أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مسافير - الثأر المسلوب!














المزيد.....

الثأر المسلوب!


محمد مسافير

الحوار المتمدن-العدد: 5559 - 2017 / 6 / 22 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


جلس إلى جانب أبيه الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، كان لا يزال يقاوم الفناء، يحاول إبلاغ ابنه بما فطن به أخيرا، عله ينجو وأهله من هلاك محتم:
- إنهم لا يبالون بالإنسان، لا تهمهم المروج باخضرارها، ولا الطبيعة بعطائها، ولا الحيوان بأنسته، لقد أخذهم الجشع إلى ما يهلكنا جميعا، يقضون الساعات الطوال، في التفكير في طريقة جلب الدرهم الأخير من جيوبنا، وها أنذا أمام عينيك، وأنا لم أبلغ بعد الخمسين، قد تقوس ظهري من كثافة العمل، وقد غزا الشيب رأسي بعد أفول الأمل، وقد قضى السرطان على جسمي، ولم تلتفت إلي إدارة المصنع، ولا صاحب المصنع، كذبابة تقع، أو كرقم يختفي كشأن باقي الأرقام، هكذا مات محمود السبغي وياسين بن المحجوب وأحمد المعطي، قبل أسبوع، كلهم ماتوا بنفس الداء، وهكذا تموت الأجنة في بطون الحوامل، لما تخلفه المصانع من أدخنة قاتلة، كلهم يعرفون السبب، ولا أحد قادر على النبس، لأنهم أصحاب جاه وسلطة، ونحن مجرد حراشيف، لا نملك إلا الفرار خيارا...
ربما كانت هذه آخر كلماته، أو ربما هذا ما تذكره ابنه البار حسن... جمع أغراضه بعد أن وارى جثمان أبيه، وغاب عن المدينة المجرمة، لكن الجرح الذي سببته كلمات أبيه، كان شديد الغور، ولن تمحوه أبدا النجاحات التي بدأ يحصدها في التالي من حياته...
لقد عزم أخيرا على أخذ الثأر لأبيه، ولكل من جنا على روحه العبث، وقبل أن يغوص في النوم كل ليلة، يستعرض صورهم واحدا واحدا، أسرته والجيران ومعارف كثيرة قضت نحبها بنفس الأسباب، وبنفس المرض، فتغلي مخيلته بسخط عنيف، يتحول بعد لحظات إلى عياء وإرهاق، ثم تستسلم عيناه للنوم...
ورغم كل ما كان يعانيه من إرهاق في التفكير، إلا أنه عاش مُجدا في حياته، استطاع تحصيل الدكتوراه، وعمل أستاذا جامعيا، وازاه عمل نضالي طويل النفس، اختتمه أخيرا بالانخراط في العمل الحزبي، على أمل التغيير من داخل المؤسسات، وهمه الأول، تغيير الكائن داخل بلدته، ثم في البلد أجمع، ومحاولة إعادة مفهوم الإنسان، إلى داخل كل إنسان... عله يفكر في الإنسان، قبل المال...
استطاع الوصول إلى قبة البرلمان، فوجد هنالك الإنسان، غير ما ألفه عليه من خصائص، إنسان متحول، لا يعرف إلا لغة المال، وإن اقتضى الأمر، التضحية بكل إنسان...
لا يزال يفكر في أهله وبلدته، لا يزال يحاول أخذ الثأر، لا يزال يبحث عن منافذ إلى التغيير، كان يخال أن الارتقاء إلى القبة، يعني امتلاك المفاتيح جميعا، فإذا به يضيعها جميعا...
بدأ يخجل من ماضيه، ويحاول التنكر لأصوله، ويبحث عن منافذ... إلى مزيد من المال، عله يكتسب بعض ما يجعله في مقام زملائه داخل القبة...



#محمد_مسافير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرتي!
- صناعة الجريمة... الضحية محسن!
- هكذا يريدونك... جارية خنوعة!
- مذكرات حمار!
- إلى المقبلات على الزواج!
- لمحة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية!
- آفاق حراك الريف...
- الإسلام... لله أو للإنسان!
- حداثية من نوع فريد!
- تنويعات سياسية!
- تنويعات في نقد السماء!
- ومن منافع الجهل...
- حيواناتهم وإنساننا!
- ضحية مرتان!
- منطق البلوغ في الدين الإسلامي!
- المرأة ونحن...
- طرائف مأسوية عن المدرسة المغربية!
- زندقات!
- عياشي يحدثكم عن الريف...
- الحركة النقابية التونسية قبل الثورة!


المزيد.....




- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو
- من جنيف إلى الرياض: السعودية ومؤسسة سيغ تطلقان مشروعًا فنيًا ...
- وفاة بريجيت باردو أيقونة السينما الفرنسية عن 91 عاما
- تضارب الروايات بشأن الضربات الأميركية في نيجيريا


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مسافير - الثأر المسلوب!