أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - خطايا امرأة














المزيد.....

خطايا امرأة


مزن مرشد

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


صديقتي موظفة، تصل الى منزلها في الثالة والنصف، لتجد ابناها قد سبقاها في الوصول من روضتهما وظلا أمام باب المنزل ينتظران والدتهما.
هنا يبدأ يوم العمل الاخر ، الذي يأخذ الجهد والروح معا.
صديقتي التي كانت قد استيقظت في السادسة الا ربعا صباحا ليبدأ نهارها راكضة، مسرعة، كي تسبق الوقت.
عليها أن تحضر ابنتيها للذهاب الى روضتهما، ثم تلهث خلف المواصلات المتوفرة والجميلة لتكون على رأس عملها في الثامنة والنصف صباحا، لينتهي يوم العمل ويبدأ يوما جديا في منزلها.
وصلت في الثالثة والنصف، ادخلت الولدين، وقبل أن تبدل ثيابها، بدلت ثياب الاولاد، غسلت لهما أيديهما ووجهيهما وأقدامهما، وسخنت لهما القليل من الطعام الذي كانت قد أعدته في الليلة السابقة، استغلت انشغال الولدين بالأكل كي تبدل ملابسها وتغسل عن وجهها غبار يوم شاق.
بعد الطعام وفي فترة برامج الاطفال تغدت مع زوجها الذي وصل لتوه متعبا من المواصلات ومرهقا من الاستيقاظ المبكر ومن زحمة الطرقات التي باتت لا تطاق ، تناول غداءه ودخل لينام قليلا، شرط ألا يسمع صوت الولدين لأن أعصابه لم تعد تحتمل اكثر من ذلك.
وبينما يستغرق الزوج الجميل بقيلولته اليومية الهادئة تنهمك صديقتي بممارسة هوايتها المفضلة بتنظيف المنزل وغسل الصحون والتحضير لطهو طعام الغد، وتحمد الله على اختراع الغسالة الالية، لكنها تحلم بأن يخترعوا مكواة تكوي لوحدها، تستمر صديقتي بالاستمتاع بممارسة هذه الهواية القسرية فما تلبث أن تصبح الساعة السابعة مساء لتقرر أن عليها أن تجعل الولدين ينامان باكرا حتى تستطيع أن تكمل ما عليها دون انشغالها بطلباتهما اللذيذة التي لا تنتهي، وهنا تبدأ معركة التحضير للنوم، عشاءهما، التمهيد لحكاية ما قبل النوم والتأقلم اليومي مع ممانعة الولدان لعدم رغبتهما بالنوم الان، وفي الثامنة والنصف تشعر صديقتي بالنصر ، فتغلق باب الغرفة وتعود الى مطبخها الحبيب فتكمل طبختها، ولا تنسى أن تحضر فنجان القهوة المسائي للزوج المستيقظ منذ ساعة والمستهجن لعدم جلوس زوجته الحبيبة الى جانبه، فمنذ أن انجبت باتت تهتم بالاولاد أكثر منه، مسكين فعلا فهو يفتقدها ويعتقد بأنها مقصرة بحقه.
فجأة يقرع جرس الباب، وتستغرب صديقتي فيطمئنها الزوج بأنه دعا صديقهم وزوجته ليحتسوا معا فنجانا من القهوة فالدنيا ربيع والجو بديع والسهر يحلو مع الاصدقاء، سارعت صديقتي لاستقبال الزوار، وجلست مبتسمة ضاحكة تلقي النكات وتشارك في الحوارات ولا تقصر بواجبات الضيافة، مستغلة وجودها في المطبخ أثناء تحضير الضيافة لتضع اللمسات الاخيرة على كل ما انجزته خلال اليوم، فمرة تضع الطبخ بالثلاجة، ومرة اخرى تنقل الاواني المغسولة الى أماكنها المعتادة، ومرة اخرى تمسح الغاز وتنظف الفرن، و.....، و....، وفجأة يعلن الوقت منتصف الليل.
تغرق صديقتي بالكرسي، تشعر بدفئه، نسمات الربيع تلفح وجهها.
بكل عفوية ، وبدون قصد وبلا قرار مسبق، يشعر جسدها بالراحة فجأة، ينسدل جفناها، تغفو برهة، وما تلبث أن تصحو ما ان يميل جيدها، يتنبه ضيوفها ، يستأذنون بالانصراف، تنهض مودعة راكضة الى المطبخ لتنهي غسل صحون الضيافة حتى لا تترك عملا ينتظرها الى الغد، تعد شطائر الولدين، وزاد الروضة، وما ان تهم بالاستعداد للنوم، يتلقفها زوجها معاتبا، كيف تنام أمام الضيوف مثل عجوز، كيف تحرجه أمامهم ليشعروا كأنها تطردهم.
أزبد، أرعد، شكا من حياته الرتيبة معها، تذمر من احساسه بعدم وجود زوجة الى جانبه، عدد الكثير من خطاياها بحقه، خطاياها بحق هذه الحياة المشتركة التي يعيشها وحيدا، خطاياها التي لا تعد ولا تحصى بحق هذا الزواج الذي ظنه سيكون ناجحا.
لم تجبه، صمتت، ليس لأنها لم تجد الكلمات والحجج التي ترد بها عليه، لكنها لم تعد قادرة على الاستمرار بالوقوف، دخلت غرفتها، استلقت على سريرها، سمعت صوته في الخارج لا يزال منزعجا من تجاهلها له، ومن خطاياها التي تزداد يوما بعد آخر، صفع الباب وخرج.
أمسكت صديقتي بساعة المنبه، انتبهت أنها الثانية صباحا، ضبتها على السادسة الا ربعا، دمعة حبيسة انفجرت من عينها، لكنها غفت قبل أن تستطيع البكاء.



#مزن_مرشد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضاءات نسائية
- سندريلا الحلم
- أطفال عروبيون
- عداوة النجاح.. معركة بلا قواعد
- ثقافة الفساد ..... ابن شرعي لسفاح محرم
- الرأي من ذهب والصمت من صدأ
- نتواطأ مع المجتمع ضد انفسنا
- كاسك يا فساد
- المرأة في المجتمع بين العولمة والتاريخ
- الصناعيات السوريات: نتحدى الواقع من خلف الالة
- معه
- ثلج
- هدباء نزار قباني
- نجيب محفوظ
- حارة نسيها الزمن ...الحي الذي أصبح - إبريق الزيت
- سلبوه ...ماذا سيبقى لنا كأس العالم ....للأغنياء فقط ..
- سجن عدرا خمس نجوم
- إلى الرجل الذي خذلته
- ايها الشباب...تزوجوا وعوضكم على الله
- الجحر


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزن مرشد - خطايا امرأة