أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - نظرات في البنية التنظيمة للأحزاب الإسلامية، العراق أنموذجا.















المزيد.....

نظرات في البنية التنظيمة للأحزاب الإسلامية، العراق أنموذجا.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5519 - 2017 / 5 / 13 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتميز الأحزاب السياسية عموما بوجود نظم داخلية تتحكم في مسيرتها العملية على مستوى التنظيم وبنائها الفكري والأيديولوجي وطرق التطوير والتحديث والتوافق مع المتغيرات السياسية والفكرية التي تؤثر عليها وفيها، وهذه النظم والقواعد دائما ما تتجلى من خلال تفصيلات العمل اليومي والدوري في قضايا مهمة، منها على سبيل المثال ما يعرف بقواعد التعامل بين القيادات والقواعد صعودا ونزولا وقضيا الأنتخاب وتبادل الأفكار والرقابة الداخلية على طريقة إدارة الحزب لبرنامجه السياسي ومحاسبة الهيئات العامة لأية تجاوزات وخروقات على العمل السابق وضبط توجهات القيادة في رؤيتها المستقبلية لوجود الحزب ونشاطه التنظيمي.
هذه الأمور من البديهيات الأساسية في العمل الحزبي سواء أكانت الأحزاب السياسية تمثل توجهات أيديولجية محددة أو تقوم على تحالفات فكرية يجمع بينها رابط الفكرة المقاربة أو الرؤية السياسية المتماثلة، في الأحزاب الدينية عامة ومنها الإسلامية على وجه الخصوص هناك تفرد عجيب ومظاهر قد لا تجعل من هذه الأحزاب شكلا من أشكال التنظيم السياسي المنظم بقواعد حاكمة ومفهومة، إبتدأ من فكرة تأسيس هذه الأحزاب وتبني أيديولجياتها الفكرية، فهي لا تنشأ نتيجة نضالات وأفكار توافقية بين مجموعة من المفكرين أو الساسة أو حتى أصحاب المبادئ المشتركة، فهي تنشأ بالغالب الأعم بناء على توجهات فردية تتحول ومن خلال شخصية محورية إلى تجمع مؤيدين لا يملكون حتى حرية إبداء الرأي أو تطوير أفكار الزعيم.
من دراسة كل النماذج الراهنة من هذه الأحزاب ومتابعة التطور التنظيمي لها نجد من المناسب أن نشير للملاحظات التالية:
• كل الأحزاب الدينية في العراق بشقيها السني والشيعي وحتى الأحزاب الدينية الأخرى من خارج المنظومة الإسلامية ولدت تحت حاجة زعامات دينية تترجم أفكار محدودة بها وتجسدها عقيدة لكل من يريد أن ينتمي لها، فهي مولدة لذات الزعيم وليس بناء على إرهاصات فكرية أو حورات فكرية جماعية تملك برنامجا جماعيا يمثل رؤية شريحة واسعة من المنتمين لها (الدعوة الإسلامية وكل تشظياتها، التيار الصدري والفرق الخارجة عنه، الحزب الإسلامي العراقي بأمتداداته عبر الأخوان المسلمون، المجلس الأعلى الإسلامي، حزب الفضيلة الإسلامي).
• كل هذه الأحزاب مشخصنة بالرمز وتعتبر أن وجوده هو الشرعية التنظمية له، فغياب الرمز يعني غياب أصل الفكرة المؤسسة له، لذا فتنتقل القيادة والزعامة داخل هذه الأحزاب بالتوريث وليس بالأنتخاب الديمقراطي للقاعدة وأختيار القيادات التي تمثل المنهج أو تحاول الحفاظ عليه، فهذه الأحزاب بغالبيتها تتمحور حول فكر الزعيم وليس حول فكر الحزب، مما يحولها من كيان تنظيمي سياسي ديمقراطي إلى مجموعة أتباع وأنصار تنفذ ولا تناقش والزعيم مثل الملك يسأل ولا يسئل.
• القواعد التنظمية لهذه الأحزاب قواعد سلبية عليها مهمة الطاعة لأن الفكر الجذري لهذه الأحزاب قائم على نظرية التولي وليس على نظرية العمل السياسي المؤسساتي، لذا تحول مؤيدي وأنصار وحتى قادة الصفوف الأولى في هذه الأحزاب إلى مجرد ببغاوات تسبح بمجد الزعيم وتبرر له كل القرارات كيف كانت وتحت أي عنوان، لأن أنتقاد هذه الزعامة تمثل لهم أنتقاد الدين ذاته وخروج على إمامة الزعيم للحزب.
• غياب شبه تام وكلي لمبدأ المحاسبة الحزبية من قبل الهيئات العامة والمؤتمرات لو حصلت للقيادة الزعمائية وأنتقاد أو مراجعة المرحلة السابقة أو التخطيط للمرحلة اللاحقة، فالزعيم هو الملهم وهو المخطط وهو الدستور والنظام الداخلي الذي يتحكم في عمل الحزب، حتى في أوجه الصرف المالي أو واردات الحزب فلا يحكمها نظام أو قواعد أو حتى ضوابط تكشف عن حدودها، فالزعيم هو مالك الحزب والمسئول عن ماليته وكيفية الصرف، بل أن أموال الحزب هي أموال الزعيم وبالعكس.
• أرتباط هذه الأحزاب ومن خلال زعاماتها بمرجعيات دينية محددة وحتى داخل المذهب الواحد تشير إلى إنقسام هذه المرجعيات وعدم أتفاقها على ثوابت عملية تستطيع من خلالها تبني توجهات جمعية تمثل عموم المذهب، وتشير من جانب أخر إلى صراعات زعامة على المذهب، وبالتالي الأفكار الحزبية داخل التنظيم لا تمثل فكر حزبوي بقدر ما تشير إلى إرتدادات صراع المرجعيات على القاعدة الشعبية للمذهب أو الطائفة، وهنا سيكون بالتأكيد عدم وجود حقيقي لفكر سياسي جمعي يمثل الحزب ويترجم أهدافه على وجه الفرادة والتخصص، فهي جميعا تمثل الخلاف والأختلاف الفوقي ولا تعبر عن وجود للقواعد الحزبية ولا تقبل حتى التدخل في هذا الصراع.
• هذا يؤسس لمفهوم أخر يتعلق بالقواعد الجماهيرية للحزب كونها قواعد مستعبدة وجودها وعدمه لا يمثل أي أهمية في بناء الحزب وتطوير عمله، وبالحقيقة أن قواعد الحزب تنقسم لنوعين الجزء الذي يعمل وملتصق بالحزب فهم أجراء وأصحاب مصالح مادية، والجزء الأكبر يمثلون الغوغاء المدفوعين بأتون الصراع تحت تأثير عواطف وأنحيازات غير سياسية ولا تمثل فكرا محددا خارج روح الأنتماء الطائفي.
من كل ذلك يتضح لنا أن هذه الأحزاب السياسية لا تمثل بأي شكل من الأشكال التنظيم السياسي الحقيقي الذي تسري عليه الأحزاب في العالم، ولا يمكن تسميتها أحزاب بقدر ما يمكن الإشارة إلى تجمعات طائفية وعقائدية لا تملك منهج وليس لها فكر مميز خارج صراعات المرجعيات والزعامات ولا يمكن تطويرها أو تبني مسارات عملية وحقيقة لنضجها، فهي ولدت من عباءة الزعيم وستبقى كذلك ما دام هناك صراع وهناك مصالح وهناك تناقضات، لذا فالحزب الذي لا يؤمن بالديمقراطية الداخلية في تنظيمه ولا يقبل التجديد الفكري والتعددية في أطار التنافس الإيجابي في داخل بنيته التنظيمية، لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا في تعامله مع الخارج الشعبي، ولا يساهم أو يؤسس لمجتمع ديمقراطي ناضج يمكن أن يقود لمراحل تطورية وفكرية في بنية النظام والمجتمع.
إن هذه القراءة السريعة للأحزاب الدينية في العراق على وجه الخصوص، وإن لا نستثني وجود أمثلة وأشكال متماثلة لها في المنطقة والمحيط الإقليمي، يؤكد أن التيار الإسلاموي السياسي تيار غير ديمقراطي ولا يؤمن بالديمقراطية التعددية، ويمثل موجه عاطفية حسية شعورية لا بد أن ينتهي للفشل وتتحطم مشاريعه وأفكاره، لأنها أحزاب شكلية ولدت ميتة لتحي فكر ميت في مجتمع وعالم متحرك للأمام ولا يقبل أن يخضع مرة أخرى للوصاية على الفكر والعقل والسلوكيات الجمعية من خلال رؤية الزعيم الملهم الذي يملك كل الحلول وبيده كل الأمور، هذه الحقيقة يجب أن لا تغيب عن البال ونحن نرى عجز هذه الأحزاب أن تقدم مشروعا جماهيريا جمعيا يقود العراق إلى مرحلة النمو والتطور والوحدة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النصوص الدينية وأثر الراهنية الزمنية على بسط الفكرة الدينية ...
- النصوص الدينية وأثر الراهنية الزمنية على بسط الفكرة الدينية ...
- شعراء ...... وشعراء
- هايكو .... من جديد
- خبز حرية دولة مدنية ح1
- سؤال أفتراضي..... أين أنت من الحقيقة؟
- العراق وسياسات دول الجوار الأقليمي
- ترانيم العشق
- قصائد من الهايكو
- في أنتظار القدر ....
- العقل الديني الجمعي ومشكلة التقديس المسبق والتسليمي
- علاقة الأسطورة الدينية والنص الديني علاقة ترابط أم توظيف خار ...
- من قضايا الرب والحب والحرب
- الدولة المدنية ومستلزمات بنائها في العراق إنموذجا
- قصائد عارية
- رأي في نظرية الإمامة المقاومة ....
- دور المؤسسة الدينية في رفع التناقضات الفكرية في منظومة الفكر ...
- اليسار العربي بين النقد التأريخي والتمسك بالشعاراتية
- رسالة من فوق الذكرى
- العراق المدني وخيارات التغيير


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - نظرات في البنية التنظيمة للأحزاب الإسلامية، العراق أنموذجا.