أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمود درويش .. شاعر لا يموت














المزيد.....

محمود درويش .. شاعر لا يموت


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5610 - 2017 / 8 / 15 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


في 9 أغسطس الحالي حلت ذكرى رحيل محمود درويش التاسعة. لم يعش الشاعر العظيم طويلا فقد فارقنا بعد عملية قلب مفتوح ولم يتجاوز السابعة والستين. والسنوات التي أخفى الموت فيها شاعرنا كانت سنوات حضوره الأكبر، فقد تأكد خلالها أن درويش كان ومازال أحد أعظم شعراء العربية وأكبرهم أثرا في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد اكتسب درويش مكانته العالية هذه ليس فقط بفضل إنجازاته في تطوير الشعر العربي، بل ولأن تلك الانجازات الفنية ارتبطت بقضية تاريخية ضخمة هي قضية تحرر الشعب الفلسطيني التي أمست عند درويش تعبيرا عن كل شعب محتل، وعن توق الإنسانية أينما كانت للحرية. في مرحلته الشعرية الأولى حين كان درويش داخل فلسطين كتب"سجل أنا عربي"، و"بين ريتا وعيوني بندقية" واتسم شعره بسطوة الخطاب النضالي. في تلك السنوات وحتى 1970تقريبا عرفته الثقافة العربية شاعرا مقاتلا ملتزما إلي حد ما بالرؤية الماركسية. وانتقل درويش إلي مرحلة ثانية مع خروجه من فلسطين تلمس فيها الحلم القومي العربي حتى عام 1983عندما أجبر الحصار الاسرائيلي وحزب الكتائب الفلسطينيين على مغادرة بيروت. بعدها انتقل درويش إلي البحث عن شعبه داخل عالمه الذاتي، بعد أن كان يبحث عن ذاته داخل شعبه، ولهذا حين كتب في مرحلته ما بعد بيروت:" اخرجوا من أرضنا.. من برنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا" ! كانت قيثارته مازالت صداحة لكن تغلب الحزن عليها وكاد الألم أن يهزم الأمل في أوتارها. شعراء قليلون في تاريخ الثقافة هم من استطاعوا أن يصبحوا رمزا عاما، مثل بابلو نيرودا، ومايكوفسكي، وناظم حكمت، ولوركا، وأيضا محمود درويش. وقد أصبحوا رموزا إنسانية عاما بفضل ارتباطهم بقضايا كبرى، حتى عندما كان اليأس يصيب بعضهم كما حدث مع درويش، فانقضت عليه أقلام تهاجمه لمشاركته في حوار علني مع مثقفي "المابام" الإسرائيلي، وإقامة أمسية شعرية في حيفا عام 2007 بتصريح إسرائيلي وغير ذلك، مما اعتبروه يصب في مصلحة اتفاقية أوسلو. لكن كل مثقف شريف يستطيع أن يتفهم مشاعر اليأس والاحباط في قضية معقدة مثل قضية فلسطين في مرحلة معقدة انحسرت فيها أصوات الكفاح المسلح وأصوات البنادق وتدهورت أوضاع المنطقة العربية إلي حد الاعتراف بالكيان الصهيوني. أستطيع أن أتفهم ذلك رغم اعتقادي الراسخ أن فلسطين لا بد أن تعود كاملة لشعبها مهما طال الزمن وأن تحريرها بالمقاومة سيظل الحل الإنساني الوحيد لكل الأطراف. إلا أن قيمة محمود درويش الكبرى ستبقى في شعره المشبع بالدعوة لتحرير الوطن، والانسان. من غير درويش قادر على أن يكتب: "أيها المارون بين الكلمات العابرة، أيها المارون في الكلمات العابرة، احملوا أسماءكم وانصرفوا، واسحبوا ساعاتكم من وقتنا وانصرفوا، وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة، وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا، أنكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء.. فاخرجوا من أرضنا.. من برنا.. من بحرنا.. من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا!". في قصائد درويش العظيمة تكمن كل رحلته، وكل عشقه لفلسطين وللحرية التي تغنى بها طيلة عمره. ولن يبقى من الشاعر الراحل الكبير موقف سياسي عابر اشترك فيه مع الآلاف لكن سيبقى منه كل ما امتاز به عن الآلاف، أي قصائده التي مجدت الجمال، والحرية، والحب، وكل المعاني النبيلة. لم يكن ما فارقنا مجرد شاعر، بل خريطة وطن ، وخريطة شعر. بعض القصائد تسوقنا للأحلام، وبعضها يردنا إلي الواقع، لكن وفي كل الحالات لا يمكن للشاعر الحقيقي أن يتخلى عما هو جوهري لكل فن ألا وهو النزاهة التي تحكم ما تخطه يداه. وقد كتب درويش كل قصيدة من قصائدة بنزاهة ضمير وروح لا تبارى، أيا كان مذهب تلك القصيدة فنيا أو سياسيا، وعاش درويش أشبه ما يكون بصاري السفينة الذي يتقدمها وهي تشق العاصفة، وعلى شراعه في الريح منقوشة " فلسطين" بمختلف القصائد، ومختلف المحبات، ومختلف الأحزان، ومختلف الأزمنة، ومختلف الدموع، ومختلف الضحكات، لأن" على الأرض ما يستحق الحياة"، وما يستحق الحياة يستحق كل ذلك. من حق فلسطين أن تفخر بشاعرها، ومن حق درويش أن يفخر بشعبه الفلسطيني الذي تبزغ في أرضه معجزات البطولة كل يوم، وكل ساعة، الشعب الوحيد في تاريخ العالم الذي امتد كفاحه من القرن العشرين إلي القرن الحادي والعشرين، ليمسي ملحمة نضال لا تتكرر في سجل الانسانية.
***
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزهر يكافح الكراهية والعنف
- أعذار متبادلة - قصة قصيرة
- - نيزافيسيميا الروسية - .. هل تعتذر واشنطن ؟
- الدين لله .. والمترو للجميع !
- الثانوية العامة في مصر : الموت أو النصر !
- ماذا نعني بلغة الشعب ؟
- اللغة بين التقديس والتحديث
- تسالي أدب على العيد
- مذكرات القديس مكتشف سعاد حسني
- رمضان على الطريقة الروسية
- خمسون عاما على جرح النكسة
- قطر صغيرة قد تشعل حربا كبيرة
- طلعت حرب .. نحن والماضي
- في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة
- عبقرية عبد الوهاب وتهمة السطو الفني
- مازن معروف .. نكات للمسلحين
- أبناء الورق والانترنت
- تحرش - قصة قصيرة
- الصحافة .. بداية ولا نهاية
- بيسا - قصة قصيرة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمود درويش .. شاعر لا يموت