أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - أوراقٌ ضائعةٌ














المزيد.....

أوراقٌ ضائعةٌ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 4787 - 2015 / 4 / 25 - 19:54
المحور: الادب والفن
    


للحزن مواسم، وللفرحة أخرى. يفيض الحزن بغير مواسمه، يكتسح الفرحة من فوق الوجنات. ينطفئ خافتاً بريق العيون، وتحلّ سحنة من لونٍ رماديٍ تغطيّ بلونها ما يحيط بها. تموت السنابل عرائس في غير مواسمها ويهاجر الحبّ غريباً وراء دفء القلوب، وخفقة الروح وبريق الأعين، فما عادت هناك نواميس تفتح أقفالها وتشرّع شبابيكها. تنير جنباتها، وتغسل قيعانها من عتمة كالطاعون داهمت ساحتها.
صدأ يرقد في الأغوار، يقتل وهج الروح وتألقها فتتعطلّ عجلات العمر، والذاكرة تسافر حافية في المجهول بحثاً عن عزاء، ولا مغيث سوى الخيال.
بين الضاربين في الأرض سعياً وراء الحلم وناموس الحياة صداقةٌ قِدم الأرض، تحالفٌ مقدس يحكمه عهد على عدم الخصومة ولو لساعة. كليل الصحراء الشتوي، حين تكون الروح في وكر الحبّ وترتمي شبقاً يقاسمها في محنتها قنديل زيتيّ يهتك سر الليل بومضته، فتغفو في حضن الرغبة واللوعة أسرار ويخبّ الغرباء عن أوطانهم في ليل الاسفار بحثاً عن وسادة ورصيف.
تتشظّى الذاكرة. تبحر في المجهول حافيةً، تستأنس بظلمتها. تبحث عن وطن يسافر في حقيبة. تتلاشى الرؤى ويتغير طعم الاشياء ولونها، بينما تغيب الأسباب. فعندما ترحل العيون في مزدحم التذكر، تستفيق في الرأس كلّ الملامسات الشفافة، حتى تلك التي لم تبرعم أو تُزهر. أشياء كثيرة تنتمي لخانة الأحداث في غمرة التعب والفرح، وأخرى علقت بدمائنا كرائحة الجسد الطفولي.
فبين النسيان والتشتت ثمةّ مساحة تضيق مرّة وتتسع أخرى، مزهوة تبدو وضبابية تغدو. وفي الحالتين يحار العقل في البحث عن مخرج لما هو فيه من عيٍّ ومن عجز، فكلاهما يكدّ الذاكرة المكدودة أصلاً.
بسبب انشغال الذاكرة بأكثر من محور، يخبو بريقها وتخفت حدّتها، فيدبُّ النسيان إليها دبيبَ الخدر إلى الجسم، ويزحف كما التصحر، فتمسي قحفةً خربةً تشكو وحدتها وحالها. فتتلاشى صور وتنمحي، وتولد أخرى وتضمحل، وما بين الولادة والرحيل تشدّ اليد على هواء، تلك هي الحصيلة، فراغُ اليد وليس سوى ذلك.
ويبقى النسيان نعمة وبلوى، يذهب بالذاكرة نحو منحدرات لا يستطيع أحد إيقافها، فالذاكرة في هذه الحالة إبحار في يباس، والوقت قيظ، ولا مسعف سوى الذاكرة نفسها، وحتى التسجيل والتدوين لا يخلق تلك البرك الصافية من الغبطة.
بات إجبار الذاكرة على الاستعادة والتذكر عمليةَ تعذيب في مسار الموت البطيء.
فالدرب الذي سلكه الإنسان يضعه أمام جروحه مرات ومرات، في الضيق والانشراح، تلك معادلة كانت وما تزال غوراً عميقاً تجذّر وسال في العروق منذ الصبا ولا يزال.
تكثر الأوراق الضائعة، وننسى أين أضعناها. بعض الأوراق الضائعة عندما أعثر عليها أُعيد قراءتها لأكتشف أن العالم قد تغيّر.
أعلم أنها موجودة ولا أعرف مكان وجودها، ليت للأوراق لسانٌ يفصح عندما ننادي تلك الأوراق لتُذكّرنا عندما نريد التذكر ونحن نفكر أين أضعناها؟



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة الدم في صبرا وشاتيلا : عن ابو سلمان الذي لم يخذله حمار ...
- محمود سعيد أدار الى جهة الليل ظهره !!!
- أنيس صايغ... قامة لم تنحن يوماً
- ذاكرة الدّم ، في صبرا وشاتيلا
- اذا حان وقتها ، ستدكُ عروشٌ ويُداس طغاةٌ !!!
- ناجي العلي / لو غاب او تغيّبَ !!! من يمسك الريشة والقلم !!!
- ذاكرةُ الثّلجِ ...!!!
- أنْجزَ ما عليه وَرحلَ
- عندما لا يستمعُ أحدٌ لندائِكَ سِرْ بمفردِك !!!
- هان الرحيلُ حتى تساوى به النسيانُ !!!
- عشيرة عرب السواعد
- الطلاق !!!!!!!
- عشيرة عرب القليطات / الخريشات
- عشيرة عرب الهيب / المرادات
- عشيرة عرب الحميرات
- عشيرة عرب السويطات
- عشيرة عرب الطوقية
- عشيرة عرب المواسي
- عشيرة عرب العرامشة
- عشيرة عرب الجنادي


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - أوراقٌ ضائعةٌ