أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ناظم الديراوي - الفيلسوف النصراني كارليل والإسلام والنبي محمد (ص)














المزيد.....

الفيلسوف النصراني كارليل والإسلام والنبي محمد (ص)


ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)


الحوار المتمدن-العدد: 5736 - 2017 / 12 / 23 - 21:18
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الفيلسوف النصراني كارليل والإسلام والنَّبيّ مُحَمّد (ص)
ناظم الديراوي
يصلح كتاب الفيلسوف الاسكتلندي توماس كارليل (الأبطال وعبادة البطولة) نموذجاً لمعرفة الموقف العقلاني الأوروبي في القرن التاسع عشر، من الإسلام كدين ونظام حياة. بعد ذاك التصور الأسطوري اللاتيني عن الإسلام والنَّبيِّ مُحَمّد (ص)، وما كان يكتنفه من غموض وبهتان وإفتراء باطل وسَّمَ العصر الهمجي الوسيط.
في هذا الأثر الأدبي- الفلسفي، غير المجرد من النفحات الروحانية والمناقب الإنسانية الجليلة، من الممكن العثور على تلك الحقيقة الغائبة عن الفكر الديني والسياسي الغربي، حتى ظهور (الأبطال وعبادة البطولة)، أقصد الرؤية العقلانية من الإسلام وإرثه الحضاري. إذ يمتاز مؤلف كارليل، المنشور عام (1841)، بشرحٍ وافٍ لعبادةِ البطولةِ وتقديسِ عظماءِ الرجالِ. ففي فصل "البطل في صورة الرسول" بحث المفكر كارليل مزايا شخصية النَّبيِّ مُحَمّد (ص) وعظمة رسالة الإسلام. وجابَهَ بالبرهان كتابات المستشرقين والمفكرين الغربيين الذين رموا نَبيَّ الإسلام (جهلاً وكنودا) بقواذع الذم. ورفض بشدة افتراءات الأفاكين وترهاتهم على شخصيةِ النّبيِّ الكريم ورسالته السماوية التي "ما زالت سراجاً منيراً"؛( لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن دين الإسلام كذب وأن مُحَمَّداً خَداع مُزور، وآن لنا أن نُحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة، فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنيرة مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس). ويمضي المفكر كارليل في سعيه لتفنيد أفك المستشرقين المغالط للحق ورؤيتهم الاعتباطية المشبعة بالمكابرة والغشوم، المُسندة إلى منطق عقائد العصبية الأوروبية لا إلى منطق المعرفة والاقناع بالمحسوس والمعقول؛( أيزعم الأفاكون الجهلة أنه مشعوذ ومحتال كلا ثم كلا! ما كان قط ذلك القلب المحتدم الجائش كأنه تنور يفور ويتأجج ليكون قلب محتال ومشعوذ لقد كانت حياته في نظره حقاً وهذا الكون حقيقة رائعة كبيرة).
ونلاحظ أنَّ الفيلسوف النصراني الورع كارليل لا يتهيب من اشهار إعجابه بالنّبيِّ مُحَمَّد (ص) وعظمة أخلاق وسماحة شمائله الحميدة؛( فمُحَمَّد قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة، فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع ذلك أمر الله). ويعبر المفكر كارليل عن حبه للنّبيِّ مُحَمَّد (ص)، ورصيده في هذا مؤنة الروية والتقوى؛( وإني لأحب محمداً لبراءة طبعه من الرياء والتصنع. ولقد كان ابن القفار هذا رجلاً مستقل الرأي لا يعول إلا على نفسه ولا يدعي ما ليس فيه. ولم يك متكبراً ولكنه لم يك ذليلاً ضرعاً. فهو قائم في ثوبه المرقع كما أوجده الله وكما أراد. يخاطب بقوله قياصرة الروم وأكاسرة العجم يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة وللحياة الآخرة. وكان لِمُحَمَّد في شؤون الحياة عين بصيرة ثم له قدرة عظيمة على أن يوقع في أذهاننا كل ما أبصره ذهنه).
ولم يخف الفيلسوف كارليل شديد إعجابه بكتاب الله. وكتب وفق ما ظهر له من أدلة عقلية ونقلية، من أنَّ القرآن الخارج من فؤاد مُحَمَّد هو الجدير بأن يصل إلى أفئدة سامعيه وقارئيه. وكشف بجلاء عن الحق والحقيقة التي كانت غائبة عن أسلافه من المفكرين ورجال اللاهوت في علاقتهم بالقُرآن الكريم ونَبيِّ الإسلام مُحَمَّد (ص) ؛( ولكني شديد الإعجاب بالنظر الذي ينفذ إلى أسرار الأمور فهذا أعظم ما يلذني ويعجبني وهو ما أجده في القرآن وذلك، كما قلت فضل الله يؤتيه من يشاء. والقُرآن لو تبصرون ما هو إلا جمرات ذاكيات قذفت بها نفس رجل كبير النفس بعد أن أوقدتها الأفكار الطوال في الخلوات الصامتات وكانت الخواطر تتراكم عليه بأسرع من لمح البصر وتتزاحم في صدره حتى لا تكاد تجد مخرجاً، وكل ما نطق به في جانب ما كان يجيش بنفسه العظيمة القوية).
ويرى الفيلسوف كارليل، فضل الإسلام على العرب في؛( أنَّ الله أخرج العرب بالإسلام من الظُلمات إلى النور، وأحيا به من العرب أمة هامدة..، فأرسل الله لهم نبياً وما هو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى أصبح لدولة العرب رجل في الهند ورجل في الأندلس وأشرقت دولة الإسلام حقباً عديدة ودهور مديدة بنور الفضل والنبل والمروءة والبأس والنجدة ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة).
ومن المُجدي أن أُختم عرض رؤية المفكر كارليل عن الإسلام ونَبيَّهِ الكريم بموقف الكاتبة إيفلين كوبولد، في مؤلفها "البحث عن الله"، وفيه أوجزت تصورها عن الإسلام ورسالته الاجتماعية؛( الدين الإسلام أكثر الأديان طواعية وعملية وقريباً من العقل، وأنه الدين الوحيد الذي يستطيع تفسير النظم المعلقة الحاضرة، والبلوغ بالإنسانية إلى ما ترتجيه وتطلبه من سلام وطمأنينة.).
وليت مَنْ يتمعن في حال مجتمعاتنا الإسلامية اليوم وبلدانها واهتمامات مفكريها ولا أقول سائسيها! ويدرك ويتعظ! وربما نجدُ عند ذوي الألباب ينفعاً في تَذكيرهم بنظرية المتصوفة التي تبشر بأنَّ؛ ( الشيء لا يعرف إلا بنقيضه)!



#ناظم_الديراوي (هاشتاغ)       Nazim_Al-Deirawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قدرة روسيا على إدارة ملفات الشرق الأوسط
- - ألف ليلة وليلة- والروس والعَبَرات والدهاليز النتِنة!
- تأملات في مؤهلات بوتين واِنتِخابات الرئاسة والفوز الكاسح!
- صورة من ذاكرة النضال الفلسطيني- العربي في لبنان
- إطلالة تاريخية؛ روسيا من الأرثوذكسية إلى البرجماتية
- الأرميتاج كنز الثقافة الإنسانية
- شموخ غزة وأمراء الذلّة
- روسيا وأوكرانيا؛ إملاءات التاريخ وانحسار السياسة
- الكسندر بوشكين وموال عربي
- ملكُ النّقمةِ حاكمٌ رهيبٌ
- أَحفادُ النَّبيِّ ودمشقُ المُقدسةُ
- أزمة الدبلوماسيين العراقيين ومصالح روسيا الإقليمية
- اعتداء جسدي على دبلوماسيين عراقيين في موسكو
- كتاب القُرآن والنَّبيّ مُحمّد في الشّعر الرّوسي الكلاسيكي
- قصائد روسية
- االعدل المُحال
- سيدي أبا حيان
- إرهاب الدولة والحاكم المنتظر*
- روسيا بين التبشير والتقصير
- موج الحنان


المزيد.....




- -الأسبوع القادم سيكون حاسمًا جدًا-.. أبرز ما قاله ترامب عن إ ...
- هل اغتيال خامنئي عامل حاسم لكي تربح إسرائيل الحرب؟
- لجنة الإسكان بالبرلمان توافق على زيادة الإيجار القديم بنسبة ...
- مصر تكرم أشهر أطبائها في التاريخ بإطلاق اسمه على محور وكوبري ...
- -تسنيم-: مقتل 7 أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف سيارتين مدنيتين ...
- بوتين يلتقي رئيس إندونيسيا في محادثات رسمية غدا الخميس
- مصر تحذر: المنطقة ستبقى على حافة النار بسبب فلسطين ما لم تحل ...
- بقلوب مكلومة.. غزة تودّع أبناءها الذين قضوا في طوابير الجوع ...
- هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز وكيف سيؤثر ذلك على العالم؟
- في حال اغتيال خامنئي.. ما هي حظوظ ابنه مجتبى في خلافته؟


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ناظم الديراوي - الفيلسوف النصراني كارليل والإسلام والنبي محمد (ص)