سيناريو رعب نووي على الأبواب..

محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 5612 - 2017 / 8 / 17 - 22:41
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

"صبيحة يوم ربيعي مشمس ، كنا ثمانية أشخاص مجتمعين لاتخاذ قرار بإطلاق او عدم إطلاق قنبلة نووية فوق كوريا الشمالية.. حول الطاولة المثمنة الزوايا تعج بأقداح الشاي والأوراق بلغتنا على عجل الأخبار الأخيرة المرعبة، أن محاولة انقلاب سحقت للتو بالدم في بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية، وعلى ما يبدو انقسم الجيش الذي يضم مليون فرد الى فريقين، اتجهت حشود نحو المدينة واجتازت وحدات
مدرعة الحدود نحو سيول عاصمة كوريا الجنوبية، وقد أطلقت من الشمال صواريخ سكود لتضرب أهدافا في الجنوب ويبدو ان مجموعة مغاوير جنوبية تهاجم القواعد الأمريكية.
كوريا الشمالية كما نعلم مزودة بصواريخ متوسطة المدى وتعمل منذ سنوات لصنع قنابل نووية، وبما أن حكومتها قد سقطت الآن كما يبدو فإن بيونغ يانغ ستقوم بتفجير قنبلة نووية..في الساعة التاسعة وست وعشرين دقيقة بالتحديد انفجرت قنبلتان فوق منطقة تتمركز فيها مدرعات كورية جنوبية.. تبع ذلك أربع انفجارات نووية جديدة بعد ثلاث دقائق . ولم تمض نصف ساعة حتى هوجمت قوات كوريا الجنوبية بأسلحة كيميائية أطلقتها قطع مدفعية . لقد بدأت الحرب الكورية الثانية بانفجار نووي..
كانت مهمة فريقنا وفريقين آخرين عرض خيارات عملية على رئيس البيت الأبيض.. كان أمامنا خمسون دقيقة، لقد أزفت الساعة لمواجهة مسالة كان الجميع يأمل تجنبها: هل ينبغي الرد على كوريا الشمالية بالمثل، أي اللجوء الى السلاح النووي؟.. كان على طاولتنا امرأة شقراء ذربة اللسان تدافع عن فكرة الرد بأسلحة نووية على الفور،وكانت محاطة من جانب بامرأة سمراء ناحلة تزم شفتيها محتفظة بإطلالة مشؤومة، ومن الجانب الآخر برجل ناحل هو الآخر وله شاربان رماديان مشذبان بعناية ، الثلاثة من مخابرات ( cia) وكان ثمة شخص رابع رجل يرتدي سترة زرقاء وبنطالا رماديا ويعقد ربطة عنق عسكرية ينصح بالتروي ، انه عميل سابق في ( cia ) رجل قصير القامة سمينها وذو شعر مجعد عضو في مكتب أمين الدفاع يتفحص كل اقتراح مظهرا سيئاته، وقد أوصى متخصص نووي وجهه كوجه اللعبة باستخدام خيارات غير نووية . لكن شابا جامعيا من بيركلي رد عليه مدافعا عن قناعته بأنه لو وجهت ضربة قوية مباشرة لوفرت في النتيجة عددا من الضحايا البشرية . وكان يجلس حول الطاولتين الأخريين عسكريون وعملاء استخبارات وعلماء سياسة ومنظرو قرار ومتخصصون آخرون، تفحصوا جميعا بنفاذ صبر الملفات ، وكان لديهم مثلنا سيل من الأسئلة ينتظرون طرحها:
- تحت سلطة من هي حقيقة، كوريا الشمالية؟ أي فريق، ماذا يريدون بالفعل؟ من أمر باستخدام السلاح النووي ؟ الم يتبق أي حل دبلوماسي؟ هل على أمريكا أن تبدأ بإرسال قوات تقليدية محذرة كوريا الشمالية من أن استخداما جديدا للسلاح النووي سيعرضها لرد من النوع نفسه؟ أم أن وقت التحذيرات قد مضى؟ إذا اخترنا السلاح النووي ، أي طراز من الأسلحة نستخدم!. كيف نقذفها؟ انفجار فوق الأرض ؟ (لا. سيوقع عددا ضخما من الضحايا البريئة). قاذفات ؟ صواريخ متوسطة ؟ صواريخ عابرة للقارات بالستية يخشى ان ترعب الروس والصينيين ، هل ينبغي ضرب كل الأهداف العسكرية؟ ام هدف واحد؟ هل ينبغي استهداف تحصينات القيادة؟ .. الدقائق مرت ، والساعات المحتومة دقت.. والحالة هذه سلاح نووي أم لا.
لحسن الحظ لم يتخذ احد هذا القرار المشؤوم. الحرب الكورية الثانية لم تكن إلا خيارا.. سيناريو التمرين هذا بأكمله ما كان سوى لعبة مجموعة تفكير – بشكل أكثر دقة تمثيل- مرصودة لتحضيرنا لأزمات نووية محتملة. وكانت مجموعة أخرى منكبة لمعالجة المسألة نفسها في مقر قيادة الناتو في بروكسيل، وكذلك متخصصون في السلاح النووي في أوكرانيا وكازاخستان اللتين تمتلكان سلاحا نوويا." (*)
على وقع حال أرخبيل شبه الجزيرة الكورية وجوارها المشتعل عمليا اليوم كما نرصده عن كثب من خلال شبكات الميديا العالمية، هل يتحقق جزء من هذا السيناريو المفترض للرعب النووي الذي شارك في تمثيله الباحث الأمريكي آلفن توفلر مع مجموعة من خلية عمل متخصصة قبل أزيد من عقدين من الآن؟ وهل ينهار الأمن والسلام النسبي المحقق على كوكب الأرض حتى الآن على يد الرئيس الأمريكي المتهور دونالد ترامب ونظيره في بيونغ يانغ اللذين أدخلا العالم في مغامرة غير محسوبة العواقب، ويدخل بذلك العالم بأسره في شتاء نووي يصل به إلى النهاية المحتومة؟!!
-------------------------------
(*) هذا النص مقتبس من كتاب الحرب والحرب المضادة الحفاظ على الحياة في القرن المقبل للباحث الامريكي ألفن توفلر- (ص 275 – 277)

#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل