أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عطا درغام - التحليل النفسي للجنون















المزيد.....

التحليل النفسي للجنون


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 22:15
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


قام سمير عبده في هذا الكتاب بدراسة وتحليل خمس وعشرين حالة نفسية في محيط الجنون ، من خلال مستشفيات ومصحات عقلية ونفسية في أكثر من قطر عربي ، مع حالتين حدثتا في مستفيات أجنبية ، متناولا حالة كل مريض، ومن ثم التحليل النفسي والعلاجي لها بأسلوب علمي سهل وشيق.
ويذهب المؤلف إلي أننا في حاجة إلي إنشاء عيادات ومصحات نفسية ومستشفيات للأمراض العقلية تبدو ملحة وواجبة في عصرنا ، ويتساءل متي ستبقي معالجة او تناول مثل هذه الامراض تجري وراء ستار من الكتمان ؟
ويذكر أن عدد المجانين الذين يسرحون ويمرحون خارج المصحات العقلية يفوق بكثير عدد اولئك المساكين المحكوم عليهم رسميا بالجنون. فوضع المريض العقليغير إنساني في الأقطار العربية، والعلاقة الغنسانية معه شبه منعدمة. هذا المريض هو الشيء الميت، المرمي علي دروب الآلام والنسيان، وليس من المستغرب القول بأن الدواء وحده لا يحطم مأساة هذا الكائن المدمر في وجوده .
ومن المؤسف أن تكون المعلومات الإحصائية عن المصابين بالأمراض النفسية والعقلية في غاية الندرة علي الصعيد العربي ، كما ان نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية أو المصحات النفسية لا تعطي أرقاما حقيقة عن مدي المعاناة التي يتخبط بها هؤلاء المرضي في ظل مجتمعات لا ترحم هذه النوعية من المرضي، كل ذلك جعل الوصول إلي معالجة المشاكل الحقيقية لمثل هذه الامراض في غاية الصعوبة.
إن عوامل البيئة المنزلية والظروف الاجتماعية تلعب دورًا هامًا في المرض العقلي ، شأنها شأن النقائص العقلية الموروثة ، ولكن شذوذات العقل والجسم الإرثية مشكلة كبري في مدنيتنا الحديثة. والمريض العقلي والنفسي عندنا لا يتأتي مرضه من الهباء بل من العلاقة الإنسانية التي لا تخلو من التعقيدات ، فهي علاقة تبعية أو قهرية او عشائرية، ولا بد من القول أن عائلاتنا تلعب دورًا بارزًا في حياة الفرد ولها وظيفتان : الحماية والتبعية القاتلة . نحن نكبر .. تزوج.. ولكننا نبقي اطفالًا في نظر الأهل والكبار وهم يشدون الطوق علي عنقنا.
إنهم يفرضون رأيهم في كل شيء، وعلينا أن ننفذ ، وليس من السهل علينا أن نختار بملء حريتنا مصيرنا ومستقبلنا. يغرسون الخوف والحقد في نفوسنا حتي نصبح غرباء عن ذاتنا وعن الآخرين أي نصبح بلا هوية.
وإن وظيفة القهر والتبعية التي تمارسها العائلة ويتابعها المجتمع، تعتبر من العوامل المهمة في السقوط النفسي، والاشخاص الأكثر حساسية وانحرافا ، هم يسقطون قبل غيرهم، وقد يكون الجنون عندهم هو الوسيلة الانتحارية التي يردون بها علي سخافة هذا الواقع وتعقيداته المريضة.
لذلك علي الإنسان أن ياخذ من كل الأشياء حظه بنسبة معتدلة، ففي عمله يجب ألا يشتغل بما يفوق إدراك عقله وإلا كان نصيبه الفشل ، وإذا اضطلع بعمل دون كفاءته كان نصيبه الإخفاق أيضا. ولعبه يجب أن يكون لعبا بريئا في الهواء، علي ان يكون معتدلًا في ذلك وإلا أضر بجهازه العصبي، كذلك يجب ألا يكون متطرفا في حبه فلا يصل إلي درجة الجنون ولا يُميت عاطفة الحب في نفسه، فإن ذلك يؤثر علي جهازه العصبي، كذلك الحال في النظام، فإنه من أسمي المراتب الإنسانية ولا بد لكل شخص يبتغي النجاح أن يكون نظاميًا في حياته وعمله.
ويؤكد الكاتب علي أهمية العقل والعناية به، غهو اهم كنز يحمله الغنسان ويتكيف به في الحياة وصحة العقل أو العناية بالعقل من الوجهة الصحية جزء من الطب الوقائي، ويقسم الكاتب العناية بالعقل إلي أربع مراحل تتمثل في الطفولة، وسن التعليم إلي وقت المراهقة، والشباب والرجولة وما بعدها الشيخوخة
وفي مرحلة الطفولة يشير إلي أن الخطأ الذي لا يغتفر في تربية الأطفال هو حنان الأم الذي يتخطي الحدود الطبيعية فيصير مفسدة ، او قسوة الأب وفقدان التربية الاستقلالية، لدرجة ينشأ معها الطفل جبانا عديم الثقة بنفسه، وكثيرا ما يتسبب عن ذلك أمراضًا عصبية في سن المراهقة والشباب. ومن السهل أن نتبين الاسباب الحقيقة في وجوه الضعف في أخلاقنا ؛ إنها ترجع إلي سوء التربية في السنوات الأولي.
وفي مرحلة الطفولة ينادي الكاتب أن تكون برامج التعليم متوافقة مع نسب الذكاء ، وأن تكون موضوعة بحيث يفهمها متوسطو الذكاء. فمن الغبن حشد الذين ذكاؤهم ادني من المتوسط مع زملائهم . فالأصوب والأجدي علي جميع التلاميذ في المدارس الابتدائية أن يعزل في فصول خاصة كل من هبط عن مستوي الذكاء علي نحو ما يجري في أمريكا وسواها ثم توجيههم إلي ما ينفعهم في الحياة من صناعات ومهن تصلح لهم وتصونهم عن التورط في المفاسد. فإذا انتهت مرحلة التعليم الابتدائي وزع متوسطو الذكاء علي المدارس الزراعية والصناعية والتجارية والمتوسطةن فلا يسمح لغير الأذكياء جدا من النابغين والفذاذ بالانتساب إلي المدارس العالية والكليات المختلفة .
وفي مرحلة المراهقة يشير الكاتب إلي ضرورة ثلاثة أمور نصون بها عقول الشباب وتتمثل في تنشئة الشباب علي الصراحة في المسائل الجنسية بمقدار يلائم روح العصر ولا يثور علي تقاليدنا، فإن كبت الرغبات الجنسية مثل الافراط في اسدشباعها يؤديكلاهما إلي اضطرابات عصبية عدة، وكذا صرقف أفكار الشباب عن الخيالات والاحلام والمسائل الجنسية إلي الرياضة والفنون الجميلة، وثالثًا أن يدربوا علي مواجهة الحقائق ويعودوا المخاطرة والاعتماد علي النفس وتحمل الصدمات بشجاعة واحتقار الالم والتضحية.
وفي المرحلة الأخيرة يشير الكاتب إلي المشكلات التي تسيطر علي الناس في سبيل الرزق فيساورهم الخوف أيان ذهبوا أو أينما قاموا ، وقد تزعجهم أحلامهم المخاوف وإلي الخوف تعزي اضطرابات عصبية عدة يختل بسببها توازن الفكر ويرتبك الخاطر وخلق الله الناس أشكالا وألوان، فمنهم اليائس ومنهم العاجز عن مسايرة الظروف والاحوال ومنهم مرهف الحس الذي يمزق قلبه الحسرة، ومنهم النادم علي ما فرط فيه ندمًا موجعا لا ينقضي ألمه ومنهم المنكوب في حياته العائلية أو رزقه أو ثروته ومنهم من سُدت في وجهه الابواب وانقطع الأمل في استقامى شانه. هؤلاء الناس كيف نحافظ علي صحتهم العقلية وكيف السبيل إلي انقاذهم.
إن في الولايات المتحدة وأوربا جمعيات تتولي مواساة المنكوبين وإرشاد التعساء إلي طريق الخلاص والأخذ بيد اليائسين وتقوية نفوسهم، وتوجد إلي جانبها عيادات خاصة باضطرابات الأعصاب وامراض النفس.
وهناك مستعمرات لضعاف العقول ، وإن العناية التي تبذل فيها جميعا لإسعاد هذه الفئة المحرومة من الذكاء لتجل عن الوصف .
وإن العناية بالشئون الصحية للعقل والأعصاب تتطلب برنامجا شاملا ،وعلي وزارة التربية أن تعني بصحة العقل ـوأن توقف الطلبة علي اسرار النفس ومن الضروري أن تُشيء فصول خاصة لضعاف العقول من التلاميذ.
كذلك يجب إنشاء جمعيات للصحة العقلية تخفف عن الناس متاعب الحياة وترشدهم إلي طريق المحافظة علي قوي العقل وصيانة الأعصاب سليمة تفعل ذللك بمختلف الطرق- بالمقابلات الشخصية وبالنشر والمحاضرات وبإسداء المعونة والوساطة عند أصحاب الاعمال وتسوية المشاكل وإصلاح ذات البين.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاكمة ألف ليلة وليلة
- المسألة الكردية: الوهم والحقيقة
- أسود سيناء
- فنون الحياة
- الدكتور سيد فليفل رائد الدراسات الإقريقية
- القرصنة في البحر المتوسط في العصر العثماني: دراسة تاريخية وث ...
- الولايات المتحدة الأمريكية والقضية الأرمنية 1915 -1923
- حب الوطن بين غياب الوعي وتزييف الواقع
- البانجو خطر يهدد الشباب
- المسرح والسلطة في مصر من منتصف القرن التاسع عشر وحتي ثورة 19 ...
- فلسطين في المسرح المصري: قراءة في النص الدرامي
- التعليم في مفترق الطرق
- التعليم الصناعي ..إلي أين...؟
- السلوك الُمحير للطلاب بين القبول والرفض
- سلطانة الطرب..أول ممثلة مصرية
- موليير مصر.. يعقوب صنوع
- كرامة المعلم
- عجيبة هي كرة القدم ....!!!
- أكبر مشروع علمي عن الإبادة الأرمنية في العالم
- نفي الآخر: جريمة القرن العشرين للدكتور محمد رفعت الإمام


المزيد.....




- -الصواريخ بتعدي فوق روسنا زي الحمام الزاجل-.. محمد رمضان يعت ...
- الحرس الثوري يكشف تفاصيل ضربة مستشفى سوروكا في إسرائيل.. وصو ...
- إعلام عبري: الصواريخ الإيرانية أصابت أهدافا مباشرة في مدن تل ...
- سياسة برلين الشرق أوسطية على نار الصراع بين إيران وإسرائيل
- تواصل التصعيد الإيراني الإسرائيلي واتهامات إيرانية للوكالة ا ...
- نجم عابر قد يهدد استقرار نظامنا الشمسي
- بوتين وشي جين بينغ: لا حل عسكريا لقضايا الشرق الأوسط
- زاخاروفا: -بريكس- نواة النظام العالمي الجديد
- الكونغرس الأمريكي.. مشروع قرار يلغي -قانون قيصر- المفروض على ...
- توجيهات أمريكية بفحص الحضور الإلكتروني لطالبي التأشيرات التع ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عطا درغام - التحليل النفسي للجنون