أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - حبيبي .. هذا الثائر الاخرس















المزيد.....

حبيبي .. هذا الثائر الاخرس


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


في سكون الليل جلست تتأمل جمال الطبيعة الاسمر.. سحر اخاذ زاده القمر لمعانا باشعته الحمراء المتناثرة بتناسق .. صورة رائعة سحرت قلبها، فتنت روحها، اسرت عقلها وعظّمت ابداع وسليقة الخالق فيها.
امتدت يدها الى القلم واحتضنته بين اناملها الانثوية لتصور جمال الطبيعة، الرائع ابدا، في شعرعلى الورقة البيضاء الممتدة امامها. انبرى القلم يسطر على الورقة خطوطا سوداء كتلميذ مشاغب لا يريد الاصغاء الى استاذه. حاولت السيطرة على شغبه بالضغط عليه ، فدفع بالحبر الى البقية الباقية من الورق وادمى بياضها. رفعت اناملها من عليه ، ولكنه تعلق بها كالغريق المتعلق بقشة.. تفرست فيه مستغربة بعض الوقت ثم عادت لتغير من تحته الورقة وتحتضنه برقة ليكتب ما يشاء!!
بدأ الفلم يكتب عن جرائم البشرية في حق البشرية والطبيعة والخالق. كالمؤرخ يسطّر الاحداث باقسامها ، الماضي والحاضر والمستقبل. كشف في الماضي تاريخا بلا رحمة، يكاد يرمي بثلاثة ارباع السكان في مزبلته، لتعيش الجحيم الى الابد. فها هم ملوك ووزراء، من الذين جمّلت وجوهها التواريخ المزيفة وها هم منفذي جرائمهم في الطبيعة والشعوب. وها هي مجاميع غدرت بشعوب اخرى لاسباب عنصرية. واخرى غدرت بشعوبها لاسباب انتهازية. وها هي شخصيات دينية كذبت على شعوبها واغتالت الايمان في انفسها. وسياسية جرت الويلات على شعوبها . وادبية اختالت الثقافة في مجتمعاتها. وها هم اصحاب الدعارة والجنس الاباحي ، مفسدي ارواح البشرية و.... و.... و.... ظل يكتب لها قصصا ادمعت عينيها.. واحنت اهدابها خجلا بسبب تعسف الانسان وظلمه امام خالقه . اعطى لها القلم حقوق نشر هذا التاريخ كما هو و.. حملت مأساة الماضي الى دور النشر ليخرج الى البشرية كتابا بتواريخ واحداث جديدة عن الماضي.
حاز الكتاب على اعجاب المطلعين وحازت هي على النجاح في انجاز المهمات الصعبة ( الكتابة والنشر) ونالت اعجاب الاخرين. استمرت تكتب القصص والاشعار واخذت الكثير من الشخصيات تتقرب منها وتتودد اليها بغرض الاستفسار وطلب التوضيح عن بعض الحقاثق.. او للتحدث عن الاحداث بشكل اوسع.. او لايجاد السبل الكفيلة لتفادي اخطاء الماضي.. او للتعارف او ...او... لكن احساسا غريبا في داخلها التصق بمحبة هذا القلم لها خاصة، بعدما ادركت ان ما نشرته ليس الا القليل من عطائه.
عادت تتودد اليه من جديد . اقتربت منه بهدوء .. مدت يديها لتلمس جسده باناملها الناعمة.. سحبته اليها بحنان.. قبلته واخذته الى مخدعها ليجلس على وسادتها ريثما تحضر له مستلزمات السهرة. جلست على سريرها ووضعت الدفتر على فخذيها ثم عانقت القلم باناملها ليعود الى الكتابة وتبدأ معه رحلة الحاضر.
هذه المرة ايضا بدا بوضع النقاط على الحروف والاسماء لتأتي واضحة وصريحة... وعود وعهود ينشرها المنافقون للوصول الى السلطة واستلام القوة، ليبدأ الشعب مأساته على ايديهم... مبادئ وقيم يتغنى بها الفاجرون من على المنابر ليضحكوا على ذقون المستمعين في الواقع... شعارات يرددها الجهلاء كالببغاوات، دون ان يفهموا معناها . التاريخ يعيد نفسه على الارض من جديد مع اختلاف الوجوه، وكأن ارواح الموتى باشرارها وابرارها عادت من الماضي لتتجسد في شخصيات اخرى.
ارتعبت من فكرة النشر بالاسماء هذه المرة، وحاولت مباغتة القلم اللاذع بشطبها اثناء التبييض او عبورها، لكنه ظل متوقفا عندها ، مصرا على ذكر الاسماء ونشر كتاباته بلا رتوش. اعادت المحاولة لتعديل بعض العبارات اللاذعة والتزام حدود الأدب عند الاشارة الى اصحاب العورات، لكنه اصر على منهجه بفضح اسماءهم وفقع عوراتهم بمخلبه. اصر على اخراجهم بهذا الكاريكاتير، ليجعل منهم اضحوكة الدهر. حاولت التهرب من الكتابة ولم تفلح محاولاتها معه. كانت كلما تحاول معه عاد واقنعها بثورته، الى ان رضخت لطلباته .
عادت في الصباح الى دار النشر مترددة، متعبة، خائفة من النتائج. اشار عليها جبنها، بعدم ذكر الاسماء وشطب العبارات اللاذعة في الكتاب، لتفادي الصدمات الخارجية والحفاظ على سمعتها كامرأة بين الناس. جاءت اصوات الات النشر المتعالية لتزيد من خوفها ولتقنعها بالتنصل من وصية القلم ليخرج تاريخ الحاضر ناقصا... مع هذا، جاءت الانتقادات والدعايات تحوم حولها بلا هوادة. كما انتشرت اخبار علاقتها السرية بالقلم الثائر واشتدت حولها الشبهات. وبدأ المنافقون واصحاب العورات يترصدون اخبارها ويجمعون كل شاردة وواردة لزرع عورة فيها، مستغلين جهالة المجتمع ونظرته الرجعية الى المرأة والقلم .
تألم قلبها الضعيف من واقع الثقافة والجهالة في مجتمعها وظلم عصابات القيل والقال فيه ، هربت من هجومهم الى بيتها وغرقتها لتسجن نفسها بين حيطانها وتأمن شرورهم. وقعت بعيناها على القلم وبجانبه ورقة، رسمت عليها صورة امرأة، بجسدها ووجها، مصلوبة على خشبتين، كتب في أعلى عمودها ( جبانة). اغتاظت من استفزاز القلم لها واسرعت تبعده من على سريرها وترمي به من الشباك صارخة " ايها الشيطان الاخرس. اما كفاك ظلم الاخرين لي بسببك، حتى تظلمني انت ايضا؟؟ اذهب الى الجحيم.
اقفلت الشباك ورجعت الى السرير. تمددت الى ان هدأت ثورتها واخذت تتأمل نفسها في الوحدة وتقارنها بليالي الانس مع القلم، فتألمت لفعلتها الظالمة تجاهه وهو الذي اضفى الحركة والسعادة والفرح على حياتها الرتيبة. اخذت رسمه الاخير ووقفت تتفحص صورتها بدقة، فوجدت تعابير الجبن على وجهها تتطابق تماما مع احاسيسها عندما هربت من مواجهة عصابات القيل والقال واصحاب العورات. هالها صدق تعبير القلم لشخصيتها. ولكنها عادت تتساءل:  لماذا يحاربها اصحاب العورات بالرغم من انها شطبت اسماءهم في الكتاب؟؟!! لابد وان يكون الاشرار ايضا قد شاهدوا جبنها في الكتاب، فهم يعرفون جيدا اين تقع اسماؤهم في هذا التاريخ . وقد وجدوا اماكنها خالية او مشطوبة بسبب ضعفها وخوفها ... نعم تأكدوا من جبنها من طبعة الكتاب. ولكن الجبن ليس بعورة ليطاردوها بسببه !! ما هذا القدر الذي يجعل اصحاب العورات الحقيقية صامدون والخليّون منها يهربون. الا تقول النظرية " البقاء للاقوى والاصلح"؟ فلماذا يتعارض البرهان في مجتمعها مع النظرية؟ يجب ان يكون الخالي من العورات هو الاقوى والاصلح ويجب ان يكون هو الابقى..  كيف لا يستحق البقاء والقلم الثائر بجانبه.. القلم.. اين القلم؟ اين حبيبي الثائر؟. تذكرت فجأة بانها كانت قد رمت به من الشباك. فسارعت الى الخروج من البيت والتفتيش عنه لاعادته، فلم تجده ولكنها وجدت جنازة لثائر أخرس، رجمه شعبها ودفنه تحت الارض، وحيّاه خالقها ورفعه الى السماء .



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلاّق الصامت
- نعم، الانتخابات لم تكن نزيهة
- عندما يتخاصم الكبار، يحترق الصغار
- متى يكون الله ارهابي
- عن الارهاب وقلع جذور البعث في العراق
- رغم حماقاتهم، احتفلت بذكرى سقوط البعثفاشي
- آلام المسيح ونظرته السياسية الى المسيح
- المرأة العراقية ويوم المرأة العالمي
- دور المرأة العراقية في الاصلاح البحثي والجامعي
- الكوبونات الصدامية، وصمة عار في جبين الانسانية
- هل ستعيد بريطانيا خيانتها للشعب العراقي
- الى مجلس الحكم : مزيدا من قرارات الاجحاف بحق المرأة
- حقوق المرأة والقيادات العليا
- رسالة الى عضوات مجلس الحكم العراقي
- ليكن عامنا الجديد عام الحرية الفكرية نعم لمسيرات الاحتجاج .. ...
- هل كانت سميرة الشاهبندر تفاوض التحالف ؟؟؟؟
- تحية الى الحوار المتمدن واخراجه المرتب
- المرأة والمومس
- مواجهة الكلاب السائبة
- سلاّمة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - حبيبي .. هذا الثائر الاخرس