أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -13-















المزيد.....

كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -13-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5709 - 2017 / 11 / 25 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


المقطع الثالث عشر
*****
ملاحظة: لا يَتبنَّى مُؤلف هذه الحوارية المُتْعِبة الآراء المنقولة عن شخوصها.
*****

قال إبراهيم متباهياً: وصلتني معلومات وثيقة بأنّ التكلفة الشهرية لإيواء هاربٍ واحد على الأراضي الألمانية تبلغ تقديرياً حوالي خمسة آلاف يورو شهرياً بالحد الأدنى وقد تصل إلى حوالي ثمانية آلاف يورو، هذا يتضمَّن طبعاً وضع السلطات والموظفين في الدوائر الحكومية نفسها تحت التصرف وما شابه، يتم دفع هذه المبالغ من الضرائب التي يدفعها الألمان للدولة. تصوروا أنّ أحد معسكرات الهروب في مدينة هامبورغ-هاربوغ، عبارة عن سفينة راسية في المرفأ الصغير للنهر (بطول حوالي 110 متر وعرض 11 متر وارتفاع حوالي 15 متر)، تحتوي على عشرات الغرف والمطابخ ودورات المياه، تدفع حكومة هامبورغ إيجاراً شهرياً للسفينة ما يعادل مائة وثلاثين ألف يورو لصاحبها الهولندي. في كل مُجَمَّع ألماني للهروب، لا يحتاج الهارب لمساعدة من الناس، تكفيه عطايا الحكومة ريثما يجيء اليوم الذي يجب أن يعود فيه إلى الوطن الذي هرب منه، هذا إذا لم يتملَّص من ضرورة العودة.
الأب: لكن معظمهم سيتملَّص حتماً!

سناء: ما تقوله يا أخي ولا في الأحلام. لا صوت يعلو على صوت الحق في الهروب. لو لم أكن في السنة الأخيرة من دراسة الطب لهربت معك. سأنتظر الامتحان النهائي وأعدك أن ألحقك لوحدي، هذا طبعاً إذا نساني حبيب القلب ماهر ورفض ان يطلب لم الشمل معي.
ماهر: يقولون أن الحكومة الألمانية رصدت مبلغ اثنين وعشرين مليار يورو سنوياً لمعالجة أزمة الهاربين إلى بلدهم!
الأب: أليس اللاجئون الحقيقيون في الأردن ولبنان وسوريا مُعَلَّقين في الهواء كالمَشنُوقين بِحبلٍ؟ ألا يعانون جميعاً منذ سنوات من مرضٍ واحد هو إدمان البحث عن الاستقرار؟ أليسوا أحق بالأموال التي تدفعها السلطات الألمانية للهاربين هناك؟
سناء: صار الجميع مدمناً يا أبي في رحلة بحثه عن الاستقرار وراحة البال، وحلال للشاطر.

الأب: هناك فرق كبير بين لاجئ وهارب يا ابنتي. هناك فرق بين خيمة الهاربة المناضلة أم سعد في ألمانيا وخيمة اللاجئة أم عمر في لبنان. هناك فرق بين خيمة الهارب الثوري أبو توفيق في ألمانيا وخيمة زوجته أم توفيق النازحة مع أولادها في سوريا... كل من يسعى لتقديم مساعداته المادية أو المعنوية للاجئين في ألمانيا قبل تقديمها إلى النازحين في سوريا أو إلى اللاجئين في لبنان أو في الأردن أو في تركيا، مع مراعاة الترتيب حتماً، لا يرى الضّباب من وراء الغابة. في الوقت الذي يوجد فيه، في لبنان مثلاً، حوالي مليون لاجئ حقيقي، يعيش الكثير منهم في خِيَام تحت ظروف قاسية وغير إنسانية للغاية، وغير عادلة بتاتاً إذا ما قُورنت بظروف الهاربين السّوريين في أماكن أخرى من العالم، هناك هاربون يشتكون من برود الألمان، يتكلمون عن أنّ الاندماج في المجتمع الألماني كذبة، وكأنَّهم يفهمون ما الفلسفة التي تختبئ هذا المفهوم، الذي لم يسمعون به قبل هروبهم إطلاقاً! بل وصل بهم الجنون حد مطالبة الألمان بأن يكونوا لهم أصدفاء حميمين، ولم يمض على وجودهم إلاّ سنة أو أكثر بقليل!
استأنفت الأم: بل تراهم يحتقرون الأطباء الألمان ونظام التأمين الصحي، الأرقى عالمياً... يحللون نفسية الشعب الألماني وآليات تفكيره المعقدة دون إلمام لغوي حتى، دون عمل أوعلاقات زمالة في العمل ودون أية علاقات إنسانية معهم...

ماهر: ما الذي يجعلك يا أبو صلاح تشدّد في كل مناسبة على الفرق بين الهارب واللاجئ، أنا لا أجد فرقاً.
الأب: كل لاجئ هارب بالضرورة، لكن ليس كل هارب لاجئ! هذا كلام بديهي، علمي وقانوني، القضية قضية دقة في التعريف والمصطلح فقط لا غير. ينبغي على كلمة هارب ألا تدعو الهاربين للخجل وتأنيب الضمير إطلاقاً ولا أن تَتَسبَّب في خلق حالات من العدوانية وقلة التهذيب لديهم كآلية للدفاع عن النفس!

ماهر: لا أفهم عليك، أرجو أن توضِّح لي الفرق بين الهارب واللاجئ. الكل يعلم أن الظروف الحياتية في سوريا صارت ببساطة غير قابلة للاحتمال وأنّه من كل عائلة سورية تقريباً يوجد شخص لاجئ أو في طريقه للجوء.
*****

الأب: كل سوري هارب وليس لاجئ بموجب القانون. بشكلٍ عام تُطلق تسمية الهاربين على كل الناس الذين يفرون من بلادهم. لكن عند معالجة الحالة من الناحية القانونية يصبح الأمر أكثر تعقيداً. وفقاً للمادة 16A من القانون الأساسي (الدستور الالماني) يَتمتع الملاحقون والمضطهدون سياسياً من قبل حكومات بلدانهم بحق اللجوء في ألمانيا. هذا يعني يا دكتور ماهر:
أنَّ الإنسان الذي يصل إلى ألمانيا في حالة الملاحقة السياسية ساعياً وراء اللجوء، يُسمى طالب لجوء. حالما يُقدِّم طلباً في الدائرة الاتحادية للهجرة وشؤون الهاربين للحصول على اللجوء، يُسمّى مُرشّح أو مُقدّم طلب لجوء. إذا استطاع أن يُثبت أنَّه مُلاحق سياسياً من قبل السلطة الحاكمة في بلده الأم ويتعرّض للاضطهاد هناك لأسباب سياسية فإنّه يتلقى اللجوء، ويُسمى بعد ذلك مُتمتع بحق اللجوء.
في المبدأ وبحسب المادة الأولى من اتفاقية جنيف لا تُعتبر الحروب والصراعات الأهلية سبباً كافياً للحصول على حق اللجوء أو حق حماية هارب. ومع هذا توفر ألمانيا للناس الذين فروا من أوطانهم "حق حماية الهاربين"، هذا الحق يمكن الحصول عليه بشكل أقل تعقيد من الحصول على حق اللجوء، أي أنّه يخضع لمعايير ومتطلبات أقل وطأة من معايير اللجوء. الملاحقة هنا لا يُشترط فيها أن تكون من قبل السلطة السياسية وإنما من قبل الميليشيات الإرهابية بكافة أنواعها بسبب العرق أو الدين أو الانتماء إلى فئةٍ اجتماعية معينة، أو حينما يشعر الإنسان بأن حياته في البلد الأم صارت مُهدّدة لسببٍ ما. كما أنّ دخول الهارب عن طريق بلد ثالث آمن ليست مشكلة بالمقارنة مع وضع الراغب بالحصول على حق اللجوء. في كل الحالات يحصل الهارب على حماية قانونية مؤقتة ومحددة من سنة إلى ثلاث سنوات، بينما كان يحصل المُتمتع بحق اللجوء على إقامة دائمة في ألمانيا.

غمزت سناء بعينيها الجميلتين وقالت: الاختصار في الخطاب السياسيّ فن لا يجيده الشرقي دائماً. أحياناً لا تترك لنا مجالاً للتكلم يا أبي وكانَّك معلمنا ونحن التلاميذ. ألم تلاحظ أنَّ الحياة تغيرّت بعد الثورة؟

بيلسان: سألنا المعلم في حصة العربي عن إعراب جملة: وطني حديقة حرب. فأجابته زميلة لي: ألمانيا حديقة حيوان. ضحك المعلم حتى نفر الدمع من عينيه وقال لنا: معها حق فيما تقول. وأضاف: من يرتدي سُترة باللون الأخضر وتحتها قميصاً أبيض ملطَّخاً بثلاث بقع حمراء مع بنطلون أسود، هو شخص يشبه الحمار الملوَّن لا ذوق له لا باللباس ولا بالعام ولا بالخاص، بل ويوقظ فيك الاِنطباع وكأنَّه قد اِرتكب لتوه جريمة قتلٍ ولطَّخ يديه بالدَّم، ثم فرّ هارباً إلى مكانٍ طالما عاشه فقط في الخيال. ثم أردفت بيلسان: إذا لم تعجبكم النكتة إضحكوا على صاحبها... المهم أن تضحكوا لأنّنا عائلة واحدة بغضّ النظر عمّا يجري في الخارج.
*****

يتبع في المقطع الرابع عشر



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -12-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -11-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -10-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -9-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -8-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -7-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -6-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -5-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -4-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -3-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -2-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -1-
- هكذا تكلَّمَ السيد قَرْوُّشْ
- مشايخ البيبا
- سوق العُنَّابة
- اليهودي حجر الجلخ
- حين تقع في غرام الرئيسة
- مسافة بؤرية
- شَذَرَات فيسبوكية
- إجهادات هصر


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -13-