أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند الصباح - المثقف والاغتراب ... تحدٍ دائم














المزيد.....

المثقف والاغتراب ... تحدٍ دائم


مهند الصباح

الحوار المتمدن-العدد: 5751 - 2018 / 1 / 8 - 14:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



إنّ المعرفة الجيّدة في علم النفس تجعل العالم به يجد لكلّ اعوجاج لدى الناس سببا، ذاك مردّه إلى طفولة يائسة لم يتخطّاها بعد، وآخر مردّه لشعوره بالنقص واختلال ميزانه النفسي الداخلي، أو العجز على الإتيان بما لدى الآخرين،...، مما يدفعه إلى التعامل معهم بكل أريحيّة لإدراكه للحدّ الأقصى لقدراتهم ومنبع مأساتهم، ويتعمّق فهمه لمسلكياتهم وتوجّهاتهم فينخفض سقف توقعاته منهم أحيانا، مما يولّد شعور الاغتراب لديه، وفي ذات الوقت يتساءل من ذا الذي فسق عن القاعدة؟ فيصبح كالحيران يسير بلا هُدٍ. فأحيانا الجهل بالشيء خير من العلم به. لأنّ العلم بالشيء يحتّم عليك الأخذ بمقتضيات ما علمت؛ وهنا فإنّ العارف بالشيء إذا لم يباشر بالعمل في التعديل والتصّويب فإنّه يُلام، وإن حاول وفشل؛ فيُلام على فشله. بينما الجاهل به معفي من المسؤوليّة تجاه نفسه وتجاه الآخرين، سواء حاول أم لم يحاول. والأمر ينسحب على كافّة المعنيين بالمجالات التي تلامس حياة البشر، ومنهم على وجه التخصيص المثقفين، هؤلاء الذين ينظرون إلى الوقائع البشريّة بعين الناقد، يمحّصون الظواهر الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، وبعينهم الناقدة يحددون بواطن الخلل، يقرءون المعطيات بشكل جيّد ومترابط، ويستخلصون النتائج المحتملة، لذا هم قادرون على قراءة محدثات المستقبل وتداعيات المواقف الآنيّة، لذا نراهم يفترضون بعض فرضيات الخلاص فلا يجدون لندائهم مجيب، ومع اصرارهم اللا متناهي تتناوب المحاولات اليائسة لديهم، فيشعرون بالاغتراب عن مجتمعاتهم لاتساع الهوّة بين ما يرون ويريدون؛ وبين ما هو متاح ضمن المنظومة الاجتماعيّة المتحرّكة ببطء شديد في صيرورتها، أو كنتيجة من تضارب ما يقولون مع مصالح المستفيدين من حالة الشلل التطوري داخل المجتمع. إنّ غياب التفكّر العقلاني التطوري والمبادر في بعض التجمّعات البشريّة عائد إلى الشعور المتضخم بالفرديّة والذاتيّة على حساب الشعور الجمعي لدى أبناء تلك التجمّعات، وخاصّة المجتمعات العربيّة التي عانت من كمّ الفساد الهائل المنتشر فيها، فساد سياسي، واقتصادي، واجتماعي، وهدر للموارد الوطنيّة، هذا الفساد كان ولازال ذو تأثير عكسي على أبناء المجتمعات العربيّة، فبدلا من الوحدة فيما بينهم نتيجة اشتراكهم في المعاناة والألم؛ جعلهم لا يتشاركون الهمّ إلا في هبّات تنفيس الغضب بدون أدنى توجيه أو إرشاد من فكر أو من بصيرة عارف دارس، على الرغم من حضورها الخجول في تلك الهبّات أحيانا، هذا السلوك الاجتماعي العشوائي يعزّز الاغتراب لدى المثقف عن مجتمعه واضعا إيّاه أمام احتماليّة القوقعة والعيش في صومعته، أو متابعته في قرع جرس الانذار، وإمّا اللجوء إلى تجمّع بشري يمتلك قدرة الاصغاء والتعقّل والتدبر، والتقدير لدوره الطلائعي في مسيرة الشعوب وتطورها، حاله حال جميع العقول العربيّة التي هاجرت إلى الغرب وتضاعف لديها الشعور بالاغتراب. ومع ذلك لم تنجح تلك العقول بالتنصّل من واجبها تجاه مجتمعاتها الأم، فتراها تتابع محاولاتها في التوعيّة والإرشاد من وراء البحار والجدران عبر وسائل التواصل المختلفة.
إنّ طريق الإصلاح المجتمعي شائكة ومعقدة، تلبّدها غيوم الجهل والتخّلف وتضارب المصالح، وإنّ المنُشد الحقيقي للتغيير لا ينقطع منه النفس مهما ساء أداء العازفون خلفه أو تدنّت مهاراتهم. والاغتراب حاصل لا محالة في البدايّة، إلا أنّه مدخلا نحو التماهي في المستقبل حين تُنضج الظروف في المجتمع إرادة التغيير لدى أبناءه. خاصة أنّ الطبيعة البشريّة ترفض كل محدث لا يخضع للتجربة المُسبقة؛ وما يلبثوا حتّى يتطبّعوا به.
2018/01/08



#مهند_الصباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركز الليكود يفرض خيار الدّولة الواحدة
- بين معركة البوّابات وهبّة العاصمة
- ثلاث خيارات لا رابع لها
- الكمبرادوريّة الفلسطينيّة ومشروع الخلاص الوطني
- كتاب ثقافة الهبل يدعو لتحرير العقول
- لماذا تتم المصالحة الفلسطينية الآن؟
- معركة الأربعة عشر يوما والالتفاف الجماهيري الواسع
- حجارة الدمينو الفلسطينية
- الصمت الرسمي الفلسطيني من أزمة الخليج.
- قطع العلاقات مع دولة قطر...
- قراءة في رواية الحنين إلى المستقبل
- قراءة في رواية مسك الكفاية
- أربع رسائل في سرديّة - أيلول الأسود -


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند الصباح - المثقف والاغتراب ... تحدٍ دائم