عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 5640 - 2017 / 9 / 15 - 07:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عشرة رجال وإمرأة
الفارق بين الواقع والخيال الفنى فى العالم الإسلامى ، والعربى تحديداً ، وبإستثناءات قليلة ، أكبر من المساحات التى تفصل الكواكب والنجوم عن بعضها البعض، فارق مهول لايمكن قياسه إلا من خلال مدارس التحليل النفسى ، فرويد وشركاه. إنه بالتحديد الفارق بين أنين العقل الباطن ، وبين تخلف العقل الواعى وعجزه ، مساحة كبيرة قد تساوى ألف سنة من الحضارة، فمن الغريب أن تلك المجتمعات التى تحرم الحب ، هى أكثر المجتمعات تغنياً به ، وياليته ظل غناء الشجن المعذب الخجول كما جرت العادة ، لا ، فقد تحول إلى غناء الفيديو كليب اللامعقول ، الفيديو كليب الملئ بالنساء العاشقات ، التى تمرح مع عشيقها على الشواطئ وفى الغابات وحتى فى المضاجع ، بنصف ثياب أو شبه عارية ، لاتكاد أغنية فيديو كليب تخلو من هذا الخيال المجنون ، الذى لاوجود له فى الواقع.
فى الواقع ، لاوجود حقيقى للمرأة فى الواقع العربى والإسلامى ، فى المقهى وفى الندوة ، وفى السينما وفى الشارع، ليس هناك سوى عشرة رجال وإمرأة ، إذا وجدت ، الباقى معلبات جاهزة للزواج ، لمن يملك الثمن ، وفقط لمن يملك الثمن ، أى نظرة إليها تعنى جريمة تحرش ، ولانعرف من أين أتى مخرجو هذه الأغنيات بكل هذا الكم من النساء الفاتنات ، التى تمنح الحب مجاناً ، وتجرى نصف عارية مع عشيقها فى الشواطى والغابات وحتى فى المضاجع؟ إنفصام رهيب بين الخيال والواقع ، فهل الفن إنحلال ، أم أنه تعويض عن ذلك الجوع القاتل ، الذى ينهش روح المجتمع العربى والإسلامى ، ويجعل منه ذلك المحبط ، والعنيف ، والمتخلف عن العالم، بالطبع الفن ليس إنحلالاً ولكنه تعبيراً عن حاجات إنسانية مفقودة ، يجدها فى الخيال إن لم يجدها فى الواقع؟
فمالعمل ، هذا السؤال الذى يهز العالم دائماً ، كيف يمكن أن تنتهى قصة عشرة رجال وإمرأة ، كما إنتهت فى معظم ثقافات العالم ، نعرف أن العمل هو حرب طويلة الأمد مع المقدس الدينى الذى تجاوزه الزمن ، ولكن هل ينتظر الإنسان ، هل يصمد المجتمع ، هل يصمد أى مجتمع إنسانى لهذا الحرمان وهذا التناقض لفترة طويلة الأمد ، بالطبع لا ، فما العمل إذن ، هل يمكن للمرأة العربية والمسلمة أن تحل هذه المعضلة ، هل يمكن للمرأة العربية والمسلمة ، أن تخاطر بترك سوق الرقيق ، والنزول إلى سوق الحياة ، مهما كانت مخاطره ؟
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟