أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - الغرب أمام التطرف والإرهاب الإسلاميين..















المزيد.....

الغرب أمام التطرف والإرهاب الإسلاميين..


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1453 - 2006 / 2 / 6 - 11:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت قد دعيت للمشاركة في ندوة فينا التي افتتحت في 21 يناير الماضي حول الأصولية والإرهاب وما اعتدنا تسميته ب"حوار الحضارات." وقد اعتذرت لعدم تمكني من الحضور لمتاعبي الصحية، ولكنني أرسلت لهم خلاصة تلفزيونية للبحث الذي أعددته للمناسبة. وكان العنوان أعلاه هو محور بحثي.
لابد للقارئ المتابع تذكر سلسلة مقالات لي تخص الموضوع عند عرض بعض الكتب الفرنسية الجديدة الهامة عن نشاط الأصوليين والإرهابيين في فرنسا خاصة، وامتداد نشاطاتهم لخارجها. وبينت الوثائق والمحاكمات والتقارير الأمنية دور خلايا الإرهاب الإسلامي بفرنسا في إرسال الانتحاريين لأفغانستان والبوسنة والشيشان، واليوم للعراق حيث قتل هناك واعتقل العديد منهم. وكان الزعيم الأفغاني الراحل مسعود شاه ضحية إرهابيين فرنسيين من أصل جزائري فجرا الزعيم الأفغاني قبل يومين من جرائم نيويورك وواشنطن بعد انتحال صفة صحفيين.
إن العنف الأصولي في الغرب يمتد للثمانينات وفي فرنسا أولا، ثم في أواسط 1995 بتفجير محطات مترو باريسية، ثم جاءت الجرائم الكبرى في 11 سبتمبر، وأعقبتها تفجيرات مدريد ولندن. وقد أشرت في بحثي لدور الكثير من المساجد في الغرب في نشر الدعايات الأصولية التي تكفر غير المسلمين وتعتبر البلدان الغربية دور حرب وكفر يجب العمل لإعلاء راية الإسلام فوقها. وفي بعض المساجد الفرنسية كان يجري تجنيد الإرهابيين. وبلغت وقاحة داعية إسلامي سفيه في لندن للإعلان بكونه يعتبر أوروبا مجرد "مرحاض" يقضي حاجته فيها! إلا أن هذا النوع من التبشير الأصولي المكشوف والدعوة العلنية للعنف ليس النوع الوحيد في تكتيك التنظيمات الأصولية ودعاتها؛ فالتقية السياسية تكتيك تمارسه كافة مدارس الإسلام السياسي بمذهبيه، وذلك وفقا للظرف وموازين القوى. إن هناك أساليب للدعوات الأصولية هي غير مباشرة ومراوغة زئبقية، وممثلها البارع هو الداعية طارق رمضان، حفيد مؤسس الإخوان المسلمين في مصر، والموصوف بالاعتدال، والذي، ويا للعجب، وظفته الشرطة البريطانية بعد تفجيرات لندن ليكون أحد مستشاريها للشؤون الإسلامية. وفي كتاب "الإسلاميون هم فعلا بيننا"، الذي صدر عام 2002 في باريس، معلومات عن نشاط مركز جنيف للدراسات الإسلامية الذي كان يديره طارق رمضان مع شقيقه . فقد كان عام 1991 ينظم اجتماعات وندوات حضر بعضها أيمن الظواهري، وعمر عبد الرحمن الذي كان الرأس المدبر لخطة تفجير المركز التجاري الدولي عام 1993. ومن الأفكار التي كان رمضان يروجها هي أن على المسلم أن لا يقبل قيما تخالف العقيدة الإسلامية وقيمها، وهذه دعوة مبطنة لانتهاك القوانين الغربية العلمانية وواجبات المواطنة في بلدان يحملون جنسياتها.
إن الحقيقة هي أن ما راج وصفه بصدام الحضارات هو صراع بين القيم لأن الحضارة المعاصرة، كما أكد الدكتور محمد عبد المطلب الهوني وأيده الدكتور عبد الخالق حسين، هي حضارة إنسانية واحدة. إنها حضارة حقوق الإنسان والفكر الحر والإيمان بالعقل والعلم. وإذا كان الغرب حاضنة ومركز هذه الحضارة، فإنها حاضرة أيضا خارج دول الغرب وبدرجات وأشكال مختلفة. إن قيم هذه الحضارة هي احترام الإنسان وحريته ومعتقداته وحقوقه، واحترام المرأة والإيمان بمساواتها بالرجل، والتشجيع على الفكر النقدي حيث أن معارفنا عن الحقيقة الموضوعية نسبية. إن هذه القيم الإنسانية، التي نجد مركزها في الغرب، تحملها أيضا وتطبقها شرائح وأوساط عديدة في البلدان والقارات الأخرى، ومنها شرائح الساسة والمثقفين العلمانيين في العالم الإسلامي رغم الحصار الذي تفرضه عليهم الحكومات و الأصولية الغازية المستفحلة.
إن الحمى الغوغائية الأخيرة حول بعض الرسوم المسيئة دليل صارخ وكبير آخر على مدى معاناة الدول الديمقراطية الغربية من قيم العنف والتطرف الإسلاميين حتى داخل أراضيها، وبرغم تنعم المسلمين في هذه الديار بكل وسائل وفرص العيش الكريم وحرية المعتقد. إن المتنمرين من المسلمين على الغرب وهم غائصون في نعمه يكشفون عن حقيقتهم الدموية التي لا علاقة لها بالرسوم، حين يهددون في مظاهرات لندن ب11 سبتمبر أوروبية، ويرفعون لافتات تقول" اقتلوا من يشتم الإسلام"، ومنهم من لبس حزاما يشبه الأحزمة الناسفة. إنهم مع ذلك يريدون أن يتحمل دافعو الضرائب الغربيون أعباء المليارات التي تضخ للمسلمين الغربيين، عونا صحيا واجتماعيا وسكنا وعملا، ناهيكم عن الحريات القصوى وغزو الحجاب! يريد المتطرفون ودعاتهم أن يعلنوها حربا شاملة بحجة رسوم نشرتها صحيفة ما، بينما هم يدعون في المساجد والمظاهرات لقتل الغربيين وتفجير مؤسساتهم ورفع لافتة "الإسلام فوق الجميع". حرب من أجل رسوم وحرية الدعوة للعنف والقتل، ومع ذلك يعيشون في "بلاد الكفر" و"العدو" ولا يتورعون عن أخذ مساعداتهم وكأنها مجرد جزية!
إن هناك كما نرى ثلاث جهات أساسية استغلت القضية لإشعال الحريق وتأجيج الشارع المسلم واستغلال جهل وحماس ومشاعر عامة الناس:
الطرف الأول يتمثل في التنظيمات والشبكات الأصولية المتطرفة، وخصوصا أتباع القاعدة. فالتنظيمات الأصولية في الغرب هي التي أشعلت النار إذ وجدتها خير فرصة للمزيد من الهيمنة على عقول وعواطف المسلمين وللتأكيد على أن هناك حربا صليبية على الإسلام، وبأن الغرب بل والمسيحية كلها أعداء الإسلام. وتستغل القاعدة هذه المناسبة لتجنيد المزيد من الانتحاريين لإرسالهم للعراق، ولتنفيذ مزيد من عمليات الإرهاب في الغرب. كما أن الأصوليين المتطرفين ينفسون في هذه الفرصة عن أحقادهم حول قوانين العلمانية والحجاب، وعن المرارة من حرب تحرير العراق، والموقف الغربي من فوز حماس.
أما الطرفان الآخران فهما النظامان السوري والإيراني اللذان يتخذان من قضية محصورة، كان يمكن حلها في حينه باللجوء للقانون الدانيماركي، لتصفية الحسابات مع الدول الغربية، كل لحسابات خاصة به. وقد أحسن الدكتور شاكر النابلسي بتنبيهنا للظرف السياسي الذي فجروا الفتنة فيه، وذلك بعد مرور شهور على الرسوم، وهو ظرف فوز حماس وموضوع القنبلة الإيرانية. ويجب أن نضيف بالنسبة لسوريا قضية اغتيال الحريري والموقف الدولي منه ولاسيما الموقفين الفرنسي والأمريكي. إن أكبر دليل على وجود البعد السياسي للفتنة الغوغائية الحامية هو أن أكثر ردود الفعل عنفا وهيجانا وتطرفا كانت في دمشق وطهران وغزة المرتبطة [حماسها] بكل من سوريا وإيران. فحرق الأعلام والسفارات، والاعتداء على مكاتب الاتحاد الأوروبي الذي لا علاقة له أصلا بأي كاريكاتير، يدلان على أن الأطراف المذكورة استغلت عواطف الشارع لمآربها السياسية: السوريون غاضبون لموقف الغرب والمجتمع الدولي من دور النظام السوري في مقتل الحريري، ناهيكم عن التضامن مع إيران والقلق من سقوط صدام. أما إيران فهي تنتهز الفرصة لإثارة غضب الشارع على الغرب بسبب الموقف من مشروع قنبلتها النووية وكذلك تضامنا مع سوريا. وكان موقف الفلسطينيين هو الأكثر إثارة لأن دول الشمال بالذات وفرنسا معروفة بالتعاطف مع قضيتهم، والمساعدات الكبرى تأتي لهم من الاتحاد الأوروبي؛ وفي أوسلو عقدت الاتفاقات المعروفة باسمها، وكما يقول الأستاذ داود البصري، فإن حكومة النرويج تقوم حتى بدفع مرتب ممثل فلسطين في عاصمتها. فهل هكذا يكون رد الجميل؟؟ أم إن حماس تشعل النار كرد على الشروط الدولية السليمة للتعامل معها بعد نجاحها في الانتخابات؟؟ وهل سير الفتحاويين مع هذه "الغزوة" هو لتغطية الفشل ومحاولة كسب الشارع مجددا؟؟ وهل ينسون أن مغازلات عرفات مع المتطرفين الفلسطينيين الإسلاميين لم تجلب لهم غير مزيد من توسيع قاعدة حماس على حساب فتح؟؟ وفي العراق يقود مقتدى الصدر والتنظيمات المرتبطة بإيران وغلاة الأصوليين السنة الحملة الشارعية هناك. وتنتهز بعض هذه الأوساط المشحونة بالتمييز الديني المناسبة لاقتراف جرائم جديدة ضد مسيحيي العراق وكنائسهم والاعتداء على الطلبة المسيحيين في جامعة الموصل. يا ترى ما علاقة مسيحيي العراق بالرسام الدانيماركي إن لم تتخذ القضية حجة واهية ومفتعلة لمواصلة العدوان على المسيحيين؟؟

ثمة نقطتان أخريان:
1 ـ إن بعض الصحف الأوروبية التي أعادت نشر الرسوم تنتمي لليسار المصاب بهوس العداء لبوش وأمريكا، والمعروف بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني والوقوف ضد حرب تحرير العراق. إنها أعادت النشر تضامنا مع الصحيفة الدنيماركية من منطلق حرية الصحافة ورفض تدخل دول أجنبية في حرية الإعلام في الغرب وضرورة اتباع الطرق الأصولية لو حدثت إساءة ما. وكما قلنا، فعندما تسئ صحيفة ما وتعتدي على شخص أو مقام أو جهة بالقذف فهناك محاكم وقضاء، وهذا طريق تعمدت التنظيمات الإسلامية والحكومات العربية عدم اللجوء إليه في حينه "لغرض في نفس يعقوب"؛ وبالتالي فإن هذه الصحف لا تقوم بتنفيذ "مؤامرة" ما ضد المسلمين ولخلق حالة صدام، إذ لا مؤامرة أصلا، وحتى الرسام الدانيماركي لم يقولوا إنه من عناصر أقصى اليمن العنصري وإنما دفعته المبالغة وشهوة الإثارة لاستغلال الحرية على نحو ما فعل.
2 ـ مواقف الحكومات العربية الأخرى. إن هذه المواقف تتميز بالمزايدات الغوغائية على الإسلاميين ومحاولة كسب التأييد الشعبي على حسابهم؛ ولكن النتائج ستكون العكس كما حدث للسادات ومسايرته للإسلاميين الذين اغتالوه فيما بعد.
إن من حسن الحظ أن العديد من الكتاب العرب الشجعان قد تصدوا للحملة المفتعلة، وفضحوا أهدافها، وكشفوا مدى ضررها على سمعة الإسلام والمسلمين في العالم. إن هذه النخبة من كتابنا يعبرون عن أفكارهم السليمة وسط حملة هوجاء ضدهم وضد أية صحيفة تنشر لهم، وهم يواجهون أنواع الشتائم والاتهامات من معلقين متشنجين موتورين ترعبهم الكلمة الصادقة، ولا تكفيهم، [كما أشار معلق منصف]، سيطرة الغوغائية التي يدينون بها على معظم الصحف والفضائيات، من عربية وإيرانية. فتحية صادقة لمثقفينا الأحرار، وتعسا للمرعوبين من نور الحقيقة وعبدة الظلام والدم!



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساؤنا وعام المرأة..
- عار العدوان على مسيحيي العراق
- والآن؟!
- ومن الفساد ما يُضحِك !!
- بين تصريح الحكيم والقنبلة الإيرانية
- تداعيات عام..
- وجهة نظر عن دور القيادات الكردية في الوضع العراقي الراهن
- الانتخابات بين النتائج البعيدة والأهداف... بين الأسلوب والمم ...
- خطاب من القلب للأخوين العزيزين مسعود برزاني وجلال طالباني ال ...
- فرص التعديلات الديمقراطية المدنية على الدستور العراقي
- الديمقراطية لا يبنيها غير المؤمنين بها حقا
- كلارك وجائزة نوبل وبينهما القاضي الدمث رزكار
- الوجود الأمريكي المرحلي ليس أم المشاكل!!
- العراق بين -القواسم المشتركة- والأحزاب الإسلامية
- في فرنسا أيضا: حكايات أخرى مختارة!!
- عودة للأحداث الفرنسية.. ليست -ثورة فقراء-!
- هل فضح التدخل الإيراني هو -إيران فوبيا-؟!
- صفحات عن بعض دعاة الإصلاح الديني: محسن الامين نموذجا
- بعد الاستفتاء وقبل الانتخابات 2/2
- وجهة نظر: بعد الاستفتاء وقبل الانتخابات1 2


المزيد.....




- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور
- دلعي طفلك بأغاني البيبي الجميلة..تحديث تردد قناة طيور الجنة ...
- آلاف البريطانيين واليهود ينددون بجرائم -اسرائيل-في غزة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزيز الحاج - الغرب أمام التطرف والإرهاب الإسلاميين..