أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الهوية وعلاقتها بالاستعصاء الديموقراطي














المزيد.....

الهوية وعلاقتها بالاستعصاء الديموقراطي


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5709 - 2017 / 11 / 25 - 11:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




إن حشر الفرد ضمن إطار هوية مغلقة ومهاجمته على أساس ذلك، يؤدي في أغلب الأحيان إلى رد فعل يرتكز على ذات الهوية. وبالرغم مما يحمل ذلك من هدر لتقاطعات تاريخية عميقة تربط بين المكونات الاجتماعية. فإن مؤججي النزعات الهوياتية، يتجاهلون تلك البداهة السيكولوجية والتاريخية.

يشكّل تزامن انتشار مظاهر العنف وتحوّله إلى قيمة معيارية، مع تراجع تأثير القوى السياسية المحمولة على قوى اجتماعية مدنية، واستمرار احتمال تحلل مركزية الدولة السورية، إضافة إلى تصدّع السلطة، مجالاً خصباً لظهور أشكال متعددة ومختلفة من التطرف والتعصب المتمحور حول الذات، والاستقطابات المحمولة على تجليات دون وطنية. ما يهدد بانهيار «الاستقرار الاجتماعي» المفروض بأشكال سلطوية، وتشظي الهوية «الوطنية الجامعة» التي لم ترتق يوماً إلى هوية جامعة للسوريين كافة. وتدلل على ذلك تصدّعات متنوعة تظهر تجلياتها على سطح العلاقات الاجتماعية، وبين المكونات السورية. ولذلك علاقة بتباين المواقف السياسية المتعلقة بتركيبة السلطة وطبيعة الدولة، وأخرى تتعلق بهويات مجتمعية تحوّلت في سياق المقتلة السورية إلى عقائد ومذاهب عصبوية مغلقة على ذاتها.

إنَّ الارتكاس إلى هويات قبل وطنية يترك آثاره الواضحة على طبيعة التحولات والتغيرات السياسية والجيو سياسية وأيضاً الاجتماعية. ولذلك علاقة بطبيعة وآليات اشتغال النظام السياسية والميول الدولية، وأيضاً بأوضاع وبنية وآليات التفكير السائدة والمتوارثة. ونشير في السياق ذاته إلى أن جذور تلك الظواهر وأسباب استمرارها لم يتم القطع معها قبل الأزمة السورية الراهنة. فالسلطة السياسة لم تُنجز بناء هوية سورية جامعة، ولم تكلف نفسها عناء وضع المقدمات اللازمة لإقامة القطع الإبيستمولوجي والسياسي مع أسس التفكير الهوياتية وتموضعاته المجتمعية. أكثر من ذلك فإن آليات اشتغالها السياسية أسست لتأبيد تلك الهويات واستمرار التباين والتناقض في ما بينها. فتغييب قضايا المواطنة والحقوق الأساسية الفردية منها والمتعلقة بالفئات الاجتماعية المتنوعة والمختلفة، إضافة إلى القمع السياسي واحتكار المجال العام، ما زالت تشكل مدخلاً إلى حشر الفرد ضمن أطر هوياتية ضيقة ومغلقة. ما يعني نشوء آليات تفكير تتماهى مع ذات الهوية وتُعبّر عنها. ويفاقم من أخطار إعادة إنتاج وتجديد أشكال الوعي الهوياتي، ارتباط النزعات الهوياتية وفي شكل خاص المتطرفة منها والعنفية بالميول الدولية والإقليمية الاستقطابية التي تدفع حتى اللحظة إلى توظيف الهويات الصغرى سياسياً، وذلك بهدف تحطيم الدولة المركزية واستبدالها بكانتونات إثنية، عرقية، مذهبية...

وإذا كانت أطراف من المعارضة المسلحة المعتدلة منها وغير المعتدلة تنظر إلى مواقف بعض المكونات الاجتماعية والسياسية على أنها معادية لـ «الثورة» ولقضايا السوريين الوطنية، فإن السلطة وانطلاقاً من مواقفها الإقصائيه تتعامل مع المكونات غير العربية والتجمعات السياسية والطائفية والدينية والمذهبية والجهوية غير المندمجة بمشروعها السياسي، على أنها خارج المتحد الوطني، ولا تعدو كونها أدوات وظيفية تخدم مشاريع قوى خارجية. وجميعها عوامل أسست لارتفاع منسوب الاستقطاب الاجتماعي والتناقضي السياسي الجبهي، واستبدال الشرعية السياسية السورية بأخرى خارجية استغلت الأوضاع والتناقضات الداخلية لتفكيك وحدة المجتمع والدولة، وتمكين النزعات الفيدرالية، والانفصالية، وهدر موارد الدولة وثرواتها الاقتصادية والبشرية.

نشير أخيراً إلى أنَّ إعادة إنتاج النزعات الهوياتية، وتحميل التحولات السياسية على قوى إثنية وطائفية وجهوية، تفاقم حال الاستعصاء الديموقراطي، وتدفع بميول التحولات الديموقراطية المحمولة على قوى سياسية ومدنية إلى حال من انسداد الأفق السياسي. ما يشكل خطورة واضحة على مستقبل الأوضاع الاجتماعية والسياسية. كذلك فإن آليات اشتغال السلطة الإقصائية والقهرية والميول الدولية المتداخلة والمتناقضة في آن تشكل أحد أخطر عوامل الاستعصاء الديموقراطي. وتتداخل العوامل المذكورة مع أزمات وتناقضات بنيوية تعاني منها المعارضات المتلبرلة، وأخرى تتعلق بميول انفصالية، وجميعها عوامل تدفع لإعادة إنتاج الهويات الصغرى على أسس سياسية وظيفية، تؤسس لإقامة أطر كانتونية متصارعة ومنقسمة على ذاتها. ما يعني دفع السوريين إلى حقل لجّة الصراعات الهوياتية.
كاتب وباحث سوري



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن أوضاع النساء السوريات في ظل الحرب اكتب
- عن أوضاع النساء السوريات
- سوريا الآن: سباقات من نوع مختلف
- استعصاء المشروع الديمقراطي في سوريا
- في أوضاع الصحافة العربية الرائجة
- ماذا عن مركزية الدولة السورية
- متلازمة العمى العصبوي
- تآكل خيار علمانية الدولة السورية
- في لغة الحوار السائدة بين الرأسماليات
- عن التهالك «الداعشي»
- العولمة بكونها سبباً للنكوص إلى عصر القوميات؟
- هل تجاوزنا نحن السوريين عتبة الخوف؟!
- البلدان العربية وإشكالية المشروع التنموي
- محددات انتقاد الدولة الوطنية؟.
- المصالحات في سوريا: حدود وآفاق
- حاجتنا إلى استنهاض تيار وطني ديموقراطي سوري
- إشكالية اندماج الدولة بالسلطة
- التسلط بكونه مدخلاً للتطرف والعنف
- حاجة السوريين إلى آليات تفكير مختلفة
- بخصوص أوضاع منصَّات الحوار السورية وآفاقها


المزيد.....




- زعيم المعارضة الإسرائيلية لـCNN: لا يمكننا تحمل -إيران نووية ...
- المغرب: -خيوط الأمل-.. ورشة نسائية في قرية سيدي الرباط تنسج ...
- نزوح جماعي من طهران بعد تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي
- إسرائيل إستهدفت منشآت إيرانية حيوية: ما هي وما أهميتها؟
- ألمانيا.. الحكم على طبيب سوري بالمؤبد بتهمة جرائم ضد الإنسان ...
- من فولفسبورغ إلى ساو باولوـ شبح الانتهاكات يلاحق فولكسفاغن
- آثار الدمار في حيفا عقب هجوم صاروخي إيراني ومقتل 3 أشخاص بعد ...
- زاخاروفا: الجانب الأمريكي ألغى محادثات مع روسيا بخصوص -إزالة ...
- وزير الدفاع الباكستاني: إسرائيل -دولة مارقة- وقدراتها النووي ...
- -غرينلاند ليست للبيع-.. ماكرون يزور أكبر جزيرة في العالم


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - الهوية وعلاقتها بالاستعصاء الديموقراطي