أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - 8 التفجيرات العشوائية















المزيد.....

8 التفجيرات العشوائية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 20:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقولة أن الإرهاب " حليف للديموقراطيات الرأسمالية "، ليست مقولة صحفية أودعائية، فنحن نعرف أن الإرهاب الإسلامي، أو الذي يدّعي الإسلام لم يأت فجأة من السماء مع الأطباق الطائرة، لقد ظهر في مكان محدد وزمان محدد ولأسباب يعرفها الجميع أو على الأقل معرفتها متاحة لكل من يفتح عينيه وعقله ليعرف. الإرهاب والقتل والإغتيال يعتبر من مكونات الأنظمة السياسية عموما منذ نشأتها أينما كانت، وتعتبر مكونا أساسيا من مكونات التاريخ الإسلامي وتاريخ تكوين الدولة الإسلامية. والعنف الدموي المسلح الذي تقوم به بعض الجماعات الإسلامية اليوم، هو بالضرورة صدى الإغتيالات الأولى للخلفاء المسلمين وصدى للإغتيالات التي أمر بها محمد ذاته ضد أعدائه ومن يعتبرهم خطرا على الدولة الناشئة. ولكن الذي نشاهده اليوم، وبالذات في العواصم الأوربية من أعمال القتل العشوائي في الأسواق والشوارع والمقاهي والمطاعم والملاهي ومحلات العبادة هو ظاهرة معاصرة وفريدة من نوعها وتحتاج أن ننظر إليها عن قرب لمحاولة فهم ميكانيكيتها وطبيعة محركها ووقود هذا المحرك.
في لقاء أجرته الصحفية Michaela Wiegel لصحيفة ألمانية Frankfurter Allgemeine Zeitung مع خبير الإرهاب الإسلامي، الباحث الفرنسي إوليفييه روى Olivier Roy وذلك بعد تفجيرات باريس وبروكسل وسألته عما إذا كانت ظاهرة تطرف الشباب الأوربي المسلم له علاقة بفشل سياسة الإندماج التي تحاول الدول الأوربية تنفيذها أجاب قائلا : أنا لا أعتقد أنَّ التطرُّف الإسلامي هو نتيجة لفشل الاندماج. هذه مشكلةٌ صوريةٌ. والكثيرون من الشباب، الذين يذهبون إلى الجهاد، هم مندمجون ويتحدَّثون اللغة الفرنسية أو الإنكليزية أو الألمانية. وتنظيم "الدولة الإسلامية" أسَّس كتيبة ناطقة باللغة الفرنسية، وذلك لأنَّ الفرنسيين أو البلجيكيين الشباب لا يجيدون اللغة العربية. والمشكلة ليست في عدم الاندماج الثقافي. فحتى في قطيعتهم مع المجتمع الأوروبي يبقى الجهاديون الأوروبيون مرتبطين بنموذج غربي. وهذه عدمية لا تتَّفق مطلقًا مع التقاليد الإسلامية، لأنَّهم يُطوِّرون جاذبية لجمالية العنف، الذي يعرفونه من الأفلام وأشرطة الفيديو. وبهذا فهم يشبهون كثيرًا القتلة المسلحين (الأمريكيين) في مدرسة كولومباين أو القاتل الجماعي (النرويجي) أَنْدِرْس بيرينغ بريفيك." ولكن يبدو أن الصحفية لم تقتنع تماما بهذا الرد الذي يصنف الإرهاب الإسلامي في أوربا وكأنه ظاهرة إجتماعية عادية ترجع أسبابها إلى إضطرابات بسيكولوجية وإجتماعية، فسألته : لكن كيف تفسِّر استناد الإرهابيين إلى الإسلام ؟ فأجاب أوليفييه روى: أنا لا أنكر البعد الديني. فهو مهم، وذلك لأنَّ الجهاديين يستطيعون بهذه الطريقة إعادة تفسير عَدَمِيَّتِهم في الوعد بالجنة. انتحارهم يتحوّل إلى ضمان الحياة الأبدية. وهنا أريد أن أؤكد فقط على أنَّ : هؤلاء الشباب ليسوا من المجتمع الإسلامي. ولا توجد لدى معظمهم أية ثقافة دينية، ونادرًا ما كانوا يذهبون إلى المساجد. وجميعهم تقريبًا كانوا مجرمين صغار. وكانوا يشربون الكحول ويتعاطون المخدّرات. " بطبيعة الحال قد يكون الوصف الإجتماعي صحيحا، وأن الكثير من الذين قاموا بالعمليات الأخيرة كانوا معروفين لدى الشرطة وعرفوا التوقيف وعجرفة البوليس الفرنسي وحتى وإن كانوا يشربون الكحول ويتعاطون المخدرات، فإن المجتمع الفرنسي والدولة الفرنسية تنظر إليهم على الدوام كمسلمين وكعرب وأجانب، ويسألونهم في كل مناسبة إن كانوا يأكلون لحم الخنزير. إن هذا الخبير رغم معلوماته الوافرة في مجال الإرهاب إلا أنه يبدو أنه لم يتسائل عن مشكلة الهوية لهؤلاء الشباب، وما هو موقعهم على الخارطة الإجتماعية ؟ إن الإنتماء أو الشعور بالإنتماء إلى مجتمع أو ثقافة ما لا يرتبط أوتوماتيكيا بممارسة هذه الثقافة وطقوسها وعاداتها اليومية، المجتمع ينظر إليهم كمسلمين، فيلبسون جبة الإسلام ولا يستطيعون رفض هذه الهوية.
الإرهاب الإسلامي في أوروبا وأمريكا هو ظاهرة يمكن إحالتها إلى ما تسميه الإدارة الأمريكية بالأضرار الجانبية collateral damage للإرهاب الحقيقي الذي يعيشه الناس يوميا في العراق وسوريا وليبيا وهو نتيجة لعودة أسطورة الإسلام وعصره الذهبي وأنه بإمكان المسلمين من جديد بناء إمبراطورية إلهية على الأرض. غير أن أوروبا والإعلام الأوروبي لا يهتم بمئات الضحايا اليومية في البلدان المحترقة، إنها تهتم فقط بما يجري في شوارع المدن ألأوربية، فأقام ضجّة لا مثيل لها بعد عمليات التفجير الأخيرة، وأعلنت حالة الطواريء ومددت الأحكام العرفية التي ما تزال سارية المفعول حتى اليوم. لق أصيب الغرب بالدهشة وما يشبه الشلل الفكري، ولم يعد قادرا على رؤية الواقع البسيط وبدأ يتسائل عن أسباب هذه الموجة من العنف دون أن يتمكن من إيجاد الحلول ولا من تفهّم الظاهرة. ذلك أن تصنيفهم لمرتكبي هذه الجرائم كإرهابيين يمنع أي حوار وأي محاولة للفهم أساسا. ذلك أنه من العبث محاولة إستقصاء أسباب وبواعث التطرف الأسلامي لشباب أوربا بمعزل عن ظاهرة التطرف في بلدان الإسلام ذاتها، وهوالشيء الذي ترفضه سياسات الحكومات الأوربية، لأنهم لا يريدون أن يتحملوا دماء الضحايا ولا أن يشيروا ولو من بعيد عن العلاقة بين القاعدة وداعش وبوكوحرام وغيرها وبين السياسات الإستعمارية الفرنسية والأمريكية ولا الإسرائيلية في المنطقة. إنهم يرفضون بعناد البغال ـ مع الإعتذار لهذه الحيوانات البريئة ـ أن يحللوا تأثير سياسة التوطين الإسرائيلية وبناء سور العار واحتلال القدس مثلا على خيال المواطنين الأوربيين العرب والمسلمين، وكذلك يرفضون رؤية الدمار النفسي الذي تركه تدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن، أو صور غوانتانامو وبوغرايب وغيرها من مصادر الإذلال والإهانة. هذه العوامل وغيرها جعلت العديد من هؤلاء الشباب يرون في القاعدة والدولة الإسلامية وغيرها من الحركات الجهادية حركات بطولية تنتقم لهم وترد لهم الإعتبار، فيتجهون إليها كمآل أخير لا بديل له، وبالذات في غياب القوى اليسارية واندحارها في الأحياء الشعبية المحيطة بالمدن الكبرى الأوربية والتي حل محلها منظمات اليمين العنصري والمنظمات الإسلامية التي تمولها السعودية ودول الخليج.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 7 الإرهاب حليف الديموقراطيات الرأسمالية
- عودة على أسس الكارثة الليبية
- 6 الإرهاب ليس العدمية
- صورة السيد نون
- 5 العدمية كحركة ثورية
- إشارة الإستفهام القاتلة
- 6 الرؤوس الطائرة
- 5 - الحلم والثورة
- 4 الجنة المستحيلة
- 3 العاصفة
- المحطّة
- الحيوان الفطري
- الحقيبة
- آكلة لحوم البشر
- الموت بالمجان
- 3 الإنسان الإيجابي
- 2 بين العدالة والحرية
- من أجل تحرير العدمية
- طفل خيّوس
- مذبحة خيّوس


المزيد.....




- وزير الدفاع الأمريكي: ترامب هيأ الظروف لإنهاء الحرب الإسرائي ...
- مرشح ليكون أول مسلم يُصبح عمدة نيويورك.. من هو زهران ممداني ...
- مبابي يتهم باريس سان جيرمان بـ-الاعتداء الأخلاقي- في شكوى جن ...
- هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟
- بين جنون الارتياب والقمع الجماعي... ما تداعيات -حرب الاثني ع ...
- لماذا شددت إسرائيل حصار غزة بعد الحرب مع إيران؟ مغردون يتفاع ...
- سائل ذهبي بلا فوائد.. إليك أشهر طرق غش العسل في المصانع غير ...
- شاهد أحدث الابتكارات الصينية.. مسيّرة تجسس بحجم بعوضة
- هل دفع العدوان الإسرائيلي المعارضة الإيرانية إلى -حضن- النظا ...
- لماذا تركز المقاومة بغزة عملياتها ضد ناقلات الجند والفرق اله ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - 8 التفجيرات العشوائية