أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - تائهة لا تعرف نفسها














المزيد.....

تائهة لا تعرف نفسها


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


المكان غريب ، لا اذكر كيف وصلت الى هنا .
غرفة فندق بائسة ، نظرت ملياً في أركانها لكني لم استطع ان أتذكر ماهذا المكان ولماذا أنا هنا ؟
تثاقلت في حمل جسدي على النهوض، جلست على حافة السرير ،صدمت بمنظر قدمي ، لا اعرفهما
ولا أتذكر انني رأيتهما من قبل.
تسارعت نبضات قلبي، كيف لا أعرف شكل قدماي وكيف أنسى لماذا وُجِدتُ في هذه الغرفة ومن أنا أصلاً؟
فجوة في ذاكرتي محت من رأسي كل ما يتعلق بهذا الواقع.
جبرت نفسي على النهوض، مسرعة توجهت إلى المغسلة المجاورة لباب الغرفة وقف امام مرآتها ونظرت مليا".
المفاجأة كانت اقوى مني ، ارتعدت ، تراجعت بخطوات سريعة للخلف مع شهقة قطعت انفاسي .
عدت ببطئ الى المرآة نظرت من جديد تلمست وجهي اباصابعي تاكدت ان ما أراه في هذه المراة هو أنا فعلاً ، انا التي لا أذكر انني رأيتها من قبل .
في الزاوية الأخرى من الغرفة ثمة كرسي خشبي عتيق عليه كومة مبعثرة من الثياب على ما يبدو هي ثيابي وعلى ما يبدو أيضا انني خلعتها على عجل ورميتها بلا ترتيب ،وأيضا" لا اذكر شيئاً عنها.
كانت عبارة عن بنطال جلدي أسود اعتقد بانني لم اقتنيه في حياتي وليس من عادتي اقتناء الملابس الجلدية فقد كنت دائما من انصار الحياة الطبيعية والمحافظة على النوع .
المهم حشرت جسدي بذلك االبنطال الجلدي الضيق وارتديت القميص الفضي المعلق في ظهر الكرسي ذاتها وحذاء قد يكون اقبح حذاء رايته في حياتي .
ما استغربته حقاً ان هذه الثياب جميعها كانت تناسب مقاسي تماما".
لم تهدأ بعد موجة الاستهجان المسيطرة علي ، كان كل همي أن أخرج من هذه الغرفة إلى الشارع وكل همي أن أعرف أين أنا وكيف وصلت الى هنا .
نزلت سريعا" ،كدت أقع على ذلك الدرج الضيق المفضي الى ما يجب أن يكون بهو الفندق بحثت عن موظف الاستقبال كنت أريد أن أرمم ما فقدته من ذاكرتي، أن أسأله عن اسم المنطقة واسم الفندق ومتى وصلت الى هنا وكيف أخذت الغرفة عندهم والسؤال الأهم ماهو اسمي المدون في سجل الاستقبال.
أكاد أموت كي أتذكر اسمي لكنني لم أجد احد.
خرجت من الفندق مسرعة ، لفحني هواء ساخن جاف وبهرني ضوء النهار، بدا الشارع اشبه بزقاق هارب من أفلام الغرب القديمة ،كل الأبنية خشبية قديمة ،تشعر لوهلة انكٌستسمع أنين عذاباتها وهي واقفة وقفتها الأبدية في هذا الحر ، واجهات المحال بلا أسماء ، نوافذ الأبنية مغلقة لا تشي بأية حياة هنا .
شعرت بالوحدة ، بالضياع ، والخوف اين انا ؟
ماهذا المكان؟
ومن أكون؟
وقفت ساهمة أدور حول نفسي عندما سمعت صوت احاديث اشبه بضجة حانة ،أصوات غير مفهومة لأحاديث متداخلة ، انصتُ اكثر ، تبعتُ الصوت ، ولحقته ، كان الصوت دليلي والخوف حافزي والحر الذي بدأ يأكل رأسي جعلني أسرع الخطى .
في نهاية الشارع كان ثمة حانة ، لا تشبه أي حانة عرفتها من قبل كانت اشبه بغرفة كبيرة لا أبواب ولا نوافذ ولا سقف مجرد جدران منتصبة وسط مساحة رملية واسعة وفي داخلها الكثير من الناس ، لم اميز هيئاتهم كانت كل مجموعة منهم لا تتجاوز الخمسة اشخاص يتحلقون حول ما يشبه الطاولة الحديدية المهترئة ،ارجلها رفيعة عالية والصدأ على أطرافها كلهم يمسكون بكؤوس مليئة بسائل أحمر، والكؤوس كلها مكسورة الحواف .
دخلت مسرعة كمن وصل اخيراً الى وجهته مندفعة نحو آخر الحانة حيث وقف النادل الوحيد فيها خلف طاولة خشبيه طويلة غير واضحة الملامح اشبه ما تكون بلوح خشبي منخور ومهشم ،وخلفه اصطفت الكؤوس المكسورة على الرفوف الخشبية القديمة.
النادل بدا مندهشاً من دخولي المفاجئ وكأنه لا ينتظر أي زائر إضافي أو أنه يعرفني ويستغرب حضوري ، لم أفهم نظرته تلك لكني فجأة تنبهت وعرفت السبب .
الساقي كان عارياً تماماً لكن جسده بلا ملامح ،حتى وجهه، بلا ملامح ايضاً ، مجرد عينان حياديتان ، خط في منتصف الوجه من المفروض أنه انف ، وفم بشفاه رقيقة لا تكاد تُرى .
نطرت حولي ، تنبهت لكل من في الحانة ، كانوا جميعاً عراة، ولا ملامح لاجسادهم ، ولجميعهم وجوه حيادية تشبه وجه النادل.
أجسادهم العارية التي لا ملامح لها كانت مليئة بالكدمات ، جميعهم كانت أجسادهم ملونة ببقع زرقاء وبنفسجية ، بعضهم كانت كدماتهم تنزف ،وآخرون كان القيح يخرج منها، لكنني لم اشعر أنهم منزعجون من كدماتهم او حتى تؤلمهم.
كانوا يتبادلون الاحاديث بمودة ،وانسجام غريب بينهم وبين المكان.
المكان ذاته الذي وجدت نفسي غريبة فيه ولم أعرف من أنا.
دخولي فقط هو من قطع على الجميع جلساتهم وجعل الصمت سيداً في هذه الخربة التي تشبه الحانة، كنت الوحيدة التي ارتدي ملابس ،والوحيدة التي يحمل وجهي ملامح واضحة رغم اني لم اعرفها، والوحيدة بينهم التي لا أحمل الكدمات على جسدي.
بعد صمت ثقيل لبرهة خلتها دهراً ،سمعت سؤالاً موجهاً إلي لم استطع أن أميز من الذي يسألني :
لماذا أتيتي الى هنا؟
قلت له : لا ادري فانا تائهة
قال الصوت : مكانك ليس معنا يا هذه
قلت : ساعدني أرجوك أريد أن أعرف من أنا، وأين انا ؟
مازلت لا أميز من الذي يخاطبني ،كنت ابحث في تلك الوجوه التي لا تشبه الوجوه ،علني التقط حركة شفاه واحدة تشي بمحدثي ،لكن كل الوجوه كانت واحدة ،واجمة ،وصامتة .
ارتفع الصوت مخاطباً من جديد :
نحن من قضينا تحت التعذيب ننتظر اخوتنا هنا، وانت ندبة جديدة لجسد شاب وصلتي قبله وهو لم يمت بعد



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليل اللجوء في فرنسا أو دحض الأقوال في اللجوء إلى بلاد الغال
- عين واحدة تكفي
- ثلاث حالات للحزن
- ثنائية الحرص والمواطن
- انتبه... أنت مؤقت !
- الصحافة السورية .. لاممنوع ولا مسموح
- الى السيدة فيروز.... لأننا نحبك
- دمشق عاصمة للثقافة حوار مع الامين العام للاحتفالية الدكتورة ...
- حوار مع د. عبد الرحمن منيف قبل وفاته بسنة
- خطايا امرأة
- فضاءات نسائية
- سندريلا الحلم
- أطفال عروبيون
- عداوة النجاح.. معركة بلا قواعد
- ثقافة الفساد ..... ابن شرعي لسفاح محرم
- الرأي من ذهب والصمت من صدأ
- نتواطأ مع المجتمع ضد انفسنا
- كاسك يا فساد
- المرأة في المجتمع بين العولمة والتاريخ
- الصناعيات السوريات: نتحدى الواقع من خلف الالة


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - تائهة لا تعرف نفسها