خياطون .....

عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 5421 - 2017 / 2 / 3 - 00:30
المحور: الادب والفن
    

خيـــاطـــــون .....
-------------------
اعطاني والدي ، حينما انهيت الدراسة المتوسطة ، مبلغا من المال لأشتري قطعة قماش ، كما طلبت . فقد كبرتُ ،وآن لي ان أفصّل بدلة خاصة ، بدلا من شراء واحدة جاهزة كما يفعل الصغار ....
ذهبت ُ مع ابن عمي الاكبر الى سوق البزازين واخترتُ قطعةَ قماشٍ صوفيٍ ، انكليزيٍ ، ابو العلمين .
ذهب بي ابن عمي الى خياط التجار ، كما دعاه . قال انه خياط ابيك واخوتك
قلتُ للخياط ،وانا اكاد اراني ببدلتي الانيقة المشتهاة : اريد السترة بفتحتين .
قال الخياط : فتحتان ! كيف وانت ابن عائلة محترمة !
قلتُ، وانا انظر الى ابن عمي الاكبر : اذن فتحة واحدة...
قال: لم يفعل ايٌ من اخوتك من قبل . انك لا تعرف ، ياولدي ، المعنى الحقيقي للفتحة ...
ثم سأل: كيف تريد الياخة ؟
اجبت ُ : رفيعة ...
قال الخياط : ياخة خنافس ،وانت ابن الحجي ! انا لا مانع لديّ من ان اخيط لك ما تشاء ولكن ماذا سأقول لوالدك ؟
عند قياس البنطلون ،عاد يسألني : كيف تريده ؟
قلت : رفيع ...مثل بنطلون عبد الحليم حافظ .
قال : عبد الحليم حافظ ؟! .. اخوك الاكبر يحب محمد عبد الوهاب ، مطرب الكبراء الذي ما لبس الاّ ما يليق بأبناء الذوات ...
بعد اسبوعين انتهت بدلتي الجديدة . ارتديتها ونظرتُ في مرآة الخياط ، فرأيت ابي واخوتي والخياط ولكن لم ارَ نفسي ولا بدلتي التي تمنيتُ..
**********
مات خياطُ التجار القديم .وتعاقبَ خياطون كثر . حلّوا في كل مكان ٍ ، لا دكان الخياطة فحسب .
اليوم ، اجدني :
لا ألبس ما يعجبني ، ولا اصفف شعري كما اشتهي ، ولا اتكلم كما اشاء ، ولا اضحك كما ينبغي ...
لقد تركوا لي ما آكل ، وهمسا مترددا ابثه على صفحاتٍ يرقبها خياطٌ خفيٌ آخر !

#عارف_معروف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات