أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - سرديّة اللفتاوية والواقع الفلسطيني














المزيد.....

سرديّة اللفتاوية والواقع الفلسطيني


عبدالله دعيس

الحوار المتمدن-العدد: 5592 - 2017 / 7 / 26 - 16:59
المحور: الادب والفن
    


عبدالله دعيس:
سرديّة اللفتاوية والواقع الفلسطيني
صدرت سرديّة "اللفتاوية" للكاتب المقدسي جميل السلحوت عام 2017 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتقع السردية الموجّهة لليافعين والتي صممت غلافها رشا السرميطي ويحمل لوحة للفنان محمد نصر الله في 64 صفحة من الحجم المتوسط.
قد يُختزل تاريخ وطن وقرية وعائلة في شخص امرأة عمل الزمن في وجهها حتى علته التجاعيد، وفي جسمها حتّى نحل ولم تعد تستطع القيام أو القعود، لكنّ روحها تتّقد بالعطاء، وقلبها يفيض بالحبّ والوفاء، وثوبها المطرّز يختزل في عروقه تاريخ وطن ضاربة جذوره في أعماق التّاريخ. هذه المرأة التي قد لا نلقي لها بالا، أو قد تساء معاملتها ساعة عجزها، أو قد يُنظر إليها باستخفاف، لهي بحقّ أغنى من كتب التّاريخ، تنطق بالحكمة، وتفيض بالحبّ والرّحمة، القرب منها مغنم، والإحسان إليها برّ؛ فهي منبع العطاء، فيها أصالة تراب الوطن وعذوبة مائه.
يجسّد الكاتب في هذه السرديّة الموجّه للأطفال اليافعين، شخصيّة امرأة فلسطينيّة من قرية لفتا، عاصرت النكبة في شبابها، ثمّ أنشأت أسرة في لجوئها، صابرة على ضيم الغربة وذلّ الشّتات، ثمّ أصبحت وحيدة بعد موت زوجها وتفرّق أبنائها من حولها، لكنّها ما زالت تحمل في قلبها الحبّ والعطاء لعائلتها، وتتشبّث ببقايا ذكريات من قريتها، وتتفانى في حبّ أبنائها وأحفادها وحبّ القدس ومسجدها الأقصى. ويستغلّ الكاتب هذه الشّخصيّة ليعطي الدروس للأطفال اليانعين ويجعلهم يستخلصون العبر، في ثوب سرديّ ممتع ومشوّق، وبلغة تناسب سنّهم وأحداث اجتماعيّة تتكرّر أمام أعينهم في حياتهم اليوميّة، لكنّه يلفت انتباههم إلى ما وراء هذه الأحداث، وإلى العلاقات الاجتماعيّة المتشابكة والتي قد تؤدّي إلى سوء معاملة الوالدين أو التّقصير بحقهما.
جوهر هذه القصّة هو برّ الوالدين والإحسان إليهما، خاصّة في كبرهما وضعفهما. يصف الكاتب شعور المرأة التي يموت عنها زوجها وتجد نفسها وحيدة غير مرغوب بها من أبنائها، الذين أذبلت فتيل عمرها من أجلهم، تسهر الليالي الطّوال تطبّبهم وتعتني بهم وهي ترجو لهم الحياة، بينما يتلهّى عنها بعضهم عندما تصبح بحاجته، أو يخدمها وهو يتمنّى لها الموت والراحة من العناء.
ويبيّن الكاتب، لقرّائه الأطفال، اختلاف طبائع البشر ونظرتهم للأشياء، من خلال المواقف المختلفة لزوجات أبناء اللفتاويّة تجاهها، ثمّ ينتصر لعنصر الخير في كلّ منهن، ويرسم الصّورة الحسنة التي يجب أن تكون لهؤلاء النّسوة، وهنّ في نهاية القصّة يتسابقن لخدمة المرأة العجوز وتقديم العون لها. وأحداث هذه القصة هي صورة واقعيّة لما يحدث في كثير من العائلات، قد يراه الأطفال بأعينهم في حياتهم اليوميّة، لكن الكاتب يصوغه بأسلوب أدبيّ ممتع ويلفت نظرهم إلى مواطن العبرة فيه.
ويشير الكاتب إلى كثير من عادات وتّقاليد العائلات الفلسطينيّة في القدس وقراها قديما وحديثا، فيذكر عادات الأعراس وبعض الأكلات التراثيّة كالمفتول، ويعرّف الناشئة بها، ويذكر العديد من الأمثال والأقوال الشعبيّة. وكذلك يبيّن الكاتب ارتباط المقدسيّين قديما وحديثا بالمسجد الأقصى المبارك، كونه جزء من حياتهم اليوميّة، وارتباطهم العقديّ والوجدانيّ به، ويلفت النّظر إلى المخاطر التي تحيط به من الاحتلال الصهيونيّ، واعتداء المحتّل الهمجيّ على الأطفال، وعدم رحمته بالكبار. ويتحدث الكاتب خلال أحداث القصّة عن تاريخ قرية لفتا وكارثة تهجيرها.
تتمسّك اللفتاويّة بذكريات بلدتها لفتا التي هجّرها الاحتلال في العام 1948، وتحتفظ بمفتاح بيتها مثلها مثل كلّ اللاجئين الذين ينتظرون العودة إلى الوطن ويزداد حبّهم وتمسّكهم به كلّما مرّت السنون، ولا تتخلّى عن هذا المفتاح إلا لتنقله إلى أحفادها، وتنقل إليهم حبّ الأرض والإصرار على العودة، لتنتقل إلى الآخرة وهي قريرة العيْن وقد رأت برّ أبنائها بها، ثمّ رأت فيهم روح المقاومة والأمل بالعودة إلى الوطن السليب.



#عبدالله_دعيس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طير بأربعة أجنحة وكيفية التعامل مع المراهقين
- وسادة عش الدّبابير وحكمة الشّيوخ
- رواية الحنين إلى المستقبل
- رواية -قلبي هناك- والعشق
- مشاعر خارجة عن القانون والتّغيير
- في رحاب القدس لسمير سعدالدين
- رواية أبو دعسان والهجرة الدّاخلية
- أسرار القدس مع نسب أديب حسين
- رواية لنّوش والتّربية الصّحيحة
- العاطفة في ديوان -لاجئة في وطن الحداد-
- زغرودة الفنجان وفضح العمالة
- -الطائرة الورقية-ومبادرات الأطفال الخلاقة
- شريف سمحان وسرديّة أيلول الأسود
- الضعف والبطولة في رواية برج اللقلق
- الأنا والآخر في الرواية الفلسطينيّة
- بورسلان وصناعة -الديمقراطية-
- سلمان ناطور مترجما عن العبرية
- تأمّلات فيصلية في اليوم السابع
- تأمّلا فيصليّة والواقع
- رواية البلاد العجيبة ومزج الخيال بالواقع


المزيد.....




- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...
- المخرجة اللبنانية منية عقل تدخل عالم نتفليكس من خلال مسلسل - ...
- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله دعيس - سرديّة اللفتاوية والواقع الفلسطيني