أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حرب -الشيوعيين- على الشيوعية















المزيد.....

حرب -الشيوعيين- على الشيوعية


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 5737 - 2017 / 12 / 24 - 16:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في ذلك اليوم السبتمبري المشؤوم من العام 1953 وبينما كنت في زحمة العمل لتشكيل نقابة للمعلمين في الأردن أذاع راديو موسكو بياناً بخصوص أخطر قرار إتخذه الحزب الشيوعي السوفياتي في تاريخة، ولعله أكثر خطورة من قرار القيام بثورة أكتوبر التي تحتفل البشرية اليوم بذكراها المئوية، ودون أن يذكر أحد ذلك البيان الذي ألغى عملياً ثورة أكتوبر . أذاع البيان أن الحزب الشيوعي قرر إلغاء الخطة الخمسية التي كان مؤتمر الحزب العام التاسع عشر بحضور نشط من ستالين قد أقرها، بسبب توجه تلك الخطة للصناعات الخفيفة وهو ما يوهن وسائل الدفاع وأمن الاتحاد السوفياتي ولذلك تقرر العودة إلى التصنيع الثقيل .
كنت إذاك شيوعياً غرّاً لا يتجاوز عمري التاسعة عشر فأيدت ذلك القرار حيث أن أمن الإتحاد السوفياتي له الأولوية بالطبع على كل ما عداه . كلمات القرار تقول دون أدنى لبس أو إبهام أن إلغاء الخطة الخمسية كان لتحويل الاعتمادات المخصصة لها لإنتاج الأسلحة . منذ ذلك اليوم المشؤوم تحول الاتحاد السوفياتي إلى مصنع للإسلحة تفيض منه لتنتشر في العالم وأضحت كل الحروب المحلية تتم بأسلحة سوفياتية لدى كل الأطراف المتحاربة . أضحى الإتحاد السوفياتي منذ ذلك الحين مصنعاً للأسلحة وليس للإشتراكية – وهو ما كان ستالين يعارضه بشدة ويشطب من موازنة الجيش أية أموال إضافية للإنفاق على التسلح مما جعل قيادة الأركان تخطط للقيام بانقلاب عسكري ضد الحزب والدولة ؛ الإنقلاب لم ينجح في العام 1937 لكنه عاد بعد ست عشرة سنة لينجح في العام 1953 .
لم يكن هناك ثورة مضادة ضد الإشتراكية حيث كان الحزب الشيوعي نفسه هو من قام بالثورة المضادة . الردة على الاشتركية بدأت بإلغاء الخطة الخمسية الخامسة في العام 53 . وفي العام 56 وقف خروشتشوف بعد انتهاء المؤتمر العشرين للحزب يخطب لمفاجأة الجميع بشتائم فاجرة على ستالين يتهمه بعبادة الذات وهو مثال التضحية وإنكار الذات والأمثلة على ذلك كثيرة وبليغة الدلالة بحيث وصفه تشيرتشل بأنه "كان قاسياً مع نفسه" . كان نيقولاي بولغانين رئيس الجلسة الإضافية قليل الحنكة عندما منع مناقشة خطاب خروشتشوف ولو كان قد سمح بذلك وواجه خروشتشوف تباراً جارفاً من الشجب والاستنكار لربما تعذر على خروشتشوف وصديقه وزير الدفاع المارشال جوكوف القيام بانقلاب عسكري في السنة التالية في يونيو 1957 وطرد سبعة أعضاء من المكتب السياسي والإبقاء على اثنين فقط هما خروشتشوف نفسه الذي كان المكتب السياسي قد قرر سحب الثقة منه والعضو الآخر وهو ميكويان . زعماء الأحزاب الشيوعية في العالم العربي لا يعلمون أن عضو المكتب السياسي لا يجوز نزع عضويته إلا بقرار من محكمة رسمية ومحاكمة علنية تحكم على العضو بالإجرام، وكان البيان الصادر يبرر الطرد يقول أن الأعضاء المطرودين كانوا قد اجتمعوا سريا وتداولوا بمعارضة خروشتشوف !! وهنا يُستوجب القول .. "عذر أقبح من ذنب" .
قد يتحجج قادة الشيوعيين العرب بأنهم لم يكونوا يعلمون بتلك الإجراءات لأنها كانت تتم داخل غرف مغلقة بكتمان شديد ؛ لكن إعلان خروشتشوف بإلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا واستبدالها ب " دولة الشعب كله" تم علانية في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب في العام 1961 ؛ من من قادة الشيوعيين العرب عارض ذلك، أو عارض دعوة خروشتشوف في نفس المؤتمر إلى تبني اقتصاد السوق ومبدأ المرابحة في العمل !!؟ لم يتبقَّ من الاشتراكية شيء وقادة الشيوعيين العرب نائمون على آذانهم كما يقول المثل الشعبي .

حبذا لو يمكّننا قادة الأحزاب الشيوعية العرب من غفران خطاياهم المميتة التي لا يجوز استبعاد مشاركتها في وأد الثورة الإشتراكية وذلك بالإعتراف بخطاياهم، لن يكونوا شيوعيين حقيقيين دون الإعتراف بها . يتبارون اليوم بتمجيد ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى دون أن يعوا أن تمجيدهم للثورة يفرض عليهم بذات الآن تعيين من ضيع هذا المجد، مجد الثورة ؛ وكلما زادوا تمجيدا للثورة كلما ألح عليهم تعيين من ضيع مجدها العظيم . وما هو أكثر من هذا فإن تمجيدهم للثورة دون تعيين أسباب انهيارها إنما هو نفاق فاضح بقصد التغطية على الخطايا والكذب على العمال وعلى الناس، وهذا ليس أقل من الحرب على الشيوعية .
نحن لا نتجنى على هؤلاء القادة، قادة الشيوعيين العرب، فعندما نقول لهم أن مفردات اللغة لا تسعف في تمجيد البنيان الشيوعي حق مجده ما بين 1917 و 1953 فهي أيضاً لا تسعف في استنكار الحرب على الشيوعية حق نكرانها ما بين 1953 و 1990 . هم يتجاهلون ما نقول إلا أن الوقائع تفضح مثل هذا التجاهل وتكشف عن أغراضه المنكرة التي تصل إلى حد المشاركة في الحرب على الشيوعية . الواقعة الكبرى التي مثلت الإعلان الأول للحرب على الشيوعية هي إلغاء الخطة الخمسية . كيف يجوز للجنة المركزية للحزب أن تلغي برنامج الحزب لخمس سنوات وهي التي انتخبها المؤتمر العام للحزب من أجل تنفيذ خطته الخمسية وليس لأي هدف آخر !؟ اليوم يمكن تجاهل اغتيال ستالين بالسم وهو ما حدث في عشاء 28 فبراير 1953، كما يمكن القفز عن إبطال انتخاب 12 عضواً جديداً في المكتب السياسي في الصباح التالي لوفاة ستالين . لكن لا يمكن تجاهل حادث جلل كإلغاء الخطة الخمسية التي لا يجوز إلغاؤها من قبل أية سلطة وبمختلف الحجج والقوانين . ذلك كان خيانة للعمل الشيوعي بل ويرقى إلى إعلان الحرب على الشيوعية . سكوت قادة الشيوعيين العرب على تلك الخياتة وتلك الحرب لا يمكن تفسيره بغير المشاركة في تلك الخيانة وتلك الحرب، وإلا فليأتونا بتفسير آخر ؛ هم يحافظون على الصمت مطبقين أفواههم لأن ليس لديهم أي تفسير آخر مختلف .
الواقعة الأخرى وهي الأكثر فجاراً كانت الإنقلاب العسكري في يونيو 1957 حين اجتمع المكتب السياسي للحزب وقرر بأغلبية 2:7 سحب الثقة من خروشتشوف فكان علية أن يخلي منصب الأمين العام للحزب ومنصب رئيس مجلس الوزراء في الحال، وبدلاً عن ذلك طلب إلى صديقه وزير الدفاع المارشال جوكوف القيام بانقلاب عسكري تم بموجبه طرد الأعضاء السبعة الذين سحبوا الثقة من المكتب السياسي رغم أن النظام والقوانين تحظر نزع عضوية المكتب السياسي إلا بقرار من محكمة رسمية في محاكمة علنية تدين العضو بالإجرام . بعد ذلك الإنقلاب العسكري الفاجر لا يمكن القول بأن الحزب الشيوعي السوفياتي في مايوه 57 هو نفس الحزب في يوليو 57 .

بانتظار ما سيقوله قادة الشيوعيين العرب في مواجهة هذين الحادثين الجلل – وهم لن يقولوا شيئاً ليس إلا لتمرغهم بوحول الخيانة – نمسك عن مواجهتهم بإعلان خروشتشوف في المؤتمر العام للحزب الشيوعي الثاني والعشرون في العام 1961 القاضي بإلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا واستبدالها بدولة هجينة اسمها "دولة الشعب كله" وإلغاء الصراع الطبقي الذي وصفه بأنه يُسرّ الأعداء وإلغاء الإقتصاد الإشتراكي واستبداله باقتصاد السوق ومبدأ المرابحة في العمل . لم يبقَ سمة من سمات النظام الإشتراكي إلا وألغاها خروشتشوف حتى غدت قيادته للحزب الشيوعي السوفياتي والدولة السوفياتية سلسلة لا تنقطع من الإلغاءات وهو ما يرتب علينا نحن الشيوعيين البلاشفة من تلامذة ستالين أن نعتبر صمت قادة الشيوعيين العرب على كل تلك الإلغاءات ليس إلا خيانة بل حرباً على الشيوعية .
فهل لهؤلاء القادة أن يطهروا أنفسهم من وحول الخيانة عن طريق مواجهة هذ الوقائع !؟
ذلك هو الإمتحان القاطع .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية الجديدة (Neoliberalism)
- النقد المشبوه للإشتراكية السوفياتية
- لغز الصراع الطبقي (The Riddle of Class Struggle)
- الأحزاب الشيوعية هل كانت حقاً شيوعية ؟
- الديموقراطية البورجوازية لم تكن يوماً أفقاً للثورة الإشتراكي ...
- الذاتوية مفسدة للإقتصاد وللسياسة كما للتاريخ أيضاً
- من يعرف الثورة البولشفية ؟
- في مثل هذه الساعة قبل مائة عام
- فؤاد النمري - كاتب ومفكر ماركسي بلشفي - في حوار مفتوح مع الق ...
- الخدمات لا تنتج أدنى قيمة
- القراءة الماركسية للتاريخ (10 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (9 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (8 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (7 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (6 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (5 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (4 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (3 B)
- القراءة الماركسية للتاريخ (B 2)
- القراءة الماركسية للتاريخ (B 1)


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - حرب -الشيوعيين- على الشيوعية