أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجواد سيد - ماريا














المزيد.....

ماريا


عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)


الحوار المتمدن-العدد: 5589 - 2017 / 7 / 23 - 03:47
المحور: الادب والفن
    


ماريا
إهداء/ إلى ماريا ، وزمانها الجميل !!!
كانت ماريا من آخر أجيال اليونان الذين ظلوا بمصر ، بعد أن أجبر ناصر الأجانب على الرحيل عنها. كانت فى حوالى العشرين من العمر، جميلة ، خفيفة الظل ، إجتمع فيها سحر الشرق والغرب ، كأى فتاة يونانية ، ترتدى الجينز بشكل دائم ، لكنها كانت تبدو دائما ، شديدة الأناقة ، وكأنها ترتدى ثوباً جديداً فى كل يوم ، كانت رحبة الصدر، تتقبل ضحكنا على لهجتها المصرية المكسرة ببساطة ، وكأنها كانت تعتبر ذلك ميزة ، وليس عيباً. لم أقصد أبداً أن أتقرب منها ولاهى قصدت ذلك ، ولكن فى كل يوم كان يمر، وبدون وعى منا ، كنا نقترب من بعضنا أكثر، حتى أصبح ذلك واضحاً للجميع ، وحدث ذات يوم أن تأخرت عن المحاضرة ، وإذا بها وبمجرد حضورى ، أن صرخت بتلقائية - إتأخرت ليه ، فضج الجميع بالضحك ، حتى المدرسة الإنجليزية ، وإحمر وجه ماريا خجلاً ، ومنذ ذلك اليوم ، لم يعد لدينا شك ، فى أننا قد أصبحنا أكثر من زملاء ، وكان على أن أتخذ الخطوة التالية!!!
كان بار مطعم الشاطئ بفندق سان إستفانو القديم ، قد أصبح مملكتى الجديدة ، بعد أن إحتل أبى وأصدقائه منزلنا بعد خروجه إلى المعاش ، كان مكاناً جميلاً هادئاً ، عبارة عن جزء مقتطع من المطعم ، يفصله عنه جداراً مشربياً من الخشب ، وباب صغير يدفع باليد ، ولم يكن مملكتى وحدى ، كان المتر فاروق وزميلى الكابتن فتحى يستقبلان أصدقائهما فيه أيضاً ، لكن أصدقائى ، أو ماتبقى منهم ، كانوا أكثر ، كان حسين قد رحل إلى السعودية ، ورحل حمدى إلى الكويت فى أثره ، وظل محمود وعلى والرفعتين ، وكانوا دائمى التردد على هناك . كان زبائن البار قليلى العدد ، فلم يكن هناك زبائن دائمين ، سوى لاعبى نادى الإتحاد السكندرى ، ومدير النادى ، المحامى النوبى عبدالله ، الذى إرتفعت إسهمه فجأة فى الإسكندرية فى ذلك الزمن ، لقربه من الحزب الوطنى الحاكم ، كانوا يأتون للإحتفال بالإنتصار إذا كسبوا مباراة ، ويأتون للنسيان إذا خسروا مباراة أخرى. كان هناك أيضاً طلبة المدرسة الأمريكية الواقعة بحى شدس ، ومعظمهم كان من أبناء الدبلوماسيين الأجانب ، كانو يقضون كثيراً من أوقات فراغهم هنا أيضاَ ، وفيما عدا ذلك كان الباقى مجرد زبائن عابرين ، وهكذا أصبح البار الهادئ مملكة مثالية أدعو إليها أصدقائى ، وإليه قررت أن أدعو ماريا ، وعقدت عزمى وتشجعت ، وفى أحد الأيام عرضت دعوتى قائلاً بكل ماأملك من رباطة جأش - لماذا لاتزورينى فى المطعم ، نتكلم شوية ، فوجئت بالدعوة وفكرت لدقيقة ، وكأنها تهم بالرفض ، لكنها أجابت بالموافقة، وهى تقول وعلى وجهها الجميل إبتسامة - صحاب بس ، فرددت خلفها - صحاب بس، وإتفقنا على اللقاء فى اليوم التالى!!!
جاءت ماريا فى الموعد المحدد ، حوالى السابعة مساءً ، كنا فى فصل الشتاء ، وكان البار خالياً من الرواد ، وهكذا منحنى القدر فرصة أن أستمتع بهذه الساعة الجميلة فى حياتى إستمتاعاً تاماً . جلست أمامى على كرسى البار المرتفع وهى ترتدى سويتر كثيف أسود فوق الجينزالمعتاد وقد زادت جمالاً ، ووقفت أنا أمامها على البار، وعندما سألتها ماذا تشرب - أجابت مرحة وهى تشير إلى زجاجات الخمر - بلاش دى ، أى حاجة ثانية ذهبت إلى المطبخ وأحضرت لها شاى ساخن ، وبدأنا حديثاً متفرقاً ، عن الدراسة والزملاء ، حتى زال التوتر وبدأت فى الحديث عن نفسها وعن أسرتها وكيف حضر أجدادها إلى مصر، ومن ظل بها ومن عاد ، ومن مات هنا ومن مات هناك ، وكيف أحب كل هؤلاء مدينتنا الجميلة ، وساهم فى عمرانها ، حتى ختمت ، وهى تتجنب لقاء عينينا - إحنا خلاص شوية ، لازم نتجوز من بعض ، ماما مش ممكن خلينى أتجوز مصرى ، كان الكلام موجهاً إلى بلاشك ، لكنه لم يؤلمنى فقد كان اللقاء نفسه يوحى بالألفة والقرب الشديد ، بحيث لم يكن من الممكن أن يكون لأى كلام آخر معنى ، لم أشعر بالإلم إلا عند إنصرافها ، فعندما حاولت تقبيل يدها ، رفضت برفق ، وهى تردد نفس العبارة - صحاب بس ، وخزت الكلمة قلبى وأدركت أنها كانت مجرد حلم ، مجرد قصة حب من ساعة زمن واحدة لن تتكرر، وأخذت كلمتها على محمل الجد ، وقررت أن لاأعاود المحاولة ، لكننى كنت مخطئاً ، فعندما إلتقيت بها فى المحاضرة التالية فى المركز البريطانى ، لاحظت بريق ندم وإعتذار فى عينيها ، لكنى لم أصدق نفسى ، وإلتزمت بالمكان الذى حددته لى - صحاب بس ، لكن بريق الندم والإعتذار ظل فى عينى ماريا وكأنه يسألنى - لماذا لاتحاول مرة أخرى ، لم أحاول مرة أخرى ، لم أمتلك الشجاعة فى الواقع ، وأخذ ذلك البريق فى عينى ماريا يتوارى يوم بعد يوم ، حتى إختفى إلى الأبد ، يوم ودعتها لآخر مرة ، بعد أن أدينا الإمتحان النهائى ، لكن ذكراه ظلت تعيش معى فى أغنية المطربة ميادة الحناوى ، ساعة زمن ، التى خرجت أثناء وجودى فى السعودية فى بداية الثمانينات ، حتى توارت الذكرى تدريجياً ، وإختفت بدورها مع الزمن!!!




#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)       Abdelgawad_Sayed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة الأقصى والهيكل
- إسكندرية ثانى
- السعودية وقطر والدرس الأكبر
- جيل يناير وجنون السلطة
- التنوير الأوربى ، والتنوير الإسلامى ، والمعركة الصفرية
- جامعة الدول العربية بين الحقيقة والخيال
- مقتطفات من ترجمة كتاب المصادر الأصلية للقرآن-سان كلير تيسدال ...
- القارة العجوز والشاب ماكرون
- الهولوكوست الإيرانى بين الحقيقة والخيال
- تاريخ مصر فى العصور الوسطى-ستانلى لين بول-الفصل السابع-صلاح ...
- تأملات فى لقاء السيسى-ترامب
- تاريخ مصر فى العصور الوسطى-ستانلى لين بول-الفصل الخامس-الخلف ...
- جامعة الدول العربية أم جامعة الشرق الأوسط؟
- نعم لإنضمام مصر إالى الناتو
- أبكار السقاف-رائدة الحداثة والتنوير
- نعم لإرسال قوات دولية إلى غزة وسيناء أيضاً
- مصر بين روسيا وأوربا
- ترامب وصراع الشرق الأوسط
- هدير مكاوى ، ورياح التغيير
- تاريخ البابوية القبطية المبكر-ترجمة عبدالجواد سيد


المزيد.....




- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالجواد سيد - ماريا