أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إسلام ومسلمون















المزيد.....

إسلام ومسلمون


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5575 - 2017 / 7 / 8 - 01:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إسلام ومسلمون


كثيرا ما نسمع مقولة أن المسلمون ليسوا بالضرورة أن يمثلوا الإسلام أو يمتثلوا له على الوجه الذي يكون إيمانهم برسالة النبي محمد ص مطابق أو مقارب لما مطلوب فيها، وأحيانا نسمع مقولة أخرى أن بلاد المسلمين والمسلمون هم حملة هوية لا تعود لهم ولا ينتموا لها بصدق، السؤال الأهم إن لم يكن المسلمون هم حملة دين الإسلام فمن هو المسلم الحقيقي أذن.
لقد قرأنا كثيرا عن الإسلام وأستمعنا إلى كلام مختلف ألوانه ومنابعه وأهدافه، وكلها تشرح لنا ما هو الإسلام وكيف لنا أن نكون مسلمين، ولكن لا أحد قال لنا أن الإسلام الذي يقدم لكم الآن ومن قبل فيه جزء يكمن خلف الظل، جزء لا يراد له أن يرى النور فتظهر حقيقة الذي تعمدوا تغيبه عن الناس، هذا الجزء هو القسم الذي يمجد الإنسان ويجعله حتى أعظم من الدين ذاته وأعظم من كل فكرة يراد منها أن تعلم الإنسان كيف يكون إنسان سوي، هذا الدين الذي بالغ الرب في ضرورة أن يفهم كما يجب، وليس لأنه يريد من الناس أن تعرف عظمته وقوته وسلطانه فحسب، بل أراد أن يبرهن على أن هدفه من كل الرسالات والرسل أن يجعل الوجود أكثر ديناميكية بوجود إنسان قادر على أن يفكك الشفرات الوجودية بالتجربة.
في رأي الخاص ومن منطق فهم علمي لمعنى (البنية المجتمعية) المتميزة، لم ينجح الدين عموما في بناء منظومة أجتماعية عملية لفكرة أن يكون الدين صانع أجتماعي، ولكن نجح المتدينون فقط بطلاء مجتمعاتهم بلون ديني مما شوه صورة المجتمع الأصلية ولم ينجح بتحويله إلى مضمون خيرية الدين، العلة في ذلك أن الدين كفكر مجرد لا يمكنه تغيير مجتمع وبناء أمة إلا من خلال تغيير حقيقي في عقلية المؤمن أولا وجعله هو الخالق وليس الدين {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11.
هذا النص يكشف لنا حقيقية الرؤية الألهية أو الربانية لمعنى التغيير وأساليبه ومنهجه في التغيير، فمن يريد أن يحرك ويؤسس لقيم جديده أجتماعية لا بد له من إيمان حقيقي بالمصدر الخالق وهو الفرد الإنسان، أما أن نبني بناء على ما نعتقده دون الرجوع إلى أسية الأعتقاد فالنتيجة ستكون مجرد محاولة صبغ الواقع بطراز الأنا وليس بماهية أصلية كلية شمولية بمعنى لا ترتب ما هو ظاهري على أنه هو الهدف، لذا فكل المجتمعات الدينية سرعان ما ترجع لطبيعتها مع أول فرصة للتراجع عن الواقع المتغير عنوة.
المسلمون الذين يعدون اليوم ثالث أكبر تجمع ديني في العالم ما زالوا في غيبوبة الفعل الأجتماعي، وما زال شعارهم الأول هو ذاته دون أن يلحظوا كل نتائج التجربة التأريخية لهم لم ولن تثمر عن جديد، ومع ذلك لديهم أمل أن التأريخ سيعود بهم إلى يثرب لبناء دولة دينية يحكمها الصحابة والأئمة والراشدين، هذا الحلم ليس مشروعا ولا واقعيا بمعنى أنه غير قادر على أن يتحقق لأن ما ذكرتهم هم أيضا لم يكن هدفهم أن يغيروا خارج الناموس الطبيعي للوجود.
من هنا فالمسلم الذي ينتمي للمجتمع الإسلامي ليس حالة منفصلة عن الواقع كما ليس الواقع ذاته منفصلا عن التجربة، وكلاهما قطعا منفصل عن الأصل الخالق بنسقية التماهي مع الغائية أن الإنسان الفرد الصالح هو محور الوجود، المسلم المجتمع والمسلم الإنسان يدوران الآن في حلقة مفرغة أما أن يستحضروا أليات ومناهج التغيير من دينهم ويبدأوا من جديد أو ترك التغيير والخضوع للواقع الذي جعلهم غرباء عن دينهم وعن وجودهم وعن الزمن ويكتفوا بأنتظار لحظة النهاية التأريخية.
يقول أحدهم في لفتة تأريخية مهمة تؤشر حالة الغياب والغربة وتقرر قضية أكبرية عندما سافر للغرب مستطلعا واقعهم الأجتماعي بعين إسلامية، وجد (الإسلام) في الغرب ولم يجد (مسلمين) بينما هو في بلاد المسلمين لم يلحظ وجودا لذات (الإسلام) كفكر وكدين له دور في بناء وإنضاج قدرة الإنسان أن يكون إنسان له وجوده الخاص في الذات المسلمة أو الواقع الأجتماعي، السؤال الأهم لماذا هذا التقاطع؟ ولماذا لم ينجح المسلمون في أن يكونوا جزء من عالم يريدهم أن يكونوا كما ينبغي لهم أن يكونوا؟.
هنا تثار مسألة الأنتماء والهوية بين المسلم ومجتمعه سواء أكان إسلاميا كما يظنونأو مجتمع موصوف بواقعيتيه، فوجود مسلم عضوا في مجتمع إسلامي قد لا يمنحه المزيد من الصفة الدينية، فكثير من أفراد المجتمع اليوم لديهم أفكار ورؤى خارج رؤية المنظومة الأجتماعية الكلية ولا يمارسون حتى حق المواطنة إلا بالحدود الدنيا، ولكنهم يمارسون حدودا مساوية لوجودهم الإنساني في مجتمعات ذات هوية مختلفة، لا المسلم إذا يمثل العنوان ولا المسلمون كمجتمع يحملون هوية أصالة، لقد ضاع الجميع بينها وبين الأنتماء بمختلف أسبابه.
لو فحصنا المجتمع الإسلامي ومن خلال عناوينه الكبرى التي يرفعها المسلمون مثل شعار(كنتم خير أمة أخرجت للناس) كوعد رباني، نسأل العقل الديني ذاته هل من الممكن في ما يدور في بنية المجتمع وبناءه الفكري والمعرفي قادر أن يكون كذلك؟ أم أن فكرة الخيرية ذاتها ضاعت عنه وبقي الشعار فارغا لا معنى له بدون جوهر أصيل يعيد للمسلم حيويته، العناوين الكبرى وحدها لا تصنع ولا تخلق مجتمع، العمل ثم العمل ثم العمل الممنهج والحقيقي والمطابق لنظرية العمل هو من يجعل الطريق للخيرية ممكن.
إن كانت الحاجة اليوم للتغيير الواقعي تزداد مع الشعور العام لدى المسلمين يزداد أيضا مع كل نجاح عند الأخرين، نرى أن العوامل التي تدفعنا للتغيير تصطدم بالخشية من أننا سنفقد المحرك الأساس له، هذا الوهم الذي دأبت عليه المؤسسة الكهنوتية في صراعها من أجل أستعباد الإنسان وأستغلاله لتسرق فيه إرادة الله أن نتغير، تبقى هي العامل الحاسم في عدم المجازفة والشروع فيه، أو كما يقول أحد الكتاب أن ما ينقصنا في هذه العملية ليست فأس إبراهيم التي حطم فيها أصنام قومه، ولكن ما ينقصنا حقيقة أننا بحاجة لجرعة من الشجاعة المطلوبة لنمسك الفأس ونباشر بعملية الهدم.
إن المجتمع الديني عموما والمجتمع الإسلامي خصوصا مجتمع إنساني محكوم بقوانين الوجود لا شك في ذلك، نعم لعب الدين دورا مهما في إعادة صياغة جزء من مفاهيمه ولكنه لم يفصله أيضا على صيغة خارج ما هو إنساني بالطبع، فلم يحوله إلى مجتمع ملائكي ولم يطلب الدين أساسا هذا التصور، لكن مؤسسة الكهنوت تصر دوما على أنها ماضية بمشروعها هذا برغم أنها تعلم أن الإنسان كائن جدلي لا يمكنها أن تسلخه من من إنسانيته الطبيعية وهنا ولد المأزق بين المشروع الكهنوتي والإنسان {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}الكهف54.
السؤال الأخير في هذا الفصل يتركز على ما تعنيه كلمة مجتمع إسلامي وما تعنيه كلمة مسلم، والسؤال الأخر هل يمكن أن يعود المسلمون إلى إسلامهم الأول الفكري في عودة للوعي ليؤسسوا من جديد حيزا حقيقيا وكاملا لمعنى الإنسان؟ تساولات تدور في ذهن من يؤمن أن كل ما كان من تجربة المسلمين عبر أكثر من أربعة عشر قرنا هي مجرد تجربة ينقصها الحس بالدين، الحس الضروري بأهمية أن نكون مجتمع قابل للتطور مع الزمن وأستحقاقاته ليس من خلال زج الدين بكل شيء بل بزج العقل مع واقعية الدين وفهمه لماذا أراد الله أن نكون خير أمة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة في الأنتصار على الذات
- منهج الأنتصار
- التقليد والأجتهاد
- المسلم والأخر الغيري
- أزمة المسلمين وأفاق المستقبل
- الإسلام المعاصر وتحديات العصر
- الديمقراطية وإشكالية الولاية والتولي
- ضرورة الديمقراطية وتحديات أحترام حقوق الإنسان في رؤية أستشرا ...
- المرأة ودورها في المجتمع ح2
- المرأة ودورها في المجتمع ح1
- إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي
- التنمية الأقتصادية ودور المال وراس المال في بناء القاعدة الم ...
- المال ورأس المال في الفكر الديني
- الخيارات الصعبة في قرارات التغيير
- العولمة ما لها وما عليها
- أحلام تمتنع عن الطيران
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح2
- العدم والوجود وما قبل وبعد الموجود ح1
- رواية أفتراضية من عالم ممكن الحدوث
- العودة إلى دراسة ظاهرة الألحاد وقضية تحرير العقل


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إسلام ومسلمون