أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم علي فنجان - في العراق وحده.. من نصر الى نصر














المزيد.....

في العراق وحده.. من نصر الى نصر


قاسم علي فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 21:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هل ان النصر تحديد او أمر؟ وهل عندما نقول اننا انتصرنا فذلك يعني اننا كذلك؟ ثم من الذي يحدد النصر؟ ومن يأمر بهذه المفردة "النصر" ان تكون؟ وما هي معايير الانتصار؟.
في منتصف ليلة صيف حار من بداية شهر آب من العام 1988, صدح صوت المذيع المقتدر "مقداد مراد", ليعلن بيان البيانات وليزف للشعب بشرى النصر الكبير على العدو الفارسي آنذاك, اشتعلت الدنيا ايام وليالي, الناس في فرح عارم وقد ملأوا الشوارع, فكل يحتفل بطريقته الخاصة, العيارات النارية التي كانت ممنوعة قد طرشت اذاننا, والاغاني الوطنية والاهازيج التي تتغنى بحب القائد ثم الوطن لم تسكت ابدا, تكرارا "سيدي شكد انت رائع سيدي" و"اللـه يخلي الريس" و"منصوره يا بغداد", التهاني والتبريكات لم تنقطع في التلفزيون والصحف والاذاعة, من اعضاء القيادتين القومية والقطرية, واعضاء الحزب, والوزراء وقادة الجيش والمديرين العامين, الكل يهنئ القيادة الحكيمة وعلى رأسها وفوقها المهيب الركن وقائد النصر, ايام "نصر" لم تزل في الذاكرة.
لكن ما ان خفتت بهجة الفرح, وهدأت النفوس, حتى بدأ الناس بالتساؤل في ما بينهم, ترى كيف بدأت الحرب؟ ومن الذي بدأها؟ وكم خسرنا؟ والى ما افضت؟ وما هي الثمرة التي جنيناها؟ وهل ان مليون شاب الذين راحوا ضحية هذه الحرب, بين قتيل وجريح وأسير وفقيد, قد ذهبوا عبثا؟ والمدن المدمرة والنفسية المنهزمة والمكسورة, والاقتصاد المنهار, بماذا خرجنا؟ والسؤال الذي كان يؤرقهم اكثر والذين لم يقتنعوا بأية اجابة عنه هو: لماذا بدأت الحرب اصلا؟ كانت هذه التساؤلات وغيرها الكثير تدور في اذهان الناس, لانهم لم يروا نتائج على واقعهم البائس. بدأ الخوف مرة اخرى يدب في عقول الناس وبدأوا يتساءلون: وماذا بعد ذلك؟ هل نحن موعودون بنصر اخر؟ فمسيرة الانتصارات لا تتوقف. فـ"كلما التأم جرح جد في التذكار جرح".
كان غزو الكويت نصر-نا الاخر, نصر شكل حلقة مفصلية في سلسلة الانتصارات التي كنا نمر بها, فلقد كانت طموحات القائد هذه المرة استعمارية وتوسعية, فكانت تلك الحرب المؤلمة في كل تفاصيلها, تهدمت البنية التحتية بالكامل, انهار الجيش ورجع مهزوما ومكسورا, لم يبق جسر في بغداد لم يطاله القصف, المصانع العملاقة التي كانت تضم الاف العمال دمرت, مدارس جامعات مستشفيات دوائر خدمية وغير خدمية اكثرها طالها القصف, لكن القائد رغم كل ذلك اعلن فيها بأننا "العراقيون" قد انتصرنا لأننا واجهنا ثلاثين جيشا من مختلف دول العالم, وبعد ذلك انتصر-نا على "الغوغاء 91", وعندما كان الامريكان يغيرون بطائراتهم على مدى عقد كامل "التسعينات" ويهدمون ويدمرون ما تبقى من بناء, كان القائد يعلن انها مسيرة الانتصار الكبير الذي وعدنا به, وحتى الحصار ومآسيه والامه والذي ضرب بأعمق اعماق نفوسنا, كان جزءا من حالة النصر التي يعيشها القائد, كنا نتنفس النصر, ونعيش زمن الانتصارات, دلالات النصر بانت حتى في التسميات, انتشر اسم "انتصار" للفتيات, وتسمت الشوارع والاحياء باسم النصر, شارع النصر, ساحة النصر, حي النصر, قوس النصر, كان كل شيء يعبر عن النصر, اصبح ملازما لكل شيء, وانتصرنا وانتصرنا وانتصرنا.
خفت بريق النصر في 2003 عندما اقدم الامريكان على اسقاط نظام النصر, واتوا لنا بنظام لا يعيش ولا يستمر الا بالنصر, فبدأت حلقة من سلسلة الانتصارات, ابتدأت بالحرب في ما بينهم على من سيكون الاقوى, وكان كل جمهور يتبع فصيلا مسلحا معينا يقول انتصرنا, ثم يتطور الصراع لتتشكل ميليشيات تعترف بها الدول التي ترعاها, ولتتقاتل بينها, وكل يدعي النصر. تظهر القاعدة كحلقة من السلسلة, ويأخذ الصراع منحى آخر, يتشكل جيش وحكومة شكلية, مع بقاء وجود الميليشيات, والامريكان معهم يعلنون النصر على تنظيم القاعدة, كانت قد تهدمت مدن والتفجيرات في كل مكان, والموت منتشر كالطاعون الاسود, لكننا منتصرون, وهو ما نصبو اليه.
بعد ذلك بدأت الحرب على "المحتل الغازي" الامريكي, الذي شكل الحكم والدستور والميليشيات والقاعدة, كان عليه ان يرحل من ارض الانبياء والمقدسات, فكانت حرب مدن, وفي النهاية اعلنت القوات "المحتلة" انسحابها, واعلنا الانتصار.
ثم جاءت الحلقة الاقصى في سلسلة الانتصارات, فكانت "داعش", ثلاث سنوات من الموت والخراب والتهجير والاغتصاب والمقابر الجماعية, ومشاهد لا تستطيع ان تكمل رؤيتها, اعدامات بالألاف, لمدنين وعسكريين ونساء واطفال وعجزه, بدأت الحرب على هذه العصابات, وبعد مسيرة موت طويلة وقاسية, اعلن رئيس الوزراء تحقيق النصر, وتعطيل الدوام في كل العراق, واقامة الاحتفالات, وسمي بـ"عيد النصر" وصدحت حناجر المطربين بالغناء والتهليل بالنصر "يعراق يومك هاليوم" و"هلهل يعراق انزفت بشاره" وغيرها الكثير, وبدأت التهاني والتبريكات من كل حدب وصوب, رجال دين وقادة ميليشيات ورؤساء كتل وقادة جيش ورجال عشائر, الكل يهنئ المرجعية الرشيدة والحكومة بتحقيق النصر, انه النصر الاكبر, او قد يكون, لا نعلم ذلك.
هذه المرة لم تنزل الناس للشوارع, ولم نسمع اطلاق العيارات النارية, والتي نسمعها يوميا بداع وبدونه, لم تتفاعل الجماهير كعادتها مع القائد, قد يكون من الممكن وجود اكثر من قائد, او لأن النصر هذه المرة كان قاسيا جدا, فحجم الدمار هائل, فلا توجد مدن بالمعنى التقليدي للكلمة, والجثث حتى الان تحت الانقاض, هذه المرة لم تضرب المدارس او المستشفيات او المعامل, بل قد تهدم كل شيء, وضحايا الحرب قد ملئت المقابر, لم يبق اي شيء, بقي فقط النصر, مع ذلك بقيت تلك الاسئلة تدور في اذهان الناس عن معنى تلك الحروب, وعن معنى النصر, لكن على الكل مرغما ان يتفهم معنى النصر, والى نصر قادم.......
وانتصرنا بعد ما زال الحريق
وافقنا ليت انّا لا نفيق
مع الاعتذار للشاعر ابراهيم ناجي.



#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمراً للفلسفة أم مؤامرة عليها
- الفتوى الدينية وقانون الاحوال الشخصية
- العبودية الحديثة او ال-ايكي-نو-دو-
- في بؤس وزير الصناعة.. ((تنمية الاعمال))
- عصر المرجعية الذهبي
- جناح خاص للعوائل
- في ذكرى ماركس
- تفجيرات بغداد.. ((متفقً عليه))
- 175 عاما على كتاب ((جوهر المسيحية)).. لدينا اله الكينونة الش ...
- هل من مبارز
- صناعة الكاريزما وعبادة البطل
- جسد المرأة كهدف للقمع
- الأول من أيار وفخر الصناعة الوطنية
- التيار المدني - إلى الوراء دُر-
- عن ظاهرة المثقفين في العراق
- نحو فهم جديد لوضع المرأة
- حكومة جامعي الغذاء أو اقتصاد الكفاف
- إصلاحات العبادي ووصايا موسى
- الكتلة التاريخية وعقدة يونس
- مثليي الجنس أو ال (كور-غارٌو(


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم علي فنجان - في العراق وحده.. من نصر الى نصر