|
ايران كوبا الشرق الأوسط
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5557 - 2017 / 6 / 20 - 18:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ايران كوبا الشرق الأوسط تميم منصور شهدت الدول الأوروبية تنافساً وصراعاً فيما بينها خلال توسعها الاستعماري ، وفي كثير من الحالات تحول هذا الصراع الى حروب دامية بين هذه الدول ، خاصة بين فرنسا وبريطانيا ، وقد شاركت الكثير من الدول الأوروبية في هذا التنافس ، خلال القرن التاسع عشر ، قبله وبعده ، ونجحت بالسيطرة على مساحات شاسعة في قارتي آسيا وأفريقيا ، فنهبت ثرواتها واستعبدت شعوبها سنوات طويلة . الشعارات التي رفعها قادة وزعماء هذه الدول ، كانت زائفة ومخادعة ، لإيجاد المبررات لاستعباد الشعوب ، من هذه الشعارات ان الرجل الأبيض وحده قادر على نقل الحضارة والمدنية للشعوب الأخرى ، هذا الشعار يعني تفضيل الرجل الأبيض عن غيره من أجناس الشعوب الأخرى ، لأن قدرات هذا الرجل العقلية من وجهة نظرهم تفوق غيره من الأجناس . لكن تم تعرية هذه الخديعة ، عندما فجر الرجل الأصفر كما أرادوا تسميته طاقاته الصناعية ، وبرعت من خلال ما عرف بنهضة اليابان العجيبة في مطلع القرن العشرين ، وقد لحق الشعب الصيني بالشعب الياباني ، وتحولت الصين الى طاقة بشرية وانتاجية في كافة المجالات العلمية والعملية . هذه القفزة السريعة أعادت ما يعرف بالرجل الأبيض الى حجمه الطبيعي وكشفت عيوبه ، وحدت من فوقيته التي كانت بطاقة استعمار استغلها تاريخياً وبشرياً أبشع استغلال . لم يعد الرجل الأبيض وحده سيد العالم ، من حيث القدرات الفعلية والقدرات الانتاجية والتطور الصناعي والتكنلوجي ، اليوم يوجد تنافس في تطوير الاكتشافات وغزو الفضاء ، تشارك به دولاً خارج القارة الأوروبية والامريكية . حاولت الدول الامبريالية احتكار صناعة السلاح المتطور سنوات طويلة ، مثل صناعة الطائرات والغواصات والصواريخ بشتى انواعها ، اضافة الى صناعة الرادارات والصناعات الالكترونية المختلفة ، لكن الاتحاد السوفياتي الذي كان خليطاً من كافة الشعوب وضع حداً لهذه الغطرسة ، وفرض توازناً بفضل صناعاته العسكرية وسفنه الفضائية ، محطماً التفوق الامريكي الامبريالي خاصة في مجال حرب الفضاء والاسلحة غير التقليدية . من الوسائل التي تتبعها امريكا لفرض هيمنتها ، منذ بداية الحرب الباردة ، حتى اليوم فرض ومقاطعة الأنظمة التي رفضت ولا تزال الدوران في فلكها ، شمل هذا الحصار جميع الأنظمة التي كانت تربطها علاقات مع الاتحاد السوفياتي ، لكن منظومة الدول الشيوعية سارعت الى سد هذا الفراغ يمد هذه الأنظمة بالسلاح . في مقدمة الدول التي حررت نفسها من غطرسة امريكا وهيمنتها ايران ، ففي عام 1979 ، قامت في ايران ثورة شعبية ذات طابع شعبي اسلامي مميز ، حررت الشعب من طغيان وفساد شاه ايران ، احد عملاء امريكا واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط . ما يميز الثورة الايرانية ان سياستها منذ قيامها اتجاه محاربة الامبريالية والرجعية والصهيونية لم تتغير ، في حين فإن غالبية الأنظمة العربية التي كانت تعتبر في الماضي ثورية سقطت في أحضان امريكا ، باستثناء سوريا ، هذا هو الفارق بين الثورة الايرانية والثورات التي قامت في الدول العربية . لقد نجح الشعب الايراني بفضل وعيه وتسامحه الديني ، وبفضل قيادته من الصمود في وجه الضغوط الامريكية ، حيث قاوم نفوذها في منطقة الخليج ، ولم تكن الثورة الايرانية ضد طغيان الشاه فقط ، بل كانت ثورة اقتصادية واجتماعية واصلاحية وعسكرية . بعد وقف الحرب مع العراق ، شهدت ايران قفزة نوعية في كافة المجالات ، جاءت هذه القفزة رغم الحصار الامبريالي الاطلسي ضدها ، ورغم تهديدها المستمر ، لكنها نجحت بتحويل الحصار الى قوة وطاقة خلق ايران جديدة ، ايران متماسكة ، ايران متطورة صناعياً وتكنولوجياً ، ايران التحدي وايران الحوار والانفتاح في آن واحد . ايران الجديدة اجبرت امريكا وحلفائها على التفاوض والتوقيع معها على اتفاقية خاصة باستغلالها للطاقة النووية للاغراض السلمية ، الاتفاقية لم تمنع ايران من تطوير قدراتها العسكرية ، فبفضل قواها الذاتية نجحت بتطوير قدراتها الصاروخية ، كما تحولت الى قاعدة صناعية للصناعات المدنية والعسكرية ، كما ان الاتفاقية الأخيرة لم تمنع ايران في الاستمرار في دعم المقاومة ، ولم تمنعها من دعم حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة . أننا نختلف في صور نهج الحياة الداخلية في ايران ، لكن هذا شان الشعب الايراني ، الذي يختار قيادته بروح ديمقراطية تلائم ظروفه الدينية والاجتماعية . لكن الذي يهمنا أن ايران استطاعت في هذه الأيام جلب أنظار العالم اليها ، ليس من خلال تحديها المطلق للسياسة الامريكية في المنطقة ، ورفضها لسياسة المحاور الرجعية التي تقودها السعودية ، لقد حققت ايران انجازاً عسكرياً مفاجئاً ، له مدلولات سياسية وعسكرية ، هذا الانجاز نجاحها بإطلاق صواريخ بالستية موجهه من قواعدها ، باتجاه مواقع تابعة لداعش في منطقة دير الزور في سوريا ، وباعتراف الاعداء قبل الاصدقاء بأن هذا الاطلاق كان ناجحاً ومصيباً للغاية . هذا الانجاز يخدم مصالح الشعوب المغلوب على أمرها ، الشعوب التي تهددها امريكا واسرائيل ، انه تحول استراتيجي في تاريخ ايران العسكري سوف يجبر دولاً كثيرة ، مثل امريكا والسعودية واسرائيل اعادة حساباتها ، لأن الصواريخ التي اصابت وبدقة قيادات داعش في دير الزور ، قادرة على اصابة القيادات الامريكية في قواعدها في الدمام والظهران ، وعديد والبحرين وغيرها من القواعد المنتشرة كالبثور في الجسد الخليجي. انها قادرة على شل تحركات الاسطول الامريكي في الخليج ، هذا الانجاز هو انتصار للمقاومة وانتصار للحق الفلسطيني . وهو يعيد الى الذاكرة تحدي كوبا عشرات السنين لسياسة الغطرسة الامريكية
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزة في انتظار حرب الكهرباء
-
عار الهزيمة لن يدوم
-
لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر
-
من البيعة الصغرى الى البيعة الكبرى
-
قراءة في صفحة من صفحات الانقسام الفلسطيني الفلسطيني
-
طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي
-
أسرى الحرية بين النصر والشهادة
-
تهليل القرعة التي تتباهى بشعر اردوغان
-
وهل يضر النيل يوماً اذا بال التكفيريون فيه - أنه لا ينجس
-
مرة أخرى - أيمن عودة في الميزان
-
تبرئة مبارك المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية
-
البادي أظلم
-
الخطوة الأولى في طريق العودة وحدة الصف
-
هنا دمشق من القاهرة
-
الوجه امريكا والعجيزة اسرائيل
-
ريفلين وقفزة القط الشرير
-
بلدية البيض في القدس
-
بالأمية والغيبيات تُحكم الشعوب والبلدان
-
وحدها الشعوب العربية قادرة على الزام امريكا بالتغيير
-
وماذا بعد الاستقالات ؟؟؟
المزيد.....
-
ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
-
الملك السعودي يغادر المستشفى
-
بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس
...
-
بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى
...
-
النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي
...
-
غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
-
بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال
...
-
موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي
...
-
واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
-
السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|