أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -8-















المزيد.....

كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -8-


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5699 - 2017 / 11 / 15 - 17:42
المحور: الادب والفن
    


المقطع الثامن
*****
ملاحظة: لا يَتبنَّى مُؤلف هذه الحوارية المُتْعِبة الآراء المنقولة عن شخوصها.
*****

قال ماهر بلهجةٍ استفزازيةٍ: أين سرحت بأفكارك يا سيادة العميد؟ هل تخاف أن يسقط شيئاً على سقف البناية؟ حين تسقط البراميل في بعض الأحياء السورية، تتوقف الساعات اليدوية عن العمل. كل الساعات أفقرها وأغناها، أبسطها وأعقدها، والسبب كما يقولون يعود للضغط العالي.
سلمى: الذبح والتفجير والتحريق والخطف ورمي القذائف يُوقف القلب عن النبض ويحجر الدمع في عيون فقدت أحبابها وأمانها.
بيلسان: همج، لو كنتُ بموضع قرار ومقرّبة من الدكتور لاستبدلت البراميل بالصهاريج.

سناء: أنا ضد لغة البراميل والصهاريج.
سلمى: هذه البراميل ليست سوى هداياهم المسمومة قد رُدت إليهم، كل برميل يُلقى يُعادل سيارة مُفخخة أو عبوة لم تنفجر في دمشق أو اللاذقية أو حلب أو غيرها، ربما لو كنتم معي عندما شهدت تفجير جسر الحياة في العدوي أو تفجير البنك المركزي، لكنتم غيرتم رأيكم تغييراً جذرياً.
الأم: ما من إنسان سوي يحب القتل لمجرد القتل ومن المستحيل هنا أن نطبق تعاليم السيد المسيح عليه السلام وندير خدنا اﻷيسر لمن يصفعنا على الخد اﻷيمن، أصلاً لن نكون سوى جثثاً هامدة في أحسن الحاﻻت أو أشلاء يلتقطها المتطوعون ليصار إلى دفنها تحت عنوان مجهول الهوية.
سلمى: لو فقدتِ عزيزاً ولم يبق لك منه ولو حتى قبر تزوريه لتقرأي الفاتحة، لطالبتِ بالصهاريج ﻻ بالبراميل.
بيلسان: تفحير أنابيب الغاز لا يسقط النظم واﻷنظمة، والله أقولها ثانية لو كنت من المقربين للقصر لطالبت الدكتور برميهم بالقنبلة الفراغية.
ماهر: تتكلمون معي ومعها وكأننا ممن يقومون بأعمال الإرهاب، أنتم من عائلتي وصرتم تعرفون تقريباً طريقة تفكيري العلمانية والعلموية، أنا بالتأكيد ضد الحركات الأصولية المسلحة، إلّا أني لست أيضاً مع النظام التعسفي وسبل معالجته للأزمة السورية مستعصية الحل، كلاهما إلى الجحيم. ثم أضاف: لم تجنبي يا عمي أبو صلاح! أين ذهبت مع أفكارك.
أبو صلاح: كل ما في الأمر أنني بدأت أشعر بالجوع، ولوهلة فكرت حبذا لو تطرح المعارضات المنخورة شعار التَنْوير والتَطوير بديلاً عن سياسة التَثْوير والتَبْرير! إذا بقي الحال على ما هو لا نعرف ما الذي ينتظر الحبيبة سوريا.
*****

سناء: وما الذي ينتظرها إلا الصوملة أو اللبننة أو البلقنة؟
بيلسان: ماذا تعني هذه الكلمات بابا؟ سناء تتكلم فوق مستوى الثالث الإعدادي. يبدو أنَّها أثقلت في أكل الجلاميط.
إبراهيم: الصوملة تعني التَسَوُّس في مفاصل الدولة والغياب التدريجي للسيطرة على الدولة كما في الصومال، واللبننة تعني تفتيت البلد إلى ميليشيات زعرنة وحقد وطائفية كما الحال في لبنان، أما البلقنة فتعني التقسيم إلى وحدات حكومية صغيرة والتي تقود إلى نشوء دول جديدة مستقلة كما الأمر في منطقة البلقان.
بيلسان: شكراً للتوضيح أستاذ إبراهيم بك، لكني في الحقيقة سألت أبي ولم أسألك أنت.
*****

ماهر: أنا مع البلقنة.
جَمْجَمَ أبو صلاح: والحاقِد إذا حَقَد، والحاسِد إذا حَسَد، والجاحِد إذا جَحَد...
ماهر: ما رأيك يا سيادة العميد؟
رفع أبو صلاح صوته مُنذراً بعدم رغبته بمواصلة الحديث: أنا مع الأغنوستية وكفى.
بيلسان بانفعالٍ طفولي: وما هي هذه الأغنية السودية.
ضحك الجميع، وقال الأب: هي ليست أغنية وإنَّما موقف فلسفي منطقي وتعني اللاأدرية، وأنا من أتباعه.
مازحته سناء: وهل أنت جيمس جويس؟
الأب: أنا عبد الحميد الجدري، ولست جويس ولا بورخيس ولا كازانتزاكيس، رغم أنني قد أتشارك معهم بموقفي اللاأدريّ.
*****

ماهر: مرة ثانية يا عم أبو صلاح سأسألك لأني أرغب حقاً بسماع رأيك بالبلقنة.
الأب: هل المجتمع السوري بكافة تشكيلاته وتنوعاته جدير وكُفُؤ فعلاً لفهم المسألة الديمقراطية وأسسها واحتياجاتها؟ هل تليق الديمقراطية والفِدراليّة كأشكال حكم بالشعوب المتخلفة حتى العظم؟ أم نحتاج إلى اِبتكار نظام حكم بالمشاركة، قوامه فريق عمل دكتاتوري نخبوي علماني وطني بامتياز؟ وبالدكتاتورية أقصد في الدرجة الأولى الحزم في تطبيق القانون.
سناء: لا شك بأنّ الديمقراطية تحتاج لوعي خاص، ولكن للديمقراطية مراحل ولا بد من المضي فيها بصورة واعية للوصول إلى مراحلها المتقدِّمة.
سلمى: البيئة السياسية والاجتماعية في العالم الثالث غير مهيئة بما فيه الكفاية لتنمو فيها الديمقراطية بطريقة سليمة.
جاء صوت الأم منيرة عالياً آمراً صافياً لينقذهم من من نقاشاتهم التي تتكرر كل يوم جمعة: المجدرة واللبن والسلطة والبصل الأخضر بانتظار بطونكم الجائعة التي تحضكم على النقاش. أوسعوا لي مكاناً لأضع الصحون والطناجر على الطاولة، تحركْ يا عبد الحميد وساعدني، وأنت يا بيلسان لا أريد ان أسمع صوتك ونحن نأكل.
ضحكت سناء كما لم تفعل منذ الصباح وقالت: الحكي لك يا كنة واسمعي يا جارة.
الأب: ليس من الضروري أن يجوع جميع الأولاد لكي تضعي الطعام يا منيرة حياتي.
ماهر: وليس من الضروري أن تكون جميع شرائح الشعب بنفس درجةِ الفهم لتتحقّق الديمقراطية.
*****

إبراهيم: قد يكون النظام الفِدراليّ المركزي هو الحل الأمثل للمسألة السورية، أما تحقيقه وممارسته واستيعابه والحفاظ على ديمومته هو ما يمثل التحدي الأكبر، ليس فقط بسبب اِحتمالية بقاء النظام السائد بل بسبب جهل الناس الفظيع والأمية المستشرية وما ينتج عن ذلك من أمراض ناهيك عن ظواهر العنف والجريمة ضد الحيوان والمرأة والطفل، هنا تكمن العوائق الأساسية للتطور.
سلمى: إنهم يريدون لنا ولايات مقسومة على أساس مذهبي وعرقي كما هو مُخطّط لنا وليس على أساس توزيع ديمقراطي وسياسي للسلطات المناطقية المحلية ضمن سلطة مركزية فيدرالية.
بيلسان: إليكم سؤالي الأخير قبل أن تعصّب الست أم صلاح وتحرمنا المجدرة. ماذا تعني الفيدرالية الملعونة؟
إبراهيم وكأنَّه لها في المرصاد: الفِدْرَةُ هي القطعة المجتمعة من كل شيء، وجمعها فِدَرٌ.
ماهر: الفِدراليَّة المركزية الاتحادية تختلف في الجوهر عن الكونفِدراليَّة، أنا شخصياً ضِدّ الكونفِدراليَّة، لأن الولايات في هذه الحالة تمتلك حقاً قانونياً في الانفصال، أَشْجُعُ الجمهورية الفِدراليَّة المركزية الاتحادية. وها هي في الحقيقية وجهة نظري للمساهمة في حل النَكْبَة السورية.

أبو صلاح: وما هي هذه الجمهورية؟
ماهر وكأنَّه أخذ حقنة تشجيع: الجمهورية الفِدراليَّة المركزية هي نظام حكم علماني يعتمد على أنّ مجموعة من الولايات/المحافظات تتمحور حول سلطة مركزية تدير الشؤون الدفاعيّة والدبلوماسيّة والنقديّة، أما الولايات التابعة فتهتمّ بالشؤون الداخلية الاجتماعيّة والتربية والأمن، لتبقى السياسة الخارجية من صلاحيات السلطة المركزية فقط. في النظام الفِدراليّ المركزي لا تمتلك الولايات حقاً قانونياً في الانفصال. لقد طرحت على الشباب، في تركيا وأوروبا وبالاستفادة من تجارب بلدان العالم الراقية، النضال من أجل تحقيق جمهورية سوريا الاتحادية الديمقراطية، عاصمتها دمشق، تضم خمسة أقاليم على الأكثر، لكلٍ منها سلطته الذاتية ووزاراته ورئيس مجلس وزراء. على أن تبقى حقيبة وزارة الدفاع ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الخارجية تحت إدارة الجمهورية الاتحادية.

قال أبو صلاح باستهزاء مُبطّن وكأنَّه حدس ببهجة صهر المستقبل: وما هي هذه الأقاليم التي اِقترحتها يا دكتور؟
ماهر برصانةٍ: الأقاليم تمثل محافظة الجزيرة وعاصمتها دير الزور، محافظة الساحل وعاصمتها اللاذقية، محافظة المنطقة الوسطى وعاصمتها حماه، محافظة الشمال وعاصمتها حلب و محافظة الجنوب وعاصمتها دمشق.
*****

يتبع في المقطع التاسع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -7-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -6-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -5-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -4-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -3-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -2-
- كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -1-
- هكذا تكلَّمَ السيد قَرْوُّشْ
- مشايخ البيبا
- سوق العُنَّابة
- اليهودي حجر الجلخ
- حين تقع في غرام الرئيسة
- مسافة بؤرية
- شَذَرَات فيسبوكية
- إجهادات هصر
- المناضل السابق جهاد النِّمْس
- تاجر العيد
- نَوَافِذ مَفْتُوحَة على مَصَارِيعِها
- أيام في مدينة لايبتزغ
- هانسغروهي


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كيف اِنهارَت كعكة العائلة؟ -8-