أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخميسي - كرة القدم .. الحاجة إلى البطولة














المزيد.....

كرة القدم .. الحاجة إلى البطولة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5642 - 2017 / 9 / 17 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أصارح القارئ، وأنا أتصدى للكتابة عن كرة القدم، أنني لا أفقه أي شيء في كرة القدم. في شبابنا كانت هذه اللعبة أيام جمال عبد الناصر وعاء ضخما يصب فيه حماس شعب بلا أحزاب للتواجد والمشاركة في شأن عام. وكان الشباب المثقف منا إزاء موقف من اثنين: إما الانغماس مع الملايين في الانفعال باللعبة، أو مقاطعتها والانغماس في اعلان المقاطعة طوال الوقت! في الحالتين كنت تجد أنك مشغول بما أرادوا لك الانشغال به. لذلك صرح توفيق الحكيم ذات مرة بقوله:"انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم"! لكن حدث ذات يوم أن كنا جالسين وكان معنا الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، لا أذكر عما كان يدور الحديث، أذكر فقط أنه نهض فجأة وأخرج من جيبه جاكتته راديو ترانزيستور، وكان ذلك الجهاز الصغير عجبة تكنولوجية أيامها، وجلس بعيدا عنا ووضع أذنه على الجهاز وراح يتابع باهتمام بث مباشر لمباراة بين الأهلي والزمالك! أذهلتني هذه الصورة في حينه. فقد كان الشرقاوي بالنسبة لي كاتبا يساريا مؤلف إحدى أروع الروايات" الأرض" وعدد من المسرحيات الشعرية التي أثارت ضجة ومنها جميلة بوحريد، والفتى مهران، وغيرهما. ذهلت من اهتمامه بكرة القدم إلي هذا الحد وأنا الذي كنت أعد اللعبة إلهاء للجماهير عن قضاياها! على مدى نصف القرن ظلت محفورة في ذاكرتي صورة الكاتب الذي أهمل الجميع وجلس بعيدا على طرف كرسي يتابع مباراة، ومحفور معها سؤالي: ما سر كرة القدم؟. تجدد السؤال مع مباراة مصر وأوغندا، فقد راحت الملايين تتابع المباراة في المقاهي والبيوت والشوارع، ووقف في الملعب ستون ألف مشجع يرددون النشيد المصري بأمل، وينتقلون من زئير الحماسة في الشوط الأول إلي الابتهالات الدينية في الشوط الثاني. قلت لنفسي لابد أن في كرة القدم شيئا لا أفهمه، سرا لا أعرفه، أبعد من تفريغ طاقة الجماهير السياسية في لعبة. اكتشفت أولا أن اللعبة قديمة جدا، فقد كتب هيرودوت أبو التاريخ عام 448 قبل الميلاد يقول: "عندما زرت مصر وجدت هناك لعبة تسمى لعبة الكرة، يصنعها المصريون من جلد الماعز، ويحشونها بالقطن أو القش، ويركلها اللاعبون بالأقدام بين فريقين يتنافسان حتى تصل الكرة إلى نقطة نهاية لتحتسب بعد ذلك هدفا". وتم العثور على نقوش فرعونية تصور نسوة يلعبن بكرات مستديرة، ثم وقع بين يدي كتاب جميل بعنوان" الرسائل المتبادلة بين كوتزي، وبول أوستر" ترجمة المترجم القدير أحمد شافعي. ومعروف أن كوتزي حائز على جائزة نوبل في الأدب، أما بول أوستر الكاتب الأمريكي فلا يقل شهرة، وتغطي الرسائل المتبادلة بين الاثنين قضايا عديدة منها موضوع الولع العام بالرياضة! يتساءل بول أوستر في خطاب لكوتزي:" ما السبب الذي يجعلنا– نحن الرجال الراشدين– نختار أن نهدر أصيل يوم أحد كاملا في متابعة أنشطة – خالية جوهريا من المعنى – يقوم بها رياضيون في ملاعب كرة نائية؟" ويجيب بول أوستر عن سؤاله قائلا: " لاشك أن في الرياضة مكونا سرديا قويا. نحن نتابع انحناءات الصراع ومنعطفاته لنعرف النتيجة النهائية.. ذلك قد يكون على علاقة وثيقة ببعض أنواع الأدب مثل روايات الإثارة والرواية البوليسية.. نعم الجانب السردي هو الذي يبقينا حتى اللعبة الأخيرة ، حتى دقة الساعة الأخيرة". يعتبر أوستر أن في الرياضة جانبا مشوقا كما في الحكاية التي تتابعها لتعرف النتيجة. ويرد كوتزي بقوله : " هناك احتياج إلي الأبطال تشبعه الرياضة.. ولو أنني نظرت إلي قلبي وسألت نفسي لماذا ما أزال مستعدا لقضاء الساعات في مشاهدة مباراة فسأقول إنني لا أزال أبحث عن لحظات البطولة، لحظات النبل، الشيء العبثي في أن غالبية الرياضة الاحترافية الحديثة تستجيب لتوقنا إلي البطولة بمنظر البطولة لا أكثر". ويفسر كوتزي ما يقصده بالبطولة في الرياضة قائلا : "حينما أرى لاعب تنس يضرب الكرة ضربة مذهلة عابرة للملعب، فإنني أفكر في أنني قد شاهدت في هذه الضربة عملا بشريا من ناحية ومن ناحية أخرى عملا يتجاوز القدرات الاعتيادية للبشر. أرى الضربة المذهلة فأبدأ أحسد هذا اللاعب، ثم أنتقل من الحسد إلي الإعجاب به، ثم أنتهى لا حاسدا ولا معجبا، بل فخورا بإدراك ما يمكن لانسان– بشر مثلي ومثلك – أن يفعله! إذ أرى أننا نحن أيضا قادرون على تحقيق المعجزات في التنس وفي الموسيقى وفي الشعر وفي العلم"! صحيح ما يقوله عن كرة القدم الكاتب الشهير إدوارد جاليانو : " إنها احتفال للعيون التي تنظر بسعادة إلي الجسد الذي يلعب"، لكن خلف احتفال العيون يبقى في كرة القدم التشويق الذي تتسم به الحكاية: كيف بدأت المباراة؟ كيف تطور الصراع؟ وبم انتهى؟، ويبقى تفسير كوتزي الأعمق لسر اللعبة : الحاجة إلي الشعور بقدرة البشر الخارقة على المحاورة والمداورة وتخطي الصعاب والوصول إلي المرمى! الحاجة إلي البطولة! لهذا يقف ستون ألف مصري يرددون بأمل النشيد المصري ويتابع الملايين المباراة في البيوت وفي المقاهي وفي الشوارع.
***
د. أحمد الخميسي. قاص وكاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسم في الليل - قصة قصيرة
- نجيب محفوظ .. حياة الأسطورة
- الطهطاوي والدين والمرأة
- المجلس الأعلى للثقافة وكرة القدم
- محمود درويش .. شاعر لا يموت
- الأزهر يكافح الكراهية والعنف
- أعذار متبادلة - قصة قصيرة
- - نيزافيسيميا الروسية - .. هل تعتذر واشنطن ؟
- الدين لله .. والمترو للجميع !
- الثانوية العامة في مصر : الموت أو النصر !
- ماذا نعني بلغة الشعب ؟
- اللغة بين التقديس والتحديث
- تسالي أدب على العيد
- مذكرات القديس مكتشف سعاد حسني
- رمضان على الطريقة الروسية
- خمسون عاما على جرح النكسة
- قطر صغيرة قد تشعل حربا كبيرة
- طلعت حرب .. نحن والماضي
- في المرأة يكتمل ظهور الحقيقة
- عبقرية عبد الوهاب وتهمة السطو الفني


المزيد.....




- فيديو لدخان يتصاعد من طائرة ركاب أمريكية بعد إقلاعها من لاس ...
- ترامب من قمة الناتو: قد نتحدث مع إيران الأسبوع المقبل وبوتين ...
- بلغاريا: الفهد الأسود لا يزال طليقًا بعد ستة أيام من البحث ا ...
- إسرائيل وإيران تحتفيان بـ-النصر-.. فمن هو الخاسر إذن؟
- -يوم صعب وحزين- لإسرائيل ـ مقتل سبعة جنود بعبوة ناسفة في غزة ...
- من الانقلاب إلى العقوبات.. محطات العداء بين طهران وواشنطن
- ماذا نعرف عن مصير اليورانيوم المخصب لدى إيران بعد الضربات ال ...
- مخزية ودنيئة.. إيران ترد على إشادة أمين عام الناتو بالضربات ...
- خسائر الاحتلال بغزة تزيد الضغوط على نتنياهو لوقف الحرب
- هل انتهت حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران؟ وما مكاسب كل طرف ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخميسي - كرة القدم .. الحاجة إلى البطولة