|
شعب من حجارة الشطرنج
شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 17:13
المحور:
القضية الفلسطينية
في المعارك الطاحنة تُنسى الكثير من الضحايا ، وفي الخصومة والمنافسة السياسية أيضا يتم تجاهل الضحايا ، المواطن العادي البائس الغير محسوب على أي طرف من أطراف الخصومة غالبا ما يكون ضحية الصراعات بشتى أنواعها ، ويعتبره السادة عبدا عليه أن يتحمل نتائج قراراتهم وأفعالهم مهما بلغت من السوء بحقه أو بحق وطنه ، هذا المواطن من الدرجة الثانية ، الملزم بتطبيق اللوائح المفروضة عليه ، وتنفيذ الأوامر مهما كانت ظالمة . أما المواطن الفلسطيني فهو في نظر القيادة والأحزاب ليس مواطنا من الدرجة الثانية فحسب ، بل هو مجرد حجر شطرنج ، لا يملك حتى حق الصراخ أو الاعتراض ، يحرّكونه إلى المكان الذي يريدون ، يسقط حين يخطئون ، يتلاشى تماما أمام صخب الجماهير التي تتفرج على استعباده وقهره . ما يجري في هذا الوطن أسوأ من الاستعباد ، المناكفات التي تحدث بين قطبي الساحة الفلسطينية أصبحت جبلا يجثم على صدر الشعب الفلسطيني ويدمر كينونته ، وما بين قرارات رام الله المجحفة و مكابرة غزة البائسة ، تسقط الضحايا ، تنقطع الأرزاق ، يحشر الناس في الزاوية ، وينتظرون هلاكهم حين تنفد سبل المماطلة في صراع رخيص دام عشر سنوات ودفع الشعب الفلسطيني ثمنه من دمه وعمره وخيرة أبنائه . وفي خضم كل تلك المعمعة ، وفي ظل انشغال الجميع بإجراءات أبو مازن بحق موظفي غزة معتبرا ذلك تضييقا على حماس ، تنسى قضية الموظفين البائسين الذي قطعت رواتبهم بتقارير كيدية ، ولم يعملوا مع حكومة غزة ، ولم تنصفهم حكومة رام الله ، ظلّوا معلقين ينتظرون العدل ، لكن العدل غائب تماما عن هذه البلاد ، فما أسهل الظلم ووقوعه ، وما أصعب أن تنصف مظلوما ، وكم كان سهلا أن تأخذ السلطة قرارا بإحالة الآلاف للتقاعد الإجباري ، وكم كان سهلا قبل ذلك أن يتسبب عنصر فاسد وحاقد يكتب التقارير الكيدية بقطع رواتب الآلاف من أبناء هذا الشعب المقهور ، استطاعت السلطة منذ فقدانها السيطرة على غزة أن تعاقب أبناءها بيسر وسهولة دون أي خطأ أو ذنب ،حظهم العاثر أنهم وقعوا بين شقي الرحى ، وباتوا حطبا لتنور الصراع بين فتح وحماس ، ولم ينصفهم أحد ، عدد كبير من الموظفين الذين قطعت رواتبهم بعد وقوع الانقسام الدامي لم يقبلوا بالعمل لدى أي جهة خارج السلطة الوطنية الفلسطينية ، وصبروا وتحملوا كل الظروف والأسى ، ولم يتذكرهم أحد ، لم ينصفهم أحد ، لم يفكر أي مسؤول أن يحارب من أجل قضيتهم ، حتى أقرانهم من الموظفين خشي كل منهم العقاب والظلم فالتزم الصمت ولم ينصف أخاه ، فأكلوا يوم أكل زملاؤهم ، نهشتهم أنياب الظلم كما نهشت إخوانهم ، لا شك أن الأسى يحيط بالجميع جراء ما يحدث بحق الموظفين والاختناق الذي تسببت به الخصومات ، والمعاناة التي سيعانونها في المرحلة القادمة ، لكن كان عليهم تذكر أن من يصمت عن سفك دم أخيه سرعان ما سيأتي اليوم الذي يسفك فيه دمه ، ومن صمت عشر سنوات عن الظلم ، فما الذي سيجديه صراخه الآن حين صار مظلوما ؟ لم يكن أحد قلبه على الآخر ، لم يكترث أحد كيف يعيش زميله الذي قطع راتبه منذ عشر سنوات ، كان يتدبر أموره ويعيش في نوع ولو بسيط من الرغد والاستقرار المالي ، ولم يفكر بأن هنالك آلاف الأسر المقهورة المظلومة ، المطحونة ، بسبب تقرير كيدي كتبه حاقد لعين ، تسبب بقطع رواتب معيلي تلك الأسر . لا أعرف حقا هل يجب التباكي على حقوق عشر سنوات لموظفين تم اضطهادهم وظلمهم زورا ، أم التباكي على تقاعد وخصومات وقعت بحق الآخرين ، أعتقد أن من قطع راتبه منذ عشر سنوات حين يشعر بالأسى على الناس أكثر من شعوره بالأسى على نفسه ، فذلك يرجع لصموده طوال هذه السنوات ، لم يسقطه الظلم ولم يذل لأحد ، فإن كان العباد ظالمين فالله العدل ، لا يظلم أبدا ، المنصف الذي يغنيك عن سؤال الآخرين . وهذا الظلم الذي وقع فيه أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة ، الذين طحنتهم رحى الشقاق بين فتح وحماس ، ليس بقادر على ردّه إلا الله عز وجل ، لن ينهيه أبو مازن ولا هنية ، ولا أي دولة ولا تفاهمات ولا تدخلات ، هذا الوطن وهذا الشعب بحاجة لمعجزة إلهية تخلصه من الظلم الذي يحاصره ويقتله منذ سنوات طويلة ، ودوام الحال من المحال ، وكم سجل التاريخ من أحداث أسوأ مما نعيشه بكثير وتجاوزتها الشعوب وداست الظلام وفرضت النور الذي حلمت به طويلا وتحقق لها ما أرادت ، وبدأت مستقبلها بذكريات الضحايا الذين كافحوا من أجل غد مشرق .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بطانة الرئيس بين عملقة وتقزيم الخصوم
-
غزة التي تؤرق العالم!
-
قُلْ يا وردُ ما تشاء
-
عملاء ولكن،،،
-
دعوةٌ للخاتمة
-
غزة ولعنة الاتهامات
-
عشرٌ في النار
-
ليت الريح لم تهمد
-
انتصرنا !! ، وأمرنا لله
-
حالة حب
-
خمس على هامش الوطن (ج7)
-
ليتك لم تكن أنت
-
أيلول المع والضد
-
خمسٌ على هامش الوطن(ج6)
-
الفصائل الفلسطينية وأزمة المصداقية
-
خمسٌ على هامش الوطن(5)
-
عند انعطاف البحر على الصواري
-
التجربة الماليزية بطابع فلسطيني
-
المصالحة الفلسطينية بين الفرحة والتوجس
-
سامحنا يا فيكتور
المزيد.....
-
مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه
...
-
-أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
...
-
يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات
...
-
سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
-
سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
-
أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
-
البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
-
قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو
...
-
ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
-
رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|