أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - رضي السماك - الديمقراطية هي السبيل الوحيد لاشتراكية المستقبل















المزيد.....

الديمقراطية هي السبيل الوحيد لاشتراكية المستقبل


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5731 - 2017 / 12 / 18 - 23:07
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


نرى في خاتمة الدراسة التي أعددناها بمناسبة ذكرى مرور قرن على أول ثورة اشتراكية في تاريخنا المعاصر 1917 في روسيا والتي تتناول تقويم تجربة الثورة والدولة الاشتراكية التي أنشأتها "الاتحاد السوفييتي " جنباً إلى جنب مع تقويم المسيرة النضالية الطويلة للأحزاب الشيوعية العربية التي استلهمت تلك التجربة وحزبها الحاكم الحزب الشيوعي السوفييتي .، لا بد لنا من توضيح بعض الأمور التي تناولناها في سياق الدراسة حول القضايا المتصلة بأخطاء الجانبين الشيوعيين العربي والسوفييتي وتسليط المزيد من الضوء على الجوانب المتعلقة بآفاق تلمس الشيوعيين في بلداننا العربية الطريق النضالي الجديد نحو الاشتراكية هدفهم الأسمى :
أولاً : فيما يتعلق بتأييد الزعيم السوفييتي ستالين لقرار تقسيم فلسطين 1947 والذي تبعته فيه الأحزاب الشيوعية العربية فوراً فإن هذا القرار ليس صادر عن حذق وبُعد تفكير واقعي سبق فيه هذا الزعيم الشيوعيين العرب بقدر ما كان يستند إلى تقديرات سطحية لم تقدر تقديراً كافياً الجوهر الحقيقي للحركة الصهيونية ومخاطر مشروعها بإقامة دولة إسرائيل على أراضي فلسطين العربية ليس فقط على مصير وهوية شعبها وحقه في تقرير مصيره بعد انتهاء الانتداب البريطاني ، بل وعلى حركة التحرر الوطني العربية برمتها ، فضلاً عن مخاطره على نفوذ ومصالح الاتحاد السوفييتي الجيو سياسية في المنطقة القريبة من حدوده ، وهذا ما برهنت بقوة على صحته الأحداث التاريخية حتى إنهياره ، وهو ما اعترفت به أيضاً شخصيات سوفييتية نافذة في أعقاب الانهيار ، وكان ستالين يعوّل على اجتذاب أقطاب ما كان يُعرف ب " الاشتراكية الصهيونية " بعد تأسيس إسرائيل والتي كان بعض اليهود الروس من حملة رايتها في حين لا يريد منظرو هذه الايديولوجية ذات النزعة الصهيونية أن يعترفوا بأن هذه الدولة التي يسعون إلى تأسيسها لن تكون سوى دولة يهودية برجوازية تحكمها البرجوازية اليهودية ومعادية لحركة التحرر الوطني العربية ( انظر في هذا الشأن : دائرة المعارف الاشتراكية ، حمدي عبد الجواد ، ملحق رقم " 1 " من مجلة دراسات اشتراكية ، القاهرة ، ب . ت ، ص 16 - 18 ) . وكون التقسيم أضحى خياراً واقعياً مُراً بعد نكبة حرب 1948 لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لإقامة دولة فلسطينية - استناداً للقرار - على الأراضي التي نجت من الاغتصاب فيما ظل العرب متمسكين برفض القرار ، فإن كل ذلك لا يترتب عليه صحة وحذق القرار الستاليني بالموافقة عليه فور صدوره من الامم المتحدة والذي بني عليه المجتمع الدولي لاحقاً اعترافه بالدولة العبرية ، ولربما لو تريّث الاتحاد السوفييتي في موقفه من القرار وكذلك تريّثه من الاعتراف الفوري بأسرائيل لكان الوضع مختلفاً بشكل أو بآخر في النتائج المترتبة على الاعترافين واللذان استفادت منهما إسرائيل أيما استفادة ووظفتهما دولياً لصالحها .
ثانياً : فيما يتعلق بأخطاء ستالين لا يمكن التسليم بأنه قد أستهل حكمه بعد لينين بالاسلوب الاستبدادي داخل الحزب وداخل الدولة من الصفر ، بمعنى بأن لينين قد رحل وسجله وممارساته في السلطة والحزب لا تشوبه شائبة ، لولا لم تكن ثمة ثغرات بهذا القدر أو ذاك في التنظير كما في الممارسة عرف ستالين كيف يستغلها جيداً لتعزيز وتوسيع سلطته الدكتاتورية الدموية ، فهو - لينين - من أمر بحل الجمعية السياسية التي لم يفز في انتخاباتها سوى 25 % ، وهو من وقّع المراسيم التي تحظر الاحزاب السياسية باعتبارها برجوازية ومعادية لسلطة السوفييت ، بل وشمل الحظر حزب الاشتراكيين الثوري حليف البلاشفة في ثورة اكتوبر ، وهو من أصدر أمراً باعتقال جميع المناشفة المشكوك في ولائهم ، وهو من كتب يقول : " إن مكان المناشفة والاشتراكيين الثوريين ، سواء منهم المكشوفون أو المموهون تحت قناع اللاحزبيين ، هو السجن " ، وهو أخيراً من أمر باعتقال مالايقل عن ألفي حزبي من هؤلاء المناشفة والاشتراكيين الثوريين ، بمن فيهم أعضاء في اللجنة المركزية وتصفيتهم إعداماً . ( انظر : جورج طرابيشي ، الديمقراطية والأحزاب في البلدان العربية ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، ص 74- 75 ) .
وإذا كُنا لفتنا النظر قِبلاً إلى تبقي -على الأقل - بعض رواسب النزعة الاستبدادية بهذا القدر أو وذاك في مسلكيات القادة الشيوعيين حتى بعد مراجعاتهم التصحيحية وعدم تمكنهم من التخلص منها بصورة نهائية تحت تأثير طابع الاستبداد التاريخي المجتمعي العربي الطويل ، فإن فإن نزعة الاستبداد الستاليني هي الاخرى غير منفصلة عن مواريث الاستبداد الاقطاعي الروسي الطويل و الذي ترك تأثيره وانعكاسه موضوعياً على الوعي الاجتماعي العام ، وبضمنه وعي النُخب المثقفة والسياسية والفئات الفلاحية ، فضلا عن تأثير الاستبداد البطريكي الابوي المتسلط في الريف ( إنظر في هذا الصدد : سلامة كيلة ، نقد الحزب .. المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي ، دمشق ، خطوات للنشر والتوزيع ، ص 13 - 14 ) . وإذا كان افتقاد الخبرة والتقاليد الديمقراطية في المجتمع الروسي قد ترك تأثيره سلباً على المفكرين والقادة الماركسيين ، فإن غياب المسائل الديمقراطية عن تنظيرات ماركس يمكن إرجاعها أيضاً لكون المسألة الديمقراطية كانت ناجزة في المجتمعات الاوروبية الغربية ، ولأن من جاءوا بعده ظلوا ينظرون لها كإنجاز برجوازي معيب . ( نفس المصدر : ص 114 - 115 ) . وهنا يمكن القول بأن الخلاف بين ما عُرف بالشيوعية الاوروبية أو " الأوروشيوعية "والحزب الشيوعي السوفييتي ومعه سائر الاحزاب الشيوعية التي تقتدي به إنما يكمن في إن الاولى تعيش في دول ديمقراطية تكرست فيها تقاليد من التعددية السياسية وعدم مصادرة الحريات العامة والحريات الصحفية وكفالة حق الرأي والرأي الآخر بغض النظر عن كونها دول رأسمالية وتعتور تجاربها ثغرات .
كما من المفارقات الصارخة في هذا الشأن أنه في الوقت الذي ناضل فيه الشيوعيون خارج السلطة في العالم من أجل إقامة أنظمة دستورية ديمقراطية في بلدانهم وفي الوقت الذي يستفيدون فيه أيضاً من مزايا الانظمة الديمقراطية أو شبه الديمقراطية القائمة لاكتساب شرعية أحزابهم ونقاباتهم وصحافتهم بل وللوصول للسلطة أو الحصول على أغلبية برلمانية أو ثقل برلماني ، فإنهم يعتبرون بأن لا حاجة للمجتمعات الاشتراكية القائمة لهذه الحقوق والمكتسبات الدستورية والديمقراطية ، ومن الطبيعي والواجب مصادرتها باعتبارها منافذ لانقضاض الثورات البرجوازية المضادة على سلطة العمال والفلاحين ، في حين ان تغييب الديمقراطية والتعددية السياسية والنظام الدستوري المُنتخب هو من جملة أسباب انهياراتها. أكثر من ذلك فإنهم في الوقت الذي يدينون فيه الانقلابات غير اليسارية على اختلاف توجهات جنرالاتها فإنهم لا يتورعون عن تأييد الانقلابات العسكرية ما دام جنرالاتها من ذوي الميول اليسارية أو أعضاء في أحزابهم ، ولعل الوقائع التي جرت في بلدان افريقية وامريكية لاتينية ، بل وحتى عرببة ، نحسبها معروفة.
ثالثاً : إذا كانت الاحزاب الشيوعية العربية قد أقرت في مراجعاتها لمسيراتها النضالية بأهمال الديمقراطية أو تهميشها في الحياة الداخلية الحزبية فمن الاهمية بمكان أن يقترن ذلك بالنضال فكراً وممارسةً في بلدانها من أجل إقامة أنظمة ديمقراطية تعددية دستورية ونبذ أنظمة الحزب الواحد بمختلف هوياتها السياسية ولو كانت يسارية ، ويندرج في عداد ذلك ادانة كل انتهاكات حقوق الإنسان التي تطال أي أفراد بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية ، ومن ثم عدم الاقتصار في الادانة على المنتمين الى القوى اليسارية .
رابعاً : إذا كانت الأحزاب الشيوعية قد أقرت أيضاً خطأ السير وراء تنظيرات الحزب الشيوعي السوفييتي فيما يتعلق ببعض التلفيقات التنظيرية في وصف بعض اشكال الانظمة الوطنية التي تقودها قوى يسارية أو قومية وطنية كالتي أطلق عليها بانها تسير في طريق التطور "اللارأسمالي " أي ستصل الى الاشتراكية متخطيةً بنيتها المتخلفة الاقطاعية أو شبه الاقطاعية دون المرور بالرأسمالية ، بل وبعض الباحثين أو المفكرين اليساريين لم يستثنوا حتى لينين من الأخطاء في التنظير كما الممارسة ، فإنه ينبغي في المقابل إعادة دراسة الأعمال الفكرية لكل المناضلين المفكرين اليساريين الذين تم تشويه مواقفهم سواء ممن اختلفوا مع لينين أم من اختلفوا مع ستالين وذلك لانتقاء ما هو صواب ومحق للاستفادة منه ، ومن هؤلاء تروتسكي وبليخانوف وبوخارين وكالينين وغيرهم . وبالمثل ينبغي اخضاع كل الاعمال والاسهامات الفكرية التي صدرت لمفكرين وباحثين عرباً على اختلاف انتماءاتهم للدراسة التمحيصية للاستفادة مما يمكن الاستفادة منه في إعادة بناء منظومة فكرية يسارية تقدمية تأخذ بعين الاعتبار بوجه خصائص المرحلة التاريخية التي تعيشها البلدان العربية ووفق ظروف كل بلد و تكون مرشداً للطريق النضالي الجديد للاحزاب الشيوعية العربية .
وخلاصة القول : لقد برهنت إخفاقات وانهيارات التجارب التاريخية للانظمة الاشتراكية طوال القرن العشرين بأن الديمقراطية هي السبيل الوحيد للوصول إلى أي شكل من أشكال اشتراكية المستقبل ولتطوير سُبل بنائها والمحافظة عليها وحتى ءذا سلّمنا جدلاً إذا ما بإمكانية الوصول للسلطة عبر ثورات شعبية ذات اهداف اشتراكية فلا مناص لها من إقامة نظام ديمقراطي تعددي يمكنها من صيانة السلطة الاشتراكية الجديدة المُنتخبة، فبالديمقراطية وحدها يمكن بناء وتطوير النظام الاشتراكي نحو صيغة اكثر رسوخاً إذا ما فشلت وعجزت الصيغة القائمة عن تمثيل مصالح العمال وسائر الكادحين ، وبالديمقراطية يمكن تطوير محتوى الديمقراطية ذاتها في مؤسسات النظام ومؤسسات المجتمع المدني كافةً .



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مئوية ثورة اكتوبر الاشتراكية .. آفاق نهوض الشيوعيين العرب من ...
- مئوية ثورة اكتوبر .. كيف تحققت نبؤة ستالين في الشرق الأوسط - ...
- مئوية ثورة اكتوبر .. الشيوعيون العرب وقرار تقسيم فلسطين - 4 ...
- مئوية ثورة اكتوبر .. مراجعات الشيوعيين العرب للتجربة السوفيي ...
- مئوية ثورة اكتوبر .. إلهامها في العدل الإجتماعي عالمياً ( 2 ...
- مئوية ثورة اكتوبر .. تأثيرها الحاسم في تاريخ القرن العشرين ( ...
- البحرينيون والعرب بين الضحك والاكتئاب
- مئة عام وعد بلفور .. نصف قرن على التقسيم
- مستقبل المعارضة البحرينية بعد حل - وعد -
- مغزى ثلاثة مواقف عربية مناوئة لإسرائيل
- دروس انتزاع المرأة في السعودية حق السياقة
- آفاق نزع فتيل أزمة أستفتاء كُردستان
- محنة المغردين في العالم العربي
- ماذا جرى لبطرس غالي في غرفة نوم عيدي أمين ؟
- العبارة الانجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه !
- عشرون عاماً على رحيل الجواهري
- القدس وتخاذل الأنظمة العربية .. مالجديد في الأمر ؟!
- المثقفون العرب والأزمة الخليجية
- نكسة 67 .. كيف تم إصطياد -الديك الرومي -
- قراءة في البيان الأخير للتيار الديمقراطي البحريني


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - رضي السماك - الديمقراطية هي السبيل الوحيد لاشتراكية المستقبل