أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بولس اسحق - سقوطهم.... كسقوط عرش أبا صياح قبلهم















المزيد.....

سقوطهم.... كسقوط عرش أبا صياح قبلهم


بولس اسحق

الحوار المتمدن-العدد: 5506 - 2017 / 4 / 29 - 04:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقولون بان لكل زمن فرسانه.....والديك ايضا كان فارسا لا يشق له غبار ليس في زمان واحد وانما عبر العديد من الازمان والاجيال، والذي ذكرني بفروسية الديك وتسلطة على العرش لعدة اجيال هو بيت من الشعر، للشاعر والفيلسوف المبدع عمر الخيام والذي يقول فيه :
أتدري لماذا يصبح الديك صائحاً******* يردد لحن النوح في غرة الفجرِ
ينادي لـــقد مر من العمـــر ليلةً ******* فها أنت لا تشعر بذاك ولا تدري
ودائما ما تساءلت لماذا يصبح الديك صائحاً عند كل فجر؟ هل صياحه هذا هو غريزة تجذرت فيه نتيجة طفرة جينية ثم صارت وراثية تتناقلها الديكة...مما ساعدته ليكون بمثابة بوق او نداء تنبيه أو جرس إنذار موجه للدجاج والكتاكيت النائـمين في العسل من خطر غزاة الفجر من الحيوانات المفترسة التي تبحث عن فريسة غافلة في نومها، ام ان كل هذا لا علاقة له بصياح الديك فجرا ، وانما الامر برمته على ما يبدو انه ليس الا عبارة عن آلة بيولوجية خلقها الله لنا خصيصا لكي توقظ النائم من سباته، ليبدأ مشواره في العمل مع اليوم الجديد...لان الانسان كان لا يعرف سوى نهارا جديدا مع صياح الديك...وليلا ياوي فيه لمخدعه بانتظار صياح الديك من جديد!!
المهم في الامر أن ذلك الديك وليس ديك يومنا هذا، وعلى مرّ العصور وكر الدهور قد نجح نجاحا باهرا يستحق عليه الشكر والثناء في أداء مهمته تلك باقتدار وتفرّد ...ولكن وبما ان سنن الطبيعة ونواميسها تلحّ على التغيير وتصرّ على التبديل، ومن المستحيل ان يبقى الحال على ما هو عليه، وكذلك سوف لن يبقى الحال القادم على ما هو عليه الان وهكذا، فالحياة في تسارع وتدافع بحاجاتها وتحولاتها الزمنكانية إلى الأمام ونحو الأفضل، كالسيل الجارف الذي يقتلع كل ما يعيق جريانه، ومن المستحيل ان يكتب النجاة لمن أراد العوم بعكس تياره، والتاريخ خير شاهد على هذا، فكم من حضارات وامم سادت ثم بادت وكم من ثقافات وفلسفات وأفكار تزعّمت الأجواء حينها ثم بعد ذلك تراجعت وصارت في طي الكتمان!!
لذلك عندما بدأت بواكير التغيير الحتمي لمعظم مناحي الحياة في حياة الانسان للتسابق على اعتلاء مقام مرموق يشار له بالبنان في تاريخ الحضارة، ولتحقيق ذلك احتاج الإنسان المعاصر الذي يصارع الزمان ليتفوق عليه للدقة في توقيت الوقت، دقة تفوق قدرات ذلك الديك المسكين المحدودة، وهذا ما دعاه(أي الانسان) إلى اختراع الساعة، ثم بعد ذلك توالت الاختراعات التي تحدد الزمن بدقة متناهية للغاية، والتي أستطاع الإنسان من خلالها حساب الثانية وأجزاء الثانية وما دون، وعندها فقط تهاوت أركان عرش التوقيت الذي كان يتربع عليه ذلك الديك المزهو بريشه وصوته طوال تلك الأزمنة السحيقة، وأمسى محدود القدرة قديم الصنع ولا يمكن الاعتماد عليه ولم يعد لصياحة أي مصداقية في مدينة الساعات الإلكترونية وعصر أجزاء الثانية، ولهذا تحتم عليه(أي الديك) ان يتنازل عن عرشه مرغماً، والانزواء بعيداً وحيداً لا معين ولا نصير له، الى درجة انه طفق يصيح وينيح بشكل هيستيري، ليس في وقت الفجر فحسب، بل اصبح يصيح في جميع الأوقات في محاولة منه للفت ما تبقى من الأنظار إليه، ولكن هيهات فقد ذهب العرش الوهمي وسقطت المملكة الصوتية، واصبح لإزعاج صوته داخل المدينة مُسائلة قانونية وربما يحكم عليه بالنحر او غرامة مالية!!
أما الحال خارج المدينة فالوضع مختلف تماما، وخصوصاً ضمن تلك المجتمعات المنعزلة البدائية التي تقبع في ظلام الصحارى أو الغابات ولا تمت للحضارة بصلة، فإن الديك المنبوذ في المدينة تراه لا يزال على عرشه معتليا، ومكانته وكرامته محفوظة، ولا يزال يكنى بملك التوقيت وابا صياح والنواح، والسبب في ارتفاع مكانته هذه في المجتمعات المتعلقة بحب الصحراء، ليس بسبب صوته الشجي ودقته في التوقيت، وانما بسبب أن تلك المجتمعات لم تعرف وسوف لن تعرف قيمة الوقت، ولا يهمها أن تعرف فكله سواسية، وما اصدق من قال ( وافق شـنٌ طبقه ) لانهم هم أيضا لا يجيدون شيئا الا الصياح والنكاح، كما يفعل الديك بالضبط!!
وهذه المفارقات تذكرني بذاك الذي يعيش في ربوع هذه الحضارة التكنولوجية الرائعة برفاهيتها وثقافاتها وإبداعاتها، ومع ذلك تجده لا يزال يحنّ ويشتاق إلى صياح الديك المهزوم، أمام منبه أرخص من سعر عقب سيجارة، لا بل نرى ان الحنين الملتهب لصياح الديك، قد حفز العقل الباطن لصاحبنا هذا إلى ممارسة نفس دور الديك في الصراخ والعويل واحيانا على شكل نهيق مصحوبا بنبرة حزينة على ما فات، عل وعسى بصياحه وعويله أن يلفت انتباه وانظار من هم على شاكلته من أصحاب الصيحة والعواء ومحبي الرجعة والعودة إلى ظلمات وخيام الصحراء، لكي يتوافدوا بعضهم على بعض، ويتداعون تداعي الأكلة على القصعة، لتبدأ بعدها غزوة تغريب وتجهيل واستحمار العقل في محاولة مستميته منهم لكسب الأنصار والمؤيدين للعودة إلى أطلال ذي الخلصة!!
فسقوط عرش ملك التوقيت أبا صياح جعل دعاة العودة إلى تراث الماضي ان يصابوا بحالة هيستيرية تسمى في علم الحضارة بـ (ارتجاع الماضي المزمن ) وكانت من اهم آثاره الجانبية الرئيسية حالة يطلق عليها (الهاجس الملحّ) والذي أوصلهم إلى حالة متقدمة لا علاج لها ولا دواء من الهوس القهري لما يشعرون به من تهميش، والذي كان السبب الذي دفعهم دفعاً غريزيّاً لا شعوريا إلى عدم القنوط واليأس في محاولاتهم المستمرة اليائسة لإحياء الماضي السحيق الذي طواه التاريخ كطي السجلّ بعدما انتفت منه الحاجة، أن هوسهم هذا بعد فشلهم في كافة مناحي الحياة، هو الذي ألهاهم عن سنن ونواميس الطبيعة والتي توصل الانسان المعاصر من خلالها الى يقين، بأن الميت لا يستطيع العودة للحياة، وسيكتب لجميع محاولاتهم هذه الفشل لا محالة من ذلك!!
حتما سيكتب على جميع محاولاتهم الفشل، والسبب هو أنهم لا زالوا لم يستوعبوا بان لكل زمان خصوصيته التي تميّزه عن غيره من الأزمنة التي سبقته، أي أسلوب حياة يختلف عن سابقه، والذي حتما هو الاخر سيختلف في لاحقه، وذلك لان لكل زمان مفاهيمه الخاصة التي يتم بناءها وفقا لطبيعة المتغيرات ومراعاة المستجدات، لذلك ففي كل مرحلة من مراحل الزمان سيتم الغاء ما لا يلائم ويؤتى بما يوائم ويلائم الظرف الجديد او المرحلة الزمنية الجديدة وتضاف اليه الحاجة المطلوبة والمقبولة وقتها وعصرها، فالذي يجب ان يعيه دعاة الظلام والعودة بالزمان الى زمن فيافي الصحراء والسيف والرماح.... أن أسباب اختلاف الأزمان بأهله هي من طبيعة الأشياء وسنة الحياة، وهي مسالة مرنة غير جامده وليست محدودة ومرتبطة بزمان معين لا يمكن تجاوزه، وعليهم ان يدركوا أيضا بأن حتمية الحداثة والتغيير هي التي ترغم المجتمعات لإنتاج معاييرها الخاصة التي تتماشى مع المستجدات ومحدثات الأمور لكل زمان ومكان، وعليه لا يجوز في ظل هذا العقد الاجتماعي الجديد، الان او في المستقبل، وللمحافظة على مواكبة تغيرات عجلة الزمن، أن يتمرد أحد الأفراد على غالبية المجتمع ويشـذّ عن القاعدة التي اجتمع عليها الغالبية، ليتفرّد بأفكاره البالية محاولا بكل وقاحة تنصيـّب نفسه الوصي على أخلاق المجتمع، فيبتكر ثوابت وضوابط منافية للذوق العام والاجماع، وفي الوقت نفسه مجانبة للروح الجديدة التي سعت اليها المجتمعات حثيثا لنوالها!!
ان هذا الدعي الناعق بأفكاره البالية لا ينادي بأفكاره حرصا منه على تطور المجتمع الحديث، وانما فقط لأنه فاشل وضائع ومهمش ومريض مهووس بصياح ونعيق التراث، في محاولة منه ومن امثاله وما اكثرهم فقد تعدوا المليار، لجرّ المجتمع الذي يعيش بين جنباته للهاوية، في الوقت الذي يحتاج فيه ذلك المجتمع الذي يمثله، لمن ينتشله من أمراضه الاجتماعية وفقره المعرفي ومن معاناته الاقتصادية وتخلفه العلمي والحضاري، والعشوائية في التخطيط التي يتخبط بها بسبب فقدانه للرؤية المستقبلية!!
ان النهوض بهذه المجتمعات التي معظم افرادها على ما يبدو هم من هواة صياح الديكة، لن يتأتى إلا من خلال جهد البعض المتبقي (مع الأسف ليسوا بتلك الكثرة) من المخلصين في هذه المجتمعات الموبوءة بمرض الهلوسة الجماعية في تقليد والاقتداء بالديكة، وذلك بالمثابرة والدعوة الى التخلص من الجهل بكافة صنوفه والوانه وشخوصه، او عزل وملاحقة واسكات وتضييق الخناق بحق كل من يحاول او يريد خنق المجتمع بأفكاره البالية ...ومن ثم بعد هذا عليهم التوجّه الحثيث لزرع الرغبة في نفوس أبناء هذه المجتمعات، وحثهم على تحصيل العلم والاستفادة من تجارب الشعوب، وذلك بمدّ يد التواصل والتعاون مع الآخر، والانفتاح الثقافي والمعرفي والتنموي على العالم الاخر، ولتحقيق هذه المتطلبات فان على هؤلاء المخلصين في هذه المجتمعات ان ينتبهوا أولا الى ان ولكي تكون مطالباتهم مسموعة من قبل الافراد عليهم أولا وكخطوة أولى، التركيز على نشر مفهوم الإنسانية بين رعايا مجتمعاتهم، لان ادراك واستيعاب مفهوم الإنسانية بالصورة الصحيحة، يُعدُ بمثابة العامل الأساسي الذي يشذّب ويهذّب النفس، ويزرع فيها على انقاض الاخلاق والمفاهيم القديمة، أخلاق ومفاهيم جديده قائمة على تكريس مبادئ الحرية والمساواة والآخاء والسلام....وتحفز الايمان بأن ثنائية القانون والدستور هما أساس النظام والمرجعية العليا للأفراد، وليس القانون والدستور الذي يجعر وينهق به الكهنة والحواة الماجورين وكل الذين يزنون بالكلام منذ ألف عام...عندها فقط سيسقط عرش هؤلاء كما سقط عرش ابي صياح ...وعند سقوطة ستستمر شهرزاد بالكلام المباح ...فهل يتدبّر أولي الألباب ؟



#بولس_اسحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُلكِ اليَمِين... هَدِية محمد لِأتباعِهِ...قصة متكررة
- عَلَى قَدْرِ الكِرامِ... تَأتِي المكَارِمُ
- يَومَ القِيامة.... والطابور
- مصانع ابوعمامة...... واحجار ابو لمامة
- نحن ارهابيون…. والارهاب فريضة من عند الله
- تقديس كتاب... هو الآخر تكلم عن ألامجاد
- مُحَمَّد وَأتباعِهِ والصَحابة...قادَة وزُعَماء
- تَبرِيراتَهُم...ما عادَت تُخفِي عَوراتَهُم
- الإسلام والحضارة...ماذا يريد المسلمون منها؟
- الى المرأة المسلمة....عندما تشاركين الرجال
- المرأة شيطان وعورة...... إنه لا ينطق عن الهوى
- خَيّرُ جَلِيسٍ في الزَمانِ كِتاب... إلا هذا الكِتاب فَأحذِر ...
- هل الإسلام مقنع ومعقول....ام هي ازمة عقول
- نبتدي منين الحكاية
- هل يذكر أحدكم شيئا من ذلك...ام إن البينة على من ادعى
- يَسْأَلُونَك....متاهة محمدية... وإخفاقات إلهية
- محنة العوام هم شيوخ ورواة الاسلام .... الرسول كأنك تراه
- اللَّهُ..... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
- آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ...آيَة سَدُ الثَ ...
- مبحث في... الرسالة وبدء الوحي


المزيد.....




- القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان ...
- قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي ...
- مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد ال ...
- بعد مظاهرة داعمة لفلسطين.. يهود ألمانيا يحذرون من أوضاع مشاب ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف ميناء حيفا بصاروخ -الأرق ...
- يهود ألمانيا يحذرون من وضع مشابه للوضع بالجامعات الأمريكية
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف ميناء حيفا الإسرائيلي بصاروخ ...
- المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها ...
- الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة
- أقباط مصر يحتفلون بعيد القيامة.. إليكم نص تهنئة السيسي ونجيب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بولس اسحق - سقوطهم.... كسقوط عرش أبا صياح قبلهم