أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عارف معروف - أكثر من يساري وأبعد من حداثوي .....














المزيد.....

أكثر من يساري وأبعد من حداثوي .....


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 5338 - 2016 / 11 / 9 - 18:25
المحور: كتابات ساخرة
    


أكثر من يساري وأبعد من حداثوي .....
_________________________
كنت قد قرأت للرجل بضعة مقالات جعلتني اسلّم بأنه ، شخصيةً وأفكارا، لابد وأن يكون نتيجة من نتائج جدلية وحدة الأطار الفكري والثقافي الكوني في عالم اليوم . ذلك الاطار المتسع والمتعمق ، على مدار الأيام ، منذ اكثر من قرن . ودلالة من دلالات عدم ضرورة او الزامية ان تكون الأفكار والرؤى انعكاسا لواقع اجتماعي او تاريخي محدد . ذلك ان الحداثة ثم العولمة ، اتاحتا الإمكانية واسعة ومفتوحة ومتزايدة لانتقال الأفكار والنتاجات الثقافية والدعوات بين ارجاء المعمورة ومختلف الشعوب ، ومن الممكن ، اذن ، ان تجد افكارا ورؤى تنبثق ، توا ، في نيويورك او ستوكهولم ، صدى لها واستجابة ، محدودة ومركزة او واسعة وفضاضة ، تبعا لكل حالة وظرف ، في موزمبيق او الصومال ، فضلا عن بغداد او القاهرة .
وعلى ها الأساس نظرتُ الى كتابات الرجل وتفهمت دوافعها ، تلك الكتابات التي كانت توغل في الحداثة وتكاد تسابق مجريات المعاصرة وتتجاوز بعض مثيلاتها في بلدانها الأم ، حيث انبثقت ! فكان اشّد ثورية من جيفارا وأكثر ماركسية من ماركس وأعمق وجودية من سارتر .. ولطالما امتلأت كتاباته ببرقشات من الرطانه التي ترد فيها اسماء اعلام وتيارات عديدة ، من كافكا الى فرانز فانون . ومن مدرسة فرانكفورت الى كارل بوبر مرورا بسيجموند فرويد وميشيل فوكو . وكنت اعجب كيف يتوفر له الوقت للعناية بكل هذه الافكار وقراءة شتى هذه النتاجات . اما انسانيته او حدود اهتماماته الانسانية ، فقد كانت مترامية الاطراف حقا ، تصدر عن اهتمام وحضور انساني ، عالمي ، مدى وعمقا ، وهو مفعم بروح مدني راق يمتد من اسناد قضايا تحرير المرأة ،حتى الدعوة لبعث الثقافة الامازيغية مرورا بحق المثليين في اعتراف قانوني..
لكن هاجسا كان يلّح عليّ كلما نظرت الى صورته التي كانت تنشر بإزاء كتاباته. وجهٌ غامقٌ لأعرابي لوحته الصحراء . وقسمات حادة لبدوي لا تزال آثار الرمال التي نحتت وجوه اسلافه واضحة الاثر في تقاطيعه . اما اسمه الثلاثي فكان من الغرابة والارتباط بظواهر وحياة البادية ما جعلني اظن انه من الجزيرة او محميات الرمال . غير ان هذا كله ، دفعني لأن اُكبر فيه هذه الروح المقاتله التي تستميت في غرس الكاردينيا حيث لا ينبت الا الصّبار . ثم عرفت انه عراقيٌ . من بوادي العراق ، فازداد يقيني من ان ثمة وعود مستقبلية حيّه ونيران ماتزال متوّقده تحت الرماد .
حتى كان يوم ، قبل بضعة اعوام ، وكنت مع جمهرة من المراجعين عند باب مبيعات الشركة العامة للسيارات اروم التسجيل عل سيارة . حينما تعالت صيحات وتهديدات احدهم بأنه صحفي وان الصحفيين قد حصلوا عل استثناء بتجاوز الدور لتفرغهم لمهام اكثر حيوية وأهمية ، وانه لا وقت لديه لكي " يلزم سره " حاله حال بقية الناس ، ثم تحول اللوم والتقريع الذي كان يكيله للموظفين الى ما يشبه الشتائم صارخا خلال ملاسنة حادة مع احد الموظفين بأنه يشتغل في مجلس الوزراء كأعلامي بل ومقرب من رئيس الوزراء وأن بإمكانه ان يفعل كذا ويعمل كيت . وكلما بدا الموظفون اكثر اصغاءا وتحفظا كلما كثف من هجومه حتى انتهى الى القول ، مزبدا ، مرعدا ، انه من المدينة الفلانية التي تمسك ، اليوم ، بزمام السلطة كما كانت تمسكه مدينة ريفية اخرى في الزمن السالف . وانه ، قبل كل هذا وبعده ايضا ، سليل مشيخة القبيله الفلانيه التي تملأ لا سهوب العراق فحسب بل وبطائح جزيرة العرب ...حتى اصبت انا بالعدوى ، والحماسة عدوى كما تعلمون ، فكدت اهتف من مكاني :
ويحك يا اخَ العرب ، والله ان شئت لنملئنها عليهم خيلا ورجالاً ، لكنني احجمت حين تذكرت ان لا رجال لدي ولا خيل عندي ، ولو كان الأمر غير لك ما وقفت عند باب الشركة اتوسل تسجيل سيارة لي ....
كنت اتملى صفحة وجه الرجل وأقرنه بوجه ذلك الكاتب وقسماته البدوية ثم اتراجع عن الظن رغم مطابقة القسمات والملامح ، لبعد الشقة وعظم الفرق بين كلام هذا الذي اسمع وكتابات ذاك التي كنت أقرأ ، حتى خرج له موظف مسؤول واعتذر له عن تأخيره وأعطاه من الاهتمام ما ارضاه ،ثم أخذ منه " الفايل " وسأله عن اسمه الثلاثي ، فسمعت منه ذات الاسم الغريب الذي لا يتكرر لذلك الكاتب . لقد تهلل وجهه بالبشر وعكست نظراته رضا طفولي وهو يجيل عينيه في الآخرين بتعال ولدّه اهتمام الموظف المسؤول به دون الآخرين واستجابته له رغما عن المتوسلين ....
نسيت الرجل ، منذ ذلك اليوم ، ولم اعد اهتم لكتاباته ، حتى عاد الى ذاكرتي بالأمس فقط ، حينما صادفت مقالة جديدة له ، في الموقع الذي انشر فيه كتاباتي وكان عنوانها : " الأسس العلميه لبناء مجتمع حديث " ، فعرفت ان بين يديّ مثال ٌ عمليٌ ملموسٌ ، ليس لحالة شيزوفرينيا ثقافية مؤكده ، وانما لسبب مهم من اسباب مراوحتنا في ذات المكان منذ اكثر من قرن ، رغم وفرة " المثقفين " الأكثر يسارية من اليسار ، وألأوسع ليبرالية من الليبراليين ، والأبعد حداثة من كل حداثة !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرب عرين السلطة ...مشهدان شخصيان في زمنين مختلفين....
- شيوعيو - عزيز محمد - وساطع الحصري والعلم العراقي !
- ما بين برنارد ليفي ومحمود الحسن .... !
- فضيحة مدوّية جديدة للنظام السعودي ... ما علاقة ما حصل بصنعاء ...
- فضيحة مدوّية جديدة للنظام السعودي تتطلب فتح تحقيق دولي ..... ...
- من يفتح بوابة الموصل وعلى اي اتجاه ؟
- من صداقة - ادرعي - الى تأبين -بيريز -.....
- هل جاء العبيدي بجديد ؟!
- كل رمضان وانتم....أسمن وأكذب وأكثر قسوة ....
- الفلوجة مدينة عراقية، نعم ، لكن تحريرها ليس شأنا عراقيا !
- سر العفو عن محمد الدايني....(2)
- سرّ العفو عن محمد الدايني ....(1)
- على العكس ، اللجنة قالت كل شيء وبأوضح عبارة !
- اميّ لا تعرف البكيني ....
- سايلو الحبوب...ام مرحلة دامية جديدة ؟
- انا السلطان !
- قرار السيد البارزاني ، اصلاح مالي ام فضيحة ؟
- حسون الامريكي و- ُقبلة - الزوراء ...
- من صحيح البخاري و نهج البلاغة ...حتى البيان الشيوعي !
- اساطير الاولين !


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عارف معروف - أكثر من يساري وأبعد من حداثوي .....