أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التجديد في قصيدة -حتى الخلود أو الخلود - محمد أبو عون














المزيد.....

التجديد في قصيدة -حتى الخلود أو الخلود - محمد أبو عون


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5499 - 2017 / 4 / 22 - 01:56
المحور: الادب والفن
    



جميل أن يتقمص الشاعر شخصية من يكتب عنه، ويتحدث بصوته، فهنا يلغي الشاعر شخصيته وينقلنا إلى الشخصية التي يتحدث بصوتها، الشاعر "محمد أبو عوان" يحدثنا يصوت الأسرى القابعين في سجون المحتل، حتى يتبادر إلى ذهننا بأننا أمام أسير شاعر يحدثنا عما يمر فيه، فنجد صوات الصمود وصوت الإنسان في ذات الوقت، فالمتحدث يبقى إنسان، فمرة نجده صلب كالفولاذ، ومرة نجده ناعم/سلس كالماء، وقد يبدو هذا الأمر للوهلة الأولى تناقض في رسم طبيعة شخصية الأسير لكنه عكس ذلك تماما، فالشاعر يتحدث بصوت إنسان، يحمل مشاعر مرهفة اتجاه من يحبهم، ومشاعر نارية اتجاه من يعاديهم.
فاتحة القصيدة تبدأ بحرف الجزم "لم" والذي يتحدى فيه الشاعر/الأسير عن السجان:
" لم أعد أخشى أساطيرَ العدم
لستُ أخشى العادياتِ من الليالي
لا, و ليسَ العالمُ السفليُ يرهبني
فقد أسلمتُ روحي
و استعضتُ عن الحياةِ ببعضِ ماءٍ
و انتقلتُ من الخلودِ الى الخلودْ"
ما يحسب لهذا الطرح أنه يتحدث عن الأساطير البالية التي يتبناها المحتل، ويرد عليها الشاعر أيضا من خلال الأساطير القديمة، فعندما تحدث عن "العلم السفلي" رد على الأسطورة بأسطورة، بمعنى ساوى بين اشكال الصراع، فهو محارب نبيل، يستخدم عين الأدوات والوسائل التي يستخدمها العدو، لهذا نجده يتوغل في الأسطورة أكثر ويتحدث عن الخلود، بحيث فقد صفات البشر الفانيين وتحول إلى مصاف الآلهة الخالدة كما جاءت في الأساطير القديمة.
بعد حسم معركة الأساطير لصالح الشاعر/الأسير نجده ينقلنا إلى الواقع، إلى العصر الحديث، فيقول:
"ها أنا بالجوعِ قد أصبحتُ أعلى
ها أنا بهزالِ جسمي قد غدوتُ الآنَ أحلى
و القيودُ تذوبُ من لهبٍ بجسدي
و الحصونُ من الإرادةِ قد تهاوت
و الجنود"
رائع ان يحول/يقلب مفهوم الألم إلى فرح، وكأن الشاعر/الأسير يتمتع ويبتهج بما يقوم به من تحدي للمحتل، فهو يجد ذاته بهذا الفرح الذي يواجه به الجلاد، وهنا يكمن ابداع الشاعر/الأسير تحويل الألم إلى فرح، والجوع إلى فضيلة، فهو من خلالهما استطاع أن ينتهي وجود المحتل وادواته.
لا هناك كان الشاعر/الأسير بطل مطلق، يتحدى وينتصر على المحتل، لكن كما قلنا شاعرنا/أسيرنا إنسان، لهذا سيحدثنا بمشاعر الإنسان، فيقول:
"لست أرهبُ موتيَ الآتي
و لكن دمعَ أمي ...
آه يا أماهُ يا أم الأسير
قُبْلتي الاولى , و محرابي , و يا وجعي المكبل
آه يا أماهُ يا أحلى المقاطعِ بالنشيد " لهذا نقول أن الإنسانية في الشخصية الأدبية مهمة جدا، وهي من تجعل النص قريب من المتلقي، فلو استمر الشاعر بالحديث عن الأسير "السوبر" لفقد إنسانيته وأصبح خارج دائرة الاهتمام، لكنه بهذه الإنسانية يقربنا من ذاتنا أولا، ومن النص ثانيا، ومن المتحدث ثالثا، بحيث تجتمع العناصر الأدبية مع الفكرة لتتوحد معا وتقدمنا مما أراده الشاعر طرحه في قصيدته.
بعد هذه المشاعر الناعمة ينقلنا الشاعر إلى واقع المواجهة مع السجان، ولكن بصوت الإنسان هذه المرة، وليس بصوت البطل كما جاء في فاتحة القصيدة:
"لستُ من يخشى ظلامَ السجنِ
و الليلَ الطويل
لستُ من يخشى سلاسِلكم , معاقِلكم
أو زنزانةَ العزلِ
فإنَ الفجرَ طوعُ يدي
و إنَّ النصرَ في صبري
و ثقتي بي ستهزمكم
و جوعي عن غدي سيذود" نجد إنسانية الشاعر/الأسير في قوله "لست من أخشى" فهذا يحمل/يشير أن هناك ـ في العقل الباطن ـ رهبة وألم من السلاسل والزنزانة، وكأنه يقول مآزرا لنفسه: "أن النصر قادم"، لكي يمنحها معنوية لتستمر في المواجهة، فهو إنسان.
لهذا نجده يحدثنا بما أصاب جسده من وهن وتغيرات تشير إلى ما يعانيه من ضعف:
"لست أخجل من دواري
أو دوارِ الليلِ في جسدي المُعَنّى
لستُ أخجلُ من شحوبِ الوجهِ
غَوْرِ الوجنتينِ , و انسدالٍ للجفون
لستُ أخجلُ من خيالاتٍ أراها للأحبةِ و الديارِ
بقعرِ كأسٍ قد تحلى بالملوحةِ و الكرامة
إنّما خجلي إذا ساومتكم
من وجهِ طفلي
حين يسألني بيوم
عن تقاليد الاسود" هنا ينتهي البطل "السوبر) المطلق ويضعنا الشاعر/الأسير أمام إنسان طبيعي، يشعر ويحس ويخاف ويتألم لكنه في ذات الوقت يقاوم وبشراسة، وهنا يكمن ابداع الشاعر "محمد أبو عون" فهو بدأ بفاتحة فولاذية لكنه ختمها بمشاعر إنسانية، لهذا سيكون وقعها على المتلقي أشد أثرا، وأكثر قناعا، لأن المتحدث إنسان.

"حتى الخلود أو الخلود

لم أعد أخشى أساطيرَ العدم
لستُ أخشى العادياتِ من الليالي
لا, و ليسَ العالمُ السفليُ يرهبني
فقد أسلمتُ روحي
و استعضتُ عن الحياةِ ببعضِ ماءٍ
و انتقلتُ من الخلودِ الى الخلودْ
*****************
ها أنا بالجوعِ قد أصبحتُ أعلى
ها أنا بهزالِ جسمي قد غدوتُ الآنَ أحلى
و القيودُ تذوبُ من لهبٍ بجسدي
و الحصونُ من الإرادةِ قد تهاوت
و الجنود .
****************
لست أرهبُ موتيَ الآتي
و لكن دمعَ أمي ...
آه يا أماهُ يا أم الأسير
قُبْلتي الاولى , و محرابي , و يا وجعي المكبل
آه يا أماهُ يا أحلى المقاطعِ بالنشيد
***********
لستُ من يخشى ظلامَ السجنِ
و الليلَ الطويل
لستُ من يخشى سلاسِلكم , معاقِلكم
أو زنزانةَ العزلِ
فإنَ الفجرَ طوعُ يدي
و إنَّ النصرَ في صبري
و ثقتي بي ستهزمكم
و جوعي عن غدي سيذود
***********
لست أخجل من دواري
أو دوارِ الليلِ في جسدي المُعَنّى
لستُ أخجلُ من شحوبِ الوجهِ
غَوْرِ الوجنتينِ , و انسدالٍ للجفون
لستُ أخجلُ من خيالاتٍ أراها للأحبةِ و الديارِ
بقعرِ كأسٍ قد تحلى بالملوحةِ و الكرامة
إنّما خجلي إذا ساومتكم
من وجهِ طفلي
حين يسألني بيوم
عن تقاليد الاسود"



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقدم الروائي العراقي
- تعرية التاريخ في -يا شيخ معذرة مهند ضميدي
- تفاهة العامة بين شكسبير وأرويل
- عبث في قصيدة -بالطريقة ذاتها- عبود الجابري
- حاجتنا للمرأة في -طاغية- عصام الديك
- عقدة اليتم في رواية -وجع بلا قرار- كميل أبو حنيش
- شاعر الحكم محمد داود
- عماء في قصيدة -عماء- محمد لافي
- لصوت الإنساني في رواية -نرجس العزلة- باسم خندقجي
- المنتمي في قصيدة -إله الحرب- منصور الريكان
- العدوان الامريكي
- أثر المكان في ديوان -الجبال التي أحبت ظلي- يونس عطاري
- الرمز في قصة -الرجل ذو العين الواحدة- مشهور البطران
- أنا والأم مشهور البطران
- وقفة مع اللقاءات الثقافية في دار الفاروق
- أثر الأم في قصيدة -أمي- علي بيطار
- السيرة النبوية في قصيدة -نور النبوة- محمود ضميدي
- -هذي دمشق- الملتقى الثقافي العربي
- تعدد الأصوات في قصيدة -فراش- عصام الديك
- لاستعجال في ديوان -همسات على هامش الوطن- مهند ذويب


المزيد.....




- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التجديد في قصيدة -حتى الخلود أو الخلود - محمد أبو عون