أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - نِعم الانفصال والانفصاليون














المزيد.....

نِعم الانفصال والانفصاليون


فؤاد وجاني

الحوار المتمدن-العدد: 5528 - 2017 / 5 / 22 - 12:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أن تطالب بحقك في التعليم والصحة والبُنى التحتية أمر بات يجر عليك شتى النعوت والصفات المشينة من أصحاب القرارات الفوقية. فأنت مواطن من الدرجة الثالثة، المسحوقة، المنهوبة، التي تدفع بقطار التنمية، كي يركب السادة مترفهين مسرعين واصلين إلى محطاتهم. إن طالبت بحقك في حياة كريمة، التفتوا إليك وأجْبِنتهم مُقضبة، حال أمرهم يقول : ما يريد هذا الصعلوك، الوبش، ألم يُخلق لخدمتنا نحن السادة، ألمْ نطعمه خبزا وشايا وعصى أيضاً، أيريد بعد كل هذا الصحة والتعليم؟

هكذا ينظرون إليك من بروجهم العاجية العالية، فأنت أيها المواطن حقير، لا تستحق سوى الكبَد، ركضاً أطراف الليل وآناء النهار، وعليك أن تسجد لهم وتستجديهم وتركع، بينما لهم الشرف والرفاه.

في قاموس المخزن لست شيئا مذكورا سوى رقم يستجدون به أمم العالم الأول، ويبنون به عالمهم، فإن ثُرتَ أو تمردتَ أبادوك، كما فعلوا بك في الثمانينات، وإن رفعت صوتك تطالب بالخبز والسقف والدواء والعلاج وحروف الفكر والحساب والهجاء جندوا جندوهم من دكاكين سياسية –أحزاب- وبلطجية مدججين بالسكاكين وبصور الملك لأنك انفصالي، وعميل خارجي، ونذير خطر ساحق.

هؤلاء الريفيون، وهؤلاء إشارة على قرب منزلتهم من كل نفس شريفة تأبى الذل والإذلال، رجال في زمن الإخصاء والعهر، ما هم إلا صوت بقية الشعب المكتوم والبحوح في أفضل حالاته. لم يطالبوا بجمهورية ريفية، ولا بمناصب وزارية في دولة الاستبداد، إنما بتوفر أدنى الشروط الاجتماعية لتحقيق بعض العيش الكريم.

محسن فكري، هذا الشاب الذي ابتاع بضعة صناديق من سمك ليضع خبزا لعائلته على المائدة، طحنته الآلة المخزنية بأبشع الوسائل، ثم قدم السادة كعادتهم بضعة قرابينَ صغيرة لعلها تُسكت ما لن يَسكت، ذرا للرماد، لكن أفواه الريفيين أوسع، وعيونهم أجحظ مما كان يعتقد المخزن، وأنهم أكبر من الظلم، وأذكى من سياسة المناورة والإلهاء.
طُحن فكري وبقيت الغصة كجمرة ملتهبة في الصدور، دُفن الجسدُ المُزدرى وظلت روحه المجيدة عالقة في كل روح أبية، تهمس، تسّاءل، لِمَ الاحتقار والاستصغار، وهؤلاء أبناء الريف الشامخ.
من الانفصالي حقا؟ يا حكومة الدفاع عن الأقلية الأوليغارشية، المستحوذة على ثروات البر والبحر، يا حماة الفساد، يا سده الأول المنيع، يا مُشريعيه ومثبتيه فوق الرؤوس، يا قاهري الشعب حتى الأجداث؟

من الانفصالي؟ أهؤلاء الذين يطالبون بلقمة عيش وطاولة في مدرسة وسرير لعليل ولشيخ ولطفل وحُبلى ؟ أمّن يهرب الأموال إلى باناما وجزر السيشل والكايمان بينما يأكل المغربي المسكين من القمامة، ويموت المريض قبل ولوجه قبر المستشفى الفارغ من كل شيء حتى الرحمة والإنسانية، ويشيب الشباب الحامل للشهادات العليا على أرصفة الطرق، ويعاني الموظف من سياط الفواتير وجَلد الديون؟
من الانفصالي؟ أليس من يئد أصوات الشعب حالَما تطأ أخماصُه عتبة البرلمان، ليخرج منه فائزا بصفقات شخصية مربحة وتقاعد مريح.

ما أجمل هؤلاء الانفصاليين الريفيين إذن، وما أطهرهم. إن كان الانفصال يرادف المطالبة بالحقوق الاجتماعية فالأحرى بسائر الشعب أن يتسم بالانفصاليين.




#فؤاد_وجاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب وقبلة الموت
- نظرية تفوق البياض في الولايات المتحدة
- لماذا فشلت هيلاري كلينتون؟
- حكمة العدس
- -فراقش- السيد الوالي لا تصلح للحناء
- هل هو انفصال بريطانيا أم تشييد لقبر الرأسمالية؟
- أي وجه بقي لملك المغرب بعد الشريط الوثائقي الفرنسي؟
- لماذا وجب على المغرب الابتعاد عن الحلف الخليجي؟
- هل يستقيل الملك؟
- بين الخطاب الشعبي والخطاب الشعبوي في السياسة المغربية الحالي ...
- جوج فرانك وأعلى الهرم
- راعي الماعز المغربي
- بين تكساس وتيقيساس جبالة
- مَتاجر السويد ومَتاجر قضية الصحراء
- من الحركة إلى التنظيم
- الملك والرعية
- خطر السعودية على الانتقال الديموقراطي بالمغرب
- عشرة أسباب لمقاطعة الانتخابات الجماعية القادمة في المغرب
- الموت والديموقراطية
- الضيعة والدولة


المزيد.....




- محمد بن سلمان يجدد دعوة السعودية إلى-وقف حرب غزة فورا-.. وإد ...
- ترامب يعلن مقتل 11 -إرهابي مخدرات- بضربة أميركية استهدفت قار ...
- هجوم بسيارة مفخخة يستهدف بوابة معسكر للجيش الليبي في بني ولي ...
- ماكرون: فرنسا والسعودية ستترأسان مؤتمرا لدعم حل الدولتين.. و ...
- طهران تبدي انفتاحها على التفاوض مع واشنطن وترفض أي مساس ببرن ...
- محللون: إسرائيل تسعى لضم الضفة وتهجير سكانها وتصفية قضية فلس ...
- مناقشات إسرائيلية متواصلة لضم الضفة الغربية
- إسرائيل تفرج عن 9 أسرى فلسطينيين من غزة
- ملف غزة يسيطر على النسخة الـ20 من مؤتمر بليد الإستراتيجي
- احتلال مدينة غزة يفاقم التوتر بين نتنياهو وزامير


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد وجاني - نِعم الانفصال والانفصاليون