أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - البقاءُ .....للأضعف !














المزيد.....

البقاءُ .....للأضعف !


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 5461 - 2017 / 3 / 15 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


البقاءُ .....للأضعف !
----------------------
في مطلع السبعينات كنت فتى غضّا تملأ صدره الاحلام المجنحة . وكنت متّيقنا من انني سأغير العالم صحبة عصبة من الانقياء الاتقياء الذين لا يعرف اليأس والاستسلام ، الى قلوبهم ، سبيلا .
يومها ، ولوضع خاص ، كُلفت بمهمة خطرة ، ورُتبت لي صلة فردية بعضو منطقة بغداد الشهيد ( أ )، وأقول الشهيد لثقتي بأنه كان شهيد صدقه وتفانيه ، لا شيء آخر .
بعد عام او يزيد نُقلتْ صلتي الى مرشح اللجنة المركزية ( ب ) الذي اخبرني ، بعد اللقاء ، بان صلتي ، بعد اليوم ، يجب ان تقتصر عليه فقط كما يمكنني الاتصال بعضو اللجنة المركزية ( ج ) وترتيب صلة معه عند حصول اي طارئ او عند حاجتي لاتصال عاجل بالحزب ، ان لم يتح لي الاتصال به . ولكنه قبل كل ذلك ، شدّدَ على وجوب قطع كل علاقة لي ب ( أ ) لسبب يراه الحزب ، ولما كان للأول منزلة كبيرة في نفسي فقد الححتُ في لقاءات تالية ان اعرف السبب وفيما اذا كان خطيرا بما يكفي لكي اتخذ ما يمكنني من اجراءات الصيانة ، عندها اخبرني ( ب ) ان الحزب اكتشف ما يريب في سلوك ( أ ) وياللأسف ، وان له صلة محتملة بجهاز الأمن ، رغم تاريخه المجيد وتضحياته السابقة. اذ أنهم عرفوا ، لاحقا ، انه كان قد عاد ، قبل سنتين ، من موسكو ، حيث كان يواصل دراسته الحزبية ، عن طريق السفارة العراقية . او ان الاجهزة الروسية قد كشفت ان له صلة بالسفارة العراقية ، وان هذا الامر موضوعَ تحرٍ ودراسةٍ من قبل الحزب ... شيء من هذا القبيل لم اعد اذكر تفاصيله . وقد جعلني ، هذا ، افسر بعض الوقائع السابقة على ضوء جديد ، فتذكرت ما كان من امر( أ ) في المرتين اللتين اخذ فيهما السكرُ منه مأخذا ، حينما كنّا في جلسة سمر ، وكيف انه كان يتحول ، وهو المرح ، الحاضر البديهة والنكته ، في صحوه ، الى انسان متوتر يعّبر عن الم غامض ممض وهياج لم اجد له تفسيرا في حينها ، عندما يحتسي الخمرةَ ويعبُّ منها ما يفوق قابليته ، وكيف انه كان يتمتم ، بل يئن بألم في احدى المرات :" لقد انتهيت ... انتهيت " ..... . وعليه ، انتهت ، جذريا ، لا صلتي الحزبية والاجتماعية به ، وإنما حتى منزلته الكبيرة في نفسي ....
بعد عشرة اعوام ، تقريبا ، وكنت قد خرجت من السجن توا ، ضمن من خرجوا بعفو عام ، التقيت في شارع الرشيد ، بالصدفة ، بشقيق ( أ ) . بعد السلام والسؤال التقليدي عن الاحوال ، سألته من باب المجاملة ، عن شقيقه ( أ ) ، فرانَ عليه الوجومُ وعَبَرتْ وجهه سحابةُ حزن :
لقد اٌعدم في العام الماضي...
سألته : اعدم !.... لماذا ؟
بدا عليه كما لو انه تلقى اغبى سؤال يمكن ان اسأله : لماذا ؟ انت تسأل... لماذا ؟ ... وكنتَ رفيقه وصديقه ؟!
داريتُ الموقف : عفوا .. اقصد السبب ....
اجاب بألم : لماذا يُعدم شخصٌ مثله ياصديقي ؟ ، لقد كان ابن الحزب ، كما كان يقول دائما . افنى شبابه في السجون والمعتقلات ولم يتخل عن حلمه وقناعته وجاء الوقت ليدفع الثمن ، كما كان يتوقع دائما ، على عود المشنقة ....
تركني في حيرة من امري وخجل وتحّرج من سؤالي ، الذي بقيت الى اليوم ، نادما على صدوره مني !
بعد سنوات ، عرفتُ ، من بعض من كانوا معه في زنزانة الاعدام ، تفاصيل اكثر عن اعدامه . قالوا انه حُكم من قبل " محكمة الثورة " في قضية تنظيم سري كان يقوده واكتُشفَ امره بعد ان تولى هو او وجّه عضوا آخر بتصفية رجل امن كان مندّسا في التنظيم . وأنه كان ، كما عهدته سابقا ، حاضر البديهة ، سريع النكته ، ايام كانوا معه في قاطع الاعدام ، بل و ملأ الدنيا غناءا وهتافا حينما اقتيد الى التنفيذ !
خلال بداية التسعينات رأيت صور ( ب ) ومقابلاته في صحف النظام وهو يشدّ من ازر " القيادة " ويبارك لها مواجهتها العادلة والحتمية مع " الامبريالية " وعرفتُ ، من خلال ذلك ، انه يعيش في بغداد ...... وفي 2004/2005 شاهدته : رجلا يعاني من الزهايمر والشيخوخة وقد جيء به الى احتفالية رعاها الحزب ، قبل ان يرحل الى بارئه بعد ذلك .
اما ( ج ) فقد واصل ما عُرف عنه من " ثورية " وحماسة ،ولكن بدلا من ان يعكف على تفحص ونقد عقود من الوهم والهزائم ، راح يهرب ، بعيدا ، الى الامام ،حيث أصبح حضوره الاعلامي المناوئ للإمبريالية والعدوان طاغيا ثم ، عداءه للعملية السياسية الامريكية
، ملفتا . لكن نشاطه ذاك كان وما يزال ، يثير لديّ شجونا من نوعٍ آخر ، فقد أسر ّ لي قريبي بعد 2003..... قريبي الذي كان موظفا رفيع المستوى في جهاز امني ، والمتمرد على النظام لاحقا ، ان ( ج ) كان مرتبطا به ضمن مجموعة من العملاء في تلك العاصمة الاوروبية التي عمل فيها ، قبل ان يتمرد هو ويترك النظام ويطلب اللجؤ . وحينما راعني الامر وشككت به :
يمّعود قول غيرها !
ارسل اليّ صورة وريقة من سجل تضّم بضعة اسماء لأشخاص كانوا يعملون لصالح محطته الأمنية خلال التسعينات ، مع اسمائهم الكودية وكان ( ج ) في رأس القائمة ...
سألته :أانت متأكد من ذلك يا قريبي...
اجاب : ليس هذا فحسب ، بل كان اسهلهم !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية والعنف .... وعيٌ ملتبس ! (4 )
- هل ستنتخب ابو علي الشيباني ؟
- الشخصية العراقية والعنف ....وعيٌ ملتبس ! ( 3 )
- دماءٌ على الجسر ...
- الشخصية العراقية والعنف .... وعيٌ ملتبس ! (2 )
- الشخصية العراقية والعنف.... وعيٌ ملتبس ! ( 1 )
- الغبيّ الذي فقد ظله
- خياطون .....
- الديمقراطية الليبرالية والشعبوية وهواة شراء البضائع الستوك . ...
- بين جيفارا وباتيستا ....بين تشومبي ولومومبا .....
- آخر العمالقة ...
- أكثر من يساري وأبعد من حداثوي .....
- قرب عرين السلطة ...مشهدان شخصيان في زمنين مختلفين....
- شيوعيو - عزيز محمد - وساطع الحصري والعلم العراقي !
- ما بين برنارد ليفي ومحمود الحسن .... !
- فضيحة مدوّية جديدة للنظام السعودي ... ما علاقة ما حصل بصنعاء ...
- فضيحة مدوّية جديدة للنظام السعودي تتطلب فتح تحقيق دولي ..... ...
- من يفتح بوابة الموصل وعلى اي اتجاه ؟
- من صداقة - ادرعي - الى تأبين -بيريز -.....
- هل جاء العبيدي بجديد ؟!


المزيد.....




- مصور فرنسي يوثق جانبًا آخر من جزيرة سقطرى باليمن لم تلتقطه ا ...
- إطلالة كيت ميدلتون -الزرقاء- تعيد إلى الأذهان أناقة الأميرة ...
- الجيش الكويتي يُعلق على تداول مقاطع رصد -صواريخ باليستية- في ...
- غروسي يكشف عن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيران ...
- مراسلتنا: المدفعية الإسرائيلية تهاجم جنوب لبنان
- الملاجئ الإسرائيلية في مواجهة الصواريخ الإيرانية: قصورٌ في ا ...
- -إيرنا- تنفي نبأ انسحاب البرلمان الإيراني من معاهدة حظر الان ...
- اكتشاف مواد سامة -خفية- تلوث الهواء في الولايات المتحدة من م ...
- تفاصيل إبعاد مسيرة عن منزل نتنياهو
- إسرائيل وإيران تتصارعان.. والسوريون بين الشماتة والانتظار


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - البقاءُ .....للأضعف !