أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - أحمد الخميسي - مائة عام على ثورة أكتوبر














المزيد.....

مائة عام على ثورة أكتوبر


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5684 - 2017 / 10 / 31 - 17:42
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


سافرت إلي الاتحاد السوفيتي للدراسة عام 1972. في أولى رسائلي من هناك كتبت لوالدي أقول له:"أكتب إليك من المستقبل". وكنت شابا غمره الحلم بالاشتراكية تفتح وعيه مبكرا على والده وأخواله جميعا معتقلين بتهمة اعتناق الشيوعية، وظلت ترن في أذني بعد ذلك أجراس الانذار الروسي القوي لغزاة مصر بعدوان ثلاثي في 1956: " ترى كيف كانت بريطانيا تجد نفسها إذا ما هاجمتها دولة أكثر قوة تملك كل أنواع أسلحة التدمير الحديثة؟". حينذاك كانت القنبلة النووية حكرا على دولتين فقط هما الاتحاد السوفيتي وأمريكا، وكان الانذار بصيغته الحازمة تهديدا مرعبا باستخدام السلاح النووي ضد قوى العدوان. تسلمت الدول الثلاث الانذار في الخامس من نوفمبر وبعدها بيومين لا أكثر في السابع من نوفمبر بدأ الانسحاب! ثم قام الاتحاد السوفيتي بالمساهمة في بناء السد العالي وتصنيع مصر وإمدادها بالسلاح، ورسخ كل ذلك حلمي بالاشتراكية التي تنشر العدل والحرية وتساند الشعوب في تحررها وبناء مجتمعاتها. وبعد أن وصلت للاتحاد السوفيتي بشهور بعثت برسالة لوالدي أقول له فيها:" أكتب إليك من المستقبل". ألم يكن ما أراه هناك هو المستقبل؟ أو الحلم؟ الخبز الذي كان يوضع مجانا على موائد كل المطاعم؟ السكن ؟ العلاج ؟ التعليم؟ العمل؟. وبمرور سنوات من مرحلة الدراسة الجامعية هناك أخذت الصورة تتضح، وراحت تظهر وراء المظاهر حقيقة أخرى قاسية. ركبت ذات مرة مع سائق تاكسي فإذا به قد وضع عند شباك السيارة الخلفي كمية من الخبز والجبن والمعلبات، ولما تحدثت معه قال إنه من قرية خارج موسكو ليس بها طعام، لهذا يشتري كل ما يحتاجه من العاصمة قبل عودته إلي القرية. كانت العاصمة قناعا لامعا يخفي وراءه الفقر في القرى والأطراف، وشيئا فشيئا اكتشفت أن هناك أدباء وشعراء محظورون تباع كتبهم في السوق السوداء، هم كل الذين صادرهم ستالين وسجن معظمهم وقتل بعضهم، مثل الشاعر نيقولاي جوميليوف الذي قتل في محاكمة صورية، والروائي المذهل ميخائيل بلجاكوف الذي اضطهد وظلت مسودات رواياته في مخازن اتحاد الكتاب ربع قرن، والكاتب الساخر ميخائيل زوشنكو الذي أجبرته الدولة على الصمت بعد حملة ستالين على الكتاب عام 1936، وتبين لي شيئا فشيئا أنه لا حرية ولا خبز، وبدهي أن ينهار نظام لا يلبي احتياجات الانسان ولو طال مكوثه. ومع ذلك، فقد قطعت ثورة أكتوبر الاشتراكية طريقا مليئا بأعظم الانجازات ثم انعطفت في اتجاه آخر. وقد تمت تلك الانعطافة المدمرة بعد وفاة لينين في يناير 1924وصعود ستالين إلي الحكم. فقد هدم ستالين ركنين رئيسيين في سياسة لينين. الأول هو الديمقراطية الحزبية حين صفى كل خصومه، والثاني ولعله الأهم لأنه قاد للفشل الاقتصادي هو نبذ السياسة الاقتصادية الجديدة( نيب) التي أعلنها لينين. وفي تلك السياسة جمع لينين بعبقرية الثائر بين ما توفره السوق الحرة من تحفيز، وبين التخطيط الاشتراكي، أو جمع بين القطاعين الخاص والعام، ومنح حتى المستثمرين الأجانب تسهيلات في مجالات لم يكن للدولة قدرة عليها مثل استخراج النفط، وقال إنه مستعد لمنح شركات النفط الغربية 51 بالمئة مقابل 49 بالمئة للروس إذا جاءت واستخرجت النفط. إلا أن ستالين أنهى تلك السياسة وصار كل شيء ملكا للدولة حتى أكشاك تلميع الأحذية في الشوارع، وقضى ذلك على كل حافز، كما أدى الاستبداد للقضاء على كل فكرة لتطوير المجتمع. والفارق بين الزعيمين، وبين مرحلتين من ثورة أكتوبر، يتضح أيضا من أن لينين حذر من إقامة دولة صهيونية في الشرق الأوسط، أما ستالين فاعترف بتلك الدولة! بل وكان لينين قد حذر من تصعيد ستالين إلي مناصب عليا لأنه : " فظ غليظ القلب مع الرفاق"، لكن شخصية ستالين فرضت نفسها حتى أصبحت الفظاظة وضعا تاريخيا عاما.
الدرس المستفاد من انهيار الاتحاد السوفيتي أن الطريق إلي الأحلام طويل، ومتعرج، تمضي عليه التجارب الثورية، مرة واثنتين ومئة، بدءا من كومونة باريس عام 1871 حيث حكم العمال لمدة شهرين، مرورا بتجربة الاتحاد السوفيتي، وما سيلحقها.
هناك حقيقة واضحة: لا يمكن للناس أن يعيشوا الا باقتسام الخبز، والبحار، والهواء، والتعليم، وحق العمل، وحرية التعبير، وأن سبب كل المآسي التي نحياها هو الاستكانة لنظام يقر للأقلية بكل شيء على حساب الأغلبية. قد يعشق الانسان امرأة ثم يتبين أنها ليست النموذج المنشود، لكن ذلك لا يطفيء الحب في قلبه، إنه يواصل البحث. وانهيار التجربة الاشتراكية الضخمة ليس انهيارا للحلم بالعدل، الحلم يواصل البحث ويواصل سيره على الطريق.
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذيعات التلفزيون .. قمر يا ست !
- إلى متى يُقتل الأقباط ؟
- حرب أكتوبر .. ذكريات للإبداع
- لماذا لم يخرج من الأخوان أديب أو فنان ؟
- كرة القدم .. الحاجة إلى البطولة
- اسم في الليل - قصة قصيرة
- نجيب محفوظ .. حياة الأسطورة
- الطهطاوي والدين والمرأة
- المجلس الأعلى للثقافة وكرة القدم
- محمود درويش .. شاعر لا يموت
- الأزهر يكافح الكراهية والعنف
- أعذار متبادلة - قصة قصيرة
- - نيزافيسيميا الروسية - .. هل تعتذر واشنطن ؟
- الدين لله .. والمترو للجميع !
- الثانوية العامة في مصر : الموت أو النصر !
- ماذا نعني بلغة الشعب ؟
- اللغة بين التقديس والتحديث
- تسالي أدب على العيد
- مذكرات القديس مكتشف سعاد حسني
- رمضان على الطريقة الروسية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - أحمد الخميسي - مائة عام على ثورة أكتوبر