أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قصص بأقلام الأسيرات المُحرَّرات من السجون الإسرائيلية















المزيد.....

قصص بأقلام الأسيرات المُحرَّرات من السجون الإسرائيلية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5718 - 2017 / 12 / 5 - 14:38
المحور: الادب والفن
    


صدر عن دار E-Kutub بلندن كتاب "حفلة لثائرة. . فلسطينيات يكتبن الحياة" إعداد الروائية هيفاء زنكَنة، وتقديم الناقدة فريال غزّول. يضم الكتاب نصوصًا مفتوحة لثماني كاتبات فلسطينيات مُحرَّرات من الأسر، والتاسعة لم تمرّ بمحنة الأسر وهي الشاعرة والمترجمة روز شوملي مصلح.
هذا الكتاب هو ثمرة ورشة للكتابة الإبداعية التي أقيمت على هامش احتفالية فلسطين للأدب أشرفت عليها الروائية العراقية هيفاء زنكَنة التي عانت هي الأخرى من تجربة السجن وكتبت عنها غير مرّة ويكفي أن نشير إلى روايتها المعروفة "في أروقة الذاكرة" التي تعتبر نموذجًا مثاليًا لأدب السجون في العراق.
يكشف التمهيد الذي كتبتهُ زنكَنة أسباب عزوف المُحرَّرات الفلسطينيات من السجون الإسرائيلية عن تدوين تجاربهن الشخصية والجماعية، وتعتقد أن البعض منهن ربما تعرّضنَ إلى تجارب مهينة أساءت إلى كرامتهن وسمعتهن الأمر الذي يدعوهنَّ إلى لزوم الصمت، وتناسي الذكريات المؤلمة القديمة. كما تعتقد أن صعوبة اللغة العربية قد تقف حائلاً أمام الكتابة الإبداعية أو حتى التدوين الذي يهدف إلى توثيق هذه الأحداث المُفجعة التي مرت بها السجينات الفلسطينيات، إذ تخشى الكثيرات منهن الوقوع في أخطاء لغوية قد يُنتقدنَ عليها لأن غالبيتهن لم يمارسن الكتابة الأدبية من قَبل لكن المشرفة على الورشة شجعتهن على خوض هذه التجربة، وحفّزتهنَ على الكتابة الإبداعية التي تنطوي على حبكة جيدة، ولغة متوهجة، وبناء فني رصين يجتذب المتلقين ويدفعهم لقراءة نصوصهن الأدبية والاستمتاع بمضامينها ومقارباتها الفنية على حدٍ سواء.
أما الناقدة فريال غزّول فقد صنّفت هذا النمط من الكتابة بـ Nonfiction creative writing الذي يعني"القصة الإخبارية التي تجمع بين الخبر والسرد الأدبي"(ص11) وهو توصيف دقيق لأن القصة الإخبارية تشتمل على الأقصوصة، والنص المفتوح، والرسائل، واليوميات، والاستذكارات وما إلى ذلك من كتابات حميمة تحاول السيطرة على الذاكرة المراوغة التي قد تكون ضحية للخطأ والتصحيف والنسيان.
يمكن اعتبار النص المفتوح الذي كتبته نادية الخياط قصة قصيرة وذلك لتوفره على اشتراطات النص القصصي الناجح الذي يتوفر على ثيمة جيدة، وحبكة قوية، ولغة مُعبِّرة لا تخلو من الصياغات الجميلة، والومضات الشعرية التي يستقر بعضها، في الأقل، في ذهن القارئ وهو يتتبع الحدث القصصي منذ بدايته وحتى جملته الختامية. تتناول القصة ثيمة إنسانية وهي إنجاب "سميحة" لبنتها البِكر "ثائرة" في سجن إسرائيلي، وسوف تتحول هذه الطفلة الرضيعة إلى الحدث الأبرز في القصة، خصوصًا وأنها سريعة في كل شيء، في النُطق، والمشي، والتعلّم، فلاغرابة أن تكتشف بحدْسها الداخلي أنها تعيش في معتقل مُعادٍ لكل السجينات بمن فيهن أمها وعمتها وجدتها اللواتي زُج بهن جميعًا في هذا السجن المعزول نسبيًا عن العالم الخارجي. ولعل وجود الطفلة "ثائرة" وهي تلعب في الممر القريب من غرف السجينات هو الشيء الوحيد الذي يكسر رتابة الروتين اليومي الذي تعيشه الأسيرات على مدى سنوات طوالا، وسوف يشعرن جميعًا بالأسى حينما يكتشفن أن هذه الطفلة على وشك أن تغادر السجن بعد إتمامها السنة الثانية بحسب قوانين السجون الإسرائيلية. وهذا هو مكمن المفارقة في هذه القصة الناجحة، فبدلاً من أن تفرح السجينات لتحرر هذه الطفلة من الأسر يشعرن جميعًا بالخوف كلما اقترب موعد خروجها فهي أجمل ما لديهن في هذا السجن اللعين.
تعتبر "رقصة المطر" لمَي الغُصين من أنضج نصوص هذا الكتاب، وهي قصة قصيرة أيضًا وليست نصًا مفتوحًا لأنها تتوفر على ثيمة، وتصعيد درامي ملموس، ونهاية فنية جدًا تتحول فيها السجّانة إلى مجرد سجينة لا غير! وأكثر من ذلك فإن النسق السردي لهذه القصة ينطوي على أبعاد بروكسيمية Proxemics تدرس المساحات التي يتركها المتحدثون فيما بينهم، وربما يستعمل بعضهم وسائل الإتصال غير القولي مثل اللمس، والشمّ، وحركة الجسد، والإيحاءات الكامنة وراء اللغة، ودور الزمن في الإتصال. قصة "رقصة المطر" مكتوبة بضمير المتكلم التي تسرد لنا حكايتها بشغف واضح حينما تقول:"تلمس قطرات المطر وجهي. . أستنشق رائحتها. كم هي زكية رائحة التراب المبتل بالمطر! تلعب الذاكرة لعبتها فتأخذني إلى أيام مضت"(ص93) ثم تذهب القاصة إلى وصف السجن وصفًا دقيقًا يبدأ بـ "الفورة" أو ساحة السجن التي يصعب تحديد شكلها ثم تصف غرف المعتقل المكوّن من طابقين، وسلّم جانبي يفضي إلى بوابة مُغلقة، وغرفة المراقبة التي تجلس فيها السجّانة لتراقب السجينات دون أن يرفّ لها جفن. أما أعلى الساحة فثمة سياج وشبك قد وضع لكي يمنع السجينات من التحليق أو ليحجب أشعة الشمس من الوصول إليهن.
حينما خرجت الراوية إلى الساحة لتقف تحت قطرات المطر الأولى توهجت لغتها فقالت:"لامست قطرات المطر النديّة روحي قبل أن تبلل جسدي، وبدأت الورود تتفتح بداخلي. اشتدّ هطول المطر، بدأت بالركض لأجد نفسي خارج حدود الزمان والمكان"(ص94). ثم سمعت وقع خطوات وراءها وبدأن يركضن جميعًا ويحلقنَ بفرح طفولي حتى تحررنَ من سطوة المكان المغلق، وأصبحنَ أكثر حرية من السجّانة التي شعرت لحظتها بأن السجينة الوحيدة رغم امتلاكها مفاتيح الأبواب الخارجية، وهنَّ الطليقات رغم أنهن محكومات مدى الحياة! أما النهاية الفنية لهذه القصة فتكمن في تصوير البراعم الجميلة التي نمتْ، وأزهرت، وتشامخت حتى اخترقت الشبك لتشعر بحريتها في الفضاء الجديد الذي لا تسوّره القيود، ولا تخنقهُ الأسلاك الشائكة.
اشتركت الكاتبة والشاعرة روز شوملي بنصين في هذا الكتاب، الأول يحمل عنوان "عودة منقوصة"وهي "قصة إخبارية" كما تذهب غزّول لأنها تصوِّر الخبر بأسلوب أدبي متميز وهذا ما يتضح للقارئ منذ الجملة الاستهلالية التي تقول فيها: "ربع قرن مر، وأنا أحمل قذى الغربة مثل عصا تجلدني ولا تكتفي"(ص61) وحينما تقرر العودة لزيارة أهلها ووطنها الذي حُرمت منه على مدى 23 سنة يموت والدها قبل وصولها بيومين فتؤجل أمها موعد الدفن، وحينما تواريه الثرى، وتصل ما انقطع بينهما يتوجب عليها المغادرة لتصبح هذه العودة منقوصة فعلاً.
أما النص الثاني الذي كتبته شوملي فهو "يوميات من حصار رام الله"وقد التزمت فيه الكاتبة مجمل الاشتراطات التي يجب أن تتوفر في فن "اليوميات" الذي انطلقت فيه من الخاص إلى العام، فبعد أن أوضحت لنا تأثيرات الحصار على أسرتها انتقلت إلى حصار المقاطعة وهي مقرّ الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي صمد بوجه الحصار وخرج منتصرًا ليكون، كعادته، قدوة للجميع في الصبر والتحدي والصمود.
تحتاج الكاتبات الست الأخر اللواتي لم يكتبن نصوصًا أدبية من قَبل إلى قراءات مكثفة، وورش عمل إضافية، وتجارب حياتية تحفز على فعل الكتابة الإبداعية، ولعل اكتشاف موهبتين أو أكثر من بين كل ثماني كاتبات هي نتيجة مشجعِّة حقًا تعد بالكثير من النتاجات الإبداعية إذا ما تصورنا أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي قد بلغ 7000 أسير بينهم 54 إمرأة و 400 طفل فلسطيني بحسب وزارة الأسرى، ولابد أن يكون بين هذا العدد الكبير منْ يمتلك موهبة الكتابة ليدوِّن لنا معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأن يكتبوا بأنفسهم تجاربهم الشخصية لا أن يكونوا موضوعًا يكتب عنه الآخرون كما يذهب الشاعر الراحل محمود درويش.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعالوا معًا. . فيلم يرصد القلق، ويدرس فن العلاقة الاجتماعية
- قصة مُحكمة، وإيقاع سلس في فيلم قبر لاجئ
- لوحتا جواد سليم ومحمود صبري الأغلى ثمنًا في مزاد كريستيز
- 60 فيلمًا في مهرجان الفيلم الكوري بلندن
- ملامح الفن والثقافة العربية في المثلث الذهبي
- خمسة فنانين يخلِّدون ذاكرة المدن السورية
- فيلم فوتوكوبي وقصور الرؤية الإخراجية
- شريط -وليلي-. . أداء معبِّر لقصة سينمائية هزيلة
- عقوبة الإعدام بين العدالة والانتقام
- بداية موفقة لمهرجان الجونة السينمائي
- حكايات سينمائية تتجاوز لذة السرد
- اللمسات الإنسانية في الأفلام الروائية لمهرجان الجونة السينما ...
- معرض استعادي للفنانة البريطانية راتشيل وايتريد في«تيت غاليري ...
- الفنان علي الموسوي بين فكرة الأمومة وهاجس الجسد الإنساني
- مُعجم طنجة . . سيرة مدينة تحتفي بالثقافة المُضادّة
- رسائل خاتون بغداد ودورها في تعرية المواقف المحجوبة
- فرناندو بيسوّا. . الكاتب المختبئ وراء أنداده السبعين
- فرق يهودية معاصرة تتنازعها الاختلافات الدينية
- الفنان التشكيلي سعد علي: ما أزال تائهًا بين ثنايا الروح الحل ...
- الفنانة مونيك باستيانس . . شغف بالطبيعة ونزوع لتجميلها


المزيد.....




- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - قصص بأقلام الأسيرات المُحرَّرات من السجون الإسرائيلية