أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبرام رأفت - متاحف من لحم ودم














المزيد.....

متاحف من لحم ودم


إبرام رأفت

الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 21:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المتحف هو مكان يأخذك في جولة عبر التاريخ، تتلامس فيه مع "بقايا حياة" لأناس عاشوا قبلنا بسنوات أو قرون، تكتشف فيه كيف فكّروا، كيف أحبوا ومارسوا الجنس، كيف اخترعوا أدوات لتصفيف شعرهم وتنظيف أسنانهم، وما هي الألعاب التي لعبوها ليملأوا أوقات فراغهم، إلى آخر تفاصيل الحياة اليومية وأوقات الحب والسلم والحرب والصراع عبر الأزمنة المختلفة.

فالمتحف إذاً هو جمع كل ما هو قديم وعرضه للجمهور ليكون مادة مرئية وملموسة لكل من يحاول فهم كيف تطورت الحضارة الإنسانية وكيف تطور الفكر الإنساني وأدوات الحياة اليومية. فهو تخليد وتجميد لجوانب من حيوات سابقة أو لحظات تاريخية معينة أو وثائق وأفكار هامة ساهمت في صنع مجريات الأحداث التاريخية.

كل ما سبق هو المفهوم المتعارف عليه للمتاحف التي يحج إليها المثقفون والباحثون للغوص في أعماق الماضي والخروج بأقرب صورة للحقيقة. ولكن هناك نوع آخر من المتاحف ينتشر بكثرة في بلادنا وما شابهها من أماكن متفرقة حول العالم لم تجد الحداثة طريقاً لها بعد. هذا النوع من المتاحف هو نوع خاص جداً، ألا وهو البشر أنفسهم أفراد تلك المجتمعات.

فمجتمعاتنا مليئة بأناس وهبوا أنفسهم لتخليد وتجميد وتأبيد حقب زمنية معينة في التاريخ القديم، وأبوا أن يتقدموا بالزمن خطوة واحدة من بعدها. فتجمدوا وجمَّدوا خط الزمن معهم عند حقبتهم الزمنية المقدسة، وجعلوا لمعركتهم المقدسة هدف واحد فقط، وهو محاولة سحب كل من ساير تطور خط الزمن وإرجاعه لحقبتهم البائسة وإخضاعه لثقافتها وعاداتها وأدواتها. فكانت النتيجة مجتمعات بينها وبين العصر الذي تحياه وأدواته وتحدياته هوة عظيمة وعداء دفين! وتحول كل من تم جرّه وحبسه في الماضي، من إنسان حي متفاعل مع الحياة، لمتحف بشري يجمِّد بداخله كل ما هو قديم ومنتهي الصلاحية!

وبهذا فإن تلك المجتمعات التي تمكَّن الماضي من السيطرة عليها وتحنَّط أفرادها، فقدت تماماً قدرتها على المساهمة في مسيرة تطور الوعي البشري، بل تحولت لمُعَانِد ومُعرقِل لأي محاولة إنطلاق. ولم تعد تساهم في رحلة الوعي إلا بمساهمة واحدة على غير إرادة منها، ألا وهي أنها جعلت أخيراً "السفر عبر الزمن" ممكناً! فيكفي أن يقطع أي باحث عصري تذكرة لأحد تلك المجتمعات أو يستمع لتنظيرات أحد مومياواتها، ليجد نفسه يسبح في الأزمنة الغابرة بكل جوهرها وتفاصيلها وبدائيتها، وأحياناً أيضاً وحشيتها!



#إبرام_رأفت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزيزي المتدين جداً.. تحية طيبة وبعد
- التفسير الماورائي للأحداث
- ما بين الجريمة والمعصية
- المدينة الفاضلة والقبح المقدس
- حينما يصبح الموت صديق الأمل
- آفة قلب المفاهيم
- الإله الخالق والإله المخلوق
- نوستالجيا
- ليست أميرة وليست جوهرة
- كلنا روزا باركس
- على طريقة «صندوق باندورا» يتحدثون
- ناقوس الخطر يكاد يتحطم


المزيد.....




- كيف ضخّم كتاب -مدينة القدس زمن الحروب الصليبية- الوجود اليهو ...
- الجهاد الإسلامي: إبادة غزة لن تمر دون انعكاسات على المنطقة ا ...
- تغيير مسمى مكتب الشؤون الفلسطينية إلى التواصل مع الجمهور.. ...
- المتحدث باسم حركة فتح: تصور اليوم التالي للحرب بغزة أصبح خطة ...
- المؤتمر اليهودي المناهض للصهيونية يدعو إلى طرد إسرائيل من ال ...
- التصوف بالحبشة.. جذور روحية نسجت هوية الإسلام في إثيوبيا
- ماليزيون يطالبون حكومتهم بعدم قبول سفير أميركي يهاجم الإسلام ...
- من هو حكمت الهجري الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز؟
- نتنياهو أبلغ بابا الفاتيكان بقرب التوصل لاتفاق لإطلاق الأسرى ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على كل الأقمار الصناعية بجودة عا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبرام رأفت - متاحف من لحم ودم