أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يعقوب زامل الربيعي - الثورة الصامتة..















المزيد.....

الثورة الصامتة..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5450 - 2017 / 3 / 4 - 18:23
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


اضراب بغداد ( 5 ــ 10/ تموز/1931
تأملات وثائقية من زمن (الثورة الصامتة)
.............
تعرض الإنسان لأساليب متنوعة من الامتهان والاستغلال والقهر، وقيمه الاجتماعية والحسية إلى العديد من حالات التشويه والاحباط وصلت في بعض الاحيان إلى أدنى مستوى لها من الاذلال والدونية لتشكل في نفس العديد من الجماعات والأمم نوعاً من السلوك المضطرب خلال شعورها بنوع من العلاقة غير السوية بينياً وصل حد التحسس النفسي إلى الاغتراب بيولوجياً. رسمت خطوطها الحادة فيما بعد على ورقة العمل الميداني والتحول فكرياً وسياسياً واقتصادياً، مما أدى سلباً إلى بروز جملة من العثرات أبرزها أنتشار الفوضى العامة مجتمعياً وعلى ترتيبات المخططات التي ترسم من قبل الحكومات والمؤسسات الملحقة بها. هذا الارتباك السياسي والاقتصادي، أثقل بالتالي، المجتمع بجملة من الأزمات والمحن، كتنامي البطالة وازدياد معدلات نمو الجريمة والفساد والاضطراد الملحوظ في حركة العداء والكراهية وسريان روح النزاع والنزوع الطائفي بين افراد المجتمعات والدول، إلى زيادة تسلط النظم الشمولية والديكتاتورية التي غالباً ما تلجأ في السياسة والسلوك إلى الاهاب والتنكيل والتجويع كما تلجأ أيضا للتآمر والغزو والحروب على الخارج عندما تعجز عن حل معضلاتها مع شعبها في الداخل أو مع الشعوب الأخرى.
في العراق الحديث وأثناء الاحتلال البريطاني للعراق عام 1917 ومع تنامي واشتداد قوة وهيمنة القرارات الجائرة التي كانت تكبل العراق تدريجياً بعجلة المصالح الاستعمارية البريطانية، كان عود الفقر والعوز يتنامى ويتعمق جذرا وفروعاً بين الناس، كانت تزداد الحاجة لدى الجماهير العراقية وقواها السياسية الوطنية، للبحث عن سبل للخلاص، في مقدمة هذه القوى والطبقات، كان الفقراء عامة، وشغيلة العراق وفئات العمال المتنامية، تعمل على تشكيل منظمات واتحادات وجمعيات لها، للعمل الجاد، ولتتوالى عنها في البحث والعمل الجاد بسبلها الخاصة والمتوفرة للخلاص نزوعا للاستقلال والحرية والازدهار.
ومن أجل توثيق جليل لتاريخ الطبقة العاملة العراقية ونضالها المطلبي والسياسي وعن تكوينها الطبقي الذي دل على وعي وتفرد مميزين، كانت بعض الدلالات تشير على نشوء حقيقي لطبقة فتية بدأت ملامحها وافرازتها الاجتماعية والسياسية أبان ما بلغته الرساميل الاجنبية ذروتها على مفاصل حياة وحركة المجتمع العراقي. وقت كان الشعب يعاني الأمرين من وطأة التخلف والمرض والجوع والمظلومية، كان لابد، أمام هذا الوضع المتردي، إلا أن تزيده قوانين المحتل الغاشم أغلالاً وبؤساً.
في ظل تلك الظروف القاسية، أخذت حالات التذمر تنمو وتتسع لتتخذ أشكالاً من الأطر النضالية الجديدة والمتحركة، لتخرج فيما بعد على هيئة تشكيلات مهنية، تمثلت في جمعيات أصحاب الصنائع والحرف القائمة في تشكيلاتها الأولى من أجل تحقيق المنافع المشتركة بين عمال المهنة واصحابها.
أمام الالتفاف الخبيث الذي مارسته الإدارة البريطانية على مطاليب عمال السكك بعد الاضراب الأول الذي حدث في معامل السكك الحديدية ( حوالي 1000 عامل ) في 3/12/1930، والذي شكل سبباً آخر ومباشراً في التهيئة الجماهيرية لإعلان اضراب الرسوم البلدية. كما وفي إيجاد قاعدة عمالية متحمسة لتنفيذ الاضراب الثاني لعمال السكك الحديدية ( 1200 عامل ) وبالتزام عال وانضبط شديد.
يؤكد المرحوم محمد صالح القزاز عميد جمعية أصحاب الصنائع والحرف العراقية في معرض رده على التقرير البريطاني، هذا الرد الذي جاء فيه " عندما توسط معالي الوزير في حسم القضية في 3ــ4/3/1931، ومع أن إدارة السكك قد أقرت شروط هذا الاتفاق مبدئياً، إلا أنها سرعان ما قلبت ظهر المجن للعمال، فكان أمام العمال أحد الخيارين التي وضعتهما فيه مديرية السكك الحديدية : " أما الموافقة على تنسيق عدد معين من العمال العراقيين لسد أجورهم حيال النقص الموجود في ميزانيها، أو الموافقة على توزيع هذا النقص على أجورهم؟ ".
أمام غطرسة المدراء الانكليز وتواطؤ الإدارة الخاضعين لمشيئتهم، بدأت حملات التعبئة الجماهيرية التي قامت بها جمعية (أصحاب الصنائع والحرف) تزداد اتساعاً وتتعمق بالتنسيق مع باقي الجمعيات المهنية العمالية وبتأييد الصحافة السياسية والقوى الوطنية بتحدي الشركات الأجنبية وإلى مؤازرتها لإضراب عمال السكك الثاني عبر التحشد والتظاهرات السلمية أمام جامع ( الحيدر خانة ) أو داخل مقر الجمعية.
قصة الاضراب الذي سمي من بعض المعاصرين له: بالثورة الصامتة. بدأت مع بداية دخول الانكليز غزاة للعراق عام 1917، وبعد أن شرعوا فور احتلالهم له بإصدار التعليمات والمراسيم التي فرضت الهيمنة وشروط الاستعمار، من بينها، صدور قانون الرسوم البلدية الذي عُد بمثابة أشد الرسوم الجائرة التي أقضت مضاجع اصحاب الصنائع والحرف والمواطنين المناهضين للسياسة البريطانية على حد سواء. يومها كان نوري السعيد قد شكل أول وزارة له في 23/3/1930، ليتولى بدوره جملة من التوقيعات السريعة على الاتفاقيات البريطانية ويقوم بتوثيق الانظمة والتعليمات الانكليزية بصورة دستورية صورياً ليقوم وفي صباح يوم الثلاثاء المصادف 10/3/1930 بطرح قانون الرسوم البلدية على مجلس النواب في جلسته الأربعين، ليثير خلالها وبعدها عاصفة هوجاء سجلت أول أثر جماهيري عمالي كبير في العراق، بدأها أصحاب الحرف والصنائع، وكما وصفهم النائب إبراهيم باشي يومذاك: بـ ".. الضعفاء. واصفاً حتى القوي منهم لا يتمكن من سد حاجاته الضرورية، فكيف بحالة الضعيف الذي لا يشبع عائلته ؟ ".
اشارت بعض المقالات في الصحف التي أرخت الاضراب الذي بدأ في الخامس من تموز عام 1931 وحتى يومه العاشر، كيف عم بغداد وبعض المحافظات مما جعل الاضراب الحياة في بغداد معطلة تماماً. حتى لم يستثنِ منها سوى موظفي الحكومة الأمر الذي دفع بالحكومة إلى استخدام القوة المفرطة ليسقط العشرات بين شهيد وجريح. وكيف أن ألوية ـ محافظات ـ العراق من الموصل حتى الفاو، قد تنادت بلا تراخٍ معه. لتنطلق جماهير واسعة من أصحاب المهن والصنائع يساندهم جمهور غفير من الأهالي في حشود كبيرة نزلت إلى شوارع بغداد، ليعلنوا الاضراب العام يوم السبت الموافق 4تموز 1931.
وحسبما تذكره مذكرة رئيس هيئة المستشارين في وزارة الداخلية آنذاك، يشير (ادمنس) في وصفه للأضراب قائلاً : " اليوم الذي أعاد إلى ذاكرة الانكليز أحداث الرميثة، ( ثورة العشرين ) ذات الذكرى السيئة ". بهذه الاشارة الكارثية يختتم المستشار الانكليزي مذكرته الموجهة إلى المعتمد السامي البريطاني بالرقم 88 في 22 تموز 1931. على أن اشارة أحد نواب البرلمان العراقي التي تضمنها خطابه إلى زملائه، تؤكد حقيقة المدلول الوطني الجليل الذي شكله الاضراب آنذاك في ما حدث في أغلب بلدان الشرق الأخرى، إلى جانب ما ورد من حقائق في تصاعد حجم الطبقة العاملة العراقية أبان سني الانتداب البريطاني وأيضاً في تصاعد حجم تأثيرها في المجتمع العراقي، بناءً على سلسلة طويلة من النضالات والاضرابات امتدت منذ أول اضراب عمالي في مستهل صيف 1918، وكذلك الحقائق عن تنظيمات هذه الطبقة الفتية، وتشكيلاتها النقابية والمهنية التي تأسست قبل 1924.
..............
نشر في مجلة ( السؤال ) الصادرة من جمعية الثقافة للجميع العراقية.



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغط الموج ضلوعي..
- رسول حمزاتوف.. لم يرحل بصمت !.
- أرشيف الأغنية العراقية..
- لحجرة الرأس أولى...
- دفاعاَ عن الوفرة !..
- ما يغري الأصابع ...
- خرافة حلم آخر قصة قصيرة
- ثمة ندم !
- الصحافة العمالية في العراق..
- النص الكامل.. قراءة أولية في سفر نيرودا الخالد.
- الحلم بالوصول..
- الصحافة العراقية بين عهدين...
- بابلو نيرودا.. قد عشت حقاً !
- نص رسالة الروائي عبدالستار ناصر لي...
- الحقيقة بين الواقع والمحتمل المتوقع..
- لستَ نديم المحفل ...
- وداع رائحة...
- حاول إذا !...
- البعد التاسع..
- طقوس ما بعد الوحشة! قصة قصيرة


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يعقوب زامل الربيعي - الثورة الصامتة..