أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - إلى متى يُقتل الأقباط ؟














المزيد.....

إلى متى يُقتل الأقباط ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5671 - 2017 / 10 / 16 - 17:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان الكاتب الروسي العظيم أندريه بلاتونوف يقول:"الشعب من دوني ناقص"، كما أن موج البحر يظل ناقصا إذا فقد في اندفاعه قطرة واحدة. كان بلاتونوف يعني بذلك أن لكل حياة قيمتها الفريدة التي لا تتكرر، وأن لكل فرد دورا لا تعوضه كتل الحشود الغفيرة كما لا يعوض نغم الاوركسترا الضخم انقطاع وتر في قيثارة. وحينما أقرأ عن مقتل كاهن المرج القس سمعان شحاته يوم الخميس 12 أكتوبر فإن أول مايخطر لي ويحزنني أننا أضعنا حياة ثمينة لاندري إلي أي مدى كان يمكن لها أن تغني عالمنا ربما بكلمة محبة أو تربيتة عطف على كتف مكروب. بالفعل كان الكاهن سمعان( 45 سنة) في منطقة مدينة السلام لجمع تبرعات للفقراء، ومعه القس بيمن، وعندما أنهى الاثنان عملهما اتجها إلي سيارتهما ثم تنبه القس بيمن أنه نسي تلفونه في المكان الذي كانا به فعاد لاحضاره، وفي تلك الأثناء اتجه شخص يدعى أحمد السنباطي إلي السيارة حيث يجلس الكاهن سمعان وانهال عليه طعنا بسلاح أبيض، ثم استدار إلي القس الثاني وطعنه أيضا. لفظ سمعان شحاته أنفاسه ونجا بيمن بأعجوبة. في التحقيقات قال السنباطي إنه قتل الكاهن متعمدا لأنه:" يريد التخلص من الكفرة وتطهير الأرض"! قبل ذلك بأسبوع، يوم الجمعة 6 أكتوبر كان القمص ميخائيل تواضروس في سيارته بمحافظة قنا عندما فوجيء ببائع خضار يقذفه بثلاثة سنج ميزان موجها إياها إلي رأسه! وبعد أربعة أيام من التحقيق أفرج القاضي عن المجرم. أمست حوداث الاعتداء على الأقباط كثيرة ومتكررة، وفي معظم الحالات تصف الشرطة، والاعلام من خلفها، المجرم بأنه"رجل مختل عقليا" بالرغم من أن الشرطة ليست جهة طبية لتحكم على الحالة العقلية لأحد. وبالطبع فإن"فرد واحد مختل" أفضل بكثير من الاعتراف باختلال كل المنظومة القضائية والاعلامية والثقافية والتعليمية. المنظومة القضائية تحكم بالشريعة وحسب التقاليد وليس بالقانون في معظم حالات الاعتداء على الأقباط. في المنظومة الاعلامية وأخطر أدواتها التلفزيون ليس لدينا على ضخامة عدد الارسال برنامج واحد يقدم نماذج تجمع المسلم والمسيحي لتقوم بترسيخ مشاعر الوحدة الوطنية. برنامج يضرب للناس أمثلة على الأخوة العميقة التي ربطت نجيب محفوظ وسلامة موسى، أوالصداقة النبيلة التي ظلت بين اللواء باقي زكي صاحب فكرة هدم خط بارليف وزملائه المسلمين من الجيش، أو المحبة التي وثقت عراها بين د. محمد مندور ود. لويس عوض. برنامج يذكر بأغاني بديع خيري وسيد درويش " اللي الأوطان بتجمعهم عمر الأديان ما تفرقهم"! ما من برنامج تلفزيوني واحد ولا لحظة إعلامية واحدة تعمل في ذلك الاتجاه. وعلى ضخامة وترهل وزارة الثقافة ومؤسساتها فإنك لا تلمس أبدا أي خطة في ذلك الاتجاه، أعني التنوير المنتظم المتصل الدؤوب في المناطق النائية وفي أزقة المدن وحواريها، وتفتقد الوزارة كعادتها على امتداد تاريخها لأي خيال في ذلك المجال، فلا يخطر لها انشاء قافلة او عدة قوافل ثابتة بمسرحيات صغيرة يكتبها مبدعون خصيصا وأغنيات وقصائد ومشاهد من أفلام تجوب كل يوم المدن والقرى. وتتعامل الوزارة في ذلك المجال على أنها " مطبعة كتب"، أقصى ماتستطيعه طباعة كتاب أو إقامة ندوة بين جدران المجلس الأعلى المكيف الهواء. ومن الطبيعي في ظل كل ذلك التقصير والعجز الاعلامي والثقافي أن يثب لك شخص فيقتل أخاه المصري وهو يهتف إنه يريد " التخلص من الكفرة وتطهير الأرض" ولا وسيلة عنده لتطهير الأرض سوى بإغراقها في الدماء والكراهية والحقد وتحقير الآخرين ليل نهار. هذا كله متوقع ولن ينتهي بين يوم وليلة مادمنا لا نضع خطة شاملة وواضحة يندرج فيها التعليم الذي يعد حجر الأساس في تكوين العقل الارهابي. وقد طالبت من قبل ومازلت أطالب بإنشاء مادة جديدة في المدارس تسمى " القيم الدينية " تشرح القيم الأخلاقية المشتركة بين الدين الاسلامي والمسيحي. لا تكذب، لا تسرق. لا تزني، لا تقتل. أحب لأخيك ما تحبه لنفسك. احترم الوالدين. قدس أمك. لا تغش. كل هذه قيم مشتركة حينما تجمعها مادة واحدة سيجد التلاميذ ما يجمعهم وليس ما يفرقهم. أصبح من الضروري أن يتعلم التلاميذ أن " الله محبة " هي ذاتها " الرحمن الرحيم". هذا أو يظل الأقباط يقتلون في الشوارع، ويظل الشعب ناقصا من دون كل فرد ممن غابوا عنا، وغابت عنا مواهب وقدرات ومحبة كل منهم.
في انتفاضة 25 يناير كنت أنا وصديقي وأخي اسحق حنا، نصفق، نهز رؤوسنا طربا، واسحق ينظر إلي هاتفا على الايقاع بسعادة:" يا أحمد روح قول لحنا"، فأرد عليه ممتلئا بالأمل والفرح:" بكره بلدنا ح تبقى جنة". ومازلنا على هذا الأمل، أن يحل يوم يحاسب فيه المواطن على وطنيته ، لا على دينه لأن الدين لله والوطن للجميع. لقد عصفت بمصر غزوات كثيرة لم تحطمها ولا كسرت شموخها، واعتصرتها مجاعات تفوق في قسوتها كل خيال، لكن شيئا من كل ذلك لم يسحق زهرة الوطن، أما تجاهل حقوق الأقباط واغماض الأعين عن أسباب الفتنة الطائفية فإنه خطر حقيقي يستدعي وقفة مع ثقافتنا واعلامنا وتعليمنا ومع دمائنا التي تراق على الإسفلت.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب أكتوبر .. ذكريات للإبداع
- لماذا لم يخرج من الأخوان أديب أو فنان ؟
- كرة القدم .. الحاجة إلى البطولة
- اسم في الليل - قصة قصيرة
- نجيب محفوظ .. حياة الأسطورة
- الطهطاوي والدين والمرأة
- المجلس الأعلى للثقافة وكرة القدم
- محمود درويش .. شاعر لا يموت
- الأزهر يكافح الكراهية والعنف
- أعذار متبادلة - قصة قصيرة
- - نيزافيسيميا الروسية - .. هل تعتذر واشنطن ؟
- الدين لله .. والمترو للجميع !
- الثانوية العامة في مصر : الموت أو النصر !
- ماذا نعني بلغة الشعب ؟
- اللغة بين التقديس والتحديث
- تسالي أدب على العيد
- مذكرات القديس مكتشف سعاد حسني
- رمضان على الطريقة الروسية
- خمسون عاما على جرح النكسة
- قطر صغيرة قد تشعل حربا كبيرة


المزيد.....




- الملك تشارلز يجرد شقيقه أندرو من ألقابه.. ومصادر توضح لـCNN ...
- مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي وتأخير الساعة 60 دقيقة
- القضاء الأميركي يجمّد خطة ترامب لنشر الحرس الوطني في بورتلان ...
- فانس يبرّر قرار استئناف الاختبارات النووية: -ضمان لفعالية ا ...
- واشنطن تمنح الهند ستة أشهر إضافية لتسوية استثماراتها في مينا ...
- إسرائيل تعلن تسلم جثماني رهينتين من حماس والتحقق من هويتهما ...
- إعصار ميليسا يتجه نحو أرخبيل برمودا بعدما تسبب في هلاك 20 شخ ...
- هل ستقدم ماكدونالدز وجبات حلال للمسلمين في فرنسا؟
- النواب الفرنسيون يقرون مشروع قانون -يدين- اتفاقية 1968 مع ال ...
- بوساطة تركيا وقطر... باكستان وأفغانستان تتفقان على تمديد وقف ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - إلى متى يُقتل الأقباط ؟