أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم الأشهب - هل يكون ترامب هتلر القرن الحالي















المزيد.....

هل يكون ترامب هتلر القرن الحالي


نعيم الأشهب

الحوار المتمدن-العدد: 5443 - 2017 / 2 / 25 - 11:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


م تكن معركة انتخابات الرئاسة اﻷميركية اﻷخيرة ونتائجها عادية، بل استثنائية بامتياز؛ وقد تميّزت بالمعْلمين التاليين: اﻷول - عكست أكثر من أي حدث آخر صورة الاستقطاب اﻹجتماعي في مجتمع يمتلك فيه واحد بالمئة ثروة تعادل ثروة بقية المجتمع الاميركي. وإذا كان ترامب مثلا في هذا اﻻستعراض للاستقطاب الاجتماعي أقصى اليمين، فإن ساندرز ببرنامجه كان يمثل اليسار،قبل أن تتآمر عليه مؤسسة الحزب الديمقراطي وتخرجه من السباق لصالح هيلاري كلينتون؛ والمعلم الثاني - أن كلا من ترامب وساندرز جاءا من خارج الحزبين المعنيين، وفرضا نفسيهما كمرشحين عن هذين الحزبين، وهذا مؤشر واضح على أن اﻷزمة الاقتصادية - الاجتماعية في الوﻻيات المتحدة طالت أخيرا النظام السياسي فيها، هذا النظام القائم منذ أكثر من قرن ونصف على تبادل هذين الحزبين للسلطة، واللذين يشبهان حصانين يجران عربة الرأسمال الكبير في الوﻻيات المتحدة، والمفاضلة بينهما هي كما قال فيدل كاسترو ذات مرة، كالمفاضلة بين فردتي حذاء. وحين تبلغ اﻷزمة هيكل النظام السياسي ويفقد هذا الهيكل القدرة على السيطرة، حينها، يغدو البديل، أمام رأس المال الكبير، الفاشية، كما يشير تاريخ فاشية القرن الماضي.ومعلوم أن ترامب نجح رغم مقاومة مؤسسة الدولة وبخاصة مؤسستي الاستخبارات واﻹعلام.
ولذلك لم يكن صدفة أن يباشر ترامب عمله كرئيس ليس بالاعتماد على مؤسسة الدولة وقوانينها بمقدار ما هو بالالتفاف عليها معتمدا العمل، الى حد كبير،عبر حلقة ضيقة من الصقور العسكريين والمدنيين، بدل الوزارات المعنية، والمراسيم الرئاسية. بدل القوانين السارية. وقد كانت أولى مواجهاته مع المؤسسة القضائية، التي أبطلت مرسومه العنصري، الذي يمنع دخول اﻹسلاميين من سبع دول شرق أوسطية الى الوﻻيات المتحدة ؛ والمواجهة الثانية التي أدت الى إرغام مستشاره للأمن القومي الجنرال المتطرف "مايك فلين" المشهور بعدائه ﻹيران واﻹسلام للاستقالة. وقد حمّل ترامب مسؤولية استقالة "فلين" لكل من جهازي الاستخبارات واﻹعلام. وتدشن خسارة ترامب في المواجهتين باكورة نشاطه في البيت اﻷبيض وبداية مواجهة مفتوحة مع مؤسسات الدولة، ﻻ يمكن التكهن،بعد،كيف ستنتهي؛أما على مستوى الشارع،فكانت المظاهرات الصاخبة في جميع أرجاء الوﻻيات المتحدة والعديد من دول العالم ضد انتخابه، وتواصلت ضد المراسيم التعسفية التي راح يصدرها تباعا.
وقد باشر ترامب نشاطه الرئاسي تحت شعار"اميركا أوﻻ"؛معيدا الى الذاكرة شعارهتلر لدى صعوده الى السلطة:"ألمانيا فوق الجميع"، الى جانب الخطاب الشعبوي الذي يدغدغ المشاعر البوهيمية للرجل اﻷبيض.وقد جاء في رأس أهدافه الداخلية، حتى اﻵن، إلغاء نظام التأمين الصحي الجزئي الذي أقامه سلفه أوباما، والمزيد من تخفيض الضرائب على رأس المال الكبير، بدعوى تشجيعه على العودة الى "الوطن"، والعمل على طرد الملايين من المهاجرين "غير الشرعيين"؛ هذا من جهة،ومن الجهة اﻷخرى الوعد بتجديد القوات المسلحة،ما يعني الالتزام بربيع متجدد للمجمع العسكري اﻷميركي،والسهر على مصالح احتكارات الطاقة،بتعيين مدير شركة اكسون، أكبر شركة نفط في العالم،وزيرا للخارجية.

أما على مستوى السياسة الخارجية،فكان تقرير اﻹنسحاب من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ والموقعة عام 2015 من 12 دولة؛والتنصل عمليا من اتفاقية "نافتا" التي تضم الى جانب الوﻻيات المتحدة، كلا من كندا والمكسيك،وبدل ذلك بناء جدار الفصل العنصري بين الوﻻيات المتحدة والمكسيك، مع إلزام المكسيك بنفقات بنائه.وفيما يتعلق بالعلاقة مع أوروبا،فقد أطرى على انسحاب بريطانيا من الاتحاد اﻷوروبي وحرّض اﻷعضاء اﻵخرين في هذا الاتحاد على الحذو حذوها،أي تفكيك هذا الاتحاد.وإذا كان قد وصف، خلال حملته الانتخابية حلف الناتو بأنه"عفى عليه الزمن"،فقد أخبر وزير دفاعه الجديد " جيمس مايتس"زملاءه اﻷوروبيين، في بروكسل، أن بلاده ستقلص التزاماتها تجاه حلف الناتو ما لم يقم شركاؤها في الحلف بزيادة انفاقهم العسكري.أما العولمة الرأسمالية التي كانت واشنطن، منذ عهد ريغان، رائدة في تدشينها،فيريدها ترامب أن تكون ذات اتجاه واحد:أي فتح أبواب دول العالم أمام السلع اﻷميركية، وبالمقابل فرض نظام الحماية على السلع الواردة الى الوﻻيات المتحدة.وفيما يتعلق برأس المال اﻷميركي الذي هاجر وراء العمالة الرخيصة، فيريده العودة الى الوطن، متجاهلا أن رأس المال ﻻ وطن له، وأن وطنه الوحيد هو الربح والمزيد منه.
إن الخطوات السالفة الذكر في العلاقات الخارجية تشير الى أن ترامب يرى أن اخضاع دول العالم للشروط اﻷميركية غدا أسهل، من خلال علاقات ثنائية، مما هو من خلال مجموعات،في ضوء تراجع قدرات واشنطن في مجال السيطرة على الغير. وقد دشن ترامب هذا التوجه بلقائه اﻷول مع رئيسة وزراء بريطانيا، الدولة اﻷكثر إلصاقا وتذيلا للوﻻيات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
وحين يرفع ترامب، اليوم، شعار محاربة داعش، بعد أن كانت واشنطن وراء خلقه،فليس إﻻّ لتبرير التدخل في شؤون ذات البلدان التي كانت ضحية هذا اﻹرهاب واستعصى أخذها بسلاحه.والهدف ذاته وراء مطالبة ترامب بإيجاد مناطق عازلة في سورية.
على صعيد آخر،يثير الانتباه البيان الذي أصدره البيت اﻷبيض،مع بداية عهد ترامب،في الذكرى السنوية للهولوكست، حيث تجاهل هذا البيان كليا، وﻷول مرة، ذكر اليهود !.كما تجاهل ترامب شخصيا،أكثر من مرة، أسئلة الصحافيين حول تزايد مظاهر معاداة السامية (أي اليهود) في الوﻻيات المتحدة.والمثير للانتباه في هذا الشأن،أن ذلك لم يحدث أية ردود فعل لدى حكام إسرائيل الصهاينة، الذين يملؤون الدنيا صراخا، إذا اشتبهوا بأحد يشكك بمجرد عدد ضحاياه.لكن هذا يثير التساؤل التالي:هل هذا بداية العودة الى تاريخ أميركا في معاداة اليهود؟. لكنه إن كان كذلك،فلا علاقة له مطلقا بالتحالف اﻷميركي - اﻹسرائيلي، وأول دليل على ذلك تخلّي ترامب عن حل الدولتين، تجاوبا مع مطالب نتنياهو. ومعروف أن الحركة الصهيونية واصلت علاقاتها بنظام هتلر وعقد الصفقات المشبوهة معه حتى وهو يرسل أفواج اليهود الى المحرقة.بل لعل حكام إسرائيل يرون في عودة معاداة اليهود مساعدة لهم في حفز الهجرة الى إسرائيل بعد أن جفت.ويبدو أن العودة الى معاداة اليهود ظاهرة مشتركة للفاشيين الجدد، ليس في الوﻻيات المتحدة وحسب، فهذه ماري لو بان، الفاشية والمرشحة للرئاسة الفرنسية تعلن بأنها إذا ما انتخبت رئيسة لفرنسا فإنها ستضع حدا ﻻزدواجية الجنسية لليهود:إما فرنسي أو إسرائيلي.فهل هذه وتلك مؤشرات أولية على عودة معاداة اليهود، في خدمة الرأسمال الكبير والصهونية معا؟
وتبقى القضية اﻷخطر في توجهات ترامب المعلنة،حتى اليوم، وهي العزم على المواجهة مع كل من الصين وايران ؛يقابل ذلك غزل يتراجع مع بوتين وروسيا. يذكّر هذا التوجه بما قام به نيكسون في سبعينات القرن الماضي، حين زار الصين التي كانت في أوج صراع إيديولوجي مع اﻹتحاد السوفييتي. كان غرض الزيارة وااعتراف اﻷميركي بالصين الشعبية واضحا، وهو محاولة التحالف مع الصين ضد اﻹتحاد السوفييتي. وتشير الصحافة الى أن الداهية الصهيوني كسينجر، هو من نصح ترامب بخطوة التقارب التكتيكي مع روسيا ﻹبعادها عن حليفيها اﻷقربين: الصين وإيران، مقابل اعتراف واشنطن بعودة القرم لروسيا ورفع العقوبات الاقتصادية عنها. لكن ما أبداه بوتين وإدارته من ذكاء وحنكة في أزمات الشرق اﻷوسط بنوع خاص،يجعل احتماﻻت نجاح هذه المناورة اﻷميركية غير وارد.وبالمقابل: فالمواجهة بين روسيا والوﻻيات المتحدة ﻻ مناص منها، إذا ما أصرّت اﻷخيرة على فتح صراع عنيف مع الصين وإيران. كان ترامب قد انتقد الغزو اﻷميركي للعراق عام 2003، وذكر بأنه كلّف ثلاثة تريليونات دوﻻر.لكن إذا غامر ترامب وهاجم أيا من الصين أو يران فإن تكلفة غزو العراق ستبدو مجرد "مقبلات" مع تكلفة مغامرات كهذه، مقرونة بفشل محقق، في ضوء المتغيرات في موازين القوى إقليميا وعالميا من جهة، وتراجع قدرات الوﻻيات المتحدة، بشكل ملحوظ،حتى عما كانت عليه لدى غزو العراق.
وإذا كان من المبكر اﻹحاطة بكل ملامح نظام ترامب،إذا ما أفلح بالبقاء،فإن إجراءاته المتسارعة كفيلة بإيضاح الصورة في وقت قريب، بمزيد من ملامح فاشية في الوﻻيات المتحدة، تتعزز في حال حقق اليمين المتطرف في أوروبا نجاحات ذات شأن، في انتخابات كل من فرنسا وألمانيا وهولندا هذا العام. لكن كل هذا يعتمد، في نهاية المطاف، على نشاط الشعوب والطبقات الدنيا، المسلحة بتجارب غنية من تاريخ صراعها مع فاشية القرن العشرين،وذلك في تضاديّها للفاشية الجديدة.



#نعيم_الأشهب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار حلب انتصار للقضية الفلسطينية
- رؤيا جديدة لمبررات القبول بقرار التقسيم
- انتخاب ترامب عنوان لأزمة النظام السياسي اﻷميركي
- أربعون عام على رحيل القائد الوطني والاممي فؤاد نصار
- هل بلغنا المفترق المصيري؟
- احتماﻻت ما بعد خروج بريطانيا من اﻹتحاد ا᥿ ...
- احتمالات
- ماذا وراء المبادرات المختلفة لحل الصراع الفلسطيني - اﻹ ...
- عبد العزيز العطي، القائد الشيوعي البارز
- في ذكرى رحيل القائد الشيوعي الكبير توفيق طوبي
- حكام السعودية الى أين؟
- مغزى الهبة الحالية
- محنة البعض من المثقفين العرب
- نرجسية نتنياهو
- مأزق القيادة الفلسطينية والمجلس الوطني
- مأزق القيادة الفلسطينية والمجلس الوطني
- لذكرى القائد الشيوعي الرحل الرفيق يعقوب زيادين: زيادين الرمز
- مغزى ذكرى اﻹنتصار على النازية
- واشنطن تبدأ العد التنازلي بسوريا
- واشنطن تبدأ العد التنازلي


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم الأشهب - هل يكون ترامب هتلر القرن الحالي