أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - ليلة نام فيها الأرق














المزيد.....

ليلة نام فيها الأرق


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5628 - 2017 / 9 / 2 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


ليلة نام فيها الأرق

لم تستطع النوم هذه الليلة أيضًا، شأنها شأن الليالي الكثيرة السابقة، رغم أنها استسلمت أخيراً لفكرة الامتناع عن تناول القهوة والشاي وغيرهما من المنبهات من بعد المغيب، كما نصحها العديد من الصديقات في محاولة احترازية لمنع الأرق من التطفل على أمنة ليلها، وإفساد صفوها مع أحلام بسيطة ما زالت على عهد قديم معها ...
كلما حاولت الارتخاء في أرجوحة الحلم بعد طول استغفار وتسبيح، قضّ مضجعها لسعة باردة من لسعات هذا السرير الذي ما زاره الدفء منذ أكثر من ثلاث سنوات، يوم غادره شريكها ليبيت في سريره البرزخي، تاركاً لها هذا المنزل الصّغير الذي حوى بين جنباته أثاثاً لحياة كانت دافئة يومًا ما، "لماذا تبرد الأماكن عندما يغادرها أصحابها ؟ "سؤال طالما طرحته على نفسها مراراً وتكراراً، لتستنتج أن الأماكن تستوحش لغياب المغادرين، وقد لا تعبأ بالباقين ...
راودتها فكرة قديمة، كانت أمّها رحمها الله تلجأ إليها لجعلها تنام في الليالي التي يهاجمها فيها الأرق بضراوة، وتعجز فيها أساليبها الترهيبية والترغيبية عن استجلاب النوم إلى عيني صغيرتها، بادرت إلى تنفيذها فوراً، - " يلزمني ثوب جديد، وحذاء جديد ".
تفتح خزانتها، وتصاب بالخيبة، فهي لم تشترِ ثوباً جديداً منذ أكثر من ثلاث سنوات، منذ توفي زوجها، خلت خزانتها إلا من الأثواب السوداء أو القاتمة، قامت بتصريف كل أثوابها الملوّنة، لماذا تزحم بها خزانتها طالما أنها لن تستخدمها؟!
لكنها لمحت ثوب زفافها، الدانتيللا الأبيض، كان كمّه قد علق بيدها وهي تدفع أثوابها تبحث عن قميص نوم مُزهَّر، تذكر أن ابنتها الوحيدة أهدتها إياه في عيد الأمّ الماضي ، احتفظت به دون أن ترتديه، وفِي نيّتها أن تبقيه لمن قد يزورها من قريباتها ...
أحسّت أن كمّ الفستان يتشبّث بيدها ويدعوها لإخراجه من سجنه، أخرجته، وضعته على جسدها الناحل، نظرت في المرآة، "لقد اصفرّ لونه قليلاً، سبحان الله حتى الملابس يجب أن تتنفس هواء الحرية بين الحين والآخر، حتى لا تتبدل خامتها، يجب أن تتنسّم عطر أصحابها وتلامس مساماتهم ، لتبقى منتمية إليهم، أيعقل أن يكون ثوب عرسي مازال مناسباً لجسمي بالمقاس ؟ " تحدّث نفسها أمام مرآتها، ثم لا تتردد، تنزع ثوبها القاتم، وترتدي ثوب العرس، " نعم ما زال مناسباً" الامتلاء الذي طرأ على جسدها بعد الزّواج ، ذهبت به السنوات الثلاث الأخيرة ". تمرّر يديها من فوق الثوب على تفاصيل جسدها، مازال قدّها مستقيماً مشدوداً، من دون كتل نافرة تفسد تناسقه ، حتى صدرها كأن الزمن ما مرّ عليه باصماً بتغيراته، بقي النهدان ثائرين لشابة في العشرينات، تتلمّس وجهها، وما زال وجه الخمسينية تكتسيه مسحة جمال طبيعي يحسدنها عليه الكثيرات ، ولعل الحزن قد أضفى عليه أيضاً شيئ من الوقار، فكان ملائكي الطلّة ...
-" حسناً يلزمني أيضاً حذاء جديد يناسب ثوبي ، تطلّ من أسفل الخزانة علبة، تسارع بإخراجها، تفتحها لتجد فيها حذاء ابنتها الذي انتعلته يوم خطوبتها، ليلة واحدة فقط، ثم كان مصيره هذه العلبة، أخرجته و انتعلته بحركات مسرحية وكأنها سندريلا تُمارس حقها بقياس فردة الحذاء التي خلّفتها وراءها، لتنال بعدها سعادتها الأسطورية .
-" نعم نعم، مناسب تماماً".
تبخترت بالثوب والحذاء جيئة و ذهاباً ، أشارت للمرآة بيديها الاثنتين، ضامة أصابعها الأربع بقبضة يد، مطلّقة فقط الإبهام باتجاه الأعلى، مع كلمة " نعم نعم ". وابتسامة فوز و رضى على محيّاها، لتعاود نزع الثوب والحذاء، تفرد الثوب على جانب السرير البارد، وتضع الحذاء في علبته، تستلقي على السرير، تحضن العلبة، وتمسك بكم الثوب تضعه على أنفها، وتغط في نوم عميق، كطفلة تحلم بمجيء العيد ...



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث لم يصل
- دراسة ذرائعية للناقد المغربي سعيد انعانع لقصيدة / هواجس اليأ ...
- يوم مت
- تحليل ذرائعي للنص القصصي-زيارة- للكاتب-حسن مزهار بقلم الناقد ...
- دراسة ذرايعية للناقدة المغربية سميرة شرف لقصيدة ( الحرية ) ل ...
- مساء استثنائي
- دراسة ذرائعية للناقد المغربي محمد الطايع لنص ( الغزل في المم ...
- فلسفة الزمن ببعديه النسبي والمطلق
- الموت شنقا
- الاقتران الإنساني بين الوطن والشاعر وبين العمق الأدبي والعمق ...
- السياب يبعث من جديد
- إشهار كتاب (الذرائعية في التطبيق)
- الصفعة
- قصيدة لم تكتمل
- شرعنة جنس أدبي جديد ( الموقف المقالي) ابتكار المنظر الأدبي ا ...
- إشهار المجموعة الشعرية ( ترانيم سومرية ) للمنظر العراقي عبد ...
- عندما يسكن الوطن في وجدان شاعر
- مقدمة مجموعة ( أجنحة المعاني) مجموعة موقف مقالي للأديب العرق ...
- فلسفة العشق والحياة في نصوص الشاعر الفيلسوف عبد الحبار الفيا ...
- مزدوجة المحسوسات العينية والمعنوية في قصيدة ( ساعير عينيك ان ...


المزيد.....




- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - ليلة نام فيها الأرق