أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - منهج الأنتصار















المزيد.....

منهج الأنتصار


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5573 - 2017 / 7 / 6 - 13:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منهج الأنتصار


لا بد لكل هدف من مقدمة وقد شرحنا في ما سلف المقدمة بصفتها ضرورة حتمية من خلال ربط الحرية بالمعرفة لتحقيق الأنتصار بمعناه الغائي، وهنا نعود للبحث في توظيف المنهج الذي يحول المقدمة إلى عمل ملموس حقيقي وليس تنظيرا خاليا من الجدية في التعامل الواقعي، دون أن نلزم أنفسنا برسم المثاليات ونعتبرها الحل النهائي لإشكالية المغيب الأفتراضي، فالحياة التي يعيشها الفرد فرصة تكتنز تجربة وهي فرصة محدودة بزمنها وبأشخاصها، والزمن والأشخاص في المنهج عناصر متحركة متغيرة متبدلة، لكن ما يجمعها هو الهدف وليس أكثر من أن تكون حرا في عالم لا يؤمن إلا بالحركة المتحررة كشرط للبقاء.
لعل النجاح في أختيار المنهج المناسب والمتماهي مع طبيعة الموضوع وتوفره على شروط الواقعية التنظرية يمكن أن يعد مقدمة مناسبة لتبنيه، ويعد أيضا المفتاح الأساسي للوصول لرؤية تكاملية بينه وبين الهدف، وطالما أننا في موضوع يتعلق بالدين ومرتبط بصفة محمول الفكرة وهو المسلم وكيفية إعادة بناء الذات الفاعلة فيه لتحقيق الحرية، أجد من المناسب العودة للنص الديني الذي من المؤكد أنه موجود ولكنه مغيب لأسباب كثيرة.
في نصيين متقابلين أحدهما أسبق من الأخر في العلة وتأخر النتيجة أجد أن مبدأ التغيير مبدأ حتمي وحقيقي يطرحه النص الديني هنا:
• {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}الأنفال53، هذا النص يمثل حالة النكوص السلبية عندما يتمرد الإنسان على الواقع المثالي المتمثل بنعمة الله.
• {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} الرعد11، وهذا النص وإن كان عاما إجماليا لكنه أيضا يمثل الحالة الإيجابية في أحد مصاديقه العملية.
فالتغيير عملية تتحرك بأتجاهات عدة قد تكون للأمام وقد تكون للخلف، ولكن الفاعل الحقيقي فيها الذات، الذات التي تتعامل مع الواقع بما تملي عليها المؤثرات والعوامل المحفزة له، فمن الذوات التي تتحرك للأمام أن وعي الإنسان اللزومي فيها يجب أن يتوجه صحيحا نحو البحث عن حركة وعن المضمور الفاعل في الحركة، لذا عندما خاطب الله الإنسان مطالبا له أن (أقرأ)، لم يخاطبه فقط لأنه يريد أن يستكشف الإنسان ما مكتوب فقط، بل لأن القراءة وحدها من تمنحه الحرية أن يتعامل مع المعرفة بالطريق الذي لا يكل فيه عقله للأخرين، أو يعتمد في فهم ما يجري بناء على العفوية والصدفة.
إذا القراءة مفتاح منهجي وبداية أكتشاف الطريق المستقيم الذي ينتهي على أي حال بإثراء المعرفة عن طريق الذات العارفة، الذات التي في طريقها لكشف ما هو أفقي في خصيصتها تستخدم المعرفة طريق لأظهار وجودها المعلن، وجودها المحكوم بالطبيعة والوجود والأخر والفعل، وأيضا من جهة أخرى وتتعامل مع الطولي في تركيبتها لتشكل لوجودها معنى أخر، يفهم الوعي على أنه أمتداد موضوعي لكل الوجود، بذلك نحدد نوعين من الوعي الذي يستبطن الذات المتحركة نحو غائيتها الوجودية.
فمن الوعي الطبيعي إلى الوعي المركب إلى الوعي الفاعل تدخل القراءة كطريق لبناء المعرفة لتلعب دور الجذوة الجوهرية التي تشعل الظلام الروحي وتنير الطريق المزدحم بالألغام والترسبات التي تعيق الحركة، حركة الكون جميعا وليس حركة الذات المنفصلة عن عالمها الكبير، لذا فإن صرخة مثل صرخة إدغار موران التي تدعو البشر لاستيعاء عميق للتضامن الإنساني ووحدة المصير الكوكبي المشترك، دعوة لفحص صادق عن معنى التاريخ الإنساني المشترك، ولإيجاد (مجتمع/عالَم) و"أخلاق معرفية" من شأنها أن تسمح لنا بالتعامل مع انتماءاتنا وتناقضاتنا وبتجديد الخصال الإنسانية حصرًا.
لقد كان المنهج المعرفي من خلال القراءة والتفكر والتدبر والتعقل ومفردات العلم والمعرفة والخيار الحر، ملامح أساسية في منهج الدين عام وخاصة القرآن عندما ركزت النصوص على أن طريق الإنسان في الوجود هو ليس نتيجة من نتائج القدر الممضي بالخلق فقط، بل جعلت الوعي بالوظيفة والهدف النهائي من الوجود هو الإصلاح ، التعارف، الأستعمار، الأستدلال على الإيجابية المطلقة للفرد (الخير)، فالنصوص تزرع في عقل الإنسان طاقة الحركة وطاقة العمل من أجل أهداف قادمة وليس العيش في قضية نصفها تأريخي ونصفها تأملي وهي قضية الرجوع إلى الجنة.
من قضايا المنهج الإصلاحي في النص الديني أيضا قضية المسئولية الفردية عن الكسب، الإسلام لا يتبنى المسئولية الجماعية عن أخطاء الفرد، ولكنه يتبنى المسئولية الفردية عن أخطاء المجتمع، في الحوارية التي دارت بين هارون وموسى وكليهما رسل وأنبياء، نكتشف معنى المسئولية الفردية عن خطأ الجماعة، عندما خاطبه موبخا عن تصرفه الغير حاسم وحازم عندم أضل السامري جماعته، كان الجواب واضحا لجهة بيان تحمل المسئولية بالرغم أن هارون لم يكن مخطئا ولكنه لم يستخدم كامل القدرة على الوقوف بوجه الخطأ الجماعي {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}الأعراف150.
اليوم القضية نجدها تختلف فالفرد مسئول عن خطأه وخطأ الجماعة وخطأ التأريخ وخطأ الأخر الذي لم يكن بينهما معاصرة، والمجتمع مع كل تقصيره برئ من أي تهمة لأن الرأس الأجتماعي سواء أكان ديني أو سياسي أو قبلي مصون من المسائلة، تحت معنى الطاعة والأحترام والتقديس وووو الخ من الأعذار، هذا التحميل اللا مبرر والمغالى فيه حطم الذات الإسلامية عامة من أن تفرق بين مسئوليتها الحقيقية وبين مسئوليتها الملقاة قهرا وإلجائا، لذا فهي دوما في حالة الدفاع وحالة التبرير وحالة الشعور بالتقصير والأستذلال المتعمد لها.
إن إرادة التحرر من القهر الأجتماعي والسلطوي والكهنوتي تتجلى كلها في أن يستحضر الإنسان قيمته كما أرادها الله، لا الصورة التي يحرص الواقع المأزوم على ترسيخها وتمريرها كخيار وحيد، لذا فالعودة الضرورية لمعى الإنسان أيضا واحدة من مقدمات المنهج ومفرداته العملية، ويبقى على تيار التنوير الإنساني أن يعمل ما هو ضروري لعكس الصورة وإدخالها مفردة في التعامل المباشر بين الناس كبديل عملي يساهم في زعزعة الواقع ويديم زخم الإيجابية بمعنى الحرية للإنسان بدون عنوان فرعي.
المنهج الذي لا يتعامل مع مفهوم الثورة والتغيير الداخلي أولا لا يمكنه أن يعطي حلا ولا يمكنه أن يفرز ما هو إنساني في تعامله مع مأساة الإنسان، لقد نجحت بعض المجتمعات وأخرى تسعى في نفس الطريق عندما منحت الفردانية الشعورية الحق في أن تتبلور كعامل أسترداد للوعي، الفردانية الإيجابية التي تفهم دورها التحرري كأداة لصنع وخلقة فرصة التساوي مع الأخر لا فرض الأنانية المتضخمة، فردانية تشعر الإنسان أنه محور الكون وأداة الخالق لتعمير وإصلاح الواقع.
قد يتوهم البعض أن المناداة بالفردانية هي دعوة للتحلل من قيم المجتمع والتعالي على الروابط الإنسانية اللازمة لديمومة البقاء، وهذا حق نخشاه ولكن بالعودة إلى مفهوم الإنسان الفرد المتمتع بحرية الوجود وفقا لمبدأ أن المجتمعات المقهورة لا يمكنها أن تؤمن أن حدود حريتها هي ذات حدود حرية الفرد فيها وبالعكس، سيكون من المناسب جدا أن تتحرك لربط المفهومين برابط الضرورة والتناسب، عندها تعي أن كل جرعة حرية فردية هي رافد حقيقي يصب في مصلحة المجموع.
إن موضوع منهج الأنتصار يمكننا أن نختزله بكلمتين أثنتين تختزلان كل معاناتنا مع الدين ومع الواقع ومع الزمن، الكلمتين تتضمنان معان كبيرة وكثيرة للذي يدرك أن أنتصار الإنسان لا يتبلور عبر إنتصار أخر، (أتركوا كتب الناس بما فيها وما عليها وعودوا لكتاب الله) فهو الناطق الذي لا يخرس والعليم الذي لا يعلم والخزانة التي لا تنفذ فقط أمنح عقلك حرية النظر فيه بما يحقق لك صلة حقيقية مع الرب، أما كلام الأخر فهو مجرد فكرة تستعرضها إذا لزمك الأمر على أن لا تكون عبدا لها، ولا تتخذها بديلا {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ}البقرة90.





#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقليد والأجتهاد
- المسلم والأخر الغيري
- أزمة المسلمين وأفاق المستقبل
- الإسلام المعاصر وتحديات العصر
- الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي
- التنمية الأقتصادية ودور المال وراس المال في بناء القاعدة الم ...
- المال ورأس المال في الفكر الديني
- الخيارات الصعبة في قرارات التغيير
- العولمة ما لها وما عليها
- أحلام تمتنع عن الطيران
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح2
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
- رواية أفتراضية من عالم ممكن الحدوث
- العودة إلى دراسة ظاهرة الألحاد وقضية تحرير العقل
- حين يكون الفقد فوزا ونحن الخاسرون
- ظاهرة الإلحاد ومشكلة تحرير العقل


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - منهج الأنتصار