أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - الروحانيون















المزيد.....

الروحانيون


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1478 - 2006 / 3 / 3 - 11:29
المحور: الادب والفن
    


يعكس الكاتب الأميركي ريك مودي المعاصر وأعماله سيما روايته الأخيرة «الروحانيون» ظاهرة ربما تثير حيرة القارئ وقلقه إزاء أهمية هذا العمل أو غيره خاصة عندما تتضارب آراء الرواد في عالم النقد الأدبي. فعدد كبير منهم أشاد بالرواية الجديد وبصورة موازية حدث النقيض،
حتى أن أحدهم صرح بقوله: «ريك مودي هو أسوأ كاتب في جيلنا».
ربما تدعو هذه العبارة قراء الأدب إلى التساؤل، أليس في هذا الوصف اعتراف ضمني بأن مودي كاتب؟ ولا يسعنا أمام هذا الانشطار في الآراء، إلا أن نتأمل روايته تلك بحلوها ومرها، سواء على صعيد أسلوبه الأدبي وبنية العمل أو وجهات نظر النقاد. هل رواية «الروحانيون» تندرج في إطار الكوميديا؟
إن كان الجواب نعم، فهي كوميديا تتراوح بين المواقف والمفارقات. هل هي رواية نقدية؟ نعم إلا أنها تحمل البعد والدفء الإنساني أكثر مما يتضمنه العمل النقدي عادة. وبالمختصر يمكن القول بأن عنوان الرواية نقيض مضمونها.
تعتبر رواية ريك مودي هذه الأولى بعد توقفه سبع سنوات. ومن خلالها يعطينا تصوراً شاملاً معاصراً لأميركا اليوم. وهذه الرواية تأخذ القارئ في رحلة إلى أدغال هوليوود والفن والمال والسياسة، حيث يكمن الجشع والطموح والقسوة والنرجسية.
يجمع مودي في روايته التي تدور حول مشروع فيلم سينمائي يدعى «الروحانيون»، نماذج مختلفة من حضارات الشعوب، والأجيال. وتبدأ أحداث الرواية التي تنقسم إلى ثلاثة عشر فصلا مثل المسلسل التلفزيوني.
عندما يسعى ثادوس غريفن وهو ممثل سينمائي من الدرجة الثانية، إلى إنقاذ حبيبته أنابيل دافلي التي تعمل كمساعدة للمنتجة الشهيرة في نيويورك فانيسا ميندرو التي يلقبونها «ميني فان» أي حافلة صغيرة وذلك لضخامتها. وتتمثل مساعدته لأنابيل من خلال فبركته لفكرة نص سيناريو بدلا من النص المفقود، وذلك كي تتحاشى المساعدة ثورة وغضب مديرتها، لنص فقد من مكتبها.
واستنادا على تلك الخدعة تحاك أحداث الرواية، حيث يبدأ فريق العمل بالإعداد والتحضير لهذا الفيلم الذي سرعان ما يعيدون النظر فيه ليصبح مسلسلاً تلفزيوناً، على الرغم من عدم توفر السيناريو كاملاً.
ومع تقدم أحداث الرواية، يظهر المزيد من الشخوص الذين إما يشاركون في البحث عن السيناريو الكامل أو كاتبه، أو في الإعداد للعمل.
ومن الشخصيات المثيرة للاهتمام، نجد السائق سيخ ليمو المهاجر الهندي الذي وظف من قبل ميني فان وهو في الواقع خبير أفلام في موطنه، وما دفعه لقبول هذه الوظيفة هو فرصة اقترابه من عالم هوليوود، كما تستوقف القارئ شخصية المراسل أخ أنابيل الذي يعاني من اكتئاب شديد ويعتمد على الدراجة في عمله.
وهو يعاني من انفصام في الشخصية وضعف في القدرة على تحديد جغرافية الأمكنة. وكذلك والدة ميني فان العجوز المدمنة على الكحول التي تختفي في ظروف غامضة، وسيسيل صاحب شركة تؤمن كوادر الممثلين الذي يسكنه هاجس البحث عن كاتب السيناريو إلى جانب الرئيس التنفيذي لمؤسسة ترغب في رعاية المسلسل بالإضافة إلى منتجين مشاكسين.
ويظهر مودي من خلال اجتماع تلك الشخصيات الرئيسية، وتفاعلها وتواصلها وهاجس بحثها عن السيناريو، الدوافع الخاصة لكل شخصية. ومن خلال هذه الحبكة المبنية على الوهم تتبلور الشخصيات التي يقدمها الكاتب بصورة ساخرة. وهي أشبه بشخصيات ديكنز. وفي كل فصل من الرواية يضع مودي إحدى الشخصيات تحت المجهر ليدخل القارئ في العوالم الداخلية لها، ويتناول ذلك بعمق وعفوية من خلال سرد المؤلف، ليعود بعدها إلى الخروج مجدداً إلى العالم الخارجي لها وذلك ببراعة ومهارة متميزة.
ففي فصل أنابيل نطلع على قناعتها الخاصة المحكومة بلحظة وجد، «ليست بنظرية، ولكن احتمالها مثل الديمقراطية في الصين، والسلام في الشرق الأوسط». وهذا أيضا نموذج على أسلوب مودي الساخر من مفارقة الواقع.
وهناك العالم الغريب لتأملات ثادوس التي تنحصر في عالمه الداخلي بتساؤلات عن قبلة السينما وربما تثير ضحك أو القارئ أو سخريته، «كيف يكون مذاق فمها، هل تغلق عينيها، هل تضع عطرا، وهل هي قبلة سريعة كحادث اصطدام سيارة، أم لطيفة مثل تموجات المد والجزر على سطح الزبد؟».
وهناك عوالم الأم روزا منيدرو وبطولاتها اليومية المتمثلة في الصراع مع نوبات تشنجات القولون، «تغلق الباب، تاركة الهرة في الجهة الأخرى حيث تبدأ بالبكاء على كبريائها مع أول رعشة ألم».
وعلى الرغم من العدد الكبير للشخصيات إلا أننا نستطيع التعرف على عوالمها الخارجية وماضيها من خلال ما يشغلها والقصص التي يرويها بعضها للبعض الآخر.
ويمنح مودي القارئ بأسلوبه الفني المشوق في السرد متعة في متابعة الأحداث. فحينا نرى وصفه يصل إلى حد التفاخر والتباهي ببراعته اللغوية، وغنى مفرداته التي تطغى على الفكرة لتكون أسيرة جماليات اللغة والإيقاع الموسيقي المسنجمة مع الصورة المرسومة، وفي أحيان أخرى نراه مقتصدا في الوصف إلى حد الاختزال في مفردة واحدة فقط.
وقد ساهم موضوع الرواية في منح مودي مساحات واسعة من الحرية في تناول ما يريد، بما في ذلك الأشياء التي كان لها أهمية كبيرة لدى عدد من الشخصيات مثل الزلابية والسكر إلى جانب تناوله بصورة ساخرة لفكرة الجمال السائدة والشقراوات وعالم التلفاز الواقعي والعطش ونجوم الروك.
وما يميز هذه الرواية سرعة مودي ودقته في تقديم مقتطفات من الحياة اليومية ونسجه حولها عالما متكاملا، مثل دخول ساحة المدينة أو تحية امرأة أو النظر إلى حوض سمك.
وتستمد الرواية حيويتها من المفاجآت التي يقدمها المؤلف، ففي منتصف أي فصل وبعد دخول القارئ إلى عمق العالم الداخلي للشخصية، يجد نفسه في قلب متاهة. وهنا يكمن تحدي مودي المتمثل في العثور أو افتعال ظرف للخروج والعودة إلى العالم الخارجي.
ومن الواضح أن مودي لا يتحاشى المصادفات، فالمفاجأة في الرواية أو القص ـ على عكس مفاجآت الحياة ترتبط بهدفين، حيث لا بد لغير المتوقع أن يقترن في لحظة أخرى بضرورة ليصبح أمرا لا يمكن الاستغناء عنه.
وحينما ذكرنا في البداية أن عنوان الرواية نقيض مضمونها، فهذا يتجلى في فكرة السيناريو المبنية على مجموعة من الروحانيين من العهود القديمة الذين كانوا يتمتعون بهبة القدرة على التنبؤ بمواقع المياه، إذ كان بحثهم عنها يعتمد على التجوال وبيدهم عصا نهايته كالشوكة
وعلى الرغم من أن فكرة النص تحمل العديد من المغالطات التاريخية، إلا أنها لا تستوقف العاملين في هوليوود بسبب استغراقهم في الوصول إلى النجومية والشهرة.
وتدور أحداث الرواية في معظم أجزائها في مدينة نيويورك عقب انتخابات عام 2000 مع بعض الأجزاء في لاس فيغاس والباين غرب تكساس. ومن النقاد الذين رأوا في مودي مبدعاً، ستيفن ميتكالف من ملحق مراجعة الكتب في صحيفة «نيويورك تايمز»، وعن روايته يقول بموضوعية، «إن ريك مودي كاتب متعب، وأسلوبه في السرد من الصعب الاقتراب منه بين بين.
وهو يكتب من خلال اقتناعه التام بأن الأميركيين خدموا أنفسهم بأسوأ طريقة ممكنة في العالم، وقد صور ذلك من خلال هوس العاملين في الصناعة الترفيهية.
وفي أميركا مودي، لا أحد يملك أي رافد سواء لانتماء داخلي أو جماعي. فكلما ازداد ارتباط شخوص هذا العالم بالخارج انحسرت خصوصية الفرد وتلاشت هويته. وغاية مودي من أسلوبه المشاكس في الكتابة هي دفع تلك الفوضى المتفاقمة في وجه القارئ، ليرى الواقع على حقيقته».
ويعبر ناقد مجلة «نيويوركر» عن رأيه بقوله، «إن أسلوب مودي الديناميكي، يستدعي إلى الذهن الأديب بروس واغنر ورواياته عن هوليوود، إلا أن أعماله تفتقر إلى فظاظة فاغنر وروح دعابته. ومن المحاور التي طرحها مودي عالم المستذئبين في التلفاز.
أما الروائي والناقد ديل بيك فقد وصفه في مقالته التي نشرت في «نيو ريبوبليك» بأنه أسوأ كاتب في جيله. كما انتقد أحد الأدباء أسلوب مودي في تعامله مع شخصيات الرواية بقوله «اجمالاً، يمكن القول بأن أفكار شخصيات عمله كانت في آخر قائمة اهتماماته. فقد انحصر اهتمامه بإبراز أفكاره الشخصية من خلال لغته الخاصة به.
حيث سيلاحظ القارئ المتمعن تشابه صوت الراوي والشخصيات. فشخصياته المسطحة التي تخلو من الحياة مجرد شاشة عرض لأفكاره. وهو في المحصلة يستغل تمكنه من اللغة ومفرداته ليخبرنا عن أمور ليست بجديدة علينا».
يمكن القول إن ريك مودي لا يزال في أول طريق أدب الرواية ومازال أمامه الكثير لتتبلور تجربته الفردية لينضم في النهاية إما لكتاب ما بعد الحداثة أمثال مارتن ايميس أو بول أوستر، أو ليطويه النسيان بعد أن يكون قد استنزف براعته في اللغة والسرد. وفي المحصلة فإن الزمن هو الذي سيحدد أولا وأخيرا أصالة مكانته في عالم الأدب.
الافتتاحية
تنطلق الأنوار التي تبدأ بإنارة العالم من لوس أنجلوس. تبدأ من الظلمة، من الجبال، من السهوب الخالية المحملة بالشك والأسى. وتلقي قمة سان أنطونيو بظلالها على مدينة الظلال. وهناك معالم باهتة للإنسانية وكوابيس.
ولكن مع بداية اللحظة التي تصبح غير محتملة يثور هيجان الطيف. إنه الصباح، الصباح المتفائل، البسيط، الذي
يؤم قمم الجبال، وكل الأشياء، ويأتي الضوء من أعماق اللامكان، من زخم الانبثاق الأزلي، للأشعة.
يلقي النور بحوافه على الجبال وعلى عرض البحيرات والمرتفعات، نور يعبر غابة لوس أنجلوس الوطنية، نور يعبر خصال سحب الدخان والضباب في سماوات كاليفورنيا. نور على الأراضي الحمراء، نور على التجمعات البشرية المخططة، نور على الشاب الذي يتصفح جريدة الصباح في سيارته التويوتا التي قطعت مئة وثلاثة وتسعين ألف ميل.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاتمة السو ء...
- الفن والمجتمع
- يهود الجزيرة العربية
- من التعايش الى تحالف الحضارات
- فيلم لم يفهمه الجمهور
- لن يُصلب المسيح من جديد
- عنزة في حديقة إدوارد ألبي
- إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره للشعر
- القصة العائلية لفرويد
- منعطفات ارثر ميللرالزمنية
- ماركسية ماركس
- قراءات في الفلسفة المثالية الألمانية
- كيف ظهرت الحداثة في غرب اوربا وأميركا.. ؟
- خمس سكان العالم تحت مستوى خط الفقر...لماذا..؟.
- فوكو..ما يزال يثير الجدل..
- أطفالنا يحلمون
- الأدب عبر الإنترنت
- وحشة وحلم
- الصحافة الدينية في إسرائيل
- ذكريات رياضية...فريق إتحاد التضامن.


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - الروحانيون