أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - -نعمات قدورة- حكاية من حكايات تل الزعتر !!!.














المزيد.....

-نعمات قدورة- حكاية من حكايات تل الزعتر !!!.


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 5604 - 2017 / 8 / 9 - 18:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


لو قُدّر لتل الزعتر أن يفتح ملفاته يوماً ويزيل قشرة الصدأ والقيح عن جراحاته ويروي حكاية ابنائه، ممن كتبوا تاريخ المخيم الاسطورة بدم الوريد، وأقاموا من اجسادهم متاريس تحمي نساء المخيم واطفاله الحفاة العراة بين الجثث المحروقة واجساد محاربين لا يملكون هوية الا بطاقة العودة لم توقّع بعد.
بين الرحيلين ليس اكثر من عقد من السنوات اثقلها الهمّ,وأصابها بالتخمّة الوجع والموت والحصار. عشر سنوات تفصل بين حرب المخيمات وسقوط تل الزعتر عام 1976 تلك المجزرة التي نفذّها خدمة للعدو الصهيوني فرسان العروبة وأبطالها. تلك احداث تراجيدية صنعت ابطالا اسطوريين يعجز عنهم الوصف، وتقصر الصفات. كانت في العقد الثالث من العمر، رمحا من رماح بني مازن الانسانة والمرأة المولودة في سحماتا في الجليل الفلسطيني عام 1945 نعمات محمود قدورة، كانت فتاة يافعة حين سقط زوجها أحمد في تل الزعتر شهيدا، في العقد الرابع وفي نهايته من العمر الذي توزعت سنواته كحبات الذرة على ارض، وزوايا المخيم واوحاله ودروبه حين خسرت في مخيم شاتيلا ولدها عصمت، امرأة تمتلك شجاعة كل الرجال فلم تنكسر شوكتها يوما ولم تنهزم.
كانت هي الحفّار والدفّان والقارئ على شاهدة القبور. والمنتفعون من نكبتنا يساومون خلف الابواب المغلقة على بيع بقايا الوطن الذي لا يعني بالنسبة لهم شيئا ما دامت قصورهم عامرة تظل وكنوزهم لم تمسّ واعضاؤهم سليمة معافاة لم يُصبها التشّوهُ تحافظ على جماليتها وخلقتها الربانية، حيث السماء انطبقت على الارض تسحق الفلسطيني المشرّد بلا هوية وطن وتدق عظمه حدّ النخاع.
كان سقوط مخيم تل الزعتر في 12 آب 1976 علامة فارقة في حياة سكان المخيم وفي حياتها بشكل خاص. ان حصاراً لمخيمٍ سكانه عزّل من كل شيئ الا إيمانهم بأحقيتهم في العيش أفرز بطولات تصّنف في باب الخرافةِ اذا ما قورنت وقيست بآلة القمع والموت، فقطعُ مياه الشرب عن اهل المخيم الذي دفع ثلاثة آلاف من ابنائه شهداء، بسبب الموقف الانساني دفع نعمات لأن تتحدى القناصة الذين وجدوا فرصة اصطياد ضحاياهم في اولئك الذين طلبوا السقاية، فالموت عطشاً في أرض فجرّ الله فيها كل العيون والانهار أمر يرفض المرء تصديقه، ولكي لا تتكرر مأساة الحسين بن علي الموت عطشاً تدرّعت نعمات المرأة والانسانة التي تخشاها حتى قيادات الثورة الفلسطينية واصحاب المسؤولية في الدولة المعروضة في مزادات الثوار، بالموت وغامرت بحياتها من أجل سقاية أُناس محاصرون بالموت عطشاً، فكانت تتسلل ليلاً الى حنفيةً الماء المصيدة وعيون القناصة ترصد وتترصد القادم الى الماء كي تزخّه بالرصاص وحيث قتل عندها العشرات وجرح المئات، في ظاهرة تدخل في باب التحدي وتسقي العطاش. فكانت بذلك انموذجاً يستحق التقدير والاعجاب والاقتداء.
ما كنت أُولي هذه الإنسانة هذا القدر من الاهتمام لو لم أجد فيها تفرّداً في المواقف وصلابةً فاقت ادّعاءات كل الامعات والمزاودين في الحانات الليلية، وجبروتِ منحها قوة التحدي، لكنّه جبروتٌ اصطدم بوحشية أبطال القومية، لكنها ظلت قامة لم تتردد في خياراتها يوما ولم تتراجع وذلك نابع من ثقتها بأن الغد قادم لا بدّ.
تحية وفاء لك منّا نعمات... وفي حضرة نعمات الإنسانة، لا أنسى أبا الطيب المتنبي في قولته:
مَنْ يَهُنْ يَسهَلُ الهوانُ عليه
ما لِجُرْحٍ بميْتٍ إيلامُ




#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشائر عرب فلسطين يفتتحون المقاومة اللبنانية بعد الاجتياح
- عن وداع قائد العمل الإنساني في مخيم شاتيلا
- عملية ميونيخ 1972.. الوقائع والأشخاص وتفاصيل الخديعة
- الحِبرُ جَفَّ
- وجَفَّ الحِبرُ
- زمن العقارب ... سفرهم طال !!!
- أوراقٌ ضائعةٌ
- ذاكرة الدم في صبرا وشاتيلا : عن ابو سلمان الذي لم يخذله حمار ...
- محمود سعيد أدار الى جهة الليل ظهره !!!
- أنيس صايغ... قامة لم تنحن يوماً
- ذاكرة الدّم ، في صبرا وشاتيلا
- اذا حان وقتها ، ستدكُ عروشٌ ويُداس طغاةٌ !!!
- ناجي العلي / لو غاب او تغيّبَ !!! من يمسك الريشة والقلم !!!
- ذاكرةُ الثّلجِ ...!!!
- أنْجزَ ما عليه وَرحلَ
- عندما لا يستمعُ أحدٌ لندائِكَ سِرْ بمفردِك !!!
- هان الرحيلُ حتى تساوى به النسيانُ !!!
- عشيرة عرب السواعد
- الطلاق !!!!!!!
- عشيرة عرب القليطات / الخريشات


المزيد.....




- هل يعيد تاريخ الصين نفسه ولكن في الولايات المتحدة؟.. وما علا ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يناقش مشروع قانون ترامب للإنفاق وسط انق ...
- محكمة إسرائيلية توافق على تأجيل جلسات محاكمة نتانياهو في قضا ...
- يضم معارضين سياسيين ومواطنين أجانب... القصف الإسرائيلي يلحق ...
- فرنسا تعتزم أداء -دور محوري- في مفاوضات النووي وطهران تبدي - ...
- مشاهد للجزيرة توثق قصف مسيّرة للاحتلال فلسطينيا يحمل كيسا من ...
- ماذا تعرف عن إنفلونزا العيون؟
- الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب
- غزة تنزف منذ 630 يوما.. إبادة ممنهجة ومعاناة لا تنتهي في ظل ...
- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - -نعمات قدورة- حكاية من حكايات تل الزعتر !!!.