أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - قاسم علي فنجان - جسد المرأة كهدف للقمع














المزيد.....

جسد المرأة كهدف للقمع


قاسم علي فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 01:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لا شك أن التعذيب هو واحد من أقسى العقوبات التي أنتجها البشر على مر تاريخه الطويل, فجسد الإنسان هو الساحة الكبرى لأجراء كل الممارسات التي من شأنها إنزال العذاب والألم بهذا الإنسان "المذنب", والذي يراد به ضبطه أو إخضاعه.
وإذا ما تتبعنا تاريخ العقوبات وأنواعها التي أنزلت بالجسد, فأننا سنجد بكل تأكيد أن مؤسسات السلطة المنتجة بشريا, قد طورت معرفتها العقابية لإخضاع هذا الجسد أو ذاك للمؤسسة السياسية, وأن دلالات هذا الإخضاع والضبط تتضح من خلال معرفتنا لنوع العقاب الذي ينزل بجسد ما على نوع جريمة ما. فهناك قطع اليد للسارق, للحفاظ على الملكية, وتقطيع الأرجل والأيدي للمرتدين والكفرة, للحفاظ على الدين, والجلد بالسوط "للزناة", للحفاظ على نوع القرابة, الخ... من العقوبات الجسدية القاسية التي يراد بها "تأهيل" هذا الجسد وجعله خاضع لهذه المؤسسة أو تلك. ولن يغيب التعذيب وإنزال الألم بالجسد من مؤسسات السلطة القائمة أو التي ستقوم, فغيابه من سلطة ما يعني قيامه عند أخرى, فمبررات وجوده بقيام السلطة وبقائها.
والمرأة كجسد هي الساحة الأشد بروزا لعمل مؤسسات السلطة فيه, فهذا الجسد يجب أن يروض أو يتم تدجينه, تقويمه, توظيفه, إكراهه أو إجباره على أعمال معينة, إخفاءه كله أو بعضا منه, أو إظهاره كله أو بعضا منه, وحتى يجري ذلك فأن مؤسسة السلطة تشرع عقوبات تنزل بهذا الجسد أكبر الألم, فهو الهدف الأكبر للسلطة, التي تستطيع أن تمارس فعلها فيه, بدون استنكار أو نقد. والصياغات الأسطورية لأنواع العقوبات المنزلة على هذا الجسد (الإسراء والمعراج)، تظهر المبالغة والقسوة التي ينالها هذا الجسد المذنب دائما, وهذه العقوبات هي بالتأكيد ترتكز على رؤية وتصور كامل للسلطة, فهذه السلطة تعتبرها عقوبات ملائمة لجسد "أرتكب" -وهو بالحقيقة أنحرف عن مسار السلطة- هذا الجرم, وحتى يتم إخضاع هذا الجسد فأنهم يرسخون في الأذهان نوع الأذى والألم الذي سيطاله, هذا إذا كانوا لا يستطيعوا إن يحكموا المجتمع بصورة فعلية, فأنهم يلجئون للأساطير, أي في لا وعي البشر, ويجعلون الصور تتداعى في مخيلة المرأة عن الألم الذي سيلحق بها, أذا ما فكرت ولو للحظة أن تفعل بجسدها شيء يخالف قوانين السلطة.
أما إذا كانوا هم المتحكمين بالمجتمع, فأن الأشياء التخيلية لن يكون لها شأن كبير -مع المحافظة على وجودها وبقائها- لأنهم سيكونون الفاعلين الحقيقيين بهذا الجسد, فنحن نقرأ في التقارير التي ترد من الموصل, بأن تنظيم الدولة الإسلامية المسيطر هناك, يرمي أفراده مادة "الآسيد" بوجه النساء التي تظهر وجوههن, ويجلد ويرجم النساء "الزانيات", وفي إيران فأن أحد رجال الدين قال بأن أحد الأنهر قد جف بسبب ظهور شعر النساء, ورقابة ما يسمى "شرطة الأخلاق" تنتشر في كافة مدن إيران لمراقبة حجاب المرأة, أما في السعودية فأنك لا تستطيع أن ترى امرأة ككيان مشخص بل فقط قطعة قماش سوداء, وأيضا رجال الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعاقب النساء في كل مكان وجدن فيه مخالفات, أما في العراق فأن التحريمات والعقوبات تختلف من فصيل مسلح لأخر, والحجاب يكاد يكون رسميا.
أن جسد المرأة لدى السلطة يجب عليه أن يكون سر ومحرم, ويعامل معاملة المقدس, لأنه سيكون دائما أداة للمتعة, فإذا ما كشف, فأنه سيكون منتهكا للقانون -قانون الشرف والعرض والغيرة- وبالتالي سيكون مدنسا, لأن السلطة -وهي دائما ذكرية- ترى أن الفعل الجنسي هو علاقة هيمنة على جسد آخر, أي أن جسد المرأة هو ملك غيرها, بالتالي فلا يمكن أن تتلاعب به, وعندما يترسخ هذا الفهم لديها عن جسدها, فأنها ستكون ميالة دائما لمفاهيم ومعايير الجمال, ذلك أنها ستدرك والتربية هذه, أنها لا تملك بضاعة غير جسدها, فهي ستخضعه والحال هذه لأقسى عمليات "التجميل", بالتالي هي تصنع جسدها وتعدله, لأنها تحس أن جسدها موجود من أجل الآخرين, فهي دائما توجه لهذا الجسد النقد, أذا كان غير ملائم, أو لم يطابق معايير الجمال التي تنتجها السلطة الذكورية, وهي بهذا تقمع جسدها بأجراء هذه العمليات, أذن هي خاضعة لوجهة النظر الأخرى عن جسدها, أو هي في سجن رمزي من الأفكار والرؤى للآخر. ويصح قول أحدى الانثربولوجيات (نحن نتعلم كيف نصبح نساء).
هذه النظرة لجسد المرأة يكرسها المجتمع منذ التنشئة الأولى, فالطفل يدٌرس ويعٌلٌم بأن جسد المرأة هو "عورة", أي أنه إساءة, أنه "عيب ونقص وضمور"، فهو تشويه للجسد الكامل الذي هو الرجل -حتى في أساطير العراق القديمة, فأن عشتار ترنو إلى كلكامش المكتمل الطول والقوة- هذا الفهم يرسخ في لا وعيها أنها جسد ناقص, والترسيمات هذه وغيرها ألزمتها بأداء دورا أدنى مما يؤديه الرجل, فأصبح تقسيم العمل واضح بالنسبة لهن, ورسمت لهن أعمال قالوا عنها "نسويه", لأنها "تولائم بنية أجسادهن", (مضيفات, مرافقات, سكرتيرات...الخ) بالإضافة إلى "تقديمهن خدمات جنسية", وهكذا فأن عملية تأبيد الخضوع النسوي تجري بالنسبة للرجل كل يوم وفي كل مكان, فهو يعذب هذا الجسد لكي يوظفه, فلا (يصبح الجسد قوة نافعة إلا إذا كان بآن واحد جسدا منتجاً وجسداً مسترقاً) كما يقول ميشيل فوكو.



#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأول من أيار وفخر الصناعة الوطنية
- التيار المدني - إلى الوراء دُر-
- عن ظاهرة المثقفين في العراق
- نحو فهم جديد لوضع المرأة
- حكومة جامعي الغذاء أو اقتصاد الكفاف
- إصلاحات العبادي ووصايا موسى
- الكتلة التاريخية وعقدة يونس
- مثليي الجنس أو ال (كور-غارٌو(
- مناقشة لشؤون عمالية
- الرؤية الآن عن المرأة
- حول التعليم الجامعي
- قانون الأربعين يوما
- ثقب اسود
- إعادة رسم الصورة
- في تجربة النقد
- عمال الصناعة ووهم التفاوض
- العبادي واللبراليين في العراق
- المرحلة الفمية لمجلس النواب
- الفارماكوس نعيم عبوب
- المالكي: الأضحية المقدسة


المزيد.....




- الدورة 23 لمعرض النساء والإنتاج الوطني.. إبداع المرأة الإيرا ...
- أرفض الطلاق بشروطك
- استفزاز جديد.. مستوطن يحول باحات المسجد الأقصى إلى ساحة لطلب ...
- محكمة مصرية: حكم بسجن بيتر شحاتة بعد إدانته بالتحرش والابتزا ...
- مسؤلة أممية مُتهمة بمعاداة السامية لإعلانها ارتكاب إسرائيل إ ...
- بقطع الخيم المهترئة وبقايا الملابس من تحت الركام عن مواجه ال ...
- امرأة تبلغ من العمر 82 عامًا تتهم بقتل زوجها رميًا بالرصاص ب ...
- مقتل امرأة وإصابة طفلتها وطفلها بجريمة إطلاق نار بالرملة داخ ...
- إيران التي كانت تمنع الحجاب وتجبر النساء على خلعه، ما القصة؟ ...
- ذاكرة المرأة بعد انقطاع الطمث - ما هو العلاج الهرموني الذي ي ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - قاسم علي فنجان - جسد المرأة كهدف للقمع