في غزة بعد غارة جوية إسرائي ...
- -رويترز-: مايك والتز أجبر على ترك منصبه
- -حادثة خطيرة- في غزة والجيش الإسرائيلي ينوي استخلاص الدروس م ...
- زاخاروفا تعلق على احتجاز مراسل RT في رومانيا وترد على شائعات ...
- تقارير إعلامية تفضح -كذب- نتنياهو بخصوص حرائق القدس
- أوكرانيا: نارٌ ودمار وإجلاءٌ للمدنيين إثر غارات روسية على مد ...
- حكمت الهجري يطالب بحماية دولية بعد اشتباكات صحنايا وريف السو ...
- المرصد يتحدث عن عشرات القتلى في اشتباكات -طائفية- بسوريا.. و ...
- إيران تعلن تأجيل جولة المفاوضات المقبلة بشأن برنامجها النووي ...
- في عيد العمال.. اشتباكات في إسطنبول ومغربيات يطالبن بالمساوا ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - النزول إلى الجحيم