أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - دولةُ الارهابِ















المزيد.....

دولةُ الارهابِ


سامي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 5550 - 2017 / 6 / 13 - 02:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في حدود السياسة: هل يصح إطلاق مصطلح " دولة الارهاب" ؟ كيف يجتمع الاثنان تحت سقفٍ واحد هو الدين والسلطة ؟ ذلك بمناسبة كشف الغطاء الدولي عن " نظام قطر" في رعايته للإرهاب وتمويله والتلاعب به. وربما الفائدة أنَّ الأنظمة العربية - حال انحرافها - تثير قضايا أعمق مما نتصور. وهي لا تحرك ساكناً فقط بل تضرب في جذور المفاهيم السياسية كاشفة أبعادها. إنْ لم تُظْهِر: كيف تُدفن إنجازات العقلانية والتنوير والاختلاف والحداثة تحت التراب؟! ثمة مقولة دينية وراء المعنى السابق: ما فوق التراب تراب... استهانةً بالإنسان على مرمى الفناء. وبالتالي يجب دفعه دفعاً إلى نهايته المحتومة كما يردد الدواعش. والفكرة هنا جزءٌ من رؤى العالم في سياسات الاسلاميين عندما يبذلون كلَّ عداء تجاه المدنية والحضارة!!

وكلُّ مرةٍ نناقش فيها قضايا كهذه نفترض إزالة التراب عن تلك الأشياء. ويُفترض أيضاً أن نندهش بلا نهاية في عالم بليد طافحٍ بالعنف. لقد رأينا الدول العربية أحجاراً على رقعة الشطرنج تحركها أياد خارجية. لكنها أبداً تُعلَّق على شفير الانهيار- وهناك من انهارت حقاً- بدفعها إلى أتون الجماعات الإرهابية. وأول ما تسقط منها، سواء سيطرت تلك الجماعات أم مارست عربدتها، هو مفهوم الدولة نفسه. والسقوط ذاته ينسحب على الدولة الداعمة للإرهاب.

لأنَّ أي فعل سياسي ولو كان نسبياً يضع ماهية المجتمع وطبيعة الدولة تحت الاستفهام. فالدولة ليست جماعةً ولن تكون. كما أنَّ الإرهاب خارج الأطر... ولا يمكن لدولة الالتصاق به كعملٍّ من أعمالها. لأنَّه ينفي- يسلب، يدمر- ماهيتها كنظام مؤسَّساتي يمارس إرادة عامة. كما لا تحتاج الدولة ابتداءً للإرهاب إذ تقف وسط نطاق استراتيجي من القوة الناعمة والخشنة لحماية مواطنيها والدفاع عن وجودها في التاريخ.

الدولة نشاط سياسي بحاجةِ أفرادها إلى حياة تؤكد مبادئ الحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة. وهي بيضاء المعالم تماماً... إلاَّ من طبيعة تكوينها الفارغ من الوصف. فلا توصف بالخير أو الشر مثلاً. ولا تعتبر ملونة كأنْ نقول: دولة حمراء أو صفراء أو رمادية. وليس هنالك ديانة خاصة بها كأنَّها كائن عيني. فتلك الأوصاف فردية وتنم عن رؤية معيبةٍ تجاه موضوع كلي الطابع. في هذه اللحظة يجب ألاَّ تغيب مفاهيم الدولة ويسهل تحديد الفوارق بين كيانها فوق خريطة العالم وكيان أية تنظيمات أخرى. فليست كل جماعة دولة. وليس كلُّ أفراد بينهم روابط كبرت أم صغُرت دولةً بالمثل.

ورغم ذلك انخرط " نظام قطر" في حالة اللادولة بامتياز. على الأقل على صعيدها الخارجي ناهيك عن أبنيتها النوعية. والغريب أنَّ نظاماً كهذا لا يدرك ما وصل إليه من انحراف سياسي. إنَّه في حالة انكار دائم لما هي الدولة وما هي اللا دولة عبر تصريحات حكامه. فالدولة بالمقام الأول - في سياق الأفعال السياسية- مسؤولية قانونية. لأنَّها بمثابة القصور الذاتي بفعل قوانين تضعها لنفسها وترتضي عيشاً مع العالم عبر نطاق أكثر اتساعاً( القانون الدولي). بينما الارهاب هنا ممارسة ضد القانون، ضد الالتزام بالمبادئ، وضد الإنسانية. يقتل ويدمر ويثير الفوضى ويفجر المؤسسات ويخرب المدن. ولا يفعل ذلك إزاء العالم فقط بل يهدم أول ما يهدم الدولة التي ترعاه.

من ثم كان ضرورياً معرفة بأية طريقة مارست دولةٌ كقطر إرهاباُ وليس مجرد رعايته فقط؟ ما الذي جعلها تساير الجماعات الدينية وتزعم أنها تقوم بسياسات تحارب الارهاب؟ لماذا تتلون دولةٌ بألوان أيديولوجية لاهوتية في قرارة تكوينها؟ لأنها دولة تمثل ظاهرة الخراب أبلغ ما يمثله كيان على سطح الأحداث السياسية. لا ترجع بسهولة إلى احترام انسانية ما قابعة تحت الدمار أو وراء التفجيرات التي قد تقع بتحريض منها. إنَّها تواصل حملاتها المالية والاعلامية الداعمة لجماعات العنف لإيقاع مزيد من الخسائر للطرف الذي تحاربه.

الدولة إما أنْ تكون دولة أو لا تكون. وما نراه من دولٍّ عربية ليس غير فقاعات سياسية يمسك بتلابيبها حاكم فرد أو عائلة مالكة. يستطيع أن يطير بها إلى مكان آمن أو يثقب جدارها فتذوب في الهواء. ولأنَّ الدول العربية مؤسسة في سرها على فوضى عارمةٍ بحكم الارتكاز التاريخي على اللادولة فإنها تمارس فوضاها مع المواطنين ليل نهار. بمعنى أنها تدخل مواطنيها في دوران وعشوائية لا ينتهيان لإنجاز خدماتهم وتسبب لهم ارباكاً شاملاً إذا طالبوا بحقوقهم. الدولة في الثقافة العربية شيء غريب كالبعير الذي يتحول إلى مركبة فضاء.

تلك النقطة أوقعت نظام قطر في إرباك السياسة بالدين. كانت ومازالت تصوراته بدائية إلى درجة مزرية حول تديين الدولة كأنها شخص يحاول التعبد إلى السماء. كان نظام مصر على تكوين حاشية لاهوتية مكن جميع الاتجاهات الدينية وبخاصة المتطرفة. لا تمييز لديه بين الانفتاح والانغلاق الديني. وكأن نظام قطر اراد بناء دولة ايرانية في شكل سني. يجمع رموز ومشايخ ومنظري الجماعات الاسلامية. وبخاصة الحركيين منهم. والنظام القطري لا يدرك الفوارق بينها مثل الاخوان وداعش والقاعدة والسلفية الجهادية. لقد تحولت جغرافيا قطر إلى جوال كبير لكل صاحب فتاوى حركية في الواقع.

المعيار الوحيد لهذا التراكم الحركي هو كيف يمكن احداث فوضى في الدول العربية التي يوجدون فيها؟ ولنلاحظ أن جميع الاتجاهات التي يمولها القطريون كانت قائمة على التنظيم العنيف. إنهم يؤمنون جميعاً بلا استثناء بالأعمال المادية والانخراط في شرايين الدولة ومحاربتها من الداخل. فالإخوان المسلمون كالفيروس يقبعون في خلايا المجتمع. حيث يصرون على تحويلها إلى خلايا تنظيمية تابعة لفكرها ومعطياتها التاريخية. لا ننسى أن الاخوان يطلقون على تجمعاتهم خلاياً أيضاً. في إشارة إلى العمل المستمر تحت الأرض وعبر العائلات والنقابات والهيئات والمؤسسات.
أما داعش فيعلم القطريون أنَّه تنظيم متوحش ودموي. فكان من اعلام الجزيرة وما ينحو نحوه إلاَّ اسباغ شرعية عليه. سواء في الخطاب السياسي أثناء الأزمة باعتباره طرفاً في الصراع أم ادراجه ضمن عناصر المعارضة. ولم يمر بعض الوقت حتى اسهمت في انتشاره. ذلك حينما اعطته مع دول عربية أخرى سيارات ومعدات وأسلحة في حالة العراق. وعندما ازداد توحشه ممتداً في سوريا ومصر وليبيا ظل نظام قطر يفسح له المجال من خلال محاربة الأطراف الأصيلة وطنياً والواقفة ضد زحفه كما في ليبيا ومصر.

في هذا المضمار يكفي التبرير الديني والاعلامي الواضح لأفعال داعش بشكل معكوس. أي عندما تقول الجزيرة طوال الوقت إنَّ مصر دولة مستبدة وتحارب الدين وتقتل المسالمين فهذا يعني أن على الدواعش توسيع نطاق أعمالهم الإرهابية. وأنهم مهما فجروا الكنائس المسيحية ودمروا الأبنية فذلك كله مسموح به. فقد اعطتهم الجزيرة "كارت بلانش" لمواصلة الجهاد. وعندما تؤكد أن الجيش المصري يقتل المدنيين ويستولي على السلطة التي كانت- بالأمس القريب- بين أيدي الاسلاميين فهي تقصد محاربة الجيش واصطياد عناصره. وحينما تتكلم عن الفقر في مصر فإنها تطلق العنان للاستهزاء بالمصريين واعتبارهم رعايا في بلدهم وبخاصة أنَّ النظام الجديد لا يسير على هواها. وقد اختارت في مثل هذه الحالة فقراء مدقعين لتعرض نمط حياتهم بشكلٍّ مهين.

إنَّ الاسلام الذي اختارته قطر هو اسلام الغزو، اسلام " اقتلوهم حيث ثقفتموهم". كل ذلك بضاعة تاريخية مزجاة داخل عباءة الخلافة الإسلامية. وقد استحالت إلى " ألة قتل" عملاقة بحجم الكراهية التي يبثها المشايخ تجاه أعداء الاسلام وإزاء المرتدين والعلمانيين ورافضي تطبيق الشريعة. لقد حول هؤلاء الدين إلى عنف لا نظير له. هل كان ثمة من يقتل ويسلخ ويقطع هكذا ليتلذذ بالتشفي وكفى؟!

في كل خطوة من غزو الجهاديين كان اعلام قطر يعطيهم الشرعية. ويغذي غرائزهم بالصور والمقاطع المسجلة ويكيل لهم الثناء والمديح من قيادات التنظيم هنا أو هناك. هذا الاعلام الذي نسي أنه ينتمي إلى دولة واختار اللا دولة. كانت يلعب على شأفة الزحف المقدس داحراً أمامه فلول الأنظمة الساقطة. وكلما وجد مناظر الدماء تراق كانت ينقل الصيحات إذ تتعالى فوق العربات ومن وراء الأجمات وبجوار الجثث. وكأنَّ الحياة التي يبشرون بها عبارة عن موتٍ ليس أكثر.

ونظام قطر حينما يتبنى ذلك في وضح النهار أو غسقه لا يدري أنَّه مكشوف للعالم كله. الوحيدون الذين يعرفون أنهم في خفاء عن الأنظار هم الإرهابيون وحكام قطر سواء بسواء. وللأسف كان خيال الخلافة (بالغزو) هو المظلة التي حجبت الواقع فعلاً. يبدو أن أمير البلاد أراد تنصيب نفسه خليفة للإسلاميين. فطالما أنَّ إمارته تناصرهم وتقف بجوارهم في الأحداث وتغالب الدول الوطنية لصالح الغزوات والاغارات فهو يقول ضمنا: أنا أمير المؤمنين الفعلي. ولتسقط كل الدول تحت أقدامي!! لأنَّ هذا الخيال يدهس الدولة في صحراء التاريخ الإسلامي كما دهس دولاً أخرى أقربها العراق وسوريا وليبيا. والأمير المنتظر لو يعترف بدولته على سطح العالم ما كان ليساند جماعات الموت.

من جهة أخرى المعضلة دولياً أن قطر أدت دوراً تؤديه دولٌّ كثيرة بتكتم شديد. ولم تكن إلاّ قرداً سياسياً يتقافز- داخل قفص العالم العربي- لإضحاك مدربه الأمريكي. والفكرة هنا أيضاً ليست بتلك البساطة. فهي تفترض تحليلاً مغايراً. لأن عملاً كهذا يثير أسئلة حول هيكل الدولة كبنية تتأقلم بالدين السياسي وتحولاته ضمن الأوضاع العالمية. لقد كان نظام قطر مندوباً إقليمياً لتنفيذ خطط ترسيم المنطقة ونهب ثرواتها الباقية. فرغم هذه الصراعات ورغم جموع الجماعات الارهابية إلا أن أمريكا والغرب استطاعا خفض أسعار البترول. والأهم استطاعا نقل النفط من آباره الخام إلى أوروبا وأمريكا بشكل آمن.

من الذي يشتري من الجماعات الارهابية البترول الذي تسيطر عليه؟ من الذي يعطيها أموالاً باهظة كمقابل له؟ كيف يتم السيطرة على الموقف حتى تتم الصفقات هكذا بلا خسائر وكأن هناك اتفاقيات دولية تحكم العملية؟ جميع ذلك يتم بالوسيط القطري الذي رسم منذ البداية الوصول إلى هذه الخطوة.

هناك ثلاث ملفات في ليبيا رفضت قطر التفريط فيها ولو بالدماء التي تجري. وكان بإمكانها أن تدمر ليبيا عن بكرة أبيها مرات ومرات لو نازعها أحد فيها. الملفات هي: الأمن، وإعادة الإعمار والبترول. نظام قطر اعتبر نفسه هو المالك لمليون وسبعمائة وتسع وخمسين كليو متر مربع(1,759,540 كم مربع) هي مساحة ليبيا. ولا يحق حتى لشعبها أن يمتلك ثرواته التي أصبحت قطرية بين يوم وليلة. لقد كان القذافي- بصرف النظر عن الاختلاف حوله- يعتبر الشعب مالكا للثروة والسلاح والسلطة. ثم تأتي قطر من قارة أخرى داخل عربة الإرهاب لتفرض حماية دولية عليه وتعتبر ليبيا فرعاً قطرياً من إمارتها النائية. وكأن هناك كوكباً صغيراً يسحب وراءه مجرة بأكملها!!

وبالمقابل سرعان ما فهمت السعودية كيف تكشف عن نظام قطر هذا الغطاء بزيارة ترامب لها. وفي القمة الاسلامية الأمريكية الأخيرة تم نزع الرخصة القطرية للمشاركة في تمويل الإرهاب. وإلاَّ لكانت تُهم الإرهاب قد طالت الأرض السعودية التي يقف عليها الرئيس الأمريكي آنذاك. فالجمعيات الخيرية وأعضاء التنظيمات المتشددة لا تخلو منها السعودية وسواها من دول الخليج. ثم تعاملت السعودية مع قطر تبعاً للمثل الشائع: أتغدى به قبل ما يتعشى بي". أي سارعت إلى التهام قطر قبل ما تنجز الأخيرة مؤامراتها.

وعلى ذات المستوى الدولي "حَبِلت" قطر سفاحاً بعدة ظواهر عالمية:
أولاً: جمعت التناقضات السياسية معاً. فقد سمحت لأمريكا بإنشاء قاعدتي العديد والسيلية. ولهما كافة المميزات التي يتميز به السلاح خارج أرضه. حيث مراقبة الدول الاقليمية وممارسة أدوار استراتيجية غير متاحة في نطاقها القاري. ولا ننسى دور القاعدتين في ضرب العراق واسقاط نظام صدام حسين. كذلك سمحت للقوة الايرانية المناوئة لأمريكا ولدول الخليج بالتواجد على أراضيها. حيث اعتبرتها قطر دولة كبرى ولا نوايا توسعية لها. وبالتالي كما تقول السياسة الخارجية القطرية أنَّه لمن الحكمة عدم مبادرتها بالعداء.

ثانياً: احتضن نظام قطر أكبر قاعدة للفتوى الدينية في غابات الشرق الأوسط. تحولت دولته إلى مخازن للشيوخ والمؤتمرات والندوات والارهابيين الفارين من العدالة في الدول المجاورة والدول الغربية. ولم تكتف بهذا اسهمت في ربطهم ببلدانهم عن طريق مناقشة قضاياها. وتحريض الناس على الثورة على حكامهم.
ونتيجة هذه العطالة الفقهية والدينية بات هؤلاء عبئاً اقتصادياً على الدوحة. وإن لم يخلو الموضوع من سخرية نادرة الحدوث. أصبح لدي قطر فائض فتاوى بلا شعوب تستخدمها. فلم يكن من الدوحة إلا تصدير الفتاوى بلا نهاية إلى أي مجتمع تتأمر ضده. وغدا المشايخ مرتزقة عاطلين عن الحياة كذلك. وغدا الموت هو بضاعتهم الوحيدة التي يقرضونها لأي نظام سياسي مستقر.

ثالثاً: كان للدوحة أكبر خطاب اعلامي براجماتي بشكل هزلي. وليس بمعنى البحث عن المنافع الإنسانية بل خطاب براجماتي تحريضي وابتزازي في عنقود واحد. وذلك – كما لا يخفى- يصنع جميع أنواع الفبركات والأكاذيب الفنية والتقنية المستخدمة في عرض الأخبار والمعلومات. ولم يعد خافياً أيضاً كونها تلعب على المشكلات بين الطوائف والحكومات والأديان والاختلافات الثقافية. وذلك لقلقلة أوضاع الدولة العربية المراد إسقاطها.
بالتوازي مع ذلك لم يذكر الخطاب الاعلامي للجزيرة نظام قطر واعوانه بأية أخبار من قريب أو بعيد. والتكتم المحلي جعل الجزيرة كأنها تبث برامجها من كوكب آخر. ونحن نعرف أنَّ المسكوت عنه(الممنوع) مرغوب لدى الشعوب المقهورة. بدأ الناس والمتابعون يتساءلون حول الحرية والديمقراطية لمواطني قطر. فإذا كانت قناتها تعلمهم دروساً في السياسة فماذا كانت ممارسات السياسة داخل قطر ذاتها؟ وبدلاً من صرف الأنظار عن ذلك تمنى المتابعون التنقيب في الحالة القطرية تحديداً. ولا سيما مع تزايد أعداءها في غير مكان. وهذا غباء أيضاً فليس مطلوباً زيادة الأعداء لأنه ترف وسفه لا وقت لهما.

رابعاً: كوَّن نظام قطر جيشاً عرمرماً من المرتزقة الصحفيين والباحثين والكتاب والحقوقيين وصانعي الاعلانات ومصممي البرامج والمؤتمرات في انحاء العالم. وطلق على ذلك مراكز البحوث والهيئات الصحفية والبيوت الثقافية. والغريب أنها تجد في كل حالة صحفياً موالياً لتوجهاتها وتبدأ في تقويلِّه ما تريد قولة نكاية في الدولة المتحدث عنها. وهذا الجيش كان ولاؤه الوحيد لمن يدفع أكثر. ومن الغباء اعتباره في رعايتها إلى الأبد. لقد شرع أفراده بكشف حقيقة النظام القطري. وكتبوا مقالات عن الاتصالات والأفكار والوثائق التي كانت بين الطرفين.

خامساً: كانت قطر أكبر مستثمر في اقتصاد " النفايات الرأسمالية " الناجمة عن ظاهرة الارهاب الديني وحروبه. وهي الأموال المتوافرة بفضل تمويلات الجماعات الارهابية والصناديق الخيرية واسواق الحروب وتجارة الأسلحة والأرصدة المنهوبة من بنوك الدول التي خربها الارهاب مثل العراق وليبيا وسوريا. وتلك الأرصدة لا مالك واضح لها ولكنها تحتاج إلى بيئة شرعية تنقلها إلى أماكن الصراع وتخرج منها إلى مناطق جديدة وأشخاص آخرين. وكانت قطر هي الوسيط الخفي الذي يجري هذه العملية. لقد نقل نظام قطر مرتزقة من أمريكا اللاتينية إلى ليبيا عن طريق البحر للمحاربة بجوار الجماعات الاسلامي. وكانوا بالمقابل يحصلون على أجر كبير باليوم الواحد. وعندما كانت الجزيرة تردد حينذاك أن القذافي كان يستخدم المرتزقة في قتل الليبيين فإنَّ الموضوع كان يعود إلى قطر.

هكذا لم تقو قطر على هضم تلك التناقضات. فالأخيرة تحتاج إلى معدة بحجم أمريكا بجميع عواصفها ومؤامراتها. وإذا تعرضت دويلة إلى هذا الحمل السفاح فلن تلد غير شيطان يقتل من ولدته قبل أي أحد آخر. وهذا ما حدث مؤخراً. الدولة إذا أرادت دوراً فالقوة- زمانيا ومكانياً- هي السبيل الوحيد لتنفيذه. وما لم تكن هناك قوة فلن يكون الدور إلاَّ وهماً كبيراً بمثابة التابوت الطائر لنهايتها المؤكَّدة.



#سامي_عبد_العال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعنة الجغرافيا: حول الدولة المنبوذة
- وثنية الشعارات الدينية
- دماء تصرخ في البريّة
- حُمى السيرك السياسي
- التَّعْرِي داخل اللغةِ
- سؤال المصير
- سوريالية المقدس: حول التلامُس الجسدي
- مُواطنةٌ على كفِ عفريتٍ
- هل يمكن قيام فلسفة للتسامح؟
- الإنسان كقِطَع غيارٍ
- ظاهرة المحميات الثقافية
- الاختلاف الديني
- تفجير كنائس المسلمين!!
- دولةٌ عابرةٌ للقارات
- نبيٌّ يبحثُ عن أتباعٍ
- خرابُ الإنسان
- ربيع الدماء: عن حفاري القبور!!
- لعنة الثورات: خطيئةٌ بلا غفران
- غسيل الاستبداد: كيف يتطهر الحكام!!
- لا نظرية حول المرأة


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي عبد العال - دولةُ الارهابِ