أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - اللاأدرية (الفصل الاول)















المزيد.....

اللاأدرية (الفصل الاول)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017 / 7 / 28 - 23:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اللاأدرية (الفصل الاول)
اعداد وتحرير: داود سلمان الكعبي
الفصل الاول: جذور اللاأدرية التاريخية

وقبل الخوض في المبحث، نبدأ اولاً بمعنى ومفهوم اللاأدرية، ومن ثم نبحث عن جذورها التاريخية.

تعريف:
اللاأدرية نظرية تنكر كلياً أو جزئياً إمكان معرفة العالم. وقد استخدم الاصطلاح لأول مرة العالم البريطاني توماس هكسلي.
وتطلق اللاأدرية على كلّ مذهب أو نظريّة أو تصوّر أو موقف ينكر كلياً أو جزئياً إمكان معرفة العالم معرفة حقيقيّة، أو قدرة العقل على البتّ في المسائل الماورائيّة مثل وجود الله ونهاية الكون وخلود الروح.
واللاأدرية أو الأغنوستية (بالإنجليزية: Agnosticism) مُصطلح مشتق من الإغريقية (αγνωστικισμός)، حيث الـ «α» تعني «لا» وتعني «المعرفة أو الدراية»، وهي توجه فلسفي يُطلق على إحدى فرق السوفسطائية عند العرب ويهدف إلى إنكار قيمة العقل وقدرته على المعرفة، ويُؤمن بأن القيم الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة ولا يمكن لأحد تحديدها، خاصة تلك المتعلقة بالقضايا الدينية وجود الله من عدم وجوده وما وراء الطبيعة، والتي تُعتبر غامضة ولا يمكن معرفتها. وتختلف الأغنوستية عن الغنوصية، فالأولى تعني نفي وجود يقين ديني أو إلحادي، بينما الثانية هي نزعة فكرية صوفيةـ عُرفت في القرنين الأولين من العهد المسيحي بخاصة، تمزج الفلسفة بالدين، وتستند إلى المعرفة الحدسية العاطفية للوصول إلى معرفة الله.
وقد اكتشف لينين الجذور الابستمولوجية (المتصلة بمبحث المعرفة) للاأدرية، وقال أن اللاأدري يفصل الجوهر عن مظهره، وأنه لا يمضي لأبعد من الأحاسيس، ويبقى بعيدا عن الظواهر ويرفض أن يعترف بشيء على أنه أصيل بخلاف الأحاسيس. ويفضي موقف التوفيق الذي تتخذه اللاأدرية بمؤيديها إلى المثالية. وقد ظهرت اللاأدرية في صورة الشكية في الفلسفة اليونانية، واكتسبت شكلها التقليدي في فلسفة هيوم وكانط. ومن أشكل النظرية اللاأدرية نظرية الرموز الهيروغليفية. وتنتشر اللاأدرية على اتساع في الفلسفة المثالية المعاصر، وقد خلص زعماء المذهب الذرائعي (البراجماتي) والمذهب الوضعي الفلسفة الكانطية من "الشيء في ذاته" وحاولوا أن يثبتوا استحالة معرفة العالم كما يوجد في ذاته. وتنطلق اللاأدرية من محاولة للحد من العلم ورفض التفكير المنطقي، وشد الانتباه بعيدا عن إدراك القوانين الموضوعية للطبيعة، وخاصة قوانين المجتمع.

ثانياً: الجذور التاريخ للاأدرية

من خلال بحثنا لجذور مصطلح اللاأدرية، وجدنا أن موطأ قدم في الفلسفات القديمة، وهنا سنستعرض هذه الفلسفات.

الفلسفة الهندوسية
كان هناك تقليد قوي من التنظير الفلسفي والشكوكي على مر تاريخ الهندوسية. اتخذ الريجفدا موقفًا لا أدريًا بشأن التساؤلات الأساسية: على سبيل المثال «من خلق الكون ولماذا؟ من خلق الآلهة ولماذا؟». وتقول الناساديا سكوتا، والمعروفة أيضًا بترنيمة الخلق، في الكتاب العاشر للريجفدا:
من لديه علم اليقين؟ من يمكنه الفصح عنه؟
من أين نشأ؟ من أين بدأ الخلق؟
إن كانت الآلهة موجودة عقب خليقة العالم
إذن فمن يعلم أصلهم؟
لا أحد يعرف من أين جاء الخلق
أو إن كان المعبود خلقها أم لا
وحده، من يتأمل السماوات العلى
وحده يعرف، أو ربما لا يعرف.

الفلسفة اليونانية

ظهر الفكر اللاأدري، في صورة الشكوكية الفلسفية، كموقف فلسفي رسمي في اليونان القديمة. ويأتي من بين أبرز ممثليه كل من بروتاجوراس وبيرو وكارنياديس وسيكستوس إمبيريكوس، وإلى حد ما يأتي إلى جانبهم سقراط، الذي كان مدافعًا قويًا عن دراسة نظرية المعرفة من منظور تشككي.
قال بيرو أنه ينبغي علينا الامتناع عن إصدار الأحكام، حيث أنه لا يمكننا الجزم مطلقًا من الواقع الحقيقي. وإن وجود رأي ما هو أمر جائز، ولكن ليس بداعٍ المعرفة أو اليقين.
كان كارنياديس أيضًا مشككًا في كل ثوابت المعرفة، وعلى الرغم من أنه اقترح نظرية الاحتمالات، إلا أن اليقين يظل دائمًا صعب الوصول إليه. ومن جهته، رفض بروتاجوراس الأوصاف التقليدية للآلهة حيث قال:«فيما يتعلق بالألهة، ليس لدي أية وسائل لمعرفة وجودهم من عدمه، أو إلى أي جنس ينتمون؟ فإن هناك أشياءً كثيرةً تسببت في حجب المعرفة منها غموض الموضوع وقصر الحياة البشرية».

هيوم وكانت وكييركيجارد

وضع كل من أرسطو وأنسلم كانتربري وتوما الأكويني ورينيه ديكارت حججًا في محاولة لإثبات وجود الله بعقلانية. بينما أقنع المنهج التجريبي التشككي ديفيد هيوم وتناقضية إيمانويل كانت والفلسفة الوجودية لسورين كيركغور العديد من الفلاسفة اللاحقين إلى التخلي عن هذا الأمر، حيث اعتبروا أنه من المستحيل بناء أي دليل دامغ بوجود إله أو عدمه.
وكتب كيركغور في كتابه شظايا فلسفية عام 1844: "دعونا نسمي هذا الكائن غير المعروف بالله. والذي منحناه إياه ما هو إلا مجرد اسم فقط. في بعض الأحيان، يراود العقل الرغبة في معرفة ما إذا كان ذلك الإله المجهول موجود أم لا. لو كان غير موجود، سيكون من المستحيل إثباته، وإن كان موجودًا، سيكون من الجنون إذن إثباته. وحينما بدأت مرحلة التحقق، افترضت أنه شيء مسلم به، وليس باعتباره شيئًا مشكوكًا في أمره، حيث أن هذا الافتراض لا يمكن تحقيقه. على النقيض، هناك افتراض لم يبدأ بعد، ولكن مفاده وبكل بساطة، يؤول إلى أنه في حالة عدم وجود الإله، فسيستحيل وجود كل ذلك. ولكن، بالمقابل، لو فكرت في تعبير إثبات وجود الله، فعليّ إثبات أن الكائن المجهول هو الله.
وبذلك، أعبر بطريقة محبطة إلى حد ما عن ذلك، موضحًا عدم قدرتي على إثبات شيء، ولا حتى فكرة الوجود، ولكن قمت بتكوين منظور مفاهيمي".

ويليام ستيوارت روس

استخدم الاسم المستعار صلاح الدين في كتاباته. دافع عن اللاأدرية بوصفها استكشافًا روحانيًا غير حاسم معارضًا لإلحاد تشارلز برادلاف. أكد في كتابه لماذا أنا لا أدري؟ أن اللاأدرية هي عكس الإلحاد تمامًا.

روبرت إينجرسول

أصبح المحامي والسياسي روبرت جرين إينجرسول من ولاية إلينوي متحدثًا شهيرًا بالولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وعُرف بأنه اللاأدري الأعظم، حيث قال في خطابه عام 1896 بعنوان لماذا أنا لاأدري: "هل هناك قوة خارقة للطبيعة وعقل تعسفي وإله مُنصَب وإرادة عليا تحرك الأمواج والتيارات في العالم، والتي تقدسها كل الأسباب؟ أنا لا أنكر ولا أعرف، ولكني لا أعتقد. أنا أؤمن بأن الطبيعة هي العليا، وأنه لا يمكن لأي حلقة أن تضيع أو تنكسر بداخل أي سلسلة لا نهائية، وبأنه لا يوجد هناك قوة خارقة للطبيعة تسمع صلواتنا، وبالمثل لا توجد أي قوة سوى العبادة تمكن إقناعنا أو تغييرنا، وبأنه لا توجد أي قوة تهتم الإنسان. أنا مؤمن بأن الطبيعة تحتضن الجميع بأذرعها اللانهائية، وبأنه لا يوجد تدخل أو صدف، وأن هناك أسبابًا ضرورية ولا تُعد وراء كل حدث، والتي يجب أن تُخلف الآثار الضرورية التي لا تحصى. هل هناك إله؟ لا أعلم، هل الإنسان خالد؟ لا أعلم. ولكن ما أعلمه هو أنه لا يستطيع كل من الأمل والخوف والإيمان والإنكار تغيير الواقع. إن الواقع كما هو، وسيكون كما ينبغي أن يكون".
ولخص إنجيرسول موقف اللاأدرية قائلًا: «بإمكاننا أن نكون صادقين بدلًا من أن نكون غير ذلك، وعندما نُسأل عن هل هناك ما هو غير معروف وراء الأفق، ينبغي لنا أن نقول أننا لا نعرف».

برتراند راسل

يُقدم مقال لماذا لست مسيحيًا لبيرتراند راسل، والمستند على إحدى خطاباته عام 1927، والذي ضمنه لاحقًا في كتاب بنفس الاسم، عرضًا كلاسيكيًا للاأدرية.
طلب راسل من قرائه أن يقفوا على أقدامهم وينظروا بصورة حيادية ومباشرة للعالم بأسلوب جريء وبعقل منفتح.
وعرّف نفسه بوصفه ملحدًا في كتابه وجود وطبيعة الله عام 1939، قائلًا: «إن وجود وطبيعة الله هو موضوع يُمكن تحليله فقط من المنتصف. فإذا توصل أحد لاستنتاج سلبي بخصوص الجزء الأول من السؤال، فإن الشق الآخر لن ينشأ. وموقفي، كما لاحظتم، هو سلبي حيال تلك المسألة». ومع ذلك، أكد بالمقال نفسه بخصوص تحليل المفاهيم الحديثة وغير المجسمة للإله: «ذلك النوع المعبودي، كما أعتقد، لا يمكن دحضه في الواقع، في حين أن يُمكن ذلك مع الخالق القاهر والمحب للخير».
وفي مقال آخر باسم هل أنا ملحد أم لا أدري؟: نداءًا إنسانيًا للتسامح وجهًا لوجه مع العقائد الجديدة عام 1947، عكس راسل مسألة كيفية تسمية نفسه فائلًا: "كفيلسوف، إذا كنت أخاطب جمهورًا فلسفيًا بحتًا، ينبغي عليّ أن أصف نفسي بأني لا أدري، حيث أنني لا أعتقد أن هناك حجة قاطعة من قبل أي شخص تُثبت أنه ليس هناك إله. ومن ناحية أخرى، إذا كنت أريد إيصال الفكرة الصحيحة إلى الرجل العادي في الشارع، أعتقد أنه ينبغي عليّ القول بأنني مُلحد، لأنني حينها سأخبره بأنني غير قادر على إثبات عدم وجود إله، بالإضافة إلى أنني لا أستطيع إثبات عدم وجود آلهة هوميروسية".
وكتب راسل في مقاله ما هو اللاأدري عام 1953: «يعتقد اللأدري أنه من المستحيل معرفة حقيقة بعض القضايا مثل الإله أو الحياة الأخرة بعد الموت مثل التي تؤمن بها المسيحية وبعض الأديان الأخرى. وإن لم يكن مستحيلًا، فعلى الأقل هو كذلك في الوقت الحالي». وأضاف لاحقًا: «أعتقد بأنني إذا سمعت صوتًا من السماء يتنبأ بما سيحدث في الأربع وعشرين ساعة القادمة، بما في ذلك الأحداث التي قد تبدو بعيدة الاحتمال، ثم وقعت هذه الأفعال بالفعل لاحقًا، ربما سأقتنع حينها، على الأقل، بوجود قوى استخباراتية خارقة».

هاكسلي واللاأدرية

توماس هنري هاكسلي (بالإنجليزية: Thomas Henry Huxley) ـ (4 مايو 1825- 29 يونيو 1895) عالم أحياء بريطاني. هو ابن لمعلم رياضيات. وهو جَد جوليان هكسلي (1887 – 1975) الإخصائي في علم الحيوان والفيلسوف والمربي والكاتب، ولجوليان دور كبير في تأسيس اليونسكو. وهو أيضاً جد الروائي والشاعر الإنجليزي ألدوس هكسلي.
وفي خطاب مكتوب إلى تشارلز كينجسلي في 23 سبتمبرعام 1860، حلل هكسلي آراءه على نحو واسع قائلًا: "أنا لا أؤكد ولا أنفي إشكالية خلود الإنسان. ولا أملك سببًا لأؤمن بها، ولكن، من ناحية أخرى، لا أملك وسائل لدحضها. ليس لي أي اعتراض على بداهة هذا المذهب. لا أحد يتعامل يوميًا وبشكل دائم مع الطبيعة يستطيع أن يعاني من صعوبات البداهة. أعطني تلك الأدلة التي تبرر لي الإيمان بأي شيء آخر، وسوف أؤمن به. لماذا لا يجب أن نصدق؟ حتمًا إنه شيء رائع مثل الحفاظ على القوة أو فناء المادة، لا جدوى من التحدث معي بشأن التشبيهات والاحتمالات. أنا أعي ما أعنيه حين أقول أنني أعتقد في قانون التربيع العكسي، ولم ترتكز حياتي وآمالي على قناعات ضعيفة ، شخصيتي هي الشيء الوحيد الأكثر ضمانًا، والذي أعلم أنه قد يكون صحيحًا. ولكن محاولتي أن أتصور كينونته يقودني إلى اللفظيات الدقيقة المجردة. لقد استطعت أن أتغلب على كل هذا الفيض من الأنا واللا أنا والنومينون والظاهرة، وكل ما تبقى من ذلك. وفي كثير من الأحيان، لا يمكن تجاهل التفكير في تلك المسائل، حيث يتعثر العقل البشري بالقرب من أعماقها".
وقد صرح مجددًا في المكتوب ذاته عام 1863: "لم يكن لدي أدنى تعاطف مع أسباب البداهة ضد الأرثوذكسية، وبالرغم من أنني أكن بطبيعتي وميولي كل الكراهية الممكنة تجاه جميع مدارس الملحدين والكفار، إلا أنني، رغمًا عني، ينطبق عليّ وبدقة كل ما يمكن وصفه بالمسيحي، وبقدر ما أستطيع أن أرى بحق الكافر والمُلحد. لا أستطيع أن أرى ظل أو ذرة دليل على أن العظيم المجهول الكامن وراء الظواهر الكونية سيكون مفيدًا لنا في علاقة بين الأب الذي يحبنا ويرعانا كما ذكرت المسيحية. وهكذا بالنسبة للعقائد المسيحية الكبيرة الأخرى مثل خلود الروح والحالة المستقبلية للثواب والعقاب، أي اعتراض أستطيع أن أبديه لتلك العقائد؟ أنني مضطرًا للإيمان بخلود ما نسميه المادة والقوة، وبحالة راهنة لا نخطئ للثواب والعقاب على أفعالنا. أعطني أي دليل وسأكون على استعداد لقبوله بكل حماس".
وحول أصل كلمة لا أدري، قال هكسلي التفسير التالي لشرح موقفه: "عندما وصلت لمرحلة النضج الفكري، وبدأت أتساءل عما إذا كنت ملحدًا؛ مؤمنًا أم مؤمنًا بالكون وخالقه؛ ماديًا أم مثاليًا؛ مسيحيًا أم مفكرًا حرًا؟؛ اكتشفت أنه كلما تعلمت وتأملت كلما كانت الإجابة أبعد؛ حتى استنتجت في نهاية المطاف أنه ليس لدي مهارة أو أي جزء من كل تلك المسميات إلا الأخيرة. إن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه معظم هؤلاء الناس الطيبون هو ذات الشيء الذي أختلف عليه معهم. لقد كانوا متأكدين من بلوغهم مرحلة الغنوصية، وأنهم قد نجحوا تقريبًا في حل مشكلة الوجود؛ بينما كنت متأكدًا نوعًا ما من أني قد فشلت في تحقيقه، وكنت على قناعة قوية أنها مسألة لا يمكن حلها. وبوقوف هيوم وكانت إلى جانبي، لم أستطع أصدق أن أتجرأ على تبني هذا الرأي بتلك السرعة وبذلك تأملت واخترعت ما رأيته عنوانًا مناسبًا يحمل اسم لا أدري. وجاء في فكري إيحاءً مناقضًا غنوصيًا من تاريخ الكنيسة، والتي أعلنت معرفتها الكثير من الأشياء ذاتها التي كنت أجهلها في النهاية، أنا راضٍ تمامًا لقبول هذا المصطلح.
وقد استخدم توماس هكسلي مصطلح اللاأدرية لأول مرة عام 1869، في خطابه أمام الجمعية الميتافيزيقية لشرح فلسفته، والتي رفضتها كل تصريحات المعرفة الروحية والغموضية. وسبقه قادة الكنيسة المسيحية في استخدام الكلمة الإغريقية (gnosis)، والتي تعني المعرفة لوصف المعرفة الروحية، حيث أنه لا ينبغي خلط اللاأدرية مع المذاهب الدينية المخالفة للتيار القديم للغنوصية؛ وبدوره، استخدم هكسلي مصطلح اللاأدرية بمعنى أوسع وأكثر تجريدًا؛ حيث عرَّف اللاأدرية على أنها ليست عقيدة مسيحية، ولكنها منهج بحث شكوكي معتمدًا على الأدلة. ومؤخرًا، استُخدام مصطلح اللاأدرية في المؤلفات العلمية ذات الصلة بعلم الأعصاب وعلم النفس، للإشارة إلى المعنى غير المعروف. أما في الأدب التقني والتسويق، فقد تم استخدامه بمعنى الاستقلال عن بعض الوسائط، مثل البرمجيات والأجهزة المستقلة.
ووفقًا للفيلسوف ويليام ليونارد روي، فإن اللاأدري هو هذا الشخص الذي لا يُؤمن ولا يكفر بالذات الإلهية، بينما المؤمن هو الذي يؤمن بها، والملحد هو الذي يكفر بها. وتختلف اللاأدرية عن الكفر؛ حيث أن الإلحاد هو الكفر بالإله، في حين أن اللاأدرية هي مجرد تعليق الإيمان. في عام 1869، صاغ عالم الأحياء البريطاني توماس هنري هكسلي مصطلح اللاأدرية، وقبل ذلك، كانت هناك بوادر عدة لبعض المفكرين بالترويج لوجهات النظر اللاأدرية بالأعمال القديمة، مثل الفيلسوف الهندي سانايا بيلاتابوتا في القرن الخامس قبل الميلاد، فيما يتعلق بوجود أي شكل من أشكال الحياة البرزخية. والفيلسوف الإغريقي بروتاغوراس، في القرن السادس قبل الميلاد، ورأيه حول الديفات ونشأة الخلق، وهي جزء من النص المقدس ريجفدا، أحد النصوص الهندية القديمة التي تعود إلى الفترة من 1200 إلى 1500 قبل الميلاد حول نشأة الكون. وقد كتب العديد من المفكرين بتوسع في هذا الموضوع منذ وضع هكسلي لمصطلح اللاأدرية.
يعتقد توماس هنري هكسلي أن «اللاأدرية ليست عقيدة، إنما هي طريقة يكمن جوهرها في التطبيق الدقيق لمبدأ واحد. وهناك منظوران فيما يختص بمسائل الفكر، أولهما الإيجابي، الذي يشير إلى مبدأ اتبع عقلك لأبعد مدى
بغض النظر عن أي اعتبار آخر؛ ثانيهما السلبي، الذي يؤول إلى أنه لا تسلم بصحة ثبوتها من عدمه». ووفقًا لويليام ليونارد روي، فإن اللاأدرية هي موقف فلسفي يؤكد أن الإنسانية تفتقر للأسس المنطقية الضرورية لتبرير أي معتقد، وهي المتعلقة بإثبات الذات الإلهية أو نفيها.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاأدرية (الفصل الثاني)
- نيتشة يفتي بجهاد النكاح!
- الاوائل في الفلسفة والعلوم(2)
- الاوائل في الفلسفة والعلوم(1)
- هل لل -عقل- وجود حقيقي؟!
- فلسفة الشك لدى المعري (1)
- الله في فكر عمر الخيام 23/ 25
- الله في فكرعمر الخيام: المقدمة
- الله في فكر عمر الخيام21/ 25
- -الجبن والخور- في مفهوم مسكويه الحكيم
- محمد عبد الوهاب... واللاأدرية
- اللاأدرية وايليا ابو ماضي وعبد الوهاب
- ارسطو: الرق نظام طبيعي
- سقراط يُقتل بفتوى التكفير
- ابن تيمية شخصية نكوصية(5)
- علم نفس الفتوى: ابن تيمية خريج سجون(4)
- تعريف -علم نفس الفتوى-
- علم نفس الفتوى: فتاوى ابن تيمية انموذجا (3)
- علم نفس الفتوى: فتاوى ابن تيمية انموذجاً(2)
- علم نفس الفتوى فتاوى ابن تيمية انموذجاً(1)


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - اللاأدرية (الفصل الاول)