أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - التعبير المتواتر وأثره في الثقافة المعاصرة














المزيد.....

التعبير المتواتر وأثره في الثقافة المعاصرة


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5748 - 2018 / 1 / 5 - 19:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



شكل تعايش الثقافات والآداب المغايرة وتفاعلها، على امتداد تاريخ المجتمع البشري، عنصرَ خصب وثراء في كيان وهوية الحضارات الإنسانية المتعاقبة وعمرانها وروائعها المدونة. وتداول معتقدات الأقوام والأديان ومفاهيمها وقيمها، وتعاقب الراسخ من تقاليدها وأعرافها على مر العصور. وما كان للتقارب أو التباعد الجغرافي والعرقي والديني للمجتمعات الحضرية أثر عائق في تبادل المؤثرات والمنافع الحياتية بشتى أصنافها، في تلك العملية التراكمية التفاعلية، ووشائجها التاريخية المعقدة.
يُصنف التُراث الإبداعي للجماعات البشرية، المتواتر عبر الأزمان، كمنبع هام ومكون أساسي للثقافة والآداب الكتابية والشفهية الحية وطراز العمران وأصناف الفنون التشكيلية والتعبيرية. رغم تشتتها الجغرافي واختلاف انتمائها العرقي، وتباين مراتب تطورها ورقاء إرثها المعرفي وثرائه وأثره المحفز في ازدهار معارف المجتمعات المعاصرة ورخائها. وإظهار البراعة والإبداع في آدابها وفنونها المتنوعة، بل وقيمها الدينية والثقافية. أما استثمار التراث الحضاري وابتكاراته الأصيلة ولغته التعبيرية الطاغية على تفاهمات الناس بأشكالها المتعددة ، وتفاعلها مع الوسط الاجتماعي، فيعتمد، قبل كل شيء، على جنس الإبداع الذي ساد في ماضي الأقوام الغابرة وأنماطه، وما تم الحفاظ عليه وحمايته من الذوبان والنسيان. والتعامل معه كميراث فياض بالمعارف والأعراف والقيم الإنسانية عابرة القرون. والكشف عن الأنساق الثقافية المضمرة فيه عبر الأجيال المتعاقبة.
فإن كان أدباً مكتوباً، فلا شك أنَّ أثره في حاضر الأمة وجمهورها المتعلم وروائع لغتها وتألق ألفاظها وثقافتها وعقائدها، يصبح أكثر عمقاً وشيوعاً وتحكماً في مناهج التفكير والتعبير، وبلاغة الكلام وتنميق بيانه وطبائعه وأخلاقه. وحينها يترك الاهتمام الشديد بالآثار الفكرية لهذا المخزون الحضاري المتنوع، وفنون تعبيره المجازي، في الشعر والنثر، وخصائصه الجمالية وإدراك دلالاتها اللغوية، وتأويل نوازعه وتخيلاته وامتدادها التاريخي كعطاء جمعي، أثراً عميقاً في صميم النتاج الأدبي المجازي وأسلوبه البلاغي ومزاياه الممتعة والمثيرة، وينفذ إلى التدوين التاريخي والفلسفي وفن ترجمة السير والخطاب السياسي والفقهي.
وإن ورد أدباً شفهياً، حيث تغلب عليه الأساطير والقصص والمأثورات التقليدية الترفيهية، التي وضعها الرواة وحفظتها الأجيال وتوارثتها، جيلاً عن جيل، وغالباً ما يدعي إبداعها وملكيتها أكثر من قوم. بفعل تعاقب الدهور وتراجع الاهتمام بالمعارف العامة، وطغيان الركود والجهل، وانتشارها على الألسن في اللهجات المحلية. الأمر الذي يدفع ذاك الألق والشغف والفتنة اللائي رافقت المسرود الأسطوري " الذي يمزج التاريخ بالعجائبي، والحسي بالمثالي"، إلى التقهقر والضمور والاختفاء. وربما تكمن العلة في عدم إثراء الأسطورة وتهذيب المروي شفهياً وتطعيمه بما هو مُحسن وبليغ، وما تتوق إليه الروح البشرية من عجائب وجماليات عميقة، ما يجعله ضعيف الأثر في لغة التعبير والإبداع الفني المعاصر. إذ أنه لم يخضع، وبشكل مستمر، للتدوين الأدبي والتصنيف والاستقصاء العقلاني، بل والمحاكاة والاستدعاء أدبياً، واختبار قدرته في التأثير المباشر في صياغة ثقافة المجتمع وفكره الاجتماعي وتعبيراته المحكمة.
أما إذا جُسد إبداع العصور الغابرة السائد في اللوحات التعبيرية، فليس بوسع المرء أن يكشف عن أثر بارز لهذا التراث في حاضر الأمة، الثقافي والروحي. رغم ظهور إشارات تعميمية في بعض المواضيع، واستعارات مبثوثة في ثنايا الفن التشكيلي، وبصمات على المعتقدات الدينية. نقصد على وجه التحديد الأوثان والأيقونات ومكونات طقوس العبادة ومناسكها. ولعل مبعث هذا مرتبط بالتقصير في تفعيل أداة التفكير والكتابة والإبداع المقروء. بمعنى عدم استثمار اللغة، كتابة ونطقاً، في تدوين جنس الإبداع السائد عصر ذاك ومقدار تأثيره على طراز حياة الجماعات البشرية وأعرافها وانشغالها الفكري.
ويمكن القول أنّه كلما كان الموروث المكتوب حافلاً بالثراء المميز كان التأمل العميق فيه أكثر متْعَة وإفادة في استدعائه واستمداده المباشر في أجناس الإبداع المعاصرة، وتلمس أثره في تنوع الألفاظ والتراكيب اللغوية البليغة، وما عداها من موحيات وتصورات شعرية وسردية مستعارة من سفر التُراث المقروء.



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران؛ الحنكة والتظاهرات والخصوم وأزرار الضغط
- نصرة القدس الشريف فريضة على المسلمين والنصارى
- نداء إلى أحرار العالم
- المألوف الآسن في المجتمع منبع الضغينة والأحقاد
- صريع الأدب العربي العلامة الألماني يوهان ريسكه
- الفيلسوف النصراني كارليل والإسلام والنبي محمد (ص)
- قدرة روسيا على إدارة ملفات الشرق الأوسط
- - ألف ليلة وليلة- والروس والعَبَرات والدهاليز النتِنة!
- تأملات في مؤهلات بوتين واِنتِخابات الرئاسة والفوز الكاسح!
- صورة من ذاكرة النضال الفلسطيني- العربي في لبنان
- إطلالة تاريخية؛ روسيا من الأرثوذكسية إلى البرجماتية
- الأرميتاج كنز الثقافة الإنسانية
- شموخ غزة وأمراء الذلّة
- روسيا وأوكرانيا؛ إملاءات التاريخ وانحسار السياسة
- الكسندر بوشكين وموال عربي
- ملكُ النّقمةِ حاكمٌ رهيبٌ
- أَحفادُ النَّبيِّ ودمشقُ المُقدسةُ
- أزمة الدبلوماسيين العراقيين ومصالح روسيا الإقليمية
- اعتداء جسدي على دبلوماسيين عراقيين في موسكو
- كتاب القُرآن والنَّبيّ مُحمّد في الشّعر الرّوسي الكلاسيكي


المزيد.....




- هل تفلح مساعي احتواء الوضع الأمني في السويداء السورية؟
- هل تنجح الدولة السورية في فرض الأمن وتوحيد السلاح في السويدا ...
- إعلام إسرائيلي: مفاوضات غزة حققت تقدما والطريق ممهد أمام اتف ...
- للذين أحبوا العمل أكثر من الراحة.. هكذا تتأقلم مع الحياة بعد ...
- القضاء الفرنسي يطالب بتحديد مكان بشار الأسد في تحقيقات جرائم ...
- الحوثيون يعلنون مهاجمة ميناء إيلات وهدفا عسكريا بالنقب
- حصيلة أممية تكشف أن 875 شهيدا مجوعا سقطوا بغزة
- واشنطن تطلب من إسرائيل التحقيق في مقتل أميركي بالضفة الغربية ...
- في قطاع عانى لسنوات طويلة حصارا خانقا.. كيف تطور المقاومة سل ...
- فشل انقلاب تركيا الأخير ونهاية عهد الدولة المسروقة


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم الديراوي - التعبير المتواتر وأثره في الثقافة المعاصرة