أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بسط مفهوم الكفر ومفهوم الإيمان















المزيد.....

بسط مفهوم الكفر ومفهوم الإيمان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5581 - 2017 / 7 / 14 - 05:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكفر والإيمان
إذا كان هدف الأديان كما يقرأها البشري هو تجسيد الإيمان بالمقدس الغيبي فذلك يعني كل ما هو ضد هذا الإيمان أصلا والتجسيد صورة هو في حدود مفهوم الكفر العام، فالكفر هو عدم قبول فكرة الدين أما عموما أو تخصيصا لمذهب أوو ملة محددة، فالإسلام المحمدي يصف الكافر بأنه كل من تجنب الإقرار بحقيقة الألوهية المطلقة كافر، سواء أكان هذا الرفض بقناعة أو مجرد تصرف قد لا يكون حقيقيا، أما لو كان الإنسان يؤمن بهذه القضية وقد يكون متدينا بدين ما لكنه يرفض دين الإسلام أو يكفر بنبوة محمد، فهذا ليس بكافر بقدر ما جاءت به معان أخرى.
وعلى العموم فمن يعرف الكفر على أنه ستر للحقيقة التي لا تستر يريد أن يقول أن الكفر هو في الحقيقة كل ما خالف المنطق الطبيعي لعقل الإنسان، يقول أحدهم أن الكفر (والكفر شرعاً : ضد الإيمان – فإن الكفر عدم الإيمان بالله ورسله – سواء كان مع تكذيب أو لم يكن معه تكذيب ، بل شك وريب في الإيمان ، أو إعراض عنه حسداً أو كبراً أو اتباعاً لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة وإن كان المكذب أعظم كفراً من غيره) ، وبناء على ذلك فالكفر درجات وأنواع دون أن ينسى أن بعض أنواع الكفر تخرج الإنسان من مطلق الإيمان والبعض الأخر لا حسب شدة درجة الكفر.
من هذه المفاهيم التي يمكن أن نقول أنها الأعم الأغلب في نتاج الفكر المحمدي الإسلامي، أن الكفر هو مجانبة ما يجب أن يكون عليه إيمان الإنسان الطبيعي بعدما يتم تبليغه بهذه الرسالة، فالتبليغ شرط المعرفة كما أن الإيمان يشترط فيه أولا أن يعرف الإنسان بماذا يؤمن، فالتبليغ بما يراد له أن يكون مقترنا بالفهم والوعي هما أساس وجود الإيمان عند الإنسان، وهذا ما دل عليه النص ظاهرا وباطنا {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15.
فالهداية معنى ومفهوما ودلالة هو الوصول إلى الهدف بما هو قائم بأقصر الطرق، أما بالذات المهتدية وهذا يسمى (أهتداء) أو بفعل فاعل خارجي وهذا الفاعل يسمة المهدي أو الهادي حسب وظيفة وطريقة الأداء، والطريقة عموما تسمة الهداية{مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}الأعراف178، وقد يكون الأهتداء من الله تكريما لما يعرف هو حقيقة الإنسان وقد يكون العكس لأنه يعلم أن المقصود لو أجتمع الوجود على هدايته لن يهتدي لأنه لا يمكنه أن يرى الطريق أصلا {وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً}الإسراء72.
هنا نصل لنتيجة مهمة قد تكون محور بحثنا حول الموضوع خارج ما هو معروف في قضية بحث هذا الموضوع عادة، وهذه النتيجة تقول (أن الكفر كما هو الإيمان أمر طارئ ومحض نتيجة لوجود الإنسان ووعيه، فلو ولد الإنسان ومات ولم يبلغ عن دين ولم يصله خبر رسالة لا يعد مؤمنا كما لا يعد كافرا وهذا هو مفهوم الأستواء)، من العدل المنطقي لفهم الأشياء أن تكون هذه النتيجة هي القانون في التفريق بين ما هو طبيعي أي على نسق الطبيعة كخامة قابلة للتغيير والتطوير والتطور، وبين أن نحمل الإنسان أكثر مما يجب كون واجبه الأول البحث عن دين ليعالج به إشكالياته.
السؤال هنا لو كان الأمر كذلك لماذا أقرن النص الديني في كثير من المواضع بالإيمان بالفطرة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}الروم30، فهل الفطرة وحدها تجعل من لا يؤمن بما تنتجه من فهم تجعل الإنسان كافرا، بمعنى أن الإنسان كائن مؤمن بطبيعته ولا مجال لأعفائه من الكفر أو الإيمان لكونه فطريا مكلف بالإيمان، وسؤال أخر الكائن الفطري قد يكون عاقلا أو متعطل التعقل، وقد يكون مدركا أو مدرك جزئي أو كلي، وقد يكون كامل الوعي أو فاقدها، كل ذلك يحمل الإنسان صفة الكفر إن أراد أو لم يختار لكنه فقط خلق ليكون مجبورا على الإيمان.
البعض يتمسك بظاهر النص بأعتبار دعوة التمسك بالدين هي من نتاج كون الإنسان حنيفا مؤمنا بالفطرة، وأخرون يرون أن الحنفية الفطرية لا تتعلق بالإيمان عينه ولكن تتحق بالقوة الطبيعية في أن يكون الإنسان مؤمنا لمجرد أن يصل له أشارة في هذا الموضوع، الفرق كبير بين أن يكون الإنسام مؤمنا طبيعيا، وبين أن يكون بالقوة قادر على الإيمان بالدين، هذه النتيجة أيضا فيها شبهة هو أن الإنسان أصلا وتكوينا ومن التجربة قادر بالقوة أن يتعلم أي معرفة تصله سواء أكانت هذه المعرفة دين أم فن أو حتى معرفة حيوانية، فهو مستعد للتجريب حسبما يصله المفهوم.
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} البقرة88، لو تأملنا هذ النص قليلا لنجد أن الكفر ليس إرادة فقط بل أكثر لو نظرنا للإنسان من جانب كلي لا فقط من جانبه العقلي، فأحيانا العوامل الطبيعية لها دور في طبيعة تكوين الضمير الإنساني وترتيبه ليكون مؤمنا أو كافرا سواء الإيمان بالدين أو حتى عموم المعرفة البشرية، وهذا ما يسمى بالجهل وليس بمعنى عد العلم والفرق كبير بين الجهل بما هو موجود وعدم العلم به، فخيارات البشر لا يصنعها الوجود الطبيعي بل أيضا تجربته فيه ونتائج التجربة واحدة من مفرزات الوعي.
صحيح أن الإنسان كائن فطري لديه الأستعداد للتلقي المعرفي بالقوة مع توفر المقدمات الضرورية للوعي بالمعرفة وهي العقل وأدواته ووسائل تحريك العقل، لكنه أيضا محتاج طبيعيا لما يعزز الفطرة ذاتها أن تكون مصدر للوعي، فالتكوين الفطري تكوين أولي يمكن أن يتشوه ويمكن أن يرتقي للأعلى بما يتوفر من خارج الإنسان ذاته، فالقلب الذي أشار له النص هو ملخص تفاعل العقل مع الحس الحولي بما تشكله التجربة من مردود يقيني يدفع الإنسان للتوجه نحو هدف ما أو تجنبه، هذا القلب هو الذي يمكن جعله المئل الذي يجب أن يكون مدار الإيمان والكفر على حد سواء فهو بالأصل مستعد لكل الأحتمالات لا سيما لو حددنا الإيمان والكفر بالدين من ضمن التجربة الإنسانية.
الفطرة التي أشارت لها الآيات السابقة هي فطرة أستعداد وليست فطرة تكوين وإلزام، والقلب هو الذي يترجم ما فيها على أن تكون الفطرة الأولية ستمضي للإثبات أو تنكص عن طبيعتهافي خصوص المعرفة اللازمة أو المعرفة الضرورية، من هنا فالتركيز على موضوعية الفطرة لا يعني أن الإيمان ممكن في كل الأحوال ولكنه ممكن في حال تصديق القلب له{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}النساء155، الوصف في النص أن قلوبهم أغلقت بمحدودية التجربة وعدم القدرة على التوافق مع أستعداد الفطرة لكي تثبت ما هو طبيعي فيها.
الخلاصة أن وصف الإيمان والكفر الفطري وصف معنوي أكثر منه واقعي يترتب عليه نتائج محددة، فهي كالبذرة النباتية يمكنها أن تنمو أو تموت بشرط ما يقدم لها، فلا كفر مفترض ولا إيمان مفترض أساسا بدون شرط الوعي بالطبيعي، وعليه لولا وجود الفطرة لا يوجد إيمان لأنتفاء السبب الذي يجعل الممكن ممكنا ولا الطبيعي قادرا للتبلور، لذا قيل أن الإيمان نوعان حصولي تكسبي وطبيعي تكويني ولا يتما بصورة حكم مستقل بذاته إلا إذا أتحدا معا على خيار أو تناقضا عليه.
نعود إلى أصل الموضوع الكفر في الإسلام المحمدي هو تغيب أحد شطري الإيمان من الواقع الكلي لوجود الإنسان، فقد يكون الإنسان مؤمنا وكافرا في ذات الوقت أي أنه مؤمن باللازم وكافر بالوسيلة، مؤمن بالوعي اللا مباشر وكافرا بشروط الوعي الحسي اللازم، فهل يمكن أعتبار الأخير كافرا تنطبق عليه نتائج الكفر وجزاءه لا سيما أن مقدمات الإيمان لا توحي أن يكون وجوب التقيد بدين ما هو شرط لنفيه جملة {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}البقرة152.
فقد يكون خيار الإيمان موجود ومتجلي بصورة ما وعلى طريقة خاصة ولكنه ليس ذات الإيمان الذي يسطره الكهنوت الإسلامي وخاصة مع تطرفه في تحديد أطره، فمن الكهنوت السلفي من يعتبر أن ترك الصلاة ولو لفرض واحد هو كفر، أو مجرد الأختلاف في فهم جزئية تتعلق بطريقة التدين وتجسيدها على الواقع مع الإيمان الكامل بأسس الدين وأصوله كفر، فهل وضع المؤمنون معيارا محددا لتحديد الكافر من المؤمن {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}البقرة62.
من حقائق النص الديني وشرحه لتحديد مفهوم الكفر وحدود الإيمان الدنيا أن الله هو المختص بالفرز بين الناس على أساس علمه ومعرفته هو لا على أساس ما نختار نحن من أسس أو مفردات، فلا كافر ولا مؤمن إلا من يقبل الله إيمانه أو ينعته بالكفر وفقا لمعياره الخاص{وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ....وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25، فلا سلطة لأحد على الأمر ولا خيار بما لا يختاره الله بعلمه.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة المحكم والمتشابه في النص الديني، تفريق المفهوم أم توفي ...
- المجتمع العلماني وحلم الإنسانية بالسلام
- الجبر والأختيار والحرية في التكليف
- الإسلام التاريخي ونظرية الحكم
- المشروعية ومصدر الإرادة
- سعدي يوسف ومحاولة الظهور على سطح الموت
- قيمة التجربة التأريخية
- جدلية الفرد والجماعة
- إسلام ومسلمون
- محاولة في الأنتصار على الذات
- منهج الأنتصار
- التقليد والأجتهاد
- المسلم والأخر الغيري
- أزمة المسلمين وأفاق المستقبل
- الإسلام المعاصر وتحديات العصر
- الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - بسط مفهوم الكفر ومفهوم الإيمان