الطرف الضعيف

روماني سمير
كاتب, باحث, شاعر, مبرمج
(Romany Samir)

الحوار المتمدن-العدد: 5535 - 2017 / 5 / 29 - 14:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

علي مدي أجيال التعليم والتربية الدينية كانت كلها قائمة علي عدم استحقاقنا لأي شئ .. وعلي التواضع اللي تخطي حد صغر النفس .. وعلي مبدأ إننا ملناش وطن وان وطنا في العالم آلآخر .. احنا وأهلينا اتربينا علي سير القديسين اللي ضحوا .. وشاشاتنا وكتبنا أتملت بقصص آلأبطال اللي عاملين فيها "عبط" .. خوفا من المجد الباطل ..

افتكر زمان وأنا صغير لما كان حد يجي علي أو ياخد حقي .. كنت بكتم جواي واعمل مسامحه من غير حتي ما اعبر أو أقول إني اتضايقت .. وكنت بعيط وآنا لوحدي .. وأمي كانت بتضربني لما اتخانق .. سواء غلطان أو مش غلطان .. ضارب أو مضروب .. في الحالتين كان فيه علقة سخنة مستنياني .. لإننا كمسيحين مش بتوع المشاكل والحاجات دي .. وملناش دعوة بأي حاجة تحصل حوالينا .. احنا بتوع ربنا وبس

وعلي هذا المنوال مستمرة الكنيسة .. ومستمرة آلأسرة المسيحية .. في الانعزال والرهبنة الجماعية عن المجتمع .. والتقشف النفسي .. وأفلام القديسين والمسلسلات والعظات اللي بتحمس المشاعر وتشجع علي التواضع حد الهطل .. سامح في حقك .. وحق عيالك .. وحق بيتك .. انت الطرف الضعيف يا عيني .. ملكش غير ربنا .. طاطي عشان المركب تعدي .. وربنا يرضي عنك ويغفرلك خطاياك ..

العجيب انه مش دا كان تعليم يسوع .. المسيح .. اللي المفروض بنبني عليه كل تعليمنا وحياتنا واللي بنعيشه .. واللي عمره ما طاطي راسه .. ولا خلي المركب تعدي فوق كلمة حق ..
هو اللي قال انه الراحة في تواضع القلب .. وان البساطة باب للسما .. وهو نفسه اللي طوّب المدافعين عن البر .. وهو هو اللي كان بيقف في وجه المرائيين .. وهو اللي صب لعناته علي المزيفين .. واللي قال .. لستم بعد عبيد .. بل أبناء أحباء .. شركاء في تغير العالم للأفضل وإعلان الحق وملكوت الله وبره .. رحمة بالإنسان ..
وبرضه هو اللي قال نسامح .. ومن فوق الصليب بارك .. وهو برضه اللي لما اتلطم .. رد بسؤال "إن كنت قد تكلمت رديا فاشهد على الردئ وان حسنا فلماذا تلطمني؟!!" .. وهو اللي لام وبكّت .. وهو اللي وسط الهمج غضب وثار ..
وهو اللي قال إن مملكته مش من هنا .. وهو هو اللي بكي لما رأي خراب أورشليم مدينته ..

أنا ينفع استمر كده بكتير من حياته ..لآنه فيه كتير وكتير .. ودا مش تضاد لكن فهم ووعي واتزان .. وحق .. وان كنا ملح .. فالملح وحده وفي انعزاله مر ومرفوض ..
العجيب بقي اكتر واكتر .. انه موقف الكنيسة وتعليمها .. هو هو اللي كان أيام المسيح في اليهود .. واللي ثار عليه يسوع .. نفس مواقف القادة من السلطة .. ونفس الشعب المبكت الغالبان المنسحق في خطاياه .. واللي كل يوم بيتسلب .. واللي ديما لازم يتنازل عشان ينال الملكوت ..

كده كده البابا تواضروس مصدقيته بقت ضعيفة والهالة المقدسة طايرة من فوق دماغه من ساعة ما قال "قول نعم يزيد النعم وبركات وخيرات" .. معروفة .. وكتير .. واحنا جيل مبينساش .. وان كان بيتكلم باسمنا .. ف باطل .. زي كل حاجة في البلد ..
واللي هيقولي عيب .. فا أنا مغلطتش .. واللي هيقول اسكت دا كبيرنا .. هقوله هو يسوع سكت لحنان وقيافا ؟!! .. واللي هيقول عشان مصلحة الوطن والوحدة .. هفكره إن شهود يسوع قلبوا امبراطورية عشان كلمة حق .. واللي خايف ع الدم .. فدم يسوع شاهد .. ما لـ لله ف لـ لله .. وما للوطن ف للوطن ..

عشان يحصل تغيير حقيقي .. محتاجين نقف نقول الحق .. وندافع عنه .. منطاطيش .. ولا نخلي المركب تمشي فوق الحق .. ماهي بقالها سنين ماشية .. وموصلتش .. تايهة .. عشان مبينفعش تشوف السكة طول ما نور الحق تحت المكيال .. متغطي ..
والضريبة معروفة .. نبذ وكره واضطهاد .. من الدولة والدين .. ويمكن كمان رفض من المقربين .. واحنا كده كده بقينا جيل منبوذ مسبقا ..

لكن في المقابل .. وطن افضل .. وحياة أكرم .. لينا وللناس .. واذا مكناش هنعيشها في أيامنا .. فهانشوف إعلانها .. ونكون شهود عليها .. ودي النتيجة الحتيمة .. والتاريخ شاهد .. ومليان شهود .. وشركاء لله في إعلان ملكوت البر والحق والرحمة ..

#روماني_سمير (هاشتاغ)       Romany_Samir#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات