أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد احمد الزعبي - الموت جوعا .. و ذكريات الطفولة














المزيد.....

الموت جوعا .. و ذكريات الطفولة


محمد احمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 5456 - 2017 / 3 / 10 - 21:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


8/3/2017
أول عمل قمت به عندما استيقظت هذا الصباح هو فتحي للتلفاز أو إذا شئت لتلك الآلة العجيبة التي لايفقه شخص من أبناء العالم " الثالث " مثلي ، أسرارها وخفاياها ، اللهم إلا ماتراه عيناه وما تسمعه أذناه . فماذا رأت عيناي وماذا سمعت أذناي هذا اليوم ؟.
نعم ، لقد رأيت عجباً وسمعت أعجب : رأيت أطفالاً يموتون ( حقيقة وليس مجازاً ) جوعاً وعطشاً وبرداً في سوريا وفِي العراق وفي اليمن وفِي الصومال وفي أثيوبيا وفي إرتريا وفي السودان وفِي النيجر وفِي تشاد في الوقت الذي ينفق فيه الأوربيون 10 مليارات دولار ، والأمريكان 35 مليار دولار على الآيس كريم وحده سنوياً . وسمعت أكاذيب مكشوفة تصدح بها حناجر العديد من المسؤولين الحكوميين ، والعديد من الإعلاميين ورجال الدين ( من مرتزقة السلطان ) في هذه الدول والمجتمعات ، للتغطية على الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة العالمية المرضية ، التي وصفها /شبهها أحد الرؤساء المحترمون (يجوز المحترمين أيضاً ) بقوله : " " " العالم اليوم أصبح جزيرة من الأغنياء يحيط بها بحار من الفقراء " .
وبينما أنا مسمّر أمام ذلك الجهاز العجيب ، استمع لصحيح الأخبار وكذبها ، تذكرت حكاية من حكايات طفولتي ، رأيت أن أعرضهما على القارئ الكريم في إطار هذا الموضوع ، رغم المسافة الزمنية بل والعلاقة غير المباشرة معه ( الموضوع ) . وقبل وصولي إلى عرض الحكاية المعنية أحب أن أشير إلى مسألتين الآولى هي أنه من العرف السائد عند المسلمين ، أن جلوس الأسرة على مائدة الطعام يقتضي البدء بالبسملة والانتهاء بالحمدلة ، والثانية هو أن والدي رحمهما الله قد ربياني على أن آشكر الله ليس فقط على الرز واللحم ( إقرأ لاحقاً ) وإنماعلى كسرة الخبز اليابسة أيضاً . أما الحكاية التي أرغب بعرضها هنا فهي التالية :
كنت آردد مع أطفال حارتي في مرحلة ماقبل المدرسة الابتدائية ، الأهزوجة التالية : " الحمدو وش لك عندو ؟ .. لي عندو رز ولحمة " (!!) ، للوهلة الأولى يبدو أن هذه " الأهزوجة " الطفولية ( الحمدو وش لك عندو ... ) البسيطة لاتنطوي على أي مضمون سياسي أو اجتماعي ، بيد أن مزيداًمن التفكير والتدوير ، جعلني أغير رأيي ولا سيما بعد أن قمت بتفكيك عراها ، وأعدت قراءتها وصياغتها بعد أن ألبستها ثوباً سوسيولوجياً قشيباً من صنع إميل دوركهايم ، وبت لا لاأستبعد تضمنها أبعاداً سياسية وإجتماعية ، ربما صاغها الكبار كحصيلة لتجارب أجيالهم المتعاقبة بالأمس ويرددها بوعي ضبابي أحفادهم الصغار والذين كنت واحداً منهم اليوم .
بطلا هذه الأهزوجة / القصة ( وفق رؤيتي لها اليوم ) طفلان صغيران صديقان ينتميان إلى أسرتين مختلفتي المستوى الاقتصادي ، حيث كان طعام الغني منهما " الرز واللحم " بينما لايزيد طعام الفقير منهما عن كسرة خبز يابسة . الامر الذي قام معه صاحب الرز واللحم بعد أن شبع ، بتقديم الشكر لله على ماأنعمه عليه ، أما الثاني ( الفقير ) فقد التهم كسرة خبزه وظل صامتاً ، أي أنه لم يشكر الله ( الحمدلة ) كما فعل صديقه الغني (!!) , وهنا دار بينهما الحوار التالي :
> الأول : لماذا لماذا لم تنه طَعَامِك بالحمدلة ( الحمد لله ) ياصديقي ؟ .
> الثاني : وعلام أحمده ، أعلى كسرة خبز يابسة ؟!. إنه مدين لي ، وسأحمده فقط بعد
سداده لهذا الدين .
> الأول : وما هو هذا الدين ياصديقي ؟ .
> الثاني : إنه " الرز واللحم " ألذي كنت أنت تتناوله قبل قليل (!!) ، في حين كنت أنا التهم
كسرة الخبز اليابسة (!!).
> الأول : لقد شاءت الظروف الخارجة عن إرادتي وإرادتك ياصديقي أن تجعلني ابناً لعائلة
غنية ، وأن تجعلك ابناٍ لعائلة فقيرة ، ولكننا الآن متساويان في كل شيء ، فيما عدا الرز
واللحم ، فتعال نعمل معاً ياصديقي على تصويب تلك الظروف وتصحيحها ، وعندها
سوف نشترك معاً وعلى قدم المساواة في أكل الرز واللحم ورغيف الخبز اليابس ، وأيضاً
وأيضاً في البسملة والحمدلة .
> الثاني : دعني أشد على يدك ، ودعنا نبدأ مشوارنا الطويل الآن الآن ومن هنا .

بعد مرور ثمانية عقود على هذا الاتفاق الجنتلماني بين هذين الطفلين الصغيرين البريىئين التقيا ، كشيخين عجوزين ، نظرا حولهما ، ليريا آن الأمور قد سارت وتسير ، ليس في بلدهما فقط ، وإنما في العالم أجمع ، في " الاتجاه المعاكس " لما رغباه وخططا له . فقد ازداد غنى الأغنياء وفقر الفقراء وبات الرز واللحم اليوم حكراً على الأغنياء ( الجدد والقدامى ) أما الفقراء والشرفاء ( الجدد والقدامى آيضاٍ ) فحالهم اليوم كحال آبائهم بالأمس ، وبينما هما فيطريقهما كل إلى قبره ، أخرج أحدهما ورقة من إحدى جيوبه ، لقد كانت خارطة الجمهورية العربية السورية وقد غطت آرضها وسماءها الأعلام الروسية والأمريكية ، وتمتم قائلاً لقد سرقوا الرز واللحم ياصديقي الطفولة ، بل وسرقوا حلمنا آيضاً وقبل أن يعيد الخارطة إلى جيبه بصق على الأرض ، ثم أخرج محرمة مسح بها فمه وهو يتمتم بصوت شبه مسموع " الحمد لله على كل حال " و " مالنا غيرك يالله " .



#محمد_احمد_الزعبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش او مسمار جحا لعبة الامم
- الثورة السورية بين لعم بشار وتشاؤل المعارضة
- بشار الأسد إلى أين؟
- خواطر شاهد عيان الخاطرة الثامنة
- ثورة واحدة .. وسبعة آيات الله الأعظمين
- حماة الديار ..مرحبا
- تاريخنا وبقايا صور


المزيد.....




- مصادر تكشف لـCNN عن معلومات استخباراتية جديدة بشأن أهداف بوت ...
- المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية -فوجئت- بخبر تعيين روبيو مس ...
- تحقيق في البنتاغون بشأن مشاركة وزير الدفاع أسرار ضرب الحوثي ...
- إسرائيل تعلن شن غارة قرب القصر الرئاسي في دمشق.. ونتنياهو يع ...
- ما حاجة الكوريين إلى المشاركة في عملية روسيا العسكرية الخاصة ...
- لماذا يرفض زيلينسكي وقف إطلاق النار في عيد النصر؟
- الجيش الإسرائيلي يغير قرب القصر الرئاسي في دمشق ونتنياهو يوج ...
- طبيبة: الجلد -الرخامي- قد يكون أحد أعراض ورم الغدة الكظرية
- اكتشاف -إلهة الفجر- مخفية على أعتاب درب التبانة!
- هل أوكرانيا جاهزة لإجراء الانتخابات؟


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد احمد الزعبي - الموت جوعا .. و ذكريات الطفولة